مفيد العلوم ومبيد الهموم/کتاب شرح السنة/الباب الرابع
الباب الرابع في شعار اصحاب الحديث
أعلم أن الطاعة علم السعادة والمعصية علم الخذلان فمن شعار أصحاب الحديث أنهم لا يكفرون واحداً من أهل القبلة بالذنوب ومن خرج الدنيا من غير توبة لا يحكمون عليه بالنار ولا يجوزون الخروج على من السلطان ولا يكفرون بعضهم وكل دار غلب الظلم والجور عليها وصار ظاهراً على العدل والمعصية على الطاعة لا يقولون أنها دار كفر ومن شمار هم تقديم أبي بكر وعمر على سائر الصحابة ويقدمون السنة على القياس ولهذا سموا أصحاب الحديث ويقدمون الشافعي المطالبي على أبي حنيفة النعمان لان الشافي قدم الحديث على الرأى والشافعي قرشي يصلح للخلافة ولم يصلح لها أبو حنيفة والشافعي بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالي قل لا أسألكم عليه أجراً الا المودة في القربى والشافعي احسن مساقا وأحسن حالا واقوم قيلا وأسلم منه فقها ومذهبا اذ لم يتناقض مذهبه كما تناقض مذهب الخصم وهو أحمد الناس فعلا وأكثرهم ثناء عند أسلف وأعلم الناس بالعربية وطريق اللغة فجاء من هذه القاعدة أن الطاعات علم اذا تقبلها الله أناب عليها عشرة أمثالها الى . سبعين وسبعمائة فكل سلطان وملك ورئيس يتمسك بالدين ويسمي في الخيرات ويجتهد في الصالحات فأبشر له ثم ابشر فالطاعة ليست بحلة للثواب ولا المعصية علة للعقاب بل علامة فمن كان مطيعا الله مستسلما لقضائه فذلك علامة سعادته ومن كان خليع العذار مسخطا لقضائه فذلك علامة خذلانه والموافات شرط فى ذلك فلو كانت الطاعة علة لكان آدم بالعتاب أولي والسرفى هذا أن الفاعل الحقيقي هو الله لكن الاسباب والوسائط مشكورة في وقت ومذمومة في وقت فخلق أقواما مفاتيح للخير ومخليق للشر وأقواما بالعكس طوبي لمن جرب الأمور وأجري الله الخير على يديه والويل لمن أجرى الشر على يديه فقد سال به السيل لأمة الويل ولا تحوز الشهادة بالجنة ولا بالنار لأحد من الكفار وأيضاً من هؤلاء لأن الموافاة شرط فربما سلب ايمان المؤس ويرزق الكافر الايمان لدي الموت اللهم الا في حق العشرة المشهود لهم بالجنة وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح في حلف بالطلاق أنهم في الحجة قطعة فقد بر في يمينه أما من سواهم فأنا نعرف الظاهر دون الباطن وسرف الحال دون المال ومن مات على الايمان والتوبه فيجوز القطع أنه من أهل الجنة ومن مات على الكفر فيقطع أنه من أهل النار خالدا مخلدا ( فصل ( ويجوز للمؤمن أن يقول أنا مؤمن حقا في الحال اذ لاشك له في ايمانه في الحال وأما في الخاتمه فلا يقول أنا مؤمى وسأموت على الأيمان حقاً فان العاقبة مخفيه ومن مات من اصحاب الكبائر فلا يقطع عليه بالجنة والنار بل أمره في مشئته الله والله رؤف العباد هذا مذهب أهل السنة ونعم المذهب وقالت الخوارج من كذب أو فحر أو شرب أوزني أو سرق أو قذف فقد كفر فيكفرون العبد بالذنب وقالت المعتزله صاحب . الكبيرة يخرج من الأيمان ولا يدخل في الكفر يكون في منزلة بين المنزلتين فان مات قبل التوبة يكون في النار أبداً مع فرعون وهامان وأهل السنة بريئون من هذا المذهب فان الموعد المطابق للمؤمن والوعيد المطلق للكافر فخذها جواهر منظمة خير لك من خزائن السلطان وفوائد الزمان وبالله المستعان