نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان/عمر بن الخطاب
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
فقام بعده أبو الفتوح نور الإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه القرشي ثم العَدَوي من بني عديَّ بن كعب، كان إسلامه فتحًا وهجرته فتحًا وإمارته فتحًا، ذكر ابن إسحاق أنه لما أسلم رضي الله عنه قال: أي قريش أنقل للحديث؛ قيل: جميل بن معمر الجمحي فغدا عليه، قال عبد الله ابنه: وغدوت أتبع أثره، وأنظر ماذا يفعل وأنا غلام أعقل كل ما رأيت حتى جاءه فقال له: أعلمت يا جميل أني قد أسلمت ودخلت في دين محمد، قال: فوالله ما راجعه حتى قام يجرُّ رداءه واتَّبعه عمر واتَّبعت أبي حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش وهم في أنديتهم حول باب الكعبة، ألا إن عمر بن الخطاب قد صبا، قال: يقول عمرُ من خلفه: كذَب، ولكني أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، فثاروا إليه، فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم، وأعيا فقعد وقاموا على رأسه، وهو يقول: افعلوا ما بدالكم فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لتركناهم لكم، أو لتركتموها لنا؛ يعني: مكة وكان عدد من أسلم إذ ذاك يبلغ الأربعين، وكانوا يجتمعون بدار الأرقم، ولا يتظاهرون بعبادتهم، فقال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ألسْنَا على الحق وهم على الباطل؟ قال: «بلَى» فقال عمر: ولم نختفي ونحن على الحق، اخْرُجْ بنا إلى المسجد فخرجوا صفًّا واحدًا عمر في طرفه، وحمزة في طرفه الآخر.
وذكر الطبري في «الرياض النضرة في مناقب العشرة» أن الصحابة لما هاجروا إلى المدينة خرجوا مستترين إلا عمر؛ فإنه تقلد سيفه، وتنكَّب قوسه، وجاء إلى نادي قريش، وقال لهم: إني ذاهب إلى يثرب، فمن أراد منكم أن يثكِل أمه أو ييتم أولاده فليلحقني، فما تبعه أحد، وقد حضر المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل خاله العاص بن هشام يوم بدر، وتولى الخلافة بعد أبي بكر، فأقام العدل، وقتل شهيدًا على يد الشقي أبي لؤلؤة بعد ولايته عشر سنين ونصفًا، ومن شعره رضي الله عنه: