ملك عمرو بن أبرهة
وولي الملك أخوه عمرو بن أبرهة وهو عمرو ذو الاذعار وأمه العيوف بنت الرابع الجنية، وقد ابى من هذا عامة الناس وزعموا إنه لا يظهر الجن للأنس وأنه لا يتناسل جنسان مختلفان ولا ينسل أنسي من جنية ولا جنى من أنسية وإن هذا باطل وأتى بهذا الحديث علماء والله اعلم أي ذلك كان. قال أبو محمد: لما ولي عمرو ذو الاذعار الملك قهر الناس بالملك وذعرهم بالجور فلا يرفق لقريب ولا بعيد وأسرف على العرب بالسلطان وشرد الناس ووسم من سخط عليه بالنار من أبناء الملوك وبدل على الناس السيرة التي كانوا عليها يعرفون. فذعر الناس من خوفه ذعراً شديداً وبه سمي عمرو ذو الاذعار وأنه كان يزني ببنات الملوك من حمير، فيؤتى بهن أبكاراً وغير أبكار فكن يشربن معه الخمر وكان ينادمهن على الخمر ويصيب منهن حاجته، فلما فعل ذلك بحمير كرهوا أيامه وأبغضوا دولته وكان شرحبيل بن عمرو بن غالب بن السياب بن عمرو بن زيد بن سكسك بن وائل بن حمير بن سبأ نازلاً بمأرب في قصر بينون ولم يكن بني مثله ومثل قصر غمدان وسلحين باليمن، فجمع شرحبيل حمير وقبائل بني قحطان ممن كان بمأرب، ثم قام فيهم خطيباً، فقال: يا بني قحطان النساء هن الحمى فدون الحمى سفك الدماء هل جزعتم يسمكم بالنار فالنار ولا العار. والصبر صبركم وصبر كفر. فقد صبرتم على ما لا يصبر عليه أحد. أغضبوا الله ولا عراضكم قبل أن تخذلوا ويسلط عليكم النقم وتسلبوا النعم وتلبسوا الذلة فلم كسبتم الأنساب واعتدتم اللامات فتنافست فيكم الأحساب إذ لا تدفعون عن الحريم وتكشفون الضيم. قد شكت الأرحام وضجت إلى الله من الآثام، فلما عزة وسلامة أو ذلة وندامة وناصر الله منصور أما والله لئن لم تغضبوا لله ولا نفسكم لأضعن سيفي هذا على صدري فأخرجه من ظهري، فالموت عن مثلكم حياة والذهاب عنكم نجاة فقدموه فيكم وملكوه.