مستخدم:حبيشان/ملعب2
نبذة في فنّ
الموسيقى
بقلم
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
طبعت في مطبعة جريدة المهاجر * نيويورك سنة ۱۹۰٥
AL-MOHAJER PRINTING DEPARTMENT
21 WASHINGTON ST. NEW YORK 1905
جلست بقرب من أحبتها نفسي أسمع حديثها. اصغيت ولم أنبس ببنت شفة، فشعرت ان في صوتها قوَّة اهتز لها قلبي. اهتزازات كهربائية فصلت ذاتي عن ذاتي، فطارت نفسي سابحة في فضاء لا حدَّ لهُ ولا مدى ترى الكون حلماً والجسد سجناً ضيقاً.
سحر عجيب مازَجَ صوت حبيبتي وفعل بمشاعري ما فعل، وانا لاهٍ عن كلامها بما اغناني عن الكلام.
هي الموسيقى ايها الناس سمعتها إذ تنهَّدتْ حبيبتي بعيد بعض الكلمات وابتسمت في بعضها. سمعتها لما حكت تارةً بالفاظ متقطعة، واونة بجمل متواصلة واخرى بكلمات ابقت نصفها بين شفتيها.
تأثيرات قلب حبيبتي رأيتها بعين سمعي فاشغلتني عن جوهر حديثها بجواهر عواطفها المتجسمة بموسيقى هي صوت النفس.
بلى فالموسيقى هي لغة النفوس والالحان نسيمات لطيفة تهز اوتار العواطف . هي انامل رقيقة تطرق باب الشواعر وتنبه الذاكرة فتنشر هذه ما طوته الليالي من حوادث اثرت فيها بماض عبر.
هي نغمات رقيقة تستحضر على صفحات المخيلة ذكرى ساعات الاسى والحزن اذا ما كانت محزنة او ذكرى اويقات الصفا والافراح اذا كانت مفرحة.
هي مجموع اصوات محزنة تسمعها فتستوقفك وتملاً اضلعك لوعة وتمثل لك الشقاء كالاشباح.
هي تأليف أنغام مفرحة تعيها فتأخذ بمجامع قلبك فيرقص بين اضلعك فرحاً وتيهاً
هي رنة وتر تدخل سامعتك محمولة بتموجات الاثير فقد تخرج من عينيك دمعة محرقة اشارتها لوعة نأي حبيب او الام كلوم خرقها ناب الدهر. وربما خرجت من بين شفتيك ابتسامة كانت والحق عنوان السعادة والرخاء.
هي جسم من الحشاشة له روح من النفس وعقل من القلب.
وجد الانسان فاوحيت اليه الموسيقى من العلاءلغة وليست كاللغات تحكي ما يكنه القلب للقلب فهي حديث القلوب. وهي كالحب عمّ تأثيرها الناس فترنم بها البرابرة في الصحراء وهزت اعطاف الملوك في الصروح. مزجتها الشكلى مع نوحها فكانت ندباً يفتت قلب الجماد. وبثها الجذلان مع افراحه فكانت انشادًا يطرب مغلوب الارزاء فقد حاكت الشمس اذا حيت باشعتها جميع زهور الحقل.
الموسيقى كالمصباح تطرد ظلمة النفس وتنير القلب فتظهر اعماقه. والالحان في قضائي اشباح الذات الحقيقية او خيالات الشعائر الحية. والنفس كالمرآة المنتصبة تجاه حوادث الوجود وفواعله تنعكس عليها رسوم تلك الاشباح وصور تلك الخيالات.
النفس زهرة لينة في مهب ريح التقادير نسيمات الصباح تهزها وقطرات الندى تلوي عنقها. كذا تغريدة عصفور تنبه الانسان من غفلته فيصغي ويشعر و يمجد معه الحكمة مبدعة نغمة الطائر العذبة وشعوره الرقيق تلك التغريدة قوى فكرنه فيسأل ذاته وما يحف به عما اسرّه لحن ذلك الطائر الحقير فحرك اوتار عواطفه وأوحى اليه معاني ما حوتها كتب الاءُلى تقدموه. يسأل مستفهما عما اذا كان العصفور يناجي زهور الحقل ام يحاكي اغصان الاشجار ام يتقلد خرير مجاري المياه ام ينادم الطبيعة باسرها ولكنه لا يستطيع الى الحصول على الجواب سبيلاً.
الانسان لا يدري ما يقوله العصفور فوق اطراف الاغصان ولا الجدول على الحصباء ولا الامواج اذ تأتي الشاطئ بطء وهدو.ولا يفقه ما يحكيه المطر اذ يتساقط منهملاً على اوراق الاشجار او عندما يطرق بانامله اللطيفة بلور نافذه ولا يفهم ما يقوله النسيم لزهور الحقل ولكنه يشعر ان قلبه يفقه ويفهم مفاد جميع هذه الاصوات فيهتز لها تارة بعوامل الطرب ويتنهد طورًا بفواعل الأسى والكآبة.اصوات تناجيه بلغة خفية وضعتها الحكمة قبل كيانه فتحدثت نفسه والطبيعة مراّت كثيرت وهو واقف معقود اللسان حائرًا وربما ناب عن لفظهِ الدمع والدمع افصح مترجم.
تِ معي ياصاح الى مسرح الذكرى لنرى منزلة الموسيقى عند امم طوتهم الايام وتعال نتأَمل تاثيرها في کل دور من ادوار ابن ادم. عبدها الكلدانيون والمصريون كاله عظيم يسجد له ويمجد. واعتقد الفرس والهنود بكونها روح الله بين اليشر. وقال شاعر فارس ما معناه «أن الموسيقى كانت حورية في سماء الالهة تعشقت آدميا وهبطت نحوه من العلو فغضب الالهة اذ علموا وبعثوا وراءها ومجاً شديدة نثرتها في الجو وبعثرتها في زوايا الدنيا. ولم تمت نفسها قط بل هي حية تقطن اذان البشر"
وقال حكيم هندي «ان عذوبة الألحان توطد آمالي بوجود ابدية جميلة» والموسيقى عند اليونان والرومان كانت الهاً مقتدرًا بنوا له هياكل عظيمة ما برحت تحدثنا بعظمتهم ومذابح فخيمة قدموا عليها اجمل قرابينهم واعطر بخورهم. الهاً دعوه أبولون فمثلوه وجميع الكمالات تجمله منتصباً كالغص على مجاري المياه يحمل القيثارة في يسراه ويمينه على الاوتار راسه مرفوع يمثل العظمة وعيناه ناظرتان الى البعيد كأنه يرى اعماق الاشياء.
وقالوا ان رنات اوتار ابولون صدى صوت الطبيعة ونات شجية ينقلها عن تغريد الطيور وخرير المياه وتنهدات النسيم وحفيف اغصان الاشجار.
وجاء في اساطيرهم ان رنات اوتار اورفيوس الموسيقي حركت قلب الحيوان فاتبعتهُ الضواري. والنبات فمدت نحوه الازاهر اعناقها ومالت اليه الاغصان. والجماد فتحرك وتفتت.
وقالوا فقد اورفيوس زوجته فيكاها ورثاها نادباً حتى ملات نغمة لوعته البرية فبكت الطبيعة لبكائه حتى حنت قلوب الالهة ففتحت له ابواب الابدية كي يلتقي بحبيبته في عالم الارواح.
وقالوا قتلت بنات الاحراج أورفيوس ورمين براسه وقيثارته الى البحر فطافا على الماء حتى بلغا جزيرة دعاها اليونان جزيرة الاغاني.
وقالوا ان الامواج التي حملت رأس اورفيوس وقيثارته ما برحت مذ ذاك الحين تصيغ من اصواتها ندباً مؤَثرًا او انغامًا محزنة تملاء الاثير فيسمعها الملاحون.
هذا كلام بعد ان قضى عز تلك الامة ومضى دعوناه خرافات مصدرها الوهم وأحلاماً ابتدعتها التصورات غيرانهُ قول دل على ان تأثير الموسيقى في صدور اليونان كان عميقاً وعظيماً فقالوا ما قالوا عن صحة اعتقاد فما ضرنا لو دعونا تلك الاقوال مبالغة شعرية مصدرها رقة العواطف ومحبة الجمال وهذا في عرف الشعراء الشعر.
نقلت الينا آثار الاشوريين رسوما تمثل مواكب الملوك سائرة وآلات الطرب تتقدمها وحدثنا مؤرخوهم عن الموسيقى فقالوا انها عنوان المجد في الحفلات و رمز السعادة في الاعياد.اجل فالسعادة بدونها تحكي فتاة قطع لسانها فالموسيقي لسان جميع امم الارض سبحت معبوداتها بالاناشيد ومجدتهم بالالحان وكانت التراتيل وهي الان فرض كالصلاة يقدمونها في المعابد وكمحرقات يقفونها على القوت المعبودة. محرقات مقدسة مبداءُها عوطف النفس. صلوات يهذبها القلب وما اكملته اهتزازات الشعائر. انفاس حرة ما زلفتها الالفاظ بل تظرفت بها أنفاس اثارتها ندامة الملك داود فملات اناشيده ارض فلسطين واستدعت اشجانه انغاما شجية مؤَثرة منبعها انفعالات التوبة وحزن النفس. وكوسيط قامت مزاميره بينهُ وبين الله تطلب له مغفرة زلاته. وكأن رنات قيثارته قد انبثقت من قلبه المنسحق وسرت مع قطرات. دمه الى اصابعه فكانت اعمال تلك الاصابع عظيمة عند الله والناس. وهو القائل « هللوا للرب سبحوا الرب بصوت البوق سبحوه بالمزامير والقيثارة سجوه بالطبل والدفوف سبحوهُ بالاوتار والارغن سبحوهُ بصوت الصنوج سجوه بصنوج التهليل وكل نسمة فلتسبح الرب » وجاء في الاسفار ان ملائكة من السماء تأتي في آخر الدهر نافخة الابواب في جميع اقطار العالم فتستفيق من صوتها الارواح وتلبس اجسامها وتنشر امام الديان. لقد عظم كاتب هذا السفر الموسيقى اذ انزلها منزلة رسول من الله الى ارواح البشر وما قول الكاتب الا صورة شواعره وعلى نوع ينطبق على اعتقادات معاصر به.
وجاء في بدء مأساة ابن البشر ان التلامذة سبحوا قبيل ذهابهم الى بستان الزيتون حيث قبض على معلمهم. وكاني الان اسمع نغم تلك التسبجة صادرًا من اعماق نفوس حزينة رأت ما سيحل برسول السلام فتنفست عن نغمة مؤثرة نابت عن كلمة الوداع.
عزيمة حميتهم وتقويهم على الكفاح وكالجاذبية تجمع شتاتهم وتؤَلف منهم صفوفاً لا تنفرق. ما سارت الشعراء امام الكتائب الى ساحات القتال موطن المنية لا ولا الخطباء. ما رافقتهم الاقلام والكتب بل مشت امامهم الموسيقى كقائد عظيم يبثُّ باجسامهم الواهنة قوة تفوق الوصف وحمية تنبه في قلوبهم حب الانتصار فيغالبون الجوع والعطش وتعب المسير ويدافعون بكلما في اجسادهم من القوة ووراءَها يسيرون بفرح وطرب و يتبعون الموت الى ارض العدو المبغوضة. كذا يستخدم أبن آدم اقدس ما في الكون لتعميم شرور الكون.
الموسيقى رفيقة الراعي في وحدتهِ وهو ان جلس على صخرة في وسط قطيعهِ نفخ بشبابته الحاناً تعرفها نعاجه فترعى الاعشاب آمنة. والشبابة عند الراعي كصديق عزيز لا تفارق وسطهُ ونديم محبوب تستبدل سكينة الوديان الرهيبة برياض ماهولة وتقتل بانغامها الشجية وحشتها وتملاء الهواء انساً وحلاوة.
الموسيقي تقود اظعان المسافرين وتخفف تأثير التعب وتقصر مديد الطرقات. فالعيس لا تسير في البيداء الا اذا سمعت صوت الحادي والقافلة لا تقيم الاحمال الاَّ اذا كانت الاجراس معلقةً برقابها ولا بدع فالعقلاء في ايامنا هذه يربون الضواري بالالحان ويد جنونها باصوات عذبة.
الموسيقى ترافق ارواحنا وتجتاز معنا مراحل الحياة تشاطرنا الارزاء والافراح وتساهمنا السراء والضراء وتقوم كشاهد في ايام مسرتنا وكقريب شفوق في ايام شقائنا.
يأتي المولود من عالم الغيب الى دنيانا فتقابله القابلة والاقارب باغاني الفرح متاهلين باناشيد الابتهاج والحبور. يحييهم عندما يرى النور بالبكاء والعويل فيجيبونه بالتهليل والهتاف كانهم يسابقون بالموسيقي الزمان على افهامه الحكمة الالهية.
وإذا ما بكى الرضيع اقتربت منه والدته وغنت بصوتها الموسيقي المملوء رقةً وحنواً فيكف عن البكاء ويرتاح لالحان امه المتجسمة من الشفقة وينام. وفي الحان الوالدة ونغمتها قوة توعز الى الكرى ليغمض اجفان طفلها. وتشارك تلك الالحان السكينة بهدوها فتزيدها حلاوة وتمحورهبتها وتملاءها سحراً من انفاس الامِّ الحنونة حتى يتغلب الرضيع على الارق وينام وتطير نفسه الى عالم الارواح. ولا ينام الطفل لو تكلمت الوالدة بلسان شيشرون او قرأت من الفارض.
ينتقي الرجل شريكة حياته وتتحد نفساهها برباط
الزواج متممين وصية كتبتها الحكمة منذ البدء على قلبيهما فيجتمع الاقارب والخلان ويفرحون بالاناشيد والاهازيج ويقيمون الموسيقى شاهداً عندما يربط القران عرس المحبة . فكاني بها يوم التعريس صوت رهيب تمازجه الحلاوة . صوت يمجد الله في مخلوقاته ، صوت ينبه الحياة النائمة لتسير وتنتشر وتملاء وجه الارض. وعندما ياتي الموت ويمثل آخر مشهد من رواية الحياة نسمع الموسيقى المحزنة ونراها تملاء الجو باشباح الاسى في تلك الساعة الموجعة اذ تودع النفس ساحل هذا العالم الجميل وتسبح في بحر الابدية تاركة هيكلها الهيولي بين أيدي الملحنين والندابين فيتاوهون بنغمات الحزن والاسف ويلحقون تلك المادة الثرى ويشيعونها بألحان مفادها الضيم واناشيد معناها الكمد واللوعة . نغمات يحبونها ما بقي التراب فوق التراب وندبلت يبقى صداها في خلايا الجوارح ما دام القلب يذكر من مضى.
السكينة شاخصين اليه وكالشعراء المستسلمين لقوة فعالة توحي اليهم اسراراً غريبة حتى اذا ما انتهى الملحن انشاده تشهدوا جميعاً ذاك التنهد الطويل - اه اه صادرة من افئدة هيحت فيها الالحان عواطف مكنونة فلذ لها التأوه. أه تتنفسها قلوب حرى انعشتها الذكرى. أه كلمة صغيرة لكنها حديث طويل اه ما قالها سامع كلام الملحن لا ولا ناظر وجهه بل تنهدها من اعار اذناً لنشيد نسج من مقاطع انفاس منقطعة.
انفاس حية مثلت لهُ فصلاً من رواية حياته الماضية او فشت سراً اکنته اضلعه.
وكم تأَملت وجه سامع حساس فرايت ملامحه تنقبض تارة وتنبسط طوراً وتنقلب مع تقلبات النغم. واهتديت بخلقه على حلقه واستحكيت باطنه بواسطة ظاهرة.
والموسيقى كالشعر والتصوير تمثل حالات الانسان المختلفة وترسم اشباح اطوار القلب وتوضح خيالات اميال النفس وتصيغِ ما يجول في الخاطر وتصف اجمل مشتهيات الجسد.
فالنهاوند يمثل تفريق المحبين ووداع الوطن ويصف آخر نظرة من راحل عزيز. يمثل شكوى آلام مبرحة بين ضلوع قوامها لظى الشوق. النهاوند صوت من اعماق النفس الحزينة. نغم متجسم من مهجور يسأل عطفاً على رمقه قبل ان يضنيه البعاد.
زفرات يائس انشأتها المرارة وتنهدات قانط بثتها لوعة من اتلفه الصبر والتجلد. النهاوند يمثل الخريف وتساقط اوراق الااشجار المصغرة بسكينة وهدو وتلاعب الريح بها وتفريق شملها. النهاوند صلاة والدة نأى ابنها الى ارض بعيدة فبأتت بعده تغالب النوى فيها جمها بعوامل اليأْس وتصده بفواعل الصبر والأَمل. وفي النهاوند معنىً بل معان واسرار يفهمها القلب وتفقهها النفس. اسرار يحاول بثها اللسان وكشفها القلم فيجف هذا وتتقطع اوصال ذاك.
واصغيت للاصفهان فشاهدت بعين سمعي آخر فصل من حكاية عاشق دنف مات حبيبه فتقطعت عرى امانه وتواصلت زفراته فهو ينوح بأخر ما في جسده من الحياة ويرثي ببقايا ما في حياته من الرمق. الاصفهان اخر نفس من منازع واقف في مركب الموت بين شاطىء الحياة وبحر الابدية. الاصفهان رثاء الذات بغصات متقطعة متواصلة وتنهدات عميقة. نغمة صداهاسكينة تمازجها مرارة الموت والأسى وحلاوة الدمع والوفاء.
وان كان النهاوند حنين من يحيا ببعض الأَمل فالاصفهان انين من انقصمت عرى اماله.
نسمع الصبا فتستفيق منا قلوب حجبتها لحف الغم وتستيقظ وترقص بين الضلوع. فالصبا نغمة فرح تنسي المرء اتراحه فيطلب الراح ويشربها بلذة غريبة ويستزيد منها كانهُ يعلم ان خمرة المسرة تسابقها فتحكم بالعاقلة. الصبا حديث محب مغبوط صارع الدهر ورغم انف البين واسعدته الليالي بخلوة فحظي بلقاءِ محبوبة جميلة في حقل بعيد فاولاه اللقاء فرحاً وابتهاجاً. الصبا كنسيمات الصبا تمر فتهتز لها ازاهر الحقل تيهاً وابتهاجاً.
والمرصد في سكينةْ الليل وقع في الشعائر يحاكي تأثير كلمات رسالة جاءت من عزيز غال انقطعت اخباره في بلاد بعيدة فجاء الكتاب يحيي عاطفة الامل ويعد النفس باللقاء. وكاني بمغني الرصد يخبر بقرب الفجر واندحار الظلام وقد قيل « ان جهز ليلك فارصد.
وفي العتابا البعلبكية عتاب رقيق يتراوح بين اللوم والتعنيف ولحنها مزيج من النهاوند المؤَثر والصباالمفرج وفعلها في النفس فعليها.
والان قد كتبت هذه الصفحات واراني كطفل ينسخ كلمة من نشيد طويل غنته الملائكة عندما جبل الله الانسان الاول او كأمي يستظهر جملة من كتاب وضعتهُ الحكمة على صفحات الشعائر قبيل ابتداء الدهر.
فيا ايتها الموسيقى. يا او تربي المقدسة١ لقد رقصت اخواتك الفنون فيها غير من الاجيال زمناً ووضعن في معاقل النسيان آخر وانت تهزأين بهن ولم تتنازلي عن مرسح النفس يوماً واحداً فكانك صدى القبلة الاولى التي وضعها ادم على شفتي حواء. صدى له صدى له صدى تناقل وتتناسخ وتكتلف الكل وتحيا بالكل يلذ لعمالها عملهم ويفرح الغير الموهوب من مكارمها بسمعهِ. ياابنة النفس والمحبة. يا اناء مرارةالغرام وحلاوته. يا خيالات القلب البشري. ياثمرة الحزن وزهرة الفرح. يارائحة متصاعدة من طاقة زهور الشعائر المضمومة. يالسان المحبين ومذيعة أسرار العاشقين.
يا صائغة الدموع من العواطف المكنونة. يا موحية الشعراء ومنظمة عقودالاوزان. ياموحدة الافكار مع نثف الكلام ومؤلفة الشواعر من مؤثرات الجمال. ياخمرة القلوب الرافعة شاربها الى أعالي عالم الخيالات. يا مشجعة الجنود ومطهرة نفوس العابدين. ياايتها التموجات الاثيرية الحاملة اشباح النفس و يا بحر الرقة واللطف الى امواجكِ نسلم انفسنا وفي أعماقكِ نستودع قلوبنا فاحمليهاإلى ماوراء (۱۷) من جالست من ميزه الله بعذوبة الصوت، وحبـــاه ادراك فلسفة التنغيم والايقاع فرأيت السامعين حوله مصغين صاغرين ماسكين انفاسهم محكومين بفواعل السكينة شاخصين اليه وكالشعراء المستسلمين لقوة فعالة توحي اليهم اسرارا غريبة حتى اذا ما انتهى الملحن انشاده تنهدوا جميعاً ذاك التنهد الطويل - اه اه صادرة من افئدة هيجت فيها الالحان عواطف مكنونة فلذ لها التا وه . اه تنفسها قلوب حرى انعشتها الذكرى . أه كلمة صغيرة لكنها حديث طويل . اه ما قالها سامع كلام المحن لا ولا ناظر وجهه بل تنهدها من اعار اذنا النشيد نسج من مقاطع انفاس متقطعة . انفاس حية مثلت الله فصلاً من رواية حياته الماضية او فشت سرا اکنته اضلعه . 1 وكم تأملت وجه سامع حساس فرايت ملامحه تنقبض تارة وتنبسط طوراً وتنقلب مع تقلبات النغم . (^)) واهنديت بخلفه على حلقه واستحكيت باطنه بواسطة ظاهرة . والموسيقى كالشعر والتصوير تمثل حالات الانسان المختلفة وترسم اشباح اطوار القلب وتوضح خيالات اميال النفس وتصيغ ما يجول في الخاطر وتصف اجمل مشتهيات الجسد . فالنهاوند يمثل تفريق المحبين ووداع الوطن ويصف آخر نظرة من راحل عزيز . يمثل شكوى آلام مبرحة بين ضلوع قوامها لظى الشوق . النهاوند صوت من اعماق النفس الحزينة . نغم متجسم من مهجور يسأل عطفا على رمقه قبل ان يضنيه البعاد . زفرات يائس انشأتها المرارة وتنهدات قانط بثتها لوعة من اتلفه الصبر والتجلد . النهاوند يمثل الخريف وتساقط اوراق الاشجار المصغرة بسكينة وهدو وتلاعب الريح بها وتفريق شملها . النهاوند صلاة والدة نأى (Fr) الله صلى الله صدى تتناقل وتتناسخ وتكتلف الكل وتحيا بالكل يلذ لعمالها عملهم ويفرح الغير الموهوب من مكارمها بسمعه . . يا ابنة النفس والمحبة . يا اناء حرارة الغرام وحلاوته يا خيالات القلب البشري . ياثمرة الحزن وزهرة الفرج - يا رائحة متصاعدة طاقة زهور الشعائر من المضمومة . يالسان المحبين ومذيعة اسرار العاشقين يا صائفة الدموع من العواطف المكنونة . يا موحية الشعراء ومنظمة عقود الاوزان - يا موحدة الافكار مع نثف الكلام ومؤلفة الشواعر من مؤثرات الجمال . ياخمرة القلوب الرافعة شاربها الى اعالي عالم الخيالات . يا مشجعة الجنود ومطهرة نفوس العابدين . يا ايتها التموجات الاثيرية الحاملة اشباح النفس و يا بحر الرقة واللطف الى امواجك نسلم انفسنا وفي أعماقك نستودع قلوبنا فاحمليها الى ما وراء المادة وارينا ما تكنه عوالم الغيب.
تكاثري يا عواطف النفوس وتعاظمي ياشواعر القلوب وارفعي ايادي ذوي الايادي لبناء الهياكل لهذه الالهة العظيمة. وانزل ياملاك الوحي على قلوب الشعراء واسكب في خلايا قريحتهم مديحاً وتسبيحاً لهذه العظيمة المقدسة. واكبري يا مخيلة الرسامين والنقاشين وابتدعي لها صوراً واشباحاً.
كرموا ياسكان الارض كهنتها وكاهناتها وعيدوا لذكر خدامها وشيدوا لهم التماثيل. صليّ ايتها الام وسلمي على او رفيوس وداود والموصلي وعظمي ذكر بيتورفن وفغنر وموزارت. وغني ياسوريا اسم شاكر الحلبي و يا مصر عبده الحمولي. كبر ايها الكون الأ لى
بثوا في سمائك انفسهم وملاوا الهواء ارواحاً لطيفة وعلموا الانسان ان يرى بسمعه و يسمع بقلبه. امين المهاجر
جريدة عربية في نيويورك عمومية في مباحثها وحرة في آرائها ودقيقة في ملاحظاتها. تنشر كل اخبار العالم اللائقة بالطبع. اهتمامها الرئيسي هو البحث في شوون السوريين في اميركا لاسيما الاجتماعية منها ما يرفع مقام المرأة وبصون تهذيب العائلة. بدل اشتراكها ٤ ريالات اميركية في الولايات المتحدة و ٥ ريالات في الخارج. وهي تدخل سوريا.
مطبعة المهاجر - تطبع الاوراق والجرائد والكتب. بالعربية والانكليزية وهي مستوفية الشروط بالاستعدادات. من حيث النظافة والترتيب والاتقان.
مكتبة المهاجر - فيها جميع انواع الكتب العربية وهذا عنوانها.
21 .WASHINGTON ST.
NEW YORK
خطأ استشهاد: وسوم <ref>
موجودة لمجموعة اسمها "arabic-indic"، ولكن لم يتم العثور على وسم <references group="arabic-indic"/>