نزهة المشتاق في اختراق الآفاق/الإقليم السابع/الجزء الثالث
إن في هذا الجزء الثالث من الإقليم السابع ساحل أرض بلونية وأرض زوادة وبلاد فيمارك وجزيرة دارمرشة وجزيرة نرفاغة ونحن نذكر هذه السواحل والجزائر حسب ما سبق لنا قبل هذا بحول الله تعالى. فمن ذلك أن مدينة وزرة على نهرها وبينها وبين البحر خمسة عشر ميلاً وكذلك من مدينة وزرة إلى مدينة نيوبرك خمسة وعشرون ميلاً ومن وزرة إلى موقع نهر ألبة مائة ميل ومن نهر ألبة إلى فم الجزيرة المسماة دارمرشة ستون ميلاً. وجزيرة دارمرشة في ذاتها مستديرة الشكل رملة وفيها من المدن أربع قواعد وقرى كثيرة ومراس مستورة معمورة فأول ذلك من فم الجزيرة إلى مدينة السيلة على يسار الداخل خمسة وعشرون ميلاً وهي مدينة صغيرة متحضرة بها أسواق قائمة وعمارات دائمة وهي على ساحل البحر ومنها مع الساحل إلى مرس طرذيرة خمسون ميلاً وهو مرسى مكن من كل ريح وعليه عمارة ومن هذا المرسى إلى مرسى خور مائة ميل وهو مرسى مكن من كل ريح وعليه آبار ماء حلوة ومن هذا المرسى إلى مرسى وندلسقاذة مائتا ميل وهو مرسى عامر ومن هذا المرسى يدخل إلى جزيرة نرفاغة وبينهما مجاز طوله نصف مجرى ومن هذا المرسى إلى مدينة هرش هنت مائتا ميل وهي مدينة حسنة صغيرة ومنها إلى حصن لندوينة ثمانون ميلاً ومن هذا الحصن إلى مدينة سيسبولي مائة ميل ومنها إلى فم الجزيرة اثنا عشر ميلاً فدور محيط هذه الجزيرة سبع مائة ميل وخمسون ميلاً. ومن فم هذه الجزيرة مع الساحل إلى مدينة جرتة مائة ميل وهي مدينة صغيرة متحضرة ذات أسواق وعمارات ومنها إلى مدينة لند شوذن مائتا ميل وهي مدينة كبيرة عامرة ومن هذه المدينة إلى موقع نهر قطلو وعليه هناك مدينة تسمى سقطون مائة وتسعون ميلاً وهي مدينة حسنة ومنها إلى مدينة قلمار مائتا ميل وسنذكر انتهاء هذا الساحل على استقصاء بعون الله وتوفيقه. ولنرجع الآن فنقول إن من مدينة جرتة الساحلية إلى مدينة زوادة شرقاً مائة ميل ومدية زوادة جامعة كبيرة وبها عرفت أرضها وهي أرض قليلة العمارة كثيرة البرد والجمد وبين زوادة ومدينة ألبة مائة ميل وهي منها في جهة الشرق ومنها في جهة الشرق أيضاً إلى مدينة فيمية مائة ميل وبين فيمية والبحر مائة ميل ويقابلها في جهة الشمال على بحر الظلمات مدينة لند شوذن. ومن مدينة لند شوذن إلى موقع نهر قطلو ويروى قطرلو وعليه مدينة سقطون مائة ميل وتسعون ميلاً ومن موقع نهر قطرلو أيضاً إلى مدينة قلمار مائتا ميل وسنأتي على ما يليه من السواحل بعد هذا وسمي نهر قطرلو بمدينة هي عليه وهو نهر عظيم يمر من جهة المغرب مشرقاً ثم يصب في البحر المظلم وبين مصب الذراع الواحد والذراع الثاني من هذا النهر ثلاث مائة ميل. وأما جزيرة نرفاغة الكبيرة فأكثرها خلاء وهي أرض كبيرة لها طرفان أحدهما يتصل من جهة المغرب بجزيرة دارمرشة ويقابل مرساها المسمى وندلسقاذة وبينهما مجاز صغير نحو من نصف مجرى والطرف الآخر يتصل بالساحل الكبير من أرض فيمارك وفي هذه الجزيرة ثلاث مدن عامرة فمديتان منها مما يلي أرض فيمارك ومدينة ثالثة مما يلي جزيرة دارمرشة وكلها مدن تتقارب صفاتها والداخل إليها قليل ومعايشها ضيقة بكثرة الأمطار والأنواء الدائمة وهم يزرعون ويحصدون زروعهم خضراً ثم يجففونها في بيوت يوقدون فيها النار لقلة شعاع الشمس عندهم وفي هذه الجزيرة من الشجر الكبير الجرم الذي لا يوجد في غيرها من الأمكنة كثير ويقال إن في هذه الجزيرة قوماً مستوحشين يسكنون البراري رؤوسهم لاصقة بأكتافهم لا أعناق لهم البتة وهم يأوون إلى الشجر فيتخذون في أجوافها بيوتاً ويسكنون فيها وأكلهم ثمر البلوط والشاهبلوط وفي هذه الجزيرة الحيوان الذي يقال له الببر وبها منه كثير جداً لكنه أصغر من ببر فم الروسية وقد ذكرنا ذلك فيما قبل. نجر الجزء الثالث من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء الرابع إن شاء الله تعالى.