مستخدم:أبو هشام/مسودة
ما اتفق لفظه واختلف معناه
فصل العينقال المؤلف وأما اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين فمما أنبأني به الشيخ الإمام العالم زين الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نجا المقدسي رحمه الله قال أخبرنا الشيخ أبو الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري وقال أخبرنا أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي والفقيه بصور قال أنشدني الشيخ الإمام أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي مصنف المجمل لنفسه:
يا دار سعدى بذات الخال من إضم سقاك صوب حيا من واكف العين
العين هنا سحاب ينشأ من قبل القبلة.
إني لأذكر أياما بها ولنا في كل إصباح يوم قرة العين
العين هنا عين الإنسان وغيره.
تدني معشقة منا معتقة تشجها عذبة من نابع العين
العين هنا ما ينبع منها الماء.
إذا تمززها شيخ به طرق سرت بقوتها في الساق والعين
العين هنا عين الركبة والطرق ضعف الركبتين.
والزق ملآن من ماء السرور فلا تخشى توله ما فيه من العين
العين هنا ثقب يكون في المزادة وتوله الماء أن يتسرب
وغاب عدالنا عنا ولا كدر في عيشنا من رقيب السوء والعين
والعين هنا الواشي
يقسم الود فيما بيننا قسماً ميزان حق بلا بخس ولا عين
العين هنا العين في الميزان
وفائض المال يغنينا بحاضره فنكتفي من ثقيل الدين بالعين
العين هنا المال الحاضر الناض
والمجمل المجتبى تغني فوائده حفاظه عن كتاب الجيم والعين
والعين هنا الحرف.
وقال أبو الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي في كتاب شجر الدر هذا كتاب مداخلة الكلام بالمعاني المختلفة سميناه كتاب شجر الدر لأنا ترجمنا كل باب فيه بشجرة وجعلنا لها فروعا وكل شجرة مائة كلمة أصلها كلمة واحدة.
شجرة العين
العين عين الوجه والوجه القصد والقصد الكسر والكسر جانب الخباء والخباء مصدرها خابأت الرجل إذا خبأت له خبأ وخبأ لك مثله والخبء السحاب من قوله تعالى يخرج الخبء في السموات والأرض والسحاب اسم عمامة كانت للنبي والنبي التل العالي والتل هو مصدر التليل المصروع على وجهه والتليل صفع العنق قال الراجز:
جاباً ترى تليله مسحجاً
والعنق الرجل من الجراد والرجل العهد يقال كان ذلك على رجل الحجاج أي عهده والعهد المطر المعاود والمعاود الذي يعودك في مرضك وتعوده في مرضه و المريض الشاك والمرض في القلب الشك وفي التنزيل (في قلوبهم مرض) والشاك الطاعن يقال شكه إذا طعنه والطاعن الداخل في السن والسن قرن من كلاء أي قطعة والقرن الأمة من الناس والأمة الحين من الدهر قال الشاعر:
عمروا أمة من الدهر فيها أهلات أعز قوم جنابا
والحين حلب الناقة من الوقت إلى الوقت والحلب ماء السماء والسماء سقف البيت والبيت زوج الرجل والزوج النمط من فرش الديباج والفرش أفتأ الإبل من قوله تعالى: (ومن الأنعام حمولة وفرشا) والإبل قال المفسرون في قوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) قالوا الغيم والغيم الصدى من العطش والصدى ما تحتوي عليه الهامة من الدماغ والهامة جمع هائم وهو العطشان وكذلك الأهيم والأنثى هيماء وفي التنزيل: (فشاربون شرب الهيم) قال الشاعر:
فأصبحت كالهيماء لا الماء قاطع صداها ولا يقضي عليها هيامها
والهائم المائج في الأرض والسائح الصائم في قوله تعالى: (السائحون الراكعون) والصائم القائم والقائم صومعة الراهب والراهب المتخوف والمتخوف الذي يقتطع مال غيره فينتقصه ومنه قوله تعالى: (أو يأخذهم على تخوف) أي على تنقص والمال الرجل ذو العز والثراء والثراء كثرة الأهل والأهل الخليق يقال فلان أهل لكذا أي خليق به والخليق المخلوق أي المقدر يقال خلقت الشيء إذا قدرته وينشد لزهير بن أبي سلمى:
وأراك تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
والمخلوق الكلام الزور والزورة القوة والقوة الطاقة من طاقات الحبل والطاقة المقدرة والمقدرة اليسار واليسار خلاف اليمين واليمين الألية والألية التقصير والتقصير قص الشعر خلاف الحلق والحلق الذبح ويروى هذا البيت لأبي ذؤيب الهذلي:
يرى ناصحا فيما بدا فإذا خلا فذلك سكين على الحلق حالق
أي ذابح ويروى حاذق والحاذق القاطع والحالق الذابح والذبح الشق والشق شدة الأمر على الإنسان والشدة الجلد والجلد الحزم من الأرض والحزم شد حزام الفرس والحزام مصدر تحازم الرجلان إذا تباريا أيهما أحزم للخيل أي أحذق بحزمها والأحزم الأحكم في الأمور والأحكم الأمنع يقال الحد أحكم للزاني أي أمنع له من المعاودة والأمنع الجانب المنيع والمنيع الشيء الممنوع ممن طلب قال الشاعر:
فلاقوا دونه طودا منيعا
والطلب القوم الطالبون والقوم الرجل القائم والقائم المصلي والمصلي من الخيل الذي يجيء بعد السابق في الجري والجري الإفاضة في الأخبار والإفاضة الإنكفاء من قوله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) والإنكفاء انكباب الإناء والإنكباب دنو الصدر من الأرض والصدر الرئيس والرئيس المصاب في رأسه بسهم وغيره قال الشاعر زهير بن حرام الداخل:
ويقتل نفسه إن لم ينلها فحق له رئيس أو بعيج
والسهم القسط من الشيء والقسط العدل والعدل الميل والميل الحب والحب آنية من الجر والجر سفح الجبل والسفح الصب والصب الدنف من عشق به والدنف العلة والعلة السبب قال الشاعر:
أنخت بها الوجناء من غير علة لثنتين بين اثنين آت وذاهب
والسبب الحبل والحبل صيد العصفور بالحبالة يقال حبلت العصفور حبلا والعصفور غرة دقيقة في جبين الفرس والغرة أول ليلة يرى فيها الهلال والهلال الرحى المثلومة والرحى سيد القبيلة والقبيلة واحد شئون الرأس والشئون الأحوال والأحوال جمع حالة والحالة الكارة قال الراجز:
قد أركب الآلة بعد الآله وأحمل الحالة بعد الحاله
وأترك العاجز بالجداله منعفرا ليست له محاله
والكارة جمع كاير وهو الذي يكور عمامته على رأسه والرأس فارس القوم والفارس الكاسر فرسه السبع وافترسه أي كسره والكاسر العقاب والعقاب راية الجيش والجيش جيشان النفس والنفس ملء كف من دباغ والكف خياطة كفة الثوب والثوب نفس الإنسان والإنسان الناس كلهم قال الراجز:
وعصبة تنميهم من عدنان بها هدى الله جميع الإنسان
من الضلال وهم كالعميان
أي جمع الناس.
فرع
والعين عين الشمس والشمس شماس الخيل والخيل الوهم والوهم الجمل الكبير قال الشاعر:
ويأوي إلى أوطانه الجمل الوهم
والجمل دابة من دواب البحر والبحر الماء الملح والملح الحرمة والحرمة ما كان للإنسان حراما على غيره وحرام حي من العرب والحي ضد الميت قال الشاعر عبد الرحمن بن الحكم:
لقد أسمعت لو ناديت حيا لكن لا حياة لمن تنادي
فرع
والعين النقد والنقد ضربك أذن الرجل أو أنفه بإصبعك والأذن الرجل القابل لما يسمع والقابل الذي يأخذ الدلو من الماتح والدلو السير الرفيق قال الراجز:
لا تقلواها وادلواها دلوا إن مع اليوم أخاه غدوا
والرفيق الصاحب والصاحب السيف مصدر ساف ماله إذا أودى وأودى الرجل إذا خرج من إحليله الودي والودي الفسيل قال الشاعر:
جلندى الذي أعطى الودي بحملها مسخرة من بين فرض وبلعق
فرع
والعين موضع انفجار الماء والانفجار انشقاق عمود الصبح والصبح جمع أصبح وهو لون من الألوان واللون الضرب من الضروب والضرب الرجل المهزول قال الشاعر طرفة بن العبد:
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش كرأس الحية المتوقد
والمهزول الفقير والفقير المكسور فقر الظهر والفقر النوادر والنوادر أنوف الجبال والأنوف الأوائل من كل شيء والواحد أنف بضم الهمزة قال الشاعر امرؤ القيس:
قد غدا يحملني في أنفه لاحق الإطلين محبوك ممر
أي في أول جريه وهو الأنف بضمتين أيضا.
فرع
والعين عين الميزان والميزان برج في السماء والسماء أعلى متن الفرس والمتن الصلب من الأرض والأرض قوائم الدابة قال الشاعر خفاف بن ندبة:
إذا ما استحمت أرضه من سمائه جرى وهو مودوع وواعد مصدق
والقوائم جمع قائمة وهي السارية والسارية المزنة تنشأ ليلا والليل فرخ الكروان والفرخ ما اشتملت عليه قبائل الرأس من الدماغ والقبائل من العرب دون الأحياء.
فرع
والعين مطر لا يقلع أياما ومطر حي من أحياء العرب والأحياء جمع حياء الناقة والحياء الاستحياء والاستبقاء من قوله تعالى ويستحيون نساءكم قال الشاعر الحصين بن الحمام:
تباطأت أستحيي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما
ويروى تأخرت والاستبقاء التماس النظرة والالتماس الجماع يقال لمس المرأة والتمسها كناية عن الجماع والجماع ضد الفراق والفراق جمع فرق وهو ظرف يسع ستين رطلا والفرق جمع فارق والفارق من النوق والأتن التي تذهب على وجهها عند الولادة فلا يدرى أين تلد قال الراجز:
ومنجنون كالأتان الفارق من أتن بين العرض والتضايق
فرع
والعين رئيس القوم والرئيس المصاب في رأسه بعصا أو غيرها والرأس زعيم القبيلة أي سيدها والزعيم الصبير والصبير السحاب المتراكب أعناقا في الهواء قال الراجز أبو محمد الفقعسي:
يا سلم أسقاك الصبير الوامض هل لك والعارض منك عائض
في هجمة يعذر منها القابض
والأعناق جمع عنق والعنق الرجل من الجراد والرجل العهد والعهد المطر الأول في السنة والأول يوم الأحد لغة أهل الجاهلية وأنشدونا
أؤمل أن أعيش وإن يومي بأول أو بأهون أو جبار
أو التالي دبار أو فيومي بمؤنس أو عروبة أو شيار
روى ابن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي وأبي عبيدة وأبي زيد كلهم قالوا حدثنا يونس بن حبيب عن أبي عمرو بن العلاء قال كانت العرب في الجاهلية تسمي الأحد أول والاثنين أهون وبعضهم أهود والثلاثاء جبارا والأربعاء دبارا والخميس مؤنسا والجمعة العروبة وبعضهم يقول عروبة ولا يصرفها والسبت شيارا وكان قوم من العرب يسمون العيد العروبة وبه سميت الجمعة العروبة وأنشد للقطامي:
نفسي الفداء لأقوام همو خلطوا يوم العروبة أورادا بأوراد
فرع والعين نفس الشيء والنفس ملء كف من دباغ والكف الذب والذب
الثور الوحشي والثور قشور القصب يعلو على وجه الماء وأنشدوا لنهشل بن
حري:
كذاك الثور يضرب بالهراوي إذا ما عافت البقر الظماء
والقصب رهان الخيل والرهان المراهنة من الرهون والمراهنة المقاومة فلان يراهن فلانا أي يقاومه والمقاومة مع الرجل أن تذكر قومك ويذكر قومه تتفاخران بذلك والقوم القيام قال الراجز لقيط بن زرارة:
يا قوم قد أحرقتموني باللوم وبالقعود تارة وبالقوم
شتان هذا والعناق والنوم والمشرب البارد في ظل الدوم
أي الدائم.
فرع
والعين الذهب والذهب زوال العقل يقال ذهب الرجل ذهبا إذا تحير وزال عقله والعقل الشد عقلت الناقة إذا شددت يدها والشد الإحكام والإحكام الكف والمنع قال الأصمعي قرأت في كتب بعض الخلفاء الأول فأحكم بني فلان أي امنعهم وكفهم وأنشد لجرير:
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم إني أخاف عليكمو أن أغضبا
والكف قدم الطائر والقدم الثبوت والثبوت جمع ثبت من الرجال وهو الشجاع والشجاع الحية والحية شجاع القبيلة يقال فلان حية ذكر إذا كان شجاعا جريئا وأنشد لعبيد بن الأبرص:
وإن رأيت بواد حية ذكرا فاذهب ودعني أمارس حية الوادي
فصل الحال
شعر قاله الأقليشي فجمع فيه تصرف الحال ووجوهها:
يا ليت شعري هل أكسى ثياب تقى والشعر يبيض حالا بعدما حال
أي شيئا بعد شيء.
فكلما ابيض شعري فالسواد إلى نفسي يميل فنفسي بالهوى حال
حال من الحلية يقال حليت المرأة حليا وهي حال وحالية.
ليست تسود غدا سود النفوس فكم أغدو مضيع نور عامر الحال
الحال التراب هنا.
تدور الدنا بالنفس تنقلها عن حالها كصبي راكب الحال بسيط
الحال هنا العجلة.
فالمرء يبعث يوم الحشر من جدث بما جنى وعلى ما مات من حال
أي هيئة خير أو شر.
لو كنت أعقل حالي عقل ذي نظر لكنت مشتغلا بالوقت والحال
أي الساعة التي أنت فيها.
لكنني بلذيذ العيش مغتبط كأنما هو شهد شيب بالحال
الحال ها هنا اللبن حكاها كراع فيما حكى عن ابن سيده.
ماذا المحال الذي ما زلت أعشقه ضيعت عقلي فلم أصلح به حالي
حال الرجل امرأته وهي عبارة عن النفس وهي لغة هذلية.
ركبت للذنب طرفا ما له طرف فيا لراكب طرف سيء الحال
حال الفرس طرائق ظهره وقيل متنه وقد ذكره امرؤ القيس في شعره:
يزل الغلام الخف عن حال متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل
يا رب غفرا يهد الذنب أجمعه حتى يخر من الآراب كالحال
الحال هنا ورق الشجر يخبط فيسقط.
فصل الخال
وأنشد أحمد بن يحيى ثعلب في الخال:
أتعرف أطلالا شجونك بالخال وعيش زمان كان في العصر الخالي
أي الماضي.
لبالي ريعان الشباب مسلط علي بعصيان الإمارة والخال
أي اللواء.
وإذ أنا خدن للغوي أخي الصبا وللغزل المريح ذي اللهو والخال
أي الخيلاء.
وللخود تصطاد الرجال بفاحم وخد أسيل كالوذيلة ذي الخال
أي الشامة.
إذا رئمت ربعا رئمت رباعها كما رئم الميثاء ذو الرثية الخالي
أي العزب.
ويقتادني منها رخيم دلاله كما اقتاد مهرا حين يألفه الخالي
أي الخلاء.
زمان أفدي من يراح الى الصبا بغمي من فرط الصبابة والخال
أخو الأم.
وقد علمت سلمى وإن ملت للصبا إذا القوم كعوا لست بالرعش الخالي
أي الظالع.
ولا أرتدي إلا المروءة خلة إذا ضن بعض القوم بالعصب والخال
ضرب من الثياب.
وإن أنا أبصرت المحول ببلدة تنكبتها واشتمت خالا على خال
أي سحابا.
فحالف بخلقي كل حلف مهذب وإلا تحالفني فخال إذن خال
أي المخالاة.
وإني حليف للسماحة والندى كما احتلفت عبس وذبيان بالخال
أي موضع.
وثالثنا في الحلف كل مهند لما رم من صم العظام به خال
أي قاطع.
فصل صالح
وقال آخر:
لقد قدمت من دمشق صالحاً
يريد سالماً.
وقد تجهزت جهازا صالحاً
يريد حسناً.
وكان زاد القوم زادا صالحاً
يريد كثيراً.
لأجذبن النسع جذبا صالحاً
يريد شديداً.
أو ألقين بالعراق صالحاً
يريد رجلاً.
إني وجدت صالحا لي صالحاً
يريد نافعاً.
يفعل بي فعلا كريما صالحاً
أي حسيناً.
فصل اللحن
ومن الأضداد اللحن يقال للخطأ لحن وللصواب لحن فأما كون اللحن على معنى الخطأ فلا يحتاج فيه إلى شاهد وأما كونه على معنى الصواب فشاهده قوله تعالى: (ولتعرفنهم في لحن القول) معناه صواب القول وصحته وقال ابن الأعرابي يقال لحن الرجل يلحن لحنا إذا أخطأ ولحن يلحن إذا أصاب وقال غيره يقال للصواب اللحن واللحن وقال معاوية للناس كيف ابن زياد فيكم قالوا ظريف على أنه يلحن قال فذاك أظرف له ذهب معاوية إلى أن معنى يلحن يفطن ويصيب وعن أبي بن كعب أنه قال تعلموا اللحن في القرآن كما تتعلمونه.
قال أبو بكر فيجوز أن يكون اللحن في الحديث الصواب ويجوز أن يكون الخطأ لأنه إذا عرف القارئ الخطأ عرف الصواب.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال تعلموا الفرائض والسنة واللحن كما تتعلمون القرآن فيجوز أن يكون اللحن الصواب ويجوز أن يكون الخطأ يعرف فيتجنب.
وحدث يزيد بن هارون بهذا الحديث فقيل له ما اللحن فقال النحو وقال عمر بن عبد العزيز عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم أراد ب لاحن فاطن فقال أبو العالية كان ابن عباس يعلمنا لحن الكلام وقال لبيد:
متعوذ لحن يعيد بكفه قلما علىعسب ذبلن وبان
فاللحن المصيب الفطن يقال رجل لحن ولاحن من الفطنة والصواب ورجل لاحن من الخطأ لا غير وقال القتال:
ولقد لحنت لكم لكيما تفقهوا ووحيت وحيا ليس بالمرتاب
وقال ابن أحمر يصف صحيفة كتبها:
وتعرف في عنوانها بعض لحنها وفي جوفها صمعاء تبلي النواصيا
الصمعاء الداهية واللحن ايضا يكون بمعنى اللغة قال شريك عن ابي اسحق عن أبي ميسرة في قول الله عز وجل: (سيل العرم) العرم المسناة بلحن اليمن أي لغتهم.
وقال بعض الأعراب علي بن عميرة الجرمي:
وما هاج هذا الشوق إلا حمامة تبكت على سمراء خضر قيودها
هتوف الضحى معروفة اللحن لم تزل تقود الهوى من مسعد ويقودها
وقال الآخر يذكر حمامتين:
باتا على غصن بان في ذرى فنن يرددان لحونا ذات ألوان
وأنشد أبو العباس لمالك بن أسماء بن خارجة في جارية له:
وحديث ألذه هو مما تشتهيه النفوس يوزن وزناً
منطق صائب وتلحن أحيا ناً وخير الكلام ما كان لحناً
وقال أراد بتلحن تصيب وتفطن وأراد بقوله ما كان لحنا ما كان صوابا وقال ابن قتيبة اللحن في هذا البيت معناه الخطأ وهذا الشاعر استملح من هذه المرأة ما يقع في كلامها من الخطأ.
وقال أبو بكر وقوله عندنا محال لأن العرب لم تزل تستقبح اللحن من النساء كما تستقبحه من الرجال ويستملحون البارع من كلام النساء كما يستملحونه من الرجال والدليل على هذا قول ذي الرمة يصف امرأة:
لها بشر مثل الحرير ومنطق رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر
فوصفها بحسن الكلام واللحن لا يكون عند العرب حسنا إذا كان بتأويل الخطأ لأنه يقلب المعنى ويفسد التأويل الذي يقصد له المتكلم وقال قيس بن الخطيم يذكر امرأة أيضا:
ولا يغث الحديث ما نطقت وهو بفيها ذو لذة طرف
تخزنه وهو مشتهى حسن وهو إذا تكلمت أنف
فلو كانت هذه المرأة تلحن وتفسد ألفاظها لكانت عند هذا الشاعر الفصيح غثة الكلام ولم تستحق عنده وصفا بجودة المنطق وحلاوة الكلام وقال كثير:
وكنت إذا ما زرت ليلى بأرضها أرى الأرض تطوى لي ويدنو بعيدها
من الخفرات البيض ود جليسها إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها
فخبر هذا بصحة ألفاظها.
ولم تزل العرب تصف النساء بحسن المنطق وتستملح منهن قرض الشعر والقدرة عليه فمن ذلك عمات النبي صلى الله عليه وسلم وأشعارهن في رثاء عبد المطلب ومنهن قتيلة بنت النضر قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أباها صبرا يوم بدر ولما انصرف من بدر كتبت إليه في أبيها قبل إسلامها:
يا راكبا إن الأثيل مظنة من صبح خامسة وأنت موفق
ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق
النضر أقرب من أسرت قرابة وأحقهم إن كان عتق يعتق
أمحمد ياضنء كل نجيبة في قومها والفحل فحل معرق
فلما بلغ رسول الله بكى حتى أخضل الدموع لحيته وقال لو بلغني شعرها قبل أن أقتله لعفوت عنه.
ومنهن تماضر أخت ذي الرمة ومنهن جنوب بنت العجلان ومنهن عمرة أختها ومنهن حليلة بنت مرة ومنهن بنت أياس بن مصاب العجلي ومنهن الوافدة ومنهن هند ابنة الأوقص ومنهن ضباعة بنت عامر ابن قرط ومنهن صفية بنت ابي مسافع وأختها ومنهن الفارعة بنت معاوية بن قشير ومنهن عمرة بنت عمرو بن قيس ومنهن جداية بنت خالد بن جعفر ومنهن أم الهيثم ومنهن سعاد بنت شداد ومنهن ربيعة بنت حميضة العذرية ومنهن أمينة الطائية ومنهن نعمة بنت عتاب بن سعد ومنهن أم طريف ومنهن أم حنبل ومنهن سعيدة أخت الأحزم بن قارب ومنهن حية امرأة من بني ثعل ومنهن ام حسان ومنهن أم حكيم ومنهن عفراء ابنة مالك العذرية ومنهن محبوبة بنت مطر بن الأخشن ومنهن عنبة بنت عفيف بن عمرو بن أمرئ القيس ومنهن كبيشة أخت عمرو بن معد يكرب ومنهن أم ثواب ومنهن فاطمة الخزاعية ومنهن السلكة أم السليك ومنهن أم قيس الضبية ومنهن الخرنق بنت هفان القيسية ومنهن هند ابنة النعمان بن بشير الأنصاري ومنهن ميسون بنت بحدل الكلابية ومنهن بثينة ومنهن ليلى الأخيلية ومنهن عفراء بنت مهاصر.
وأما الخنساء بنت عمرو بن الشريد الشاعرة السلمية فقدمت على النبي مع قومها فأسلمت معهم وذكروا أن رسول الله كان يستنشدها ويعجب بشعرها فكانت تنشده وهو يقول هيه يا خناس ويوميء بيده ولما قدم عدي بن حاتم على رسول الله أسلم وحادثه فقال يا رسول الله إن فينا أشعر الناس وأسخى الناس وأفرس الناس قال سمهم قال أما أشعر الناس فامرئ القيس بن حجر وأما أسخى الناس فحاتم بن سعد يعني أباه وأما أفرس الناس فعمرو بن معد يكرب فقال رسول الله ليس كما قلت يا عدي أما أشعر الناس فالخنساء بنت عمرو وأما أسخى الناس فمحمد يعني نفسه وأما أفرس الناس فعلي بن أبي طالب.
وقد ذكر أبو عبد الله محمد بن المعلى بن عبد الله الأزدي في كتاب التراقيص كل امرأة من العرب رقصت ابنها وهو صغير بشعرها وذكر الصولي أشعار خلفاء بني العباس وبعض نسائهم وقد عمل ابن المغربي أيضا مثل ذلك ولأبي الفرج الأصبهاني كتاب جمع فيه ما للإماء والشواعر وقال ابن المعتز في كتاب طبقات الشعراء أسامي الجواري ممن نسبن إلى الشعر وشهرن به وعرفن منهن عريب جارية المأمون وكانت ماجنة ظريفة فائقة الجمال صبيحة مليحة لم يكن في عصرها أحد آدب منها ولا أشعر ولا أعلم بأخبار الناس وأيامهم ولا أحفظ للسير والنوادر والملح منها وكانت راوية لأشعار الجاهلية الجهلاء وأشعار المخضرمين والإسلاميين وأشعار المحدثين تهذها هذا وتفسرها بغرائبها ومعانيها وكانت مطبوعة ظريفة حافظة لفنون الآداب وكان المأمون قد شغف بحبها لبراعتها في الأدب وغيره فكان لا يصبر عنها ومنهن خنساء جارية هشام المكفوف وكانت بارعة الأدب فصيحة مفوهة شاعرة مفلقة ماجنة ظريفة عالمة بالأخبار والأسمار ظريفة نبيلة في نفسها كثيرة النوادر ولم يقاومها أحد في الكلام كانت من أعلم الناس بالكلام تضع لسانها حيث شاءت وتقطع جميع من يكلمها وكانت مشهورة معروفة وأعطي هشام بها الرغائب فامتنع من بيعها لحسن أدبها وفصاحتها وبيانها وحسن شعرها ولطفها وكان أصحاب الكلام يجتمعون عندها ويتناظرون فلا يختلفون في شيء إلا تحاكموا فيه إليها وتحكم وتقضي فينفذ حكمها ويقبل قضاؤها كانت تمدح الخلفاء والوزراء والأشراف والملوك فكان هشام يأخذ صلات الملوك وجوائزهم حتى جمع من ذلك مالا كثيرا ومن محدثي الشعراء من النساء عنان جارية الناطقي وكانت من ألطف الناس وأظرفهم وأشعرهم مطبوعة وكانت من معرفة الغريب والنحو بمحل رفيع عالمة بالأنساب عارفة بأيام الناس كثيرة النوادر والأخبار وذكر عمرو بن عبد الله الكوفي أنه قال شهدتها وقد اجتمع عندها أدباء الناس وشعراؤهم وأصحاب النحو والغريب وأهل الأخبار والأنساب فما جرى في ذلك المجلس من هذه الصنوف التي ذكرتها إلا وجدتها أكثر منهم وأحفظ قال ولقد سمعتها تقول حفظت من سير الناس ألف مجلد ولا أدع بيتا لجاهلي ولا مخضرمي ولا إسلامي سمعته إلا حفظته وكان أبو نواس ومسلم بن الوليد وأبان بن عبد الحميد اللاحقي وأشجع السلمي وسلم الخاسر وغيرهم من نظرائهم يجتمعون عندها فكانت تناقضهم ويناقضونها ونوادرهم باجتماعهم عندها كثير وكانت تمدح آل برمك فتجيد وأعطي الناطقي بها مالا كثيرا فامتنع من بيعها قال وما علمنا أن جارية بلغت في الأدب والمعرفة والبيان والفصاحة وقول الشعر مع ما جمعت إلى هذه الخلال من الذكاء والظرف مبلغها وذكرت في الشرق والغرب عند الملوك والأشراف وتحدثوا عندهم بنوادرها وشعرها فكتب من شعرها ونوادرها في البلدان ما لا يحصى.
ومن النساء سكن جارية محمود الوراق وكانت من أعذب الناس ألفاظا وأشعر الناس وأجودهم معاني وأحكمهم رصفا وأحسنهم وصفا عالمة بالأخبار والأنساب عارفة بأيام الناس مناظرة في الكلام فائقة فيه لا يكلمها أحد إلا قطعته وكان محمود مع براعة أدبه وحسن شعره ومعرفته بفنون الآداب وبصره بجيد الشعر وردئيه وما كان رزق من الحكمة يقول ربما والله تتقاصر إلي نفسي في مناظرتها لأنها تأتي من بدائع الكلام ومن الاحتجاج بشيء لم يسمع بمثله من أحد من العلماء الذين نسبوا إلى الكلام وعرفوا به فأقول يا سبحان الله من اين هذه الفطنة التقية الخالصة فأبقى مبهوتا.
وكانت تمدح الملوك والأشراف وكان محمود ضعيف الحال لا يكاد يقوم بمؤونتها فكان يقول لها يا سكن أنت في جمالك ونبلك وأدبك وأخلاقك على هذه الحالة وأنا مقتور علي ولست أقوم بواجبك ووالله ما شيء من عرض هذه الدنيا أثر عندي من النظر إليك ومن القرب منك فتقول سكن يا مولاي أما إذا كان الأمر عل ما تقول فإنني أصبر معك وأتجزأ بقليلك ولا أكلفك مالا تطيقه قال فغبرا بذلك زمانا في ضيق وضنك بعيشهما يقاسيان الأمرين من ضيق العيش وسوء الحال حتى كادا يشرفان على الفضيحة وكان قد أعطي بها عشرة آلاف دينا وحديثهما في أحوالهما وأخبارهما مشهور.
ومن النساء عائشة بنت عبد الله العثمانية وكانت خرجت على السلطان وكانت من أهل مكة ولم يكن في زمانها أحد أشعر ولا أحسن أدبا ولا أكثر علما منها وكانت من أنبل النساء وأعفهن ورعة يابسة الورع دينة وعمدت إلى رجل من آل أبي طالب فأخرجت إليه مالا وأمرته وأمرته أن يجمع الرجال ومحاربة بني العباس فجمعت جموعا كثيرة وفرقت أموالا جليلة وخرجت تحارب بنفسها وكانت من أشعر أهل زمانها وأشعارها مدونة مرفوعة فحاربت مرة بعد أخرى وقتلت جماعة وقتلت وكانت عائشة بن عبد الله هذه تصف قدميها من أول الليل إلى الصباح تصلي وربما جمعت في الليلة الواحدة القرآن ولم ير أحد إلى يوم الناس هذا أشد اجتهادا منها.
ومن الجواري فضل الشاعرة وكانت شاعرة مفلقة مقتدرة أديبة بارعة الأدب كاملة فصيحة نبيلة لطيفة وكانت تعشق سعيد بن حميد الكاتب وأنفقت عليه أكثر من ثلاثين ألف دينار وكانت من الأدب بمنزلة رفيعة ودرجة سنية عارفة بأخبار الناس وأيامهم تنشد أشعار الشعراء في الجاهلية والإسلام وتعلم تفسير ذلك وتسوق أيام العرب سوقا بأشعارها وحروبها وما جرى فيها وكانت تشعر وتقول في الغزل والعشق وكانت قد حبب إليها اللهو والشراب ولها في الغزل والشراب أشعار كثيرة مدونة وقد كتبنا قصتها وقصة سعيد بن حميد الكاتب وما جرى بينهما في موضعه من هذا الكتاب وسنأتي عليه إن شاء الله قال حدثني القاسم بن عبد الله الحراني قال كنت عند سعيد بن حميد الكاتب ذات يوم وقد فصد وأتته هدايا فضل الشاعرة ألف جدي وألف دجاجة وألف طبق رياحين وطيب وغير ذلك فكتب إليها إن هذا اليوم يوم لا يطيب سروري إلا بحضورك وكانت من أحسن النساء ضربا بالعود وأملحهن صوتا فأتته فضرب بينها وبينه حجابا وأحضر ندماءه في ذلك اليوم ووضعت الموائد وجيئ بالشراب فلما شربنا أقداحا أخذت عودها فغنت بهذا الشعر والشعر لها والصوت والأبيات هذه:
يا من أطلت تفرسي في وجهه وتنفسي
أفديك من متدلل يزهى بقتل الأنفس
هبني أسأت وما أسأ ت بلى أقر أنا المسي
أحلفتني ألا أسا رق نظرة في مجلس
فنظرت نظرة عاشق اتبعتها بتفرس
ونسيت أني قد حلف ت فما يقال لمن نسي
قال فما أتى يوم كان أقر لعيني من ذلك اليوم.
قال أبو الحسن علي بن عيسىحضرت ليلة مع جماعة من إخواني فأنشد أحدهم لامرأة فاستحسناه وتحرر بيننا أن نعمر ليلتنا بأشعار النساء فلم ننشد تلك الليلة إلا شعر امرأة.
وهذا يدل على كثرتهن ووفور عدتهن وتعذر حصرهن وعدم الإحاطة بشعرهن وإنما اعتمدنا في هذا الفصل الإشارة إلى شائعة وإيراد اليسير من مشهوره وذائعه.
ومن قدر على قول الشعر حكم له بمعرفة أكثر الإعراب وتجنب اللحن وكيف يكون الخطأ مستحسنا والصواب مستحسنا والعرب تقرب المعربين وتنتقص اللاجنين وتبعدهم فعمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بقوم يرمون نبلا فعاب عليهم فقالوا يا أمير المؤمنين إنا قوم متعلمين فقال لحنكم أشد علي من سوء رميكم سمعت رسول الله يقول رحم الله امرأ أصلح من لسانه وقال ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن وقال العباس للنبي ما الجمال في الرجل يا رسول الله قال اللسان وقال أيضا جمال الرجل فصاحة لسانه وقال أجمل الجمال الفصاحة وقال تعلموا العربية فإن الله مخاطبكم بها يوم القيامة وكان ابن عمر يضرب بنيه على اللحن ولا يضربهم على الخطأ قال العتبى عن أبيه استأذن رجل من جند الشام له فيهم قدر على عبد الملك ابن مروان وهو يلعب بالشطرنج فقال يا غلام غطها هذا شيخ له جلاله ثم أذن له فلما كلمه وجده يلحن فقال يا غلام اكشفها فليس للاحن حرمة وقال حماد بن سلمة مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مخلاة لا شعير فيها ولقد أصاب بعض الأشراف حيث يقول نعمة الجاهل كروضة على مزبلة وفيما يروى أن بعضهم رأى شابا لا أدب له وعليه خاتم ذهب فقال حمار عليه لجام من ذهب وقال بعضهم أيرضى أحدكم إذا تكلم أن يكون مثل عبده وكيف ترضون أن تكون ألسنتكم معوجة وأحدكم لا يرضى أن يكون الحذاء الذي في رجله إلا في نهاية الاستقامة وأي عضو أولى أن يحرس من الزلل من عضو كرمه الله إذ أنطقه بتوحيده وهذا باب طويل إن اسهبنا فيه انقطعنا من ذكر ما نحن إلى شرحه أحوج مما يوافق الكتاب وكله يدل على أن اللحن تستقبحه العرب في جميع الأحوال من كل ذكر أو أنثى وهذا مستوفى في كتابي المسمى منتهى الأرب في مبتدأ كلام العرب.
فصل المولى
ومن ذلك أيضا قول أبي عبيدة المولى المعتق ذو النعمة والمولى المعتق والمولى في الدين وهو الولي وفي كتاب الله: (فإخوانكم في الدين ومواليكم) ومنه قوله عز وجل: (وأن الكافرين لا مولى لهم) أي لا ولي وقال تعالى: (مأواكم النار هي مولاكم) أي أولى بكم والمولى المنعم والمولى المنعم عليه وقال جل ثناؤه: (فإن الله هو مولاه) أي وليه وقوله عليه السلام مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله وقال العجاج:
الحمد لله الذي أعطى الحبر موالي الحق إن المولى شكر
أي الأولياء الحق، وقال لبيد بن ربيعة العامري:
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وأمامها
والفرج موضع المخافة فيقول غدت كلا موضعي المخافة تحسب أن منه أتيت وأنه ولي المخافة ثم قال ذانك الفرجان هما خلفها وأمامها والمولى العصبة وبنو العم ومنه قوله تبارك وتعالى: (وإني خفت الموالي من ورائي) وقوله عز وجل: (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا) يعني ابن العم عن ابن العم وقال اللهبي:
مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
وقال الزبرقان:
ومن الموالي موليان فمنهما معطي الجزيل وباذل النصر
ومن الموالي ضب جندلة لحز المروءة ظاهر الغمر
وقال الحطيئة:
فأبقوا لا أبالكم عليهم فإن ملامة المولى شقاء
وقال كعب بن زهير:
ومولى قد رعيت الغيب منه ولو كنت المغيب ما رعاني
وقال آخر:
ومولى كداء البطن لو كان قادراً على الدهر أفنى الدهر أهلي وماليا
وقال الحطيئة:
ففاخر بهم في آل سعد فإنهم مواليك أو كاثر بهم من تكاثر
والمولى الحليف ومن انضم إليك فمنعته وعز بعزك وقال حصين بن الحمام المري:
يا أخوينا من أبينا وأمنا مرا موليينا من قضاعة يذهبا
يعني بني سلامان بن سعد بن زيد بن الحاف بن قضاعة وكانوا حلفاء بني صرمة بن مرة بن عوف بن معد بن عدنان. والمولى الصهر قال أبو المختار الكلابي:
ولا يفتلن النافعان كلاهما وذاك الذي في السوق مولى بني بدر
وقال الراعي في الحليف:
جزى الله مولانا غنيا ملامة شرار موالي عامر في العزائم
وقال الحطيئة:
وإن قال مولاهم في جل حادث من الدهر ردوا فضل أحلامكم ردوا
وقال الأخطل:
أتشتم قوما أثلوك نبهشل ولولاهم كنتم بعكل مواليا
وقال رجل من كلب يحضض بني عذرة على بني فزارة في سبي أصابوه منهم:
وأشجع إن لا قيتموهم فإنهم لذبيان مولى في الحروب وناصر
والمولى الجار قال مربع الكلابي وجاور بني كليب بن يربوع فأحمد جوارهم:
جزى الله خيرا والجزاء بكفه كليب بن يربوع وزادهم حمدا
هم خلطوني بالنفوس وألجموا إلى نصر مولاهم مسومة جردا
فصل السلطان
السلطان الحجة والملك القاهر قال تعالى في الحجة: (ولقد أرسلنا موسى بأياتنا وسلطان مبين) يعني حجة بينة وكذلك كل سلطان في أمر موسى يعني حجة وقال في الأنعام: (ما لم ينزل به عليكم سلطانا) يعني حجة في كتاب الله وقال في الروم: (أم أنزلنا عليهم سلطانا) يعني حجة في كتاب بأن مع الله شريكا بأن ليس لهم حجة وكقوله في الصافات: (أم لكم سلطان مبين) يعني حجة بينة بأن مع الله شريكا بأنه ليس لهم حجة وقال في طس النمل للهدهد: (أو ليأتيني بسلطان مبين) يعني حجة بينة أعذره بها ونحوه كثير.
والثاني السلطان يعني الملك القاهر فذلك قول إبليس في سورة إبراهيم: (وما كان لي عليكم من سلطان) يعني من ملك فأقهركم على الشرك وقال في الصافات: (وما كان لنا عليكم من سلطان) يعني من ملك فيقهركم على الشرك (بل كنتم قوما طاغين).
فصل الساحر
ومن ذلك الساحر يقال للمذموم المفسد ويقال ساحر للممدوح العالم قال الله تعالى: (وقالوا يا أيها الساحر ادعوا لنا ربك بما عهد عندك) أراد يا أيها العالم الفاضل لأنهم لا يخاطبونه بالذم والعيب في حال حاجتهم إلى دعائه لهم واستنقاذه إياهم من العذاب والهلكة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الشعر حكما وإن من البيان سحرا فقول النبي صلى الله عليه وسلم وإن من البيان لسحرا يفسر تفسيرين مختلفين أحدهما وان من البيان ما يصرف قلوب السامعين على قبول ما يسمعون ويضطرهم إلى التصديق به إن كان فيه غير حق يدل على هذا الحديث الذي يروى عن قيس بن عاصم وعمرو بن الأهتم والزبرقان بن بدر أنهم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عمرا عن الزبرقان بن بدر فأثنى عليه خيرا فلم يرض بذلك وقال والله يا رسول الله إنه ليعلم أني أفضل مما وصف ولكنه حسدني على موضعي منك فأثنى عليه عمرو شرا وقال والله يا رسول الله ما كذبت عليه في الأولى ولا الآخرة ولكنه أرضاني فقلت بالرضا وأسخطني فقلت بالسخط فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا.
وقال مالك بن دينار ما رأيت أحدا أبين من الحجاج بن يوسف إن كان ليرقى المنبر فيذكر إحسانه إلى أهل العراق وصفحه عنهم وإساءتهم إليه حتى أقول في نفسي إني لأحسبه صادقا وإني لأظنهم ظالمين له.
وسمع مسلمة بن عبد الملك رجلا يتكلم فيحسن ويبين معانيه التي يقصد لها تبيينا شافيا فقال مسلمة هذا والله السحر الحلال.
والتأويل الآخر في الحديث هو أن من البيان ما يكسب المأثم مثل ما يكسب السحر صاحبه يدل على هذا حديث النبي إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار فقال كل واحد من الرجلين يا رسول الله حقي لأخي فقال اذهبا فتوخيا ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه فدل بهذا الحديث على أن الرجل ببيانه وحسن عبارته يجعل الحق باطلا والباطل حقا فهذا الذي يكتسب من الأوزار ببيانه مثل ما يكسبه الساحر بسحره. فصل التصغير
ومن ذلك أيضا التصغير يدخل لمعنى التحقير ولمعنى التعظيم فمن التعظيم قول العرب أنا سر يسير هذا الأمر أي أنا أعلم الناس به ومنه قول الأنصاري يوم السقيفة أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب أي أنا أعلم الناس بها فالمراد من هذا التصغير التعظيم لا التحقير والجذيل تصغير الجذل وهو الجزع وأصل الشجرة والمحكك الذي يحتك به أراد أنا يشتفى برأيي كما تشتفي الإبل أولات الجرب باحتكاكها بالجزع والعذيق تصغير تصغير العذق وهو الكباسة والشمراخ العظيم والمرجب الذي يعمد لعظمه قال لبيد في هذا المعنى:
وكل أناس سوف تدخل بينهم دويهية تصغر منهما الأنامل
فصغر الداهية معظما لها لا محقرا لشأنها والتصغير على ثمانية أوجه أحدهن تصغير العين لنقصان فيها كقولك هذا حجير إذا كان صغيرا وكذلك هذه دويرة إذا لم تكن كبيرة واسعة ويكون التصغير على جهة تحقير المصغر في عين المخاطب وليس به نقص في ذاته ولا صغر كقول القائل ذهبت الدنانير فما بقي منها إلا دنينير واحد والدينار كامل الوزن وكذلك هلك القوم فما بقي منهم إلا أهل بييت والبيت المصغر لا نقص فيه ولا تغير ويكون التصغير على معنى التعظيم وقد مضى شرحه ويكون التصغير على معنى الذم كقولهم يا فويسق يا خبيث ويكون التصغير على معنى الرحمة والإشفاق والعطف كقولهم للرجل يا بني ويا أخي وللمرأة يا أخية لا يقصد في هذا قصد التصغير والتحقير وإنما يراد به الرحمة والمحبة قال أبو زبيد:
يا ابن أمي ويا شقيق نفسي أنت خليتني لدهر شديد
ومنه قولهم يا عميمة أدخلك الله الجنة.
ويكون تصغير المحل على جهة التقريب له كقولهم هذا فويق هذا وهو دوين الحائط والوجه السابع أن يصغر الجمع بتصغير واحده كقولهم في تصغير الدراهم دريهمات والوجه الثامن أن يصغر الجمع بتصغير أقله كقولهم في تصغير الفلوس والبحور أفيلس وأبيحر فيصغرونهما بتصغير الأفلس والأبحر لأنهما علما القلة في هذا الباب.
فصل الحرف
والحرف أحد أقسام الكلم من قولهم الكلم اسم وفعل وحرف جاء لمعنى والحرف الناقة الضامر والحرف أيضا الصلبة من الإبل الشديدة كحرف الجبل ومنه قول الشاعر ذو الرمة:
جمالية حرف سناد يشلها وظيف أزج الخطو ريان سهوق
وجمعه من النوق أحراف ومن الجبل أحرفة ومن الخط حروف وحرف السيف حده والحرف أحد القراءات من قولهم هو يقرأ بحرف أبي عمرو وفلان على حرف من هذا الأمر أي على انحراف عنه والحرف الأمر المتوقع ومنه قوله عز وجل ومن الناس من يعبد الله على حرف أي على أمر متوقع وفلان على حرف من هذا الأمر أي قد بلغ آخره كأنه بلع حرفه وهو حده والحرف مصدر حرفته عن جهته أزلته حرفا.
فصل الثور
ومن ذلك الثور واحد البقر معروف يقال له ذلك من الوحشية والإنسية والثور مصدر ثار الغبار يثور ثورا وثورة وكذلك الناقة إذا ثارت من مبركها ومنه قول الشاعر:
وهن عند اغترار القوم ثورتها يرهفن مجتمع الأعناق بالذنب
ويقولون ثارت الحصبة بالإنسان تثور ثورا وثورانا إذا خرجت عليه وثار الجراد يثور ثورا إذا طار.
والثور برج من بروج السماء والثور السيد وبه كني عمرو بن معدي كرب أبا ثور والثور انتشار الشفق قيل هو الحمرة وقيل هو البياض والثور القطعة من الاقط ومنه قول عمرو بن معد يكرب تضيفت ببني فلان فأتوني بثور وقوس وكعب فالثور ما ذكرناه والقوس بقية التمر في الجلة والكعب ما جمع من السمن وثورة الغضب سورته والثور ما يطلع على الماء من الطحلب ومنه قول الشاعر أنس بن مدركة الخثعمي:
كالثور يضرب لما عافت البقر
يريد أن يضرب عن الماء إذا عافته البقر وقيل إنما يريد الثور بعينه لأنه يقدم إذا عافت البقر الشرب فيضرب ليرد فتتبعه البقر.
وثور جبل معروف قريب من مكة يقال له ثور أطحل.
وبنو ثور قبيلة من العرب.
شجرة الثور
والثور ذكر البقر والبقر الفزع والفزع الإغاثة والإغاثة وجود المرعى والوجود جمع وجد والوجد السخيمة في القلب والسخيمة السوداء والسوداء مرة في بدن الإنسان والمرة القوة والقوة الطاقة من الحبل والجمع قوى قال الأغلب:
كأن عرق أيره إذا ودى حبل عجوز ضفرت سبع قوى
والطاقة المقدرة والمقدرة اليسار واليسار خلاف اليمين واليمين الحلف والحلف الألية والألية التقصير والتقصير قص الشعر والقص اتباع الأثر والأثر السنة والسنة الوجه قال الشاعر:
يا زفر الخير رزقت الجنة يا شامخ البيت كريم السنه
والوجه الطريقة والطريقة اللحمة واللحمة من الثوب خلاف السدى والسدى العسل والعسل عدو الذئبة والذئبة داء من أدواء ذوات الحافر والحافر حد المعول والمعول الرجل الكثير العول والعول الجور والجور الحيود قال الراجز:
فحاد عن نهج السبيل القاصد
والحيود عقد القرون والقرون الأمم السالفة والسالفة جانب العنق من عن يمين وشمال والشمال الخليقة والخليقة الخلق كلهم والخلق الزور من الكلام يختلقه الإنسان والزور القوم الميل عن الطريق أي المائلون والميل مقدار ثلاثة فراسخ والفرسخ الواسع من كل شيء والواسع الجواد ومنه قوله: (وكان الله واسعا عليما).
وقال أبو النجم:
الحمد لله العلي الواسع
والجواد من الخيل الذي يجود بأقصى ما عنده من الجري والخيل الوهم والوهم الإغفال تركك الناقة بلا ميسم والميسم الحسن والجمال والجمال البهاء مصدر البهي والبهي من الرجال النبيل والنبيل والنبيلة الجيفة والجيفة الطعنة الجائفة أو الضربة والجائفة التي تبلع الجوف قال الأسعر:
بجائفة كعزلاء المزاد
والجوف واد يعرف بجوف الحمار والحمار واحد الحمارين والحماران وهما حجران تنصب عليهما العلاة التي يجفف عليها الأقط والعلاة العالية من المنار والعالية بلدة والبلدة الصدر والصدر الرئيس والرئيس المصاب الرأس والمصاب الذي به طيف جنون والطيف الخيال الذي يرى في النوم والخيال الأثر قال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط غلس الظلام من الرباب خيالها
والأثر مصدر أثرت الشيء أي استأثرت به والمصدر موضع الرجوع والرجوع والرجاع جمع رجع والرجع النهي والنهي والنهي واحد النهاء والنهاء الأصناع والأصناع جمع صنع والصنع الفضل والفضل الربو والربو الانبهار قال زيد الخيل:
لا ربوها مما نخاف ولا تمشي براكبها على عثم
والانبهار انقطاع البقرة وابهرة الجوز والجوز الوسط والوسط العدل والعدل الشاهد الذي لا يميل مع الخصم والشاهد الحاضر والحاضر خلاف البادي والبادي الظاهر والظاهر الضارب ظهر غيره وظهر الانسان المعين له وهو الظهير ايضا قال الراجز:
نعم ظهير المملق بن معمر في الأزمان والسنين الغمر
والمعين المصيب بعينه يقال عانه وأعانه والعين نفس الشيء والنفس كف من دباغ والكف التي فيها الأصابع والأصابع الفواضل من الله تعالى والفواضل النساء الكرائم والكرائم خيار المال والمال الرجل المكثر والمكثر الكثير الحديث والحديث من كل شيء الجديد قال أبو ذؤيب الهذلي:
وإن حديثا منك لو تبذلينه جنى النحل من ألبان عوذ مطافل
مطافيل أبكار حديث نتاجها تشاب بماء مثل ماء المفاصل
والجديد المقطوع والمقطوع المخلف والمخلف المحمق والمحمق الذي به الحميقاء وهو بئر في الجسد والحميقاء الجارية الرعناء والرعناء الهضبة الشامخة والشامخة الجبارة والجبارة النخلة العلية والعلية الدابة العظيمة الخلق والخلق التقدير قال الشاعر زهير بن أبي سلمى:
وأراك تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
فرع
والثور ارتفاع الغبرة والغبرة جمع غابر والغابر الباقي والباقيي الناظر يقال إبق المؤذن أي انتظره والناظر الحدقة قال الكميت:
فأنت وجدك من هاشم بحيث السواد من الناظر
والحدقة القوم المحيطون بالإنسان والمحيط الذي يبني حائطا والحائط الحديقة والحديقة البستان قال رؤبة:
أيقربه صوب الحيا حدائقا
فرع
والثور ظهور الحصبة والظهور جمع ظهر والظهر المتن والمتن ما غلظ من الأرض والأرض الارتعاد قال ذو الرمة:
أو كان صاحب أرض أو به الموم
والارتعاد افتعال من الرعد والرعد التهديد والتهديد الصوت الشديد والصوت الذكر الجميل والجميل الودك يقال جملت الشحم واجتملته إذا أذبته قال لبيد:
أو نهته فأتاه رزقه فاشتوى ليلة طل واجتمل فرع
والثور هيجان الجراد والهيجان يبس البقل والبقل الطر والطر خروج العذار والخروج جمع خرج
قال الشاعر أبو قيس بن رفاعة الأنصاري:
منا الذي هو ما إن طر شاربه والعانسون ومنا المرد والشيب
والخرج خراج السلطان والخراج الإتاوة والإتاوة الضريبة والضريبة الجليدة والجليدة القوية قال
الأخطل:
إيها أراك على الفراق جليدا
أي قويا.
فرع والثور الرجل الرقيع والرقيع السماء والسماء السقيفة والسقيفة المرأة
السقفاء وهي التي في صدرها بزأ والسقفاء النعامة قال الشاعر:
والبهو بهو نعامة سقفاء
والنعامة عمود من أعمدة الخباء والخباء جمع خبأة والخبأة من النساء المصونة والمصونة القوس في
غلافها والقوس بقية التمر في الجلة قال الراجز:
خير من الأسدام والمزاود قوس وكعب في إناء واحد
والكعب بقية السمن في النحي.
فرع
والثور هياج المرار والمرار جمع مرارة والمرارة ضد الحلاوة والحلاوة فقرة القفا والقفا مؤخر
الطريق قال الشاعر عقيل بن علفة:
خذا جنب هرشى أو قفاها فإنه كلا جانبي هرشى لهن طريق
والطريق النخل ينال باليد واليد واحدة الأيادي والأيادي المرار والمرار جمع مرير والمرير القوي
قال الشاعر توبة بن الحمير:
أمرت قواها واستمر مريرها
فرع
والثور جمجمة القوم أي رئيسهم والجمجمة جميع قبائل الرأس والقبائل الشئون والشئون الأحوال
والأحوال الأزواج قال الراجز:
هاتيك حالي أصبحت تشكي تهيئ فكا وترفع فكا
والأزواج الأنماط والأنماط الأشكال والأشكال أشكال الحروف والحروف من الجبل المعاقل والمعاقل
الحصون قال الشاعر:
وإن ولج الخوف البيت فإنهم لنا معقل لا يستطاع طويل
فرع
والثور الصبة من الأقط والصبة القطعة من الشاء والإبل والشاء السرب من النعام والسرب النفس
والنفس ملء كف من دباغ قال الشاعر:
إذا باكرت عبء العبير بكفها بكرت على عبء المنيئة في النفس
والكف الصرف والصرف الفرض والفرض المفروض والمفروض الحزيز والحزيز ما صلب من
الأرض قال الكذاب الحرمازي:
كم خلفت من جدجد حزيزا وأودعته نفسا محفوزا
والجدجد ما استوى من الأرض وصلب وفي نسخة أخرى والجدجد دابة نمراء تجلب من بلاد
السودان.
فرع
والثور ما ارتفع من الغثاء على وجه الماء والوجه القصد والقصد الكسر والكسر جانب البيت
والخباء ويقال الكسر بالكسر والبيت محل الشرف قال الشاعر:
إن أبا ثابت لمفتقد الشكل شريف الآباء والبيت
والمحل موضع الحلول والحلول جمع حال والحال الواجب والواجب الغارب من النجوم والغارب
أعلى المتن قال الشاعر:
فجب به منها سنام وغارب
فرع
والثور جبل شامخ والشامخ الذي يظهر التيه يقال شمخ بأنفه والتيه الضلال والضلال الهلاك
والهلاك المنية هلك يهلك بالكسر في المستقبل قال العذري:
فيا رب إن تهلك بثينة لا أعش فواقا ولا أمتع بمال ولا أهل
والمنية سلخ الشاة ما دام في الدباغ وهذه مهموزة في الأصل وتليين الهمزة فيها لغة والسلخ آخر
انسلاخ الشهر والانسلاخ التعري والتعري التكشف والتكشف لمعان البرق قال الراجز:
يحكين بالمصقولة اللوامع تكشف البرق عن الصواقع
يريد الصواعق وهذا من المقلوب.
فرع
وثور قبيلة من العرب والقبيلة دون العمارة وهي الحي العظيم والعمارة العصابة والعصابة الجماعة
من جوارح الطير والجوارح الكواسب قال الشاعر:
فتركتهم جزر الجوارح شرعا نهبا لنسر أو عقاب كاسر
والكواسب كلاب الصيد والكلاب حدائد في قوائم السيوف والحدائد جمع حديدة والحديدة الشفرة
الماضية والماضية القاطعة قال الشاعر:
ضربا بماضي الشفرتين مهبل
فصل أم خنّور
قال الشيخ أبو محمد عبد الله بن بري رحمه الله في حواشي الصحاح للجوهري أم خنور الداهية
يقال وقعوا في أم خنور وبعض العرب يجعله النعيم قال أبو حنيفة كل رخو خوار خنور ولذلك قيل
لقصب النشاب خنور وأم خنور اسم لمصر سميت بذلك لأن الخنور النعيم وفي الحديث أم خنور
يساق إليها قصار الأعمار قال يعقوب يقال وقعوا في أم خنور أي في خصب ولين من العيش ويقال
للدنيا أم خنور أيضا وقال سليمان بن عبد الملك لقد وطينا أم خنور بقوة يعني الدنيا فما مضت بعدها
جمعة حتى مات ويقال للضبع أم خنزر وزعم بعضهم أن خنزر من أسماء الضبع وأم خنور كنيتها
وأم خنور أيضا اسم لاست الكلب وذكر ابن خالويه في كتابه المعروف ب ليس أم خنور مثال سنور
قال وهي الدنيا والضبع والنعمة ومصر واست الكلبة قال ابن خالويه كتبت إلى سيف الدولة رقعة
فيها زين الله لمولانا أم خنور فقال المتنبي أم خنور اسم الكلبة فقلت ام خنور لها تسعة أسماء فما
عرف المتنبي منها إلا ما يشبهه.
فصل دارات العرب
الدارة كل جرنة تنفتح في الرمل وتحفها جبال ودارات العرب سبع عشرة دارة
دارة جلجل: وإياها عنى امرؤ القيس بقوله:
ألا رب يوم صالح لك منهما ولا سيما يوم بدارة جلجل
ودارة القلتين وهي التي أراد بشر بن أبي خازم بقوله:
سمعت بدارة القلتين صوتاُ لحنتمة الفؤاد به مصوع
ودارة خنزر وهي التي أراد الحطيئة بقوله:
إن الرزية لا أبالك هالك بين الرماح وبين دارة خنزر
ودارة صلصل وهي التي أراد جرير بقوله:
إذا ما حل أهلك يا سليمى بدراة صلصل شحطو المزارا
ودارة مكمن وهي التي أراد الراعي بقوله:
بدارة مكمن ساقت إليها رياح الصيف أرآما وعينا
ودارة موضوع وهي التي أراد الحصين بن الحمام بقوله:
جزى الله أفتاء العشيرة كلها بدارة موضوع عقوقا ومأتما
ودارة مأسل وهي التي أراد ذو الرمة بقوله:
نجائب من ضرب العصافير ضربنا أخذنا أباها يوم دارة مأسل
ودارة الذئب وهي التي أراد عمرو بن براقة بقوله:
وهم يكدون وأي كد من دارة الذئب بمجرهد
ودارة الجأب وهي التي أراد جرير بقوله:
ما حاجة لك في الظعن التي بكرت من دارة الجأب كالنخل المواقير
ودارة الكور وهي التي أراد سويد بقوله:
ودارة الكور كانت من محلتنا بحيث ناصى أنوف الأخزم الجردا
ودارة رهبي وهي التي أراد جرير بقوله:
بها كل ذيال العشي كأنه بدارة رهبى ذو سوارين رامح
ودارة وشجى ودارة رفرف ودارة قطقط ودارة الجمد ودارة الخرج ودارة الدور ودارة حلحل.
وزاد أبو الحسن الهنائي دارة السلم وأنشد للبكاء:
وبدارة السلم التي شوقتها دمن يكاد حمامها يبكينا
ودارة اسم من أسماء الداهية معرفة لا تدخله الألف واللام وهو لا يتصرف لأنه مؤنث ومنه قول
الشاعر:
يسألن عن دارة أن تدورا
والدارة دارة القمر وهي ما أحاط به.
فصل شجرة الهلال
الهلال هلال السماء والسماء منسج الفرس والمنسج ممتد نير الحائك والنير علم الثوب والعلم الجبل
الشامخ والشامخ التائه على الناس والتائه الضائع والضائع الرجل ذو الضيعة والضيعة العطلة
والعطلة المرأة غير الحالية وقد يقال بغير الهاء قال الشاعر:
أحسن بها برزت في الحلي أو عطلا
والحالية القاشرة للجلود على تليين الهمزة والقاشرة سنة الجدب والجدب الذم والذم البئار قليلة المياه
والبئار المباراة في الحفر والحفر القادح في السن والقادح موري الزند والزند أنبوب الساعد
والأنبوب كريب القنا والقنا حدب في المرسن قال الشاعر:
ليس بأقنى ولا أسفى ولا سغل يعطى دواء قفي السكن مربوب
والحدب الحنو على الإنسان والحنو العطاف والعطاف نصل السيف والنصل السنان والسنان عدو
الفحل على الناقة والفحل ذكر النخل وهو الفحال أيضا جاء في حديث عثمان لا شفاعة في بئر ولا
في فحل النخل والذكر القضيب والقضيب الناقة التي لم يزل طماحها بعد والطماح الزيادة في السوم
والسوم الرعي وفي التنزيل: (فيه تسيمون) أي ترعون قال الشاعر:
سقى بلدا أمست سليمى تحله من المزن ما تروي به وتسيم
والرعي الحوط والحوط كالطوق من حلي الأعراب والطوق الطاقة والطاقة القوة من قوى الحبل
والحبل عرق العاتق والعاتق التي لم ينلها الوطء ويروى التي لم تصلح للوطء والوطء الاقتداء
والاقتداء شم رائحة القدر والرائحة ضد الغادية والغادية نشء المزن بالغداة قال الشاعر:
وقطار غادية بغير شغار
والنشء التربية والتربية ترقيع الجدار والجدار عير الوتد والوتد النيهة في الأذن والأذن الرجل
السليم القلب والسليم الملسوب والملسوب عسل النحل والنحل الجود والجود اشتداد الجوع والاشتداد
والشد العدو الشديد قال الشاعر:
فشد ولم يفزع بيوتا كثيرة لدي حيث ألقت رحلها أم قشعم
والعدو الظلم والظلم شرب اللبن قبل أن يروب واللبن وجع العنق من تغير الوساد والعنق الكردوس
من الناس والكردوس رأس الفقر والفقر النوادر والنوادر أنوف الجبال والأنوف أوائل كل شيء
والأوائل النواجي والنواجي نجائب الإبل قال الشاعر:
بناجية كالفنيق القطم
والنجائب الأدم المدبوغة بالنجب والنجب قروف الشجر والقروف الحمرة والحمرة جمع حمار على
تخفيف الضم والحمار صفيح حجر ينصب على الجدف والجدف الرميم والرميم ما ترتمه الأنعام أي
تعلفه والأنعام اسم هذه السورة والسورة المنزلة والمنزلة المرتبة قال الشاعر:
ومنزلة لا يستقال بها الردى تلاقى بها حلمي عن الجهل حاجز
والمرتبة المقام في البلد والبلد الندوب في الجسد والندوب الشجعان والشجعان الأراقم والأراقم هذا
الحي من ربيعة والربيعة البيضة من الحديد والبيضة محر نجم القوم والمحر نجم برك الإبل والبرك
الصدر والصدر الحور من المياه أي الرجوع قال الشاعر:
فإذا وردن بناوردن مخفة وإذا صدرن بنا صدرن ثقالا
والحور الضعة والضعة من أحرار البقل والأحرار ملوك فارس والفارس الكاسر والكاسر العقاب
والعقاب خيط الرعثة والرعثة غبب العترفان والعترفان الخنزاب والخنزاب الجزر البري يقال
الجزر والجزر لغتان بالفتح والكسر والجزر الذبيح قال الشاعر:
جزر السباع وكل نسر قشعم
والذبيح المسك الفتيق والفتيق وقت الإصباح والإصباح الإسراج والإسراج أسر السرج على الفرس
والأسر الشد والشد الحملة في الحرب والحرب بزك الرجل ثيابه والبز أداة الحرب والأداة ألة
الصانع والآلة سرير الميت قال الشاعر:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول
فرع
والهلال حديدة كالهلال بيد الصائد يعرقب بها الحمار الوحشي والوحشي عقمي الكلام والعقم النساء
القواعد والقواعد الجوالس والجوالس الآتيات جلسا وهي نجد قال الشاعر:
شمال من غاربة مفرعا وعن يمين الجالس المنجد
والجلس الصلب من الارض والصلب نسل الرجل والنسل عدو الذئبة والذئبة خشبة الرحل والرحل
متاع البيت قال الراجز:
يا قوم من يكلأ رحل بيتي من حيزيون تترجى موتي
فرع
والهلال ذؤابة النعل والذؤابة ما ذاب من الصفر والصفر الخالي من الأواني والخالي الذي لا زوج
له والزوج الذكر والأنثى قال الشاعر:
وكنا كزوج من قطا في مفازة لدى خفض عيش مورق مونق رغد
فخانهما ريب المنون فأفردا ولم تر عيني قط أوحش من فرد
والأنثى البيضة من الخصيتين والبيضة ربيعة الحديد والربيعة المربوعة أي المحمولة والمربوعة
المفتولة من أربع قوى والقوى القدر قال الراجز:
تيح لها بعدك خنزاب وأي معر نزم عرد المطا جلد القوى
من اللجيميين أرباب القرى ليست به واهنة ولا نسا
فرع
والهلال قطعة من الإهباء وهو الغبار والإهباء الشد والشد العقد والعقد العهد والعهد الودق من المطر
قال الشاعر:
سقى معهدا أمست سليمى تحله من العهد ما تروي به وتسيم
والودق الاسترخاء واللين واللين النخل والنخل الاخلاص والإخلاص التصفية والتصفية وصف
المواشي بالغزر يقال صفيت الشاة إذا وصفتها بأنها صفي أي غزيرة قال الشاعر:
وجاءت جلة روق صفايا يصوع عنوقها أحوى زنيم
فرع
والهلال ما أطاف من اللحم بظفر الأصبع والأصبع الأثر الحسن والحسن كثيب معروف والمعروف
الصبي الذي به العرفة والصبي أصل اللحي قال الشاعر:
كأن كبشا ساجسيا أدبسا بين صبيي لحيه مجرفسا
واللحي القشر والقشر الجلو والجلو الصقل والصقل الضرب والضرب الخفيف النحيف قال الشاعر:
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش كرأس الحية المتوقد
فرع
والهلال قطعة من رحى والرحى الضرس والضرس النبذ من الكلأ يقال في أرض بني فلان
ضروس من الكلأ والنبذ الطرح والطرح ما طرحته فجلست عليه قال الشاعر:
نظرت إلى عنوانه فنبذته كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا
وجلست أتيت نجدا النجد الشجاع والشجاع الثعبان والثعبان مجاري الماء في الأودية واحدها ثعب
والثعب الخصف أي الثقب قال الهذلي:
حتى انتهيت إلى فراش غريرة سوداء روثة أنفها كالمخصف
فرع
والهلال سلخ الحية والسلخ السرو والسرو نوع من الشجر والنوع الميل والميل المحبة قال الشاعر:
دعاك إليها مقلتاها وجيدها فملت كما مال المحب على عمد
والمحبة موضع بروك الناقة والبروك الأزوار والأزوار جمع زور وهم الزائرون والزائر الليث
والليث لف الإزار على الرأس قال الراجز:
وكنت إذا لم تلهني الهنابث ولا أمور القدر البواحث
ولم يلث شيبا بفودي لايث
فرع
والهلال مقاولة الأجير على الشهور والأجير المثاب والمثاب المردود والمردود القبيح المنظر
والقبيح كردوس عظم الذراع قال الراجز:
حيث تلاقي الإبرة القبيحا
والكردوس الجيش والجيش غلي البرمة والبرمة القطعة من البريم وهو الحبل من لونين والبريم
المقطوع والمقطوع البعير المرحول قال الشاعر:
أتتك العيس تنفخ في براها تكشف عن مناكبها القطوع
فرع
والهلال المباراة في رقة النسيج والمباراة المعارضة والمعارضة المداينة والمداينة المكافأة قال
الشاعر:
واعلم وأيقن أن ملكك زائل واعلم بأن كما تدين تدان
والمكافأة المشاكلة والمشاكلة المدالة والمدالة المجادلة والمجادلة المصارعة والمصارعة المفاخرة قال
الشاعر:
لو صارع الناس عن أحسابهم صرعا
فرع
والهلال المباراة في التهلل والتهلل التأدي والتأدي التوقف والتوقف خضب الساقين والساق الذعر
قال الشاعر:
قد شمرت عن ساقها فشمري واتخذي الليل قلوصا تظفري
والذعر جمع ذعرة وهي الدبر والدبر والدبر جمع دبير وهو المفتول شزرا والشزر نظر المتخازر
والنظر العقل والعقل الشد ومنه يقال عقل الرجل إذا شد نفسه وكفها عن القبائح قال لبيد:
واعقلي إن كنت لما تعقلي ولقد أفلح من كان عقل
فرع
والهلال جمع هلة وهي المفرحة ومنه يقال قدم وما جاء بهلة ولا بلة فالهلة ما يفرح به والبلة ما يبل
لهاته من الخير والمفرحة المجحفة والمجحفة الرفقة تأتي بالجحفة وهي مدينة والجحفة الجزيرة من
البحر والجزيرة المنحورة والمنحورة المستقبلة والمستقبلة الكعبة والكعبة الدكة المربعة والمربعة
الأرض تجعلها ربعا لك أي منزلا والربع أخذ المرباع وهو حق الرئيس من الغنيمة قال الشاعر:
لك المرباع منها والصفايا وحكمك والنشيطة والفضول
فرع
والهلال الثعبان والثعبان مسائل الماء في الوادي والوادي الذي يخرج منه الودي والودي الفسيل
والفسيل والفسل الرذيل وهو الفسل من الرجال قال الشاعر:
وما كنت فسلا يوم ذلك مجهلا
والرذيل ما يبقى من الإبل في البيع نحو الفصيل الصغير والحوار والفصيل السقب حين يفصل عن
اللبن والسقب عمود من أعمدة الخباء والخباء مصدر خابأت الرجل إذا خبأت له خبأ يستخرجه وخبأ
لك مثل ذلك والخبء السحاب ويقال المطر قال الشاعر:
أتيناه نسائل عن خبو نقدر أن سيبعل بالعناد
فرع
والهلال بقية الماء في الحوض والماء الحسن والحسن عظم المرفق الذي يلي الجوف والجوف مكان
ببلاد السراة والسراة جمع سري من الناس قال الشاعر:
متى يشتجر قوم نقل سرواتهم هم بيننا فهم رضا وهم عدل
والسري النهر الصغير والنهر السعة والسعة اليسار واليسار خلاف اليمين واليمين القوة قال الشاعر:
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
فصل الجلل
قال أبو عبيدة الجلل الهين والعظيم وقال أبو يوسف سمعت أبا عمرو الشيباني يقول الجلل الهين
الصغير والجلل العظيم قال أبو يوسف ولا يعرف الجلل بمعنى العظيم قال الشاعر:
فلئن عفوت لأعفون جللا ولئن سطوت لأوهنن عظمي
فمعناه العظيم وقال آخر في رواية أبي الفوارس الجلل العظيم وقد جلت مصيبتهم أي عظمت وقال
أيضا الجلل الهين وأنشد للبيد:
كل شيء ما خلا الموت جلل والفتى يسعى ويلهيه الأمل
ويقال لكل شيء أخطأ الأنف جلل أي هين وقال الآخر:
كل شيء ما أتاني جلل غير ما جاء به الركب ثني
أي مرتين مرة بعد مرة جلل ههنا هين ويقال فعلته من جللك أي من أجلك قال الشاعر:
رسم دار وقفت في طلله كدت أقضي الحياة من جلله
أي من أجله وقال الأصمعي معناه من عظمه في صدري
فصل الضرب
ومن ذلك الضرب باليد والعصا معروف والضرب في الأرض الذهاب فيها والضرب الإسراع في
المشي وقد ضرب الرجل ضربا إذا فعل ذلك ومنه قول المسيب:
فإن الذي كنتم تحذرو ن أتتنا عيون به تضرب
أي تسرع والضرب الأخذ في الشيء تقول ضرب فلان في عمله إذا أخذ فيه والضرب منع المفسد
من عمله تقول ضرب عل يديه ضربا إذا فعل ذلك والضرب النوع والجنس تقول هذا ضرب من
المتاع أي نوع والضرب الرجل الخفيف اللحم ومنه قول الشاعر:
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش كرأس الحية المتوقد
وضرب الفحل ضربا وضرابا وباتت الليلة تضربنا ضربا من الضريب وهو الجليد والضرب
المطر الدائم الضعيف وضرب الدهر بالقوم ضربة إذا تصرف بهم وضربت فلانة في بني فلان
بعرق أشب ضربا إذا ولدت فيهم وهذا ضرب هذا أي مثله ومنه قول الراجز:
وما رأينا في الأنام ضربا ضربك إلا حاتما وسعدا
فصل الرؤبة
قال البطليوسي رؤبة له أحد عشر معنى وقد ذكرتها في كتاب الاقتضاب وكتاب المثالب قال الشيخ
أبو محمد عبد الله بن بري النحوي رحمه الله الصحيح أن له ثمانية معان وهي:
رؤبة بن العجاج بالهمز.
رؤبة قطعة خشب يراب بها فهاتان مهموزتان والباقي بغير همزة.
روبة اللبن خميرته التي تلقى فيه ليروب.
وروبة الليل طائفة منه.
وروبة الرجل حاجته قال أبو عبيدة معمر بن المثنى قال لي الفضل بن الربيع وقد قدمت عليه ألك
ولد يا أبا عبيدة فقلت نعم قال مالك لم تقدم به معك قلت خلفته يقوم بروبة أهله قال فأعجبته هذه
الكلمة وقال اكتبوها عن أبي عبيدة.
روبة الفرس طرقه في جمامه.
وأرض روبة كريمة.
والروبة شجر الزعرور.
وروبة الرجل عقله.
شجرة الرؤبة
الرؤبة الحاجة يقال فلان ما يقوم برؤبة أهله أي حاجتهم والحاجة القوم المخفقون أي الفقراء
والمخفق الصائد الذي يرمي فلا يصيب والمصيب القاصد من قوله تعالى: (رخاء حيث أصاب)
والقاصد الكاسر قصدته إذا كسرته والكاسر العقاب والعقاب راية الجيش والجيش جيشان النفس
والنفس العين تصيب الانسان والعين وهن يكون في السقاء فيرشح يقال منه سقاء عين قال الراجز:
ما بال عيني كالشعيب العين
والوهي الصدع في الجبل والصدع المجاهرة بالحق من قوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر) والجاهرة
مباراة الرجلين أيهما أجهر صوتا والأجهر من الرجال الذي لا يبصر في الشمس إلا بصرا ضعيفا
والبصر أن يكون الرجل حاذقا بالشيء فيقال له بصر فيه والحاذق القاطع والقاطع من الطير الذي
يقطع في الصيف والشتاء الى البلدان الحارة والباردة والصيف عدول السهم عن الرمية والسهم
النصيب والنصيب والنصيبة حجارة تنصب عل شفير القبر أو الحوض والجمع النصب والنصائب
قال الراجز:
إني ودلوي لها وصاحبي وحوضها الأفيح ذا النصائب
رهن لها بالري غير الكاذب
والقبر رمس الميت أي دفنه والرمس هبوب الريح الشديدة والرامسات الرياح الشداد والريح الظفر
والظفر داء في العين ظفرت عينه تظفر ظفرا والعين خالص الشيءوالخالص من كل شيء الشديد
البياض والبياض ضوء النهار والنهار فرخ الكرى أي الكروان والكرى النوم قال الراجز:
ما من لعين عن كراها قد جفت منهلة تستن لما عرفت
دارا لخود بالجناب قد عفت
والنوم دروس الثوب والدروس دياس الطعام والدياس مراس الأمر داوست الأمر إذا مارسته
والمراس الحبال جمع مرس والحبال عروق العاتق والعاتق البكر من النساء والبكر الفسيل من النخل
والنخل مصدر نخلت الدقيق والدقيق من الرجال الضئيل والضئيل ضرب من الثعابين قال الشاعر:
فبت كأني ساورتني ضئيلة من الرقش في أنيابها السم ناقع
والثعابين مجاري المياه إلى شعوب الأودية والشعوب القبائل والقبائل شئون الرأس والشئون
الأحوال والأحوال الكارات جمع كارة والكارة دور من أدوار العمامة أو العصابة والعصابة النفر من
الناس والنفر جمع نافر من الدواب وغيرها والنافر الخارج إلى الغزو والغزو القصد قال الشاعر:
- لغزاهم بالأسودين وأمر الل ه بلغ يشقى به الأشقياء
والقصد التكسير والتكسير نقصان العدد عن العقد والعقد ضد الحل والحل النزول في البلد والبلد
الأثر في الجسد والأثر الحديث المروي والحديث ضد العتيق والعتيق البيت الحرام والحرام النملة
السوداء والنملة بثر يخرج في الرجل والجميع النمل قال الشاعر:
ولا عيب فينا غير عرق لمعشر كرام وأنا لا نخط على النمل
والبثر الماء الغزير والماء الحيا والحيا مثل الفرج من ذوات الأربع والفرج فتح ذيل القميص والفتح
الغيث والغيث مصدر غيثت الأرض إذا كثر بها المطر والمطر العدو والعدو الجور والجور المدينة
البعيدة والمدينة المملوكة قال الشاعر:
نشا وربا في حجرها ابن مدينة يظل على مسحاته يتركل
والمملوكة العجنة من الدقيق التي أحكم عجنها والملك إحكام العجن والعجنة اعتماد الشيخ بيديه على
الأرض إذا نهض للقيام والشيخ نبت والنبت مصدر نبت الزرع إذا طلع والزرع الإنماء يقال زرع
الله الصبي أي أنماه والصبي مجتمع فك اللحي والفك فض خاتم الكتاب والفض التبديد والتفريق
والتبديد الكلال يقال بدد الرجل إذا أعيا وكل قال الراجز:
وصاحب صاحبت غير أبعدا تراه بين الخرمتين مسندا
فإن تمشى قيد رمح بددا
والكلال سوء قطع السيف والسوء البياض في بدن الأبرص من قوله تعالى: (تخرج بيضاء من غير
سوء) والأبرص دويبة تسمى سام أبرص والسام الثاقب والثاقب الكوكب المضيء والكوكب جمة
الماء والجمة الكثيرة والكثيرة القبيلة المغلوبة في المكاثرة يقال كاثرنا بني فلان فكثرناهم وقبيلة
مكثورة وكثيرة فعلية بمعنى مفعولة والقبيلة الكفيلة يقال قبلت بكذا أي كفلت به والكفيلة التي يكفل
أمرها سواها قال الشاعر:
مكفولة كفل الإله برزقها وبها رز عن غير مكرمة حمى
وسوى الرجل نفسه يقال رأيت سوى زيد أي رأيت زيدا بعينه والنفس الدم والدم النجيع والنجيع
الماء المريء الذي ينجع في الماشية والمريء ما تعلق من الرية بالحلقوم والرية ما تورى به النار
والنار السمة والسمة السواد في الأتفية والأتفية حجر من أحجار المنجنيق وحجر اسم رجل وبه سمي
أبو أوس بن حجر والأوس العطاء ومنه قول الجعدي:
ثلاثة أهلين أفنيتهم وكان الإله هو المستآسا
فرع
الرؤبة جناة شجرة تسمى الزعرور والجناة الرطبة الجنية والجنية هي الجريمة يجنيها الانسان
والجريمة الجارحة من الطير والجارحة الإرب من الآراب أي العضو قال الشاعر:
تبكي على زيد ولم تر مثله سليما من الحمى براء الجوارح
والآراب حوائج الرجال من أزواجهم والأزواج الأنماط من الديباج والأنماط الضروب من كل شيء
والضروب الأشكال والأشكال جمع شكل وهو الدل في النساء قال الشاعر:
خفرات ذوات شكل ودل
فرع
الروبة الجمام من الفحل يقال هب لي روبة فحلك والفحل الشاعر المفلق والشاعر العالم والعالم
الشاق شفة الأعلم وهو المشقوق الشفة العليا والأعلم الجمل قال الشاعر:
تمكو فريضته كشدق الأعلم
والجمل سمكة في البحر والسمكة برج في السماء والبرج الغرفة والغرفة القصر في الجنة والجنة
والجنة البستان الذي فيه نخل وغيره ولا يسمى جنة حتى يكون فيه النخل والنخل الإخلاص نخلت
الحديث إذا أخلصته وكذلك الدعاء إذا أخلصته لله تعالى قال الشاعر:
وينخل لك اليوم الحديث فتعلمي أذا عولة فارقت أم غير معول
فرع
والرؤبة قطعة من اللبن الحامض يروب به الحليب واللبن وجع العنق من الوساد والعنق الجم الغفير
من الناس والغفير المستور المغطى والغطى المغلوب عليه قال الشاعر:
رب حلم أضاعه عدم الما ل وجهل غطا عليه النعيم
أي غلب عليه والمغلوب المصاب بعقله والعقل الشد بالعقال والعقال صدقة حول والحول الانتصاب
على ظهر الخيل والخيل الظن يقال خلت الشيء أخاله خيلا ومخيله أي ظننته قال الشاعر:
فغبرت بعدهم بعيش ناصب وأخال أني لاحق مستتبع
فرع
والرؤبة قطعة من الليل والليل فرخ الحبارى والفرخ ولد الحنث والحنث ضد البر والبر ستر العورة
قال الشاعر:
فضم ثيابه في غير بر على شعراء تنقض بالبهام
والعورة موضع المخافة من الثغر والثغر الأسنان والأسنان الأعمار والأعمار جمع عمر وهو مصلى
النصارى والمصلى موقف المصلي من الخيل وهو الذي يجيء بعد السابق في الرهان قال الشاعر:
تلق السوابق منا والمصلينا
فصل الآل
قال أبو عبد الله بن جعفر الآل الشخص رأيت آل فلان أي شخصه والآل السراب وهو ما يرفع
الشخوص في أول النهار وآخره وأله الصانع ما يقوم به على صنعته والآل أعواد الخيمة ومنه قوله
لأبي دؤاد الأيادي:
عرفت لها منزلا دارسا وآلا على الماء يحملن آلا
يريد عمد بيوتهم على الماء يحملن آلا أي شخصا وآل الرجل قرابته ومنه قولهم في الدعاء اللهم
صل على محمد وعلى آل محمد أي ذريته وآل الرجل أنصاره وشيعته ومنه قوله عز وجل: (أدخلوا
آل فرعون أشد العذاب) فلم يرد قرابته دون شيعته وآل الرجل ولده وآل الله أهل مكة كما قال
الشاعر:
نحن آل الله في بلدتنا لم نزل آلا على عهد إرم
وآل الناقة ما يمسكها بعد الهزال من ألواحها ومنه قول الشاعر:
من اللواتي إذا لانت عريكتها يبقى لها بعدها آل ومجلود
وآل قراس جبال بالسراة تحيط بجبل يقال له قراس ومنه قول أبي ذؤيب:
يمانية أجنى لها مظ مابد وآل قراس صوب أرمية طحل
والمظ رمان البر أجنى لها أي صبره جنا صوب هذه الأرمية وهي جمع رمي والرمي ضرب من
السحاب وآل جمع آلة وهي الحالة من قول الشاعر:
قد أركب الآلة بعد الآلة وأترك العاجز بالجدالة
الجدالة الأرض وآل الجبل نواحيه ومنه قول الشاعر:
كأن آل الرعن في الآل إذا بدا دهانج ذو أعدال
الدهانج البعير ذو السنامتين والرعن الجبل
فصل الدين
الدين ما عليه أهل الشريعة والدين الطاعة من قوله جل وعز: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) أي
في طاعته والدين الجزاء ومنه قولهم كما تدين تدان أي كما تجازى تجازي ومنه قول الشاعر:
فلما صرح الشر وأبدى وهو عريان
ولم يبق سوى العدوا ن دناهم كما دانوا
أي جازيناهم وفعلنا بهم كما فعلوا والدين الحساب من قوله جل وعز: (يسألون أيان يوم الدين) ومنه
قول الشاعر:
لئن حللت بجو في بني أسد في دين عمرو وحالت بيننا فدك
أي في سلطان عمرو والدين العبودية والذل نقول دان الرجل من نفسه يدين دينا إذا أذلها وأخذ منها
ومنه قول الأعشى:
وهو دان الرباب إذ كرهوا الدي ن دراكا بغزوة وصيال
أي أذلهم وردهم إلى مراده والدين العادة ومنه قول الشاعر:
تقول إذا درأت لها وضيني أهذا دينه أبدا وديني
أي عادته وعادتي والدين الحال سئل أعرابي عن شيء فقال لو لقيتني على دين غير هذا لأخبرتك
أي على حال والدين من الأمطار المواظب ومنه قول الطرماح:
عقائل رملة نازعن منها بنات دفوق معهود ودين
المعهود الذي أصابه مطر العهاد ودين مواظب
فصل الرهو
الرهو هو المنخفض من الأرض وحكي عن أم الهيثم أنها قالت:
دليت رجلي في رهوة
تريد ذلك والرهو المكان المرتفع وأنشدوا في الانخفاض:
إذا هبطن رهوة أو غائطا
قطرب: هبطن دليل الانخفاض وقال رؤبة في الارتفاع:
إذا علون رهوة أو غمضا
قطرب: أو خفضا قال وعلون دليل الارتفاع وأنشد لعمرو بن كلثوم:
نصبنا مثل رهوة ذات حد محافظة وكنا المسنفينا
يريد جبلا بعينه فلم يصرفه والرهو التل الصغير والرهو مستنقع الماء والرهو السير السهل ومنه
قوله للقطامي التغلبي:
يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة ولا الصدور على الأعجاز تتكل
فالرهو ما ذكرنا من السير السهل ويقولون أعطيته المال سهوا ورهوا أي سهلا لا احتباس فيه
والرهو الساكن وقالوا ذلك في قوله جل وعز: (واترك البحر رهوا) أي ساكنا وقيل الرهو المتفرق
وأن معناه فرقة والرهو من الكتائب المشايعة والرهو الكثير وقد رها الشيء يرهو رهوا كثر ومنه
قول الشاعر:
ألا يا ليتني شاهدت بالسيف معشرا رها لهم ضيح الأتاوة والبسر
أي كثر والرهو طائر يقال أنه الكركي قال الراجز:
وطرن كالرهو موليات
وقيل هو طائر غيره يتزود في استه وإياه أراد طرفة:
هم سودوا رهوا تزود في استه من الماء حال الطير وارده عشرا
والرهو المرأة الواسعة الفرج قال الشاعر:
لقد ولدت أبا قابوس رهو أتوم الفرج حمراء العجان
قال ابن الأعرابي نزل المخبل السعدي في بعض أسفاره على خليدة بنت الزبرقان بن بدر وكان
يهاجي أباها فعرفته ولم يعرفها فأتته بغسول فغسل رأسه وأحسنت قراه وزودته عند رحلته فقال لها
من أنت يا جارية وما اسمك قالت وما تريد من ذلك قال أردت أن أمدحك فما رأيت امرأة من العرب
أكرم منك قالت اسمي رهو قال تالله ما رأيت امرأة شريفة تسمت بهذا الاسم غيرك قالت أنت سميتني
به قال كيف قالت أنا خليدة بنت الزبرقان.
وذاك أنه كان هجاها في شعر فسماها رهوا وذلك أن هذالا قتل رجلا في جوار الزبرقان ورحل
فأقسم الزبرقان ليقتلنه وكان ذلك بالقرية التي يقال لها رأس العين ثم ضرب الدهر على ذلك فزوج
الزبرقان خليدة من هذال فقال المخبل:
وأنكحت هذالا خليدة بعدما زعمت برأس العين أنك قاتله
فأنكحته رهوا كأن عجانها مشق إهاب أوسع السلخ ناجله
فجعل على نفسه ألا يهجوها ولا أحدا من قومها فقال:
لقد ضل حلمي في خليدة ضلة سأعتب قومي بعدها فأتوب
وأقسم والمستغفر الله أنني كذبت عليها والهجاء كذوب
فصل الرقم
الرقم وشي الثوب وكل نقش رقم والمنقوش المرقوم والرقم تعجيم الكتاب وهو كتاب مرقوم إذا بينت
حروفه بالإعجام ومنه قوله جل وعز: (كتاب مرقوم) أي مبين والرقم كيات على أوظفة الدابة صغارا
وهو مرقوم والواحدة رقمة والرقمة مثل الظفر في قوائم الدابة وهما رقمتان والرقمتان ايضا ما اكتنف
الجاعرتين من كي النار والرقمتان أيضا روضتان إحداهما قريبة من البصرة والأخرى بنجد وقيل
كل روضة رقمة والرقمتان من الفرس اللحمتان في باطن الذراع والرقم ضرب من الخز معروف
والرقم كتبه الكتاب ومنه قول أوس بن حجر:
سأرقم في الماء القراح إليكم على بعدكم إن كان في الماء راقم
أي اكتب والكتاب مرقوم ورقيم والرقمة نبت يقال هي الخبازى وقيل هي عشبة ذات قضب
مسطحة.
فصل السبت
السبت اليوم معلوم والسبت القطع سبت الحبل قطعته والسبت عند قوم الراحة والسبت حلق الرأس
والسبت السير السريع ومنه قول الشاعر:
ومطوية الأقراب أما نهارها فسبت وأما ليلها فذميل
والسبت برهة من الدهر ومنه قول الآخر:
وغنيت سبتا قبل مجرى داحس لو كان للنفس اللجوج خلود
وهذا غلام سبت إذا كان جريئا عازما والسبت النوم ومنه قوله:
يصبح سكران ويمسى سبتا
أي نائما والسبت ضرب العنق وقد سبت فلان علاوة فلان إذا ضرب عنقه.
أبو عمرو: هذا يوم سبت طويل وسبت القدر مسبتا إذا نشر مدادها ومنه قوله:
عرق الهجير بها سبات المرجل
فصل الأقراء
وقال أبو سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي القرء عند أهل المدينة الطهر وعند أهل العراق
الحيض قال وقال أبو عمرو بن العلاء يقال دفع فلان إلى فلانة جاريته يقرؤها مهموز مشدد يعني
تحيض عندها وتطهر للإستبراء قال وإنما القروء الأوقات وقد تكون وقتا للطهر ووقتا للحيض قال
مالك بن خالد الهذلي:
كرهت العقر عقر بني شليل إذا هبت لقاريها الرياح
قال الأصمعي أنشدنا أبو عمرو هذا البيت احتجاجا في القرء أنه الوقت يقول إذا هبت لوقتها في
الشتاء حين تؤذي قال الأصمعي يقال اقرأت الريح إذا جاءت لوقتها ويقال ذهبت عنك القرة خفيفا
يريد وقت المرض قال ويقال إذا تحولت عن بلاد فمكثت خمس عشرة ليلة فقد ذهبت عنك قرأة البلدة
التي تحولت عنها قال وأهل الحجاز يقولون قرة بغيرهمز يعني أنك إذا مرضت بعدها فليس من وبأ
تلك البلدة قوله العقر قال وأهل نجد يقولون عقر الدار وأهل الحجاز يقولون عقر الدار وهو أصلها
وقال ومنه العقار ورواها أبو عبيدة لقاريها بدون همز أي سكانها وشهادها ويقال أهل القارية أي أهل
القرى قال الأعشى:
مؤرثة مالا وفي الأصل رفعة لما ضاع فيها من قرؤء نسائكا
أي لما ضاع من طهر نسائك لغيبتك عنهن ولن تغشهن لشغلك بالغزو فأبدلت من ذلك المال والرفعة.
قال أبو عبيدة ويقال أقرأت النجوم بالألف أي غابت ويقال ماقرأت الناقة سلا قط بغير ألف.
وقال عمرو بن كلثوم التغلبي:
ذراعي حرة أدماء بكر مجان اللون لم تقرأ جنينا
معناه ما حملت ولا غيبت في بطنها ولدا ومنه قروء المرأة واحدها قرء في قول من زعم أنه طهر
لأنها خرجت من الحيض إلى الطهر كما خرجت النجوم من الطلوع الىالمغيب قال ابو يوسف
سمعت أبا عمرو الشيباني يقول الأقراء أن تقرىء الحية وذلك أنها تصدى أي تجمع سمها شهرا فإذا
وفي لها شهر أقرأت ومجت سمها ولو أنها لدغت في أقرائها شيئا من الأشياء لم تطنه ولم يبل
سليمها.
قوله لم تطنه كقولك لم تشوه إلا أن الإطناء لا يكون إلا في الحية والإشواء في كل شيء ويقال قد
أقرأ سمها إذا اجتمع.
فصل الجون
ومن الأضداد الجون الأصمعي وأبو عبيدة للأبيض والأسود أبو حاتم الأكثر للأسود قطرب هو
للاسود في لغة قضاعة ولما يليها الأبيض أبو حاتم والتوزي لأبي ذؤيب في الأسود:
والدهر لا يبقى على حدثانه جون السراة له جدائد أربع
أبو حاتم: يعني حمارا وحشيا أسود الظهر والجدائد أتن لا لبن لها. أبو حاتم: للخنساء بنت عمرو بن
الشريد واسمها تماضر بن سليم:
ولن أصالح قوما كنت حربهم حتى يعود بياضا جونه القار
وللراجز:
جون دجوجي وخرق مسعف يرمي بها البيداء وهي مسدف
أبو زيد:
تقول حليلتي لما رأته شرائج بين مبيض وجون
تراه كالثغام يعل مسكا يسوء الفاليات إذا فليني
يعني شعر رأسه وأراد فلينني فحذف.
عمرو بن شأس:
وإن عرارا إن يكن غير واضح فإني أحب الجون ذا المنكب العمم
أراد الأسود والواضح الأبيض وعرار ابنه وكان أسود وبمعنى الأبيض قولهم للشمس جونة لبياضها
الأصمعي عرض أنيس الجرمي وكان فصيحا علىالحجاج درع حديد صافية فلم ير صفاءها فقال هي
غير صافية فقال أنيس إن الشمس جونة يعني شديدة الضوء الغالب بياض الدرع وأنشد الأصمعي:
جون بصارة أقفرت لمراده وخلا له السوبان فالبرعوم
أراد الحمار الوحشي وانشد أبو عبيدة:
غير يا بنت الحليس لوني مر الليالي واختلاف الجون
وسفر كان قليل الأون
عنى بالجوف هنا النهار والأون الرفق والدعة يقال أن على نفسك أي ارفق بها قال الراجز:
لا تسقه جزرا ولا حليبا إن لم تجده سامحا يعبوبا
ذا ميعة يلتهم الجبوبا يبادر الأثآر أن تئوبا
وحاجب الجونة أن يغيبا
الأثآر جمع ثأر والجونة يعني الشمس وقال الفرزدق يصف قصرا:
وجون عليه الجص فيه مريضة تطلع منه النفس والموت حاضره
الأصمعي: ويقال للأحمر جون تفرد بروايته وأنشد:
تأوي إلى زر غدفل قرقار في جونة كقفدان العطار
يصف شقشقة البعير شبهها بالقفدان خريطة حمراء من أدم أبو حاتم لم يسمعه الأصمعي للأحمر بل
حكي لبعض اللغويين وحكاه عبد الرحمن ابن أخي الاصمعي عنه ويقال حكي للأخضر وأنشد
لجبيهاء الأشجعي:
ولو أنها طافت بدق مشرشر نفى الجدب عنه فرغه فهو كالح
لجاءت كأن القسور الجون بجها عساليجه والتامد المتناوح
والقسور هنا نبت وأراد بالجون الشديد الخضرة ريا ويجوز كونه للأسود لشدة الري كقوله تعالى:
(مدهامتان) أي لشدة الخضرة اسودتا والجمع بضم الجيم وأنشد الأصمعي لابن مقبل فيه:
واطأته بالسرى حتى تركت به ليل التمام ترى أعلامه جونا
أي سودا يريد أن ليل التمام لا تظهر الأعلام فيه فكأنها سود لخفائها ويروى أسدافه قال اللغوي
يصح أن يريد البيض أي سريت إلى الصبح.
فصل الحج
الحج حج البيت المفروض من قول الله عز وجل: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه
سبيلا) والحج القصد حججت نحوه قصدت والحج الزيارة حج فلان فلانا زاره ومنه قول الشاعر:
وأشهد من عوف حلولا كثيرة يحجون سب الزبرقان المعصفرا
أي يزورون والحج القدوم تقول حج علينا فلان قدم والحج بيان الشيء مرة بعد مرة وقد حججته إذا
أثبته كذلك والحج القطع بالحجة وقد حججت الرجل إذا غلبته بحجتك والحج إصلاح الجرح بالدواء
ومنه قوله:
يحج مأمومة في قعرها لجف فأست الطبيب قذاها كالمغاريد
أي يصلحها والحج قياس الشجة والجرح بالمسبار وقد حججت الجرح إذا فعلت ذلك به وذو الحجة
الشهر المعروف والحجة خرزة تعلق في شحمة الأذن والحجة شحمة الأذن وكلاهما يؤول في قول
الشاعر:
يرضن صغار الدر في كل حجة وإن لم تكن أعناقهن عواطلا
والأمكن ان تكون شحمة الأذن.
فصل علمت
علمت إذا أردت بها علم الشخص فقط تعدت إلى واحد كقول القائل علمت زيدا أي عرفته وكان أولا
لا يعرفه وفي التنزيل: (لا تعلمونهم الله يعلمهم) معناه لا تعرفونهم الله يعرفهم وإضافة المعرفة إلى
الله سبحانه مجاز نحو كل بعين الله و (لتصنع على عيني) أي أنت مني بمرأى ومسمع مبالغة في
الرعاية واللطف وقال عز وجل: (ولقد علمتم الذي اعتدو ا منكم في السبت) أي عرفتم.
فإذا أردت بالعلم معرفة خبره تعدى إلى مفعولين وقد يكون الأول معروفا وغير معروف مثل أن
تقول سمعت بزيد ولا أعرفه وقد سمعت ما ألفه من الفقه وقد علمته فقيها وإن كنت لا أعرفه فهذا
يراد به معرفة الثاني دون الأول وقد تعرفه وتعرف فقهه إلا أن الفائدة فيه معرفة الثاني وهو الفقه
كما أنك إذا قلت ظننت زيدا فقيها فالظن في الفقه لا في زيد فعلمت بهذا أن القصد في علمت زيدا
فقيها إنما هو في الثاني دون الأول بدليل ظننت زيدا قائما والظن لم يقع بالأول فكذلك علمت زيدا
قائما والقصد أنك تعلم قيامه ولست تخبر أنك علمت زيدا لأنه قد يمكن أن تعلمه ويمكن ألا تكون
علمته وإنما القصد بعلم قيامه لا غير وقوله عز وجل: (فإن علمتموهن مؤمنات) فاليقين إنما تحدد
بإيمانهن فإن أردت معرفة الأول فقط لم تجاوز مفعولا واحدا.
والأصل في المعرفة أن تكون بالعين ومنه العريف الذي يعرف أصحابه بعينه وأصل العلم بالقلب ثم
يوقع العلم موقع المعرفة يقال علمت زيدا أي عرفته وتوقع المعرفة موقع العلم ويقال عرفت فقهه إلا
أنه لا يجاوز مفعولا واحدا لأنك نزلت القلب منزلة العين فجعلت معرفته كمعرفة العين التي لا تجاوز
مفعولا واحد.
فصل رأيت
وأما رأيت فتكون بمعنى العلم والظن والرأي والرؤية فيتعدى بمعنى العلم أو الظن إلى مفعولين
تقول رأيت زيدا منطلقا أي علمت زيدا منطلقا فيكون العلم قد تجدد بانطلاقه قال الله تعالى: (ويرى
الذي أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق) فوقع فيه الفصل ومنه قوله سبحانه: (إن ترن أنا
أقل منك مالا) وقال عز وجل: (أن رآه استغنى) فالضمير هو المفعول الأول واستغنى هو المفعول
الثاني ولو لم يتعد إلى مفعولين هنا لم يتعد الىالضمير ولقيل أن رأى نفسه.
وتقول في الظن رأيت زيدا خارجا أي ظننت زيدا خارجا فزيد متيقن والشك إنما اعترض في
خروجه وفي التنزيل: (إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا) يذم الكفار في شكهم واعتقادهم بعد يوم القيامة
فكأنه قال يظنون يوم القيامة بعيدا وأخبر عن نفسه بالعلم لأن الظن لا يجوز عليه تعالى الله علوا
كبيرا فقال: (ونراه قريبا) أي يعلم يوم القيامة قريبا فقابل علمه بظنهم وعلق علمه بقرب يوم القيامة
كما علق ظنهم ببعده ومن كلامهم كم ترى الحرورية رجلا أي كم تظن.
وبمعنى الرأي والاعتقاد يتعدى أيضا إلى مفعولين نحو فلان يرى من الرأي أن الحق في جهتك
ويرى الحق قولك والباطل قوله قال ابو القاسم عمر ابن ثابت الثمانيني ويكون بمعنى اعتقدت فيتعدى
إلى مفعول واحد تقول رأيت رأي مالك أي اعتقدت وفلان يرى رأي الخوارج أي يعتقد ذلك قال
الشاعر:
وإنا لقوم ما نرى القتل سبة إذا ما رأته عامر وسلول
أي لا نعتقد القتل سبة وينتصب على الحال لا على أنه مفعول ثان وتكون رأيت بمعنى علمت التي
بمعنى عرفت فتتعدى إلى مفعول واحد وإن كانت بمعنى علم القلب كقوله سبحانه: (وقل اعملوا
فسيرى الله عملكم) أي فسيعلم الله عملكم والعلم هنا بمعنى المعرفة ومنه قوله سبحانه: (وكذلك نري
ابراهيم ملكوت السموات والأرض) أي نعرفه ذلك وليس من رؤية العين ولو كان نري من ريت
المتعدية إلى مفعولين لوجب أن يتعدى إلى ثلاثة ومنه قوله سبحانه: (لتحكم بين الناس بما أراك الله)
أي ما أراكه الله أي ما أعلمك إياه وعرفكه وضد المعرفة الإنكار وضد العلم الجهل وقد يقع الجهل
ضد المعرفة قال ذو الأصبع:
فإن عرفتم سبيل الرشد فانطلقوا وإن جهلتم سبيل الرشد فأتوني
وبمعنى رؤية العين يتعدى إلى واحد تقول رأيت زيدا أي أبصرته ومنه قوله تعالى: (أرأيتك هذا
الذي كرمت علي) لأن الكاف حرف خطاب لا موضع لها من الاعراب وهذا الذي كرمت مفعولها
ومن كلامهم أبصرك زيدا أي أبصره والكاف الأولى والتاء في أرأيتك اسم مجرد من الخطاب لانتقاله
إلى الكاف المجردة من الإسمية وذا فرق بين تاء (أرأيتم إن أخذ الله سمعكم) وبين هذه التاء إذ هو في
أرأيتك اسم وخطاب معا ويدل على تجرد تاء أرأيتك من الخطاب إفرادها على كل حال وإلزامها
الفتح وجعل التثنية والجمع والتأنيث في الكاف فلذا تقول المرأة أرأيتك زيدا فعل وللاثنتين أرأيتكما
وللجميع أرأيتكم وأرأيتكن.
ولرأيت قسم آخر رأيته ضربت رئته ومن الملاحن والله ما رأيت فلانا أي ما ضربت رئته ومصدر
الذي للعين والرؤية وما عداه الرأي.
فصل وجدت
وكذلك وجدت تكون على معان أحدها وجود القلب بمعنى علمت فتتعدى إلى مفعولين وتعتبر بأن
يكون الثاني معرفة أو يكون فيه فصل مثال الفصل تجدوه عند الله هو خيرا قال الشاعر:
وجدنا آل مرة حين خفنا جريرتنا هم الأنف الكراما
وقال سبحانه في تعريف الثاني: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود) وقال الشاعر:
وجدت الله أكبر كل شيء محافظة وأكثره جنودا
أي علمت الله أكبر كل شيء وقال الشاعر:
إنا وجدنا بني جلان كلهم كساعد الضب لا طول ولا قصر
أي علمناهم كذلك.
الثاني وجود الضالة بمعنى لحق وأدرك فيتعدى إلى مفعول واحد كقولك وجدت الضالة أي لحقتها
وأدركتها قال الراجز:
أنشد والباغي يحب الوجدان قلائصا مختلفات الألوان
الثالث وجدت في المال وجدا وجدة استغنيت قال الله عز وجل: (من وجدكم) أي من سعتكم وهذا لا
يتعدى إلى مفعول.
الرابع وجدت في الحزن وجدا ازداد حزني فهذا أيضا لا يتعدى إلى مفعول وقال الثمانيني وجدت
على الرجل بمعنى غضبت عليه فهذا لا يتعدى بنفسه وقال ابن غلبون وجدت الصرة أي اصبتها
فهذه أفعال العلم وأما أفعال الشك ف:
فصل ظننت
تكون بمعنى الشك وبمعنى العلم وبمعنى التهمة فعلى المعنيين الأولين تتعدى إلى مفعولين فمضالها
للعلم في المؤمنين: (الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون) أي يتيقنون وقوله: (إني
ظننت أني ملاق حسابيه) أي أيقنت ابن عباس قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله وقال: (وظنوا ما لهم
من محيص) أي علموا أبو حاتم وقوله: (وظن أنه الفراق) أي أيقن والدليل على أنها بمعنى اليقين
مدح القديم لهم ولو كانت شكا لم يستحقوا المدح عليه قال دريد:
فقلت لهم ظنوا بألفي مذحج سراتهم في الفارسي المسرهد
وقال تميم بن مقبل:
ظني بهم كعسى وهم يتنوفة يتنازعون جوائز الأمثال
الجوائز التي تجوز البلاد تقطعها أي يقيني بهم كعسى وأنشد قطرب لعمير ابن طارق الحنظلي:
بأن تعتزوا قومي وأقعد فيكم وأجعل مني الظن غيبا مرجما
أي أجعل العلم لأن الشك غيب مرجم.
أبو دؤاد:
رب أمر فرجته بعزيم وغيوب كشفتها بظنون
أي بيقين في الكل وينشد لأوس بن حجر:
وأرسله مستيقن الظن أنه مخالط ما بين الشراسيف جائف
قطرب: أي مستيقن العلم إذ الشك لا يستيقن ومثالها للشك قوله تعالى في الكفار: (وظنوا أنهم إلينا لا
يرجعون) و (وظننتم ظن السوء) وقال: (إنه ظن أن لن يحور) أي يرجع إلى ربه و (إن يتبعون إلا
الظن) و (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) و (وظنوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله).
واستعملت بمعنى العلم لأن الظن تغليب القلب على أحد حائزي ظاهر التجوز فكلما قويت الدلائل
والأمارات في الشيء المظنون لحق بالعلم وإن ضعفت لحق بالظن ولذا قال أوس بن حجر:
الألمعي الذي يظن لك الرأي كأن قدر أى وقد سمعا
فألحقه بحاسة البصر والسمع لحدسه المصيب.
ومن الشك قوله أيضا: (إن نظن إلا ظنا) تقديره إن نحن إلا نظن ظنا ومثله لقيس بن مقلد
اليربوعي:
فخالف فلا والله تهبط تلعة من الأرض إلا أنت للذل عارف
فقوله فلا والله تهبط أراد فوالله لا تهبط فأوقع لا في غير موضعها كما قال الأعشى:
أحل به الشيب أثقاله ما اغتره الشيب الا اغترارا
أراد وما اغتره اغترارا إلا الشيب وقال أبو علي تقديره وما هو إلا اغتره الشيب ويمكن أن يكون
كما ذكر لا الأولى أغناه ذلك عن أن يعيدها ثانية وإذا كان بمعنى التهمة تعدى إلى واحد تقول ظننت
زيدا أي اتهمته وأنشد للخنساء:
فمن ظن ممن يلاقي الحروب بأن لا يصاب فقد ظن عجزا
أي توهم وعلى هذا قرأه من قرأ وما هو على الغيب بضنين أي بمتهم وفي حديث عمر رضي الله
عنه أو ظنين في ولاء أو نسب أي متهم فعيل بمعنى مفعول ككف خضيب ولحية دهين فأما بضنين
بالضاد فمعناه بخيل وفعيل فاعل ككريم أنشد أبو زيد:
إن الحماة أولعت بالكنه وأبت الكنة إلا ظنة
أي تهمة لها وبئر ظنون لا يوثق بدوام مائها ومنه البيت للشماخ:
كلا يومي طوالة وصل أروى ظنون آن مطرح الظنون
وكذلك في الرجل وينشد لزهير:
ألا أبلغ لديك بني تميم وقد يأتيك بالخبر الظنون
أي قد يصدق الكذاب فيبطل كذبه صدقه.
فصل خلت
وخلت لا تستعمل الا للشك ولا بد لها من مفعولين نحو خلت أباك خارجا وينشد:
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا أخالك ناجيا
أي لا أظنك وقال آخر:
وما خلت ذا خال يباهي بخاله وإن كان ذا فخر من أخواله الأزد
أي وما ظننت.
وقد استعمل خلت بمعنى عرفت فيتعدى مفعول واحد وقالوا خلت السحابة أي عرفت مخيلتها معناه
أتمطر أم لا واستخلت فيه خيرا توهمت وسحابة مخيلة بضم الميم وفتحها يخال فيها المطر يظن
وهي أيضا الخال وجمعها مخائل. أبو زيد:
أرقت له وشايعني رجال وقد كثر المخايل والسدود
السدود جمع سد سحابة عظيمة وينشد لأبي ذؤيب:
فلبثت بعدهم بعيش ناصب وأخال أني لاحق مستتبع
أبو حاتم أخال بفتح الهمزة وكسرها لغتان جيدتان قال الراجز حميد بن الأرقط في اليقين:
وكنت خلت الشيب والتبدينا والهم مما يذهل الحزينا
أي علمت ومنه المثل من ير الزبد يخله من اللبن أي يعلمه وقال وخلت من معنى الخيال الذي
تتخيل لك صورته دون تبين حقيقته فلذا دخل في باب الشك والظن فتعدى إلى مفعولين وخلت
للمفعول بلفظه إلا فيمن أشم أو ضم ينصب واحدا لقيام الاول مقام الفاعل خلت قائما وخلت المال
أخوله تعهدته بحسن القيام عينها واو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة
خوف السآمة أي يتعهدهم بها وتأتي بمعنى التكبر فلا تعدى تقول ذا أمر لا يخول عليه أي يكبر قال
طلحة لعمر رضي الله عنهما قد جربتك الأمور وجرستك الدهور وعجمتك البلايا فأنت ولي ما وليت
لا تنبو في يديك ولا تخول عليك.
ومصدر الذي بمعنى الشك الخيلان والخيل والخيلولة وما عداه الخول.
فصل حسبت
وأما حسبت ففي مستقبله يحسب على القياس قليل سماعا ويحسب شاذ قياسا كثير سماعا مثله من
الصحيح يئس ييئس وييئس وبئس يبئس ويبأس ونعم ينعم وينعم ليس إلا.
فأما حسب فمضارعه يحسب من الحساب اختلفت الأوزان لاختلاف المعاني وكذا المصدر من ذا
الحساب ومن الأول الحسبان والمحسبة وفي التنزيل: (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم) أي
يظنون ويقرأ بالفتح وقراءته عليه السلام بالكسر لغة قريش.
قال امرؤ القيس:
وتحسب سلمى لا تزال ترى طلا من الوحش أو ميضا بميثاء محلال
وتحسب سلمى لا تزال كعهدنا بوادي الخزامى أو على رأس أو عال
فكل هذا بمعنى العلم ومن اليقين قول لبيد:
حسبت التقا والبر خير تجارة رباحا إذا ما المرء أصبح قافلا
أي راجعا.
كقوله: (ثم إلى ربكم ترجعون) و (وإنا إليه راجعون).
فصل الحبر
الحبر بالفتح مصدر حبر الرجل بالشيء إذا سر به ومنه قوله تعالى في روضة يحبرون والحبر
والحبر بالفتح والكسر الجمال وحسن الهيئة وفي الحديث يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره
يروى بالفتح والكسر.
وقال ابن أحمر:
لبسنا حبره حتى اقتضينا لآجال وأعمار قضينا
ويقال للعالم حبر وحبر بالفتح والكسر ومنه قيل كعب الأحبار.
فصل الجواد
الجواد الرجل الذي يجود بماله والمرأة جواد بودها ومالها والجواد الفرس والجواد في عدوه والأنثى
جواد أيضا وأصابتنا مطرة جواد ومطرتان جواد وجوادان ومطرات جواد وجياد.
فصل الهدي
الهدي ما سيق إلى الكعبة من قوله جل ذكره: (حتى يبلغ الهدي محله) وهي لغة أهل الحجاز وتميم
تقول الهدي والهدي هدي الإنسان تقول ما أحسن هديه وسمته والهدي يقال فلان يهدي هدي فلان أي
يفعل فعله قال الأخطل:
حتى تناهين عنه ساميا حرجا وما هدى هدي مهزوم وما نكلا
أي لم يفعل فعل مهزوم.
فصل العمارة
العمارة عمارة الدار والضيعة ونحو ذلك والعمارة عمارة الرجل وهم عشيرته وقبيلته ويقال العمارة
الحي الذي يقوم بنفسه ولا يستعين بغيره من كثرته ومنعته قال الأخنس بن شهاب:
لكل أناس من معد عمارة عروض إليها يلجئون وجانب
يروى عمارة بالخفض وعمارة بالرفع فمن خفض جعل العمارة القبلية وهي بدل من أناس وعروض
مبتدأ ولكل أناس الخبر يقول لكل حي من معد ناحية يلجئون إليها إذا خافوا من أعدائهم فيتحصنون
بها ونحن لا نحتاج إلى ما نتحصن به وإنما حصوننا سيوفنا ورماحنا ألا تراه يقول بعد هذا:
ونحن أناس لا حصون بأرضنا نلوذ بها إلا القنا والقواضب
ومن روى عمارة بالرفع احتمل وجهين:
أحدهما أن يريد بالعمارة عمارة المنزل أو المحل ولا يريد القبيلة فيكون عمارة مبتدأ ولكل أناس
خبره وعروض بدل من عمارة.
والآخر أن يجعل العمارة القبيلة كما كان في رواية خفضها وفيه إشكال لأنه يحتاج إلى حذف ما يتم
الكلام به وذلك لفهم معناه وتقديره لهم بها عروض يلجئون إليها والأول أبين.
فصل الفطر
الفطر الخلق فطر الله الخلق فطرا ومنه: (فاطر السموات والأرض) ويروى عن رجل خاصم رجلا
في بئر فقال أنا فطرتها أي احتفرتها والفطر الحلب بأطراف الأصابع.
فصل الصريم
الصريم التوزي عن أبي عبيدة هو لليل والنهار وقال غيره هو أول الليل وآخره أبو حاتم كالتوزي
لا نصرام كل من صاحبه ولعدي بن الرقاع في انصرام الليل من النهار:
فلما انجلى عنها الصريم وأبصرت هجانا يسامى الليل أبيض معلما
ومثله قول أبي عبيدة لابن أبي خازم:
فبات يقول أصبح ليل حتى تكشف عن صريمته الظلام
الأصمعي وأبو عمرو: الصريمة هنا رملة فيها الثور أبي عبيدة:
تطاول ليلك الليل البهيم فما ينجاب عن صبح صريم
وقال زهير:
غدوت عليه غدوة فوجدته قعودا لديه بالصريم عواذ له
أي الليل وقوله تعالى: (فأصبحت كالصريم) يكون المصروم أو الليل المظلم قطرب أحسبه قول ابن
عباس وأنشد لتوبة بن الحمير:
علام تقوم عاذلتي تلوم تؤرقني إذا انجاب الصريم
أي الليل.
فصل الحاجب
الحاجب حاجب الإنسان وهما الحاجبان والحاجب الذي يحجب الملك يحجب الناس عنه وأردت أمرا
فحجبني عنه فلان منعني وهو حاجب لي والحاجب الحرف وحرف كل شيء حاجبه قال ذو الرمة:
فنطنا الأداوي بالرحال فيممت بنا مصدرا والقرن لم يبد حاجبه
يعني قرن الشمس وحاجبه حرفه ويقال كل من حواجب الرغيف أي من حروفه ولا تأكل من وسطه
وحاجب موضع.
فصل الخل
الخل هذا الذي يؤتدم به معروف وفي الحديث نعم الادام الخل ووالخل الطريق في الرمل والخل
الشق يكون في الثوب وغيره ومنه قول الشماخ وذكر ليلا قطعه فقال:
إلى أن تبدى الصبح فيه كأنه قميص من خل ساج مفرج
والخل الرجل القليل اللحم وقد خل لحمه خلا إذا هزل ومنه قول الشاعر:
إن جسمي بعد خالي لخل
والخل الرجل السمين وهو من الأضداد ومنه قول الأخطل:
إذا بدت عورة منها أضر بها ضخم الكراديس خل اللحم زغلول
فالخل ههنا السمين ولذلك جعله ضخم الكراديس والخل من الإبل هو ابن المخاض والأنثى خلة
والخل الثوب البالي والخل عرق في العنق ومنه قول الشاعر:
نم إلى هاد شديد الخل
رجز والخل مصدر خللت الشيء بالخلال أخله خلا إذا شككته به والخل الظعن تقول خللت الرجل
بالرمح إذا طعنته به والخل والخمر يكنى بهما عن الخير والشر ولذاك قال النمر بن تولب:
هلا سألت بعادياء وبيته والخل والخمر الذي لم يمنع
والخل الحامض والخل خل الفصيل وهو أن تجعل في لسانه عودا لكيلا يرضع والخل الخصوص
بالدعوة والعرب تقول عم الرجل وخل في دعائه ومنه قوله:
فعم في دعائه وخلا وخط كاتباه واستهلا
والخلة مصدر الاختلال يقال منه خل الرجل أي أخل به من الخلة والخلة الخصلة يقال فلان خلة
حسنة والخلة الفرجة في الشيء ومنه يقال للرجل إذا مات له قريب اللهم اجبر خلته يراد الفرجة التي
ترك الميت بفقده ومنه قول أوس:
لهلك فضالة لا يستوي القعود ولا خلة الذاهب
والخلة الحاجة والفقر وفي المثل الخلة تدعو إلى السلة أي الفقر يدعو إلى السرقة.
فصل الحبل
الحبل واحد الحبال والحبل العهد والأمان يقال أخذت بحبل من فلان أي بعهد وأمان قال جل وعز:
(إلا بحبل من الله وحبل من الناس) معناه العهد والذمة والحبل وصلة ما بين المنكب والعنق ومنه قول ذي الرمة:
تباعد الحبل منه فهو يضطرب
ويقال هذا الأمر على حبل ذراعك أي ممكن لك والحبل التواصل والحبل ما استطال من الرمل مع الأرض والحبل موضع بالبصرة على شاطيء النهر والحبل مصدر حبلت الصيد حبلا إذا أخذته بالحبالة والحبل كلمة تطلق بها العرب إذا قالوا حبلك على غاربك أي أنت مطلقة والحبل مصدر حبلهم المثاب إذا دعاهم المرجع والحبلة الأصل من أصول الكرم وفي الحديث لما خرج نوح من السفينة غرس الحبلة.
فصل الربيع
الربيع فصل من فصول السنة والربيع الربع تقول ربع وربيع كما قالوا ثمن وثمين ومن الثمين قوله:
ومثل سراة قومك لن يجاروا إلى ربع الرهان ولا الثمين
والربيع المطر ولذلك قال آخر:
وجادك من جار ربيع وصيف
وربيع اسم رجل والربيع النهر والربيع الكلأ والربيعة الصخرة العظيمة والربيعة البيضة التي تجعل على الرأس ومنه قول الشاعر:
ربيعته تلوح لدى الهياج
والربيع الحظ من الماء وربيعة قبائل من العرب فمن تميم ربيعة بن مالك أخو حنظلة وهم ربيعة الجوع وربيعة بن حنظلة رهط الحنتف وربيعة القبيلة المشهورة الذين فارسهم بسطام بن قيس وربيع
شهر من شهور السنة.
فصل الرف
الرف التقبيل بأطراف الشفتين ومنه قول الراجز:
يا ابنة عمي إنني أهواك والله لولا خشيتي أباك
وخشيتي من جانب أخاك إذن لرفت شفتاي فاك
رف الغزال ورق الأراك
والرف بريق الشيء وقد رف يرف رفا إذا برق ومنه قول الأعشى يذكر ثغر امرأة:
ومهما ترف غروبه يشفي المتيم ذا الحرارة
والرف الدلك بالسواك والمرأة ترف أسنانها بالسواك رفا ورف الشجر رفا إذا اهتز نعمة والرف ضرب من أكل الإبل والغنم وهي ترف رفا إذا فعلت ذلك ورف حاجب الرجل رفا إذا اختلج ومنه
قول الراجز:
لم أدر الا الظن ظن الكاذب أبك أم بالغيب رف حاجبي
فرف اختلج على ما ذكرنا والرف مصدر رففت الرجل رفا إذا أحسنت إليه ومن أمثال العرب من حفنا أو رفنا فليترك والرف سقف يعمل دون سقف البيت والرف الرقة تقول هذا ثوب رف إذا كان رقيقا والرف حظيرة الغنم.
فصل الرقيب
الرقيب حارس القوم وهو الذي يشرف على مرقبة ليحرسهم والرقيب الرجل الذي يقعد في الميسر يناول ما يخرج من سهام الميسر أمينا على ذلك والرقيب أحد قداح الميسر وهو الثالث منها والرقيب الحفيظ والله رقيب على عباده أي حفيظ والرقيب النجم الذي يغيب إذا طلع الطالع من المشرق كالعواء وهي رقيب فرغ الدلو الأسفل فإذا طلع فرغ الدلو بالغداة من المشرق سقطت العواء فهي الرقيب ولكل المنازل طالع ورقيب والعيوق رقيب الثريا لأنه بمنزلة الرقيب عليها والرقيب ضرب من الحيات خبيث والرقيب هو الرجل ترقبه فعيل بمعنى مفعول والرقيب والرقيبة كل ما استترت به لترمي والرقيب الحائل بين الرجل ومحبوبه. https://archive.org/details/hm2461/mode/2up