انتقل إلى المحتوى

مقيل العاثرين أقل عثاري

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مقيلَ العاثرينَ أقلْ عثاري

​مقيلَ العاثرينَ أقلْ عثاري​ المؤلف البرعي


مقيلَ العاثرينَ أقلْ عثاري
وخذْ لي منْ بني زمني بثاري
وجملني بعافيةٍ وعفوٍ
منَ الأمراضِ والعللِ الطواري
فغمُّ البلغمِ استوفى نعيمي
ومقدمُ أمِّ ملدمَ لفحُ ناري
أذابَ حموها لحمى وعظمي
ولستُ منَ الحديدِ ولا الحجارِ
فيا فرداَ بلا ثانٍ أجرني
بعزِّ علاكَ منْ شأنٍ وزارِ
ولاَ تشمتْ بيَ الأعداءَ وانظرْ
إلىَّ برحمةٍ نظرَ اختيار
فقدْ هتكوا حمايَ وعاندوني
على نعمٍ تدرُّ على ديار
وإنَّ تضرري وعنايَ منهمْ
نظيرُ تذللي لكَ وافتقاري
فإنْ يخسرْ بسوقهمُ اتجاري
ففضلكَ سوقُ أرباحِ التجارِ
وإنْ يكُ عقني صحبي وجاري
فجودكَ بالذي أرجوهُ جاري
وإني بعتُ حينَ عرفتُ دهري
خيارَ بني الزمانِ بلا خيارِ
لأنهمُ ذئابٌ في ثيابٍ
فيا لي منْ شرارٍ في شرارِ
فكمْ لحمٍ شووهُ بغيرِ نارٍ
وعرضٍ مزقوهُ بلا شفارِ
وكمٍ نصبوا العداوةَ لي بكيدٍ
فكادوا يهدمونَ بهِ جداري
فهلْ لكَ يا خفي اللطفِ لطفٌ
يعودُ على احتسابي واصطباري
فأنتَ بنيتها سبعاً شداداً
يزينُ جوها شهبٌ سواري
ومهدتَ الأراضيَ منْ نجودٍ
واغورٍ في عمارٍ أوْ قفارِ
وسخرتَ البحارَ السبعَ تجري
بها الأفلاكُ منْ غادٍ وسارِي
وأنشأتَ السحابَ ولا سحابٌ
وأذريتَ الرياحَ ولاَ ذواري
وسخرتَ الشمسَ خلفَ البدرِ تسعى
كسعيِ الليلِ في طرفِ النهار
ِوتعلمُ كلَّ خائنةٍ وتدري
دبيبَ النملِ في ظلمِ المجاري
وتمسكُ في الهواءِ الطيرَ بسطاً
وقبضاً في رواحٍ وابتكارِ
وتكفلُ كلَّ وحشٍ في البراري
وترزقُ كلَّ حوتٍ في البحارِ
وكمْ منْ نعمةٍ غذتِ البرايا
براها منْ لكلِّ الخلقِ باري
كريمٌ منعمٌ برٌ رؤوفٌ
مقيلُ العاثرين من العثارِ
إلهي عافني وأصحَّ جسمي
وصلْ واقبلْ برحمتكَ اعتذاري
وطهرْ قالبي وتغشَّ قلبي
بأنوارِ السكينةِ والوقارِ
وإنْ كررتُ مسألتي فكلني
إلى كرمٍ يفيضُ بلا انحصارِ
فتحتَ يديَّ أطيفالٌ صغارٌ
فهبني للأطيفالِ الصغارِ
أجاهدُ فيكَ محتسباً عليهمْ
وأبذلُ فيكَ جهدي واقتداري
وتيسيرُ الأمورِ عليكَ دوني
ففرجْ همَّ عسري باليسارِ
ومنَّ عليَّ يومَ الكتبِ تقرأ
وتعطي باليمينِ وباليسارِ
وعاف أبا السعود أخص صحبي
من الجرح الذي يصلى بنار
وكنْ لدخيلِ علتهِ طبيباً
بلا نارٍ ولا طولِ انتظارِ
فإنكَ إنْ لطفتَ به تعافى
وعادَ بلطفِ صنعكَ وهو باري
وقلْ عبدُ الرحيمِ ومنْ يليهِ
منَ المحنِ العظيمةِ في جواري
وصلِّ على النبيِّ وتابعيهِ
وعترته الخيارِ بني الخيارِ
فمدحُ محمدٍ شرفي وعزي
وجاهي في العشائرِوافتخاري