مرآة الحسناء (1872)/قافية اللام
المظهر
وقال مقرظًا كتاب مجموعة اشعار الى الخواجا الياس فرج اللبناني
قافية اللام
وقال يمدح جناب نصرالله افندي عبدالله دلال
ما كان قطُّ فمي لبعضي بالي
بالٌ ابى الَّا انصلاتَ مقالي
ان كنتُ ذا نطقٍ ورَبَّ فمٍ فلي
قولٌ فهاك من الحجى اقوالي
ما لي وما للمنكرين فضائلي
حسبُ الفضيلِ شهادةُ الاجيالِ
جهدي أحبُّ بني الزمان وكلُّهم
هذا حسودٌ لي وذلكُ قالِ
بشرٌ حذارِ فامهم ام الدها
وكذاك والدهُم ابو الاهوالِ
ليَ حُسَّدٌ يرجون هدمَ عزائمي
فكأَنَّهم يرجونَ هدمَ جبال
وعواذلٌ حاولن تسليتي وما
انا بالسميعِ رما انا بالسَّالي
وإذا الصبابةُ خامرت قلب الفتى
صّمَّتْ مسامعُه عن العذَّالِ
بابي من الغيدالرباربِ غادةً
تدعو الهوى بشمائل ودلالِ
للهِ أَيّةُ آيةٍ في وجهها
جُنَّ الشَّجيُّ بها وحنَّ الخالي
ما كنت في الدنيا لاهوى غيرها
ابدًا وما كانت لترحمَ حالي
عاهدتها اني اكون اسيرَها
طولَ الزمانِ على جفًا ووصالِ
فاسترهنتْ قلبي الوفيَّ وللولا
نسيَتْ وقلبي والولا في بالي
تلكَ المحاجرُ قد سفكنَ دمي فهل
ينسى القتيلُ خناجرَ القتال
فبفضةِ النحرِ العيونُ رشين قا
ضي الحبِّ واستقضينه بوبالي
مقَلٌ غَزلنَ ولي بذاك نسجن من
قطن المشيبِ عليَّ ثوبَ خَبال
واللهِ ما كبرًا مشيبيَ انَّما
غدرُ الزمانِ مشيبُ الاطفالِ
وكذا اغتيال الصاحبين فانَّهُ
امضى واقتل من ظبي ونبالِ
كلٌّ رمى بالغدر معروفي سوى
ذاك الموافي من بني الدلَّالِ
اعني بنصر اللهِ من هو في الحجى
بدرُ الكمالِ وفي الصبي كهلال
شهمٌ رآهُ الدهرُ اخلق بالعُلى
فهوى عليهِ بها بدون سوالِ
وامدَّهُ كلَّ الرغائب وهو لم
يمْدُدْ يدًا فالحرُّ غيرُ مبال
سيان اكثارٌ واقلالٌ لمن
يعطي ولا يبسط يدًا لنوالِ
من لي بهِ ركن الحجى بيراعهِ
قد قرَّب القاصي وادنى العالي
جمع العلوم فكانَ بحر معارفٍ
تطفو عليهِ بوارجُ الآمال
وجرى يمزقُ بالسنى حجبَ الدجى
فاستطلع الايامَ دونَ ليالِ
وحوى المفاخرَ فهو قطبُ كرامةٍ
دارت عليهِ دوائرُ الإجلالِ
ضحكت ثغورُ العلمُ والعلما بهِ
وبكت عيونُ الجهل والجهالِ
ذو منطقٍ امضى من الهنديِّ لم
يضرب بهِ إلَّا طلى الأشكالِ
هو من أصول الفخر غصنُ مكارمٍ
ما زال ذا ثمرٍ بغير زوالِ
حسبُ الكريمِ مليح ذكرٍ دائِم
وكفى اللئيم قبيحُ ذكرٍ بالِ
يهدي لنا دُرَرَ الكلام وليس ذا
عجبًا فلا بحرٌ بغير لآل
ويهزُّ سيف مقالهِ العالي على
اهل النفار من المقال العالي
قوم لهم ذو العقل خصم سيّءٌ
واخوالحماقة محسنٌ وموالِ
قل ما تشاءُ فانَّ قولَكَ راهنٌ
واسجع ولا تسمع لذي اقوالِ
عارٌ على اهل النهى ان يصمتوا
لمقام ظرفٍ او قرينةِ حال
ومن المعيبِ على الكُمَاة فرارهم
يوم الكريهة من هجوم قتالِ
يا ايها الشهم الهمامُ العالمُ العالي
م المقامِ الكاملُ الافضالِ
ماانت بالاموال تشري العزَّّ بل
هو مذ رآك شراكَ بالاموالِ
انت الكريم ابًا وجَدًا محتِدًا
شرفٌ من الاعمامِ والاخوالِ
ومتى كريمُ الاصلِ اطلعَ وجههُ
خُسِفَ الحديثُ وتمَّ كلُّ مقال
وقال
من لصبَّ غدا اسير الجَمالِ
هائِمَ الوجدِ هائجَ البلبال
ما سباهُ سوى ذوات قدودٍ
هزَّهنَّ الدلال هزَّ العوالي
بوجوهٍ كانهن بدورٌ
وشعورٍ كَأَّنهن ليالِ
غانياتٌ اطلعن من فلك الاز
رارِ شهبًا بدت على آسال
بابي غادةً اذا ما تبدَّت
اخجلت بالجمال بدرَ الكمالِ
لستُ ادري قتلي أّمن طرفها النبَّا
م ل ام من قَوَامها العسال
ان تثنت فبانةٌ من دلالٍ
او تجلت فنير من جمالِ
خدُّها والجبينُ نارٌ ونورٌ
واللمى والطُلَى ندًى ولآلِ
دأَبها الفتكُ والقتالُ بألحا
ظ جعلن القلوب مرمى النبالِ
ان يكن حبها بقلبيَ دآءً
فالدواءُ العناقُ عند الوصالِ
لي فوادٌ لرشفِ مبسمها اشتاقَ
م اشتياقَ الظمآن للجريالِ
ذاتُ تيهٍ تميلُ في قامةِ الغصنِ
م وترنو بعين خشف الغزالِ
مذ طلبتُ الوصالَ والقربَ قالت
هل ينال الفتى طلابَ المحال
وإذا ما المطلوبُ جاءَ على الطا
لبِ صعبًا فالفوزُ بالاهمال
وقال
مهما تشنُّ الليالي
فانني لا ابالي
ياويل جيش البلايا
من حملتي باحتمالي
ان كان درعي صبري
فما سيوف النكالٍ
عارٌ عليَّ انثنآئي
تحت الخطوب الثقالِ
فالخطب كالريح عزمي
أمامهُ كالجبالِ
لااشتگی فعل دهري
مهما جنى بالفعالِ
فالدهرُ خيرُ دليلٍ
يهدي سُرَاةَ الضلالِ
الدهرُ شيخٌ كبيرٌ
مؤَدبٌ للرجالِ
يغني ويفقر لكن
يابى دوامًا لحالِ
كل الانام سكارى
فيه بخمر المحالِ
حياتهم كمنامٍ
وطيبها كالخيالِ
وكل شيءٍ عليها
مصيرُهُ للزوالِ
وقال يهنيءُ سيادة المطران بولس حاتم رئيس اساقفه الروم الكاثوليكيين في حلب بقدوم علامة الشرف لهُ
رأَى الفخارُ محلًّا عاليَ الكللِ
فحلَّ فيه حلول الشمس في الحملِ
والدهرُ فداطلعَ المجدَ الوطيدَ على
احبابه فاتاهم طالبَ القبلِ
فعاد يهتزُّ عطفُ الفوزِ عن مرحٍ
وراح يفترُّ ثغرُ العزِ عن جذلِ
وقد غدا هاتفُ البشرى يقول لنا
طابَ الهناءُ ولذَّ النيلُ للاملِ
فلم يعدْ من فوأَدِ غير مبتهجٍ
الَّا الحسود فدعهُ في يدِ الخجلِ
كنْ بالغَ البشرِ ياذا الحبرُ بولس في
وسام فخر الى من افخرِ الدولِ
فانتَ يا ايها الراعي الذي لمعت
انوارُ آلائه الغراءِ في المُلَلِ
قد ازدهیتَ بمااوتيتَ من شرفٍ
مثل ازدهاء الرُّبي بالنرجسِ الخضل
لا بدعَ ان نالَ شعبُ اللهِ منك هدىً
فانت بولس في علمٍ وفي عمل
فمن شفاتكَ شمسُ الرشدِ مشرقةٌ
وفوقَ صدركَ نجمُ المجد لم يفلِ
رنَّت بوعظك اعماقُ القلوبِ وها
تكسرت بقواهُ شوكةُ الزللِ
وكيف ذا القول لا يشجي النفوس وقد
كادت تخر لديهِ هامةُ الجبلِ
روموا الهنا ايها الروم الذين رقوا
شأْو المفاخر منذُ الاعصر الأُوَل
فقد أتى شرف من ذي الجلال الى
راعٍ لكم راح يرعى ساهرَ المقلِ
وكلما ازداد ربُّ القوم رفعتهُ
تجري على القوم رفعًا صيغةُ البدلِ
حبرٌ اخو هممٍ تحكي الصفاح وذو
فعائلٍ لم تشبها ريبةُ العللِ
على صفاتٍ اليها مال كُلُّ فتى
من التشوُّق ميل الشارب الثملِ
ومذ رأت رُتَبُ العلياءِ ليس لها
اهلُ سواهُ فوافتهُ على عجلِ
ارضى المليكين في ارضٍ وفي فلكٍ
فليهن بالاطولين الباع والاجلِ
وحين خال سواهُ ان يماثلَهُ
بين الورى وهو فردٌ فاقد المثل
نادى السنا والسنى ارّخْ اضاءَ بنا
ليس التكحُّلُ في العينين كالكحلِ
سنة ١٨٦٤
وقال
بدتْ فلاحَ هلال السعد من اسلِ
وغازلت فانتضت سيفًا من الكحلِ
غيداءُ تجدح كاس السحر مقلتها
وقدها يفضح الاغصانَ بالميلِ
تسبي النهى بخدودٍ زانها خفرٌ
منهنَّ اضحتْ خدود الورد في خجلِ
بي غادةٌ جفنها خمرَ العقول غدا
واصبحَ الوجهُ منها سكَّر المقلِ
عاتبتها وعتاب الحب الطفُ من
ريح الصبا فانثنت كالسمرِ والذبل
من قاس يومًا بغصنِ البانِ قامتها
اخطى فما لغصونِ البانِ من كفلِ
الذُّ لي من عبير المسكِ نكهتها
وريقها بفمي احلى من العسلِ
فتَّانةُ الطرف لا ترنو مغازلةً
الَّا تغادرُني كالشاربِ الثمل
تلوح أن أسفرت شمسًا حرارتها
تاتي من الخدّ عند اللثم والقبل
بلي بنار الهوى قلبي الكئيبُ وكم
قلبٍ قضى بالهوى وا حيرتي وبلي
كل المحاسن في اطوارها جمعتْ
فليسَ من عوضٍ عنها ولا بدلِ
لا كنتُ معجزةَ العشاق ان نظرت
عينى إلى الغير حتى ينتهى أجلي
الاقرار
اذنت بالمغيبِ شمسُ الجمالِ
فالى كم تبدينَ تيه الدلال
وسيوف الالحاظ فلت فلم يبق
م بقلبي صليل تلك النصال
وخبتْ نارُ وجنتيكِ التي كم
غادرت مهجتي على تشعالِ
وغدا نورُ ذلك الوجهِ يحكي
بهقَ الارض تحت قوس الهلالِ
لا تلومي أن قلتُ حسنُكِ ولَّى
كل شيءٍ مصيرُهُ للزوالِ
لم يدُم منك غيرُ قلة ودٍّ
قلةُ الودِّ شرُّ كلّ الخصال
لو يدومُ الودادُ منكِ لما كنتُ
م تركتُ الهوى على كلّ حالِ
لكِ نفسٌ تهوى الجميعَ فسيَّا
نِ جهولٌ واعقلُ العقّالِ
قد بحثتِ بالظلفِ جهلاً على الحنفِ
وهذا من عادة الجهالِ
لا تظني اني سارجعُ للحبِّ
م ولو كنتِ كوكبًا في الاعالي
فرجوعُ الكريمِ عن قصدهِ عا
م ر عظيم يعزَى الى الانذالِ
كيفَ اهواك بعد ما لاحَ لي منك
م خداعٌ وذاك طبع الثعالِ
اين تلكَ العهودُ اين الوفا اين
م الهوى اين صفوُ تلك الليالي
هل جميعُ الذي بدا منك لي مرَّ
م كبرقٍ في السلك او كالخيالِ
ان يكن فخرةً لك الغدرُ اضحى
وهو نقصٌ ففخرتي بكمالي
ليَ نفسٌ عزيزةٌ ليسَ ترضى
بهوانٍ في حبِ ذاتِ جمالِ
ان تكوني بلا وفاءٍ ولا ودٍّ
م فكيف الهوى يمرُّ ببالي
وانا لم ازلْ وفيًّا ودودًا
دمثَ الخلق طاهر الاذيالِ
لكِ ان كنتُ قد خضعتُ فكم
م يخضعُ ذو تروةٍ لذي اقلالِ
وعلى القلب ان سطوتِ فقد
م يسطو جبان الوغى على الابطالِ
قد كفاني ما قد لقيت من الحبِّ
م وما قد قاسيتُ من بلبال
كم سفحتُ الدموعَ من حرّ ذيّا
كَ الهوى في الغدوّ والاصالِ
انما الان لم يعدْ في فؤَادي
من غرامٍ وحقِ صدقِ مقالي
ومن الممكنات ان تكُ نفسي
دافعت قوَّة الهوى بالملالِ
كلُ شيءٍ فيهِ التناقضُ لم يو
جدْ فذا ممكنٌ وغيرُ محالِ
فاغتنم من دنياك يا قلبُ ما طا
بَ ولا نصغينَّ للعذَّالِ
كن بما انت في قضاهُ مجدًّا
ودعِ الناسض بينَ قيلٍ وقالِ
وقال
كل امرءٍ خُصَّتْ بهِ افعالُ
ولكلِّ فعلٍ نسبةٌ ومقالُ
لولا رجال الغوث ما بين الورى
لعرا الضعيفَ تَشتتٌ ووبالُ
ذو الفضل ان ينْهض لعونٍ لم يعد
للغاصبين من الانام مجالُ
من يفرقُ الشهم الغيورَ من الذي
يبغي الاذى لو لم تقم أعمـالُ
والعقلُ اخفى ما يكونُ من الفتى
ذانًًا وعنه تظهرُ الاشكالُ
لا يجنى بالاموالِ عقلٌ لامرءٍ
لكنَّما بالعقل يجنى المالُ
لم يخلُ دهرٌ من رجال مكارمٍ
ولكلّ دهرٍ دولةٌ ورجالُ
وقال الى الخواجا جبرائل دلال
لا كنت صبًا صبا للخدِّ والخالِ
ان كنتُ اسمعُ عذل العاذل الخالي
يا من مددتم الى لوم المحبِّ يدًا
لا تعذلوا فانا راضٍ بذي الحالِ
خيالُ لبنى بعيني دافعٌ بقوى
شوقي اليها عنِ اذني صوت عذالي
يلذُّ لي شغلُ قلبي في محبتها
كما يلذُّ لصادٍ نهل جريالِ
مالي اقتناءٌ سوى حبي لها ابدًا
حسبي هواها غدا بين الورى مالي
الكسرُ والنصرُ في أجفانها اتفقا
فاعجب لضدين وفقًا اتلفا حالي
قوامها يسلبُ الالبابَ ان خطرت
تميسُ تيهًا وتنفيهِ كعسَّالِ
الخصرُ كالماءِ منها قد غدا رخصًا
والقلبُ كالنار مني في الهوى غالي
غصنُ اصطباري ذوى تفدي معاطفها
بنار حبٍ ذكتها ريحُ بلبالِ
بالسمر والبيض لمااعرضت حجبت
هذا الحجابُ باحشائي فبشرى لي
مذ سربلتنيَ ثوبَ السقم اجفنها
وجدتُه في هواها خيرَ سربالِ
الصبُّ يسلو بمرآها الربوعَ وقد
يفنَى عن المسعفين الاهل والمالِ
اعطافها ثملت من خمر مقلتها
فتهنَ سكراً وملن ميلَ اسالِ
زادت محاسنَ حتي خلتها اقتبست
من حسن طلعة جبرائيل دلالِ
فرعُ الاصائلَ بل اصل الفضائل من
قد حاز كل مقامٍ زاهرٍ عال
ظلَّت عيونُ السنا والمجد ترمقه
وراحة الحبِ عنهُ تدفعُ القالي
صدرُ المجالس نبراسُ الدوامسِ مظہار
النفائسِ ندبٌ خيرُ مفضال
ربُّ الجمائل محمود الفضائل ممدوح
الفعائل فخرُ الصحبِ والآلِ
قد جئتك اليوم يا بادي الشهامة في
عقيلة الفكرِ فانظرْ جيدها الحالي
خودٌ بدت لك من خدر النهى وزهت
بلؤْلؤٍ قد اتى من ابحر البال
وقال
اميلي عودَ قامتكِ اميلي
وعودي مغرَمَ الوجه الجميلِ
قتلتِ الصبّ بالهجران عمداً
وقاكِ الله ما ذنبُ القتيلِ
ادرتِ كؤُوس بينٍ يا حياتي
فملتُ وما لسكريَ من مثيلِ
اذا ما كنت ظاعنةً فقلبي
خذيهِ حاديَ الناقِ الذلولِ
ببعدكِ قد غدا جسمي نحيلاً
وطرفي راعيَ النجم الضئيلِ
فهل من عطفةٍ يا هندُ يومًا
على المسلوب بالطرف الكحيلِ
سباني نرجسٌ يعلو شقيقًا
على رمانتي غصنٍ نحيلِ
فتنتِ بخدك الورديِّ عقلي
بروحي نضرةَ الخد الاسيلِ
سكرتُ بخمر عينيكِ وفيهِ
اريتكِ كيفَ عربدة الثمول
على جذب العقول عمدت حتى
كانك كهرباءٌ للعقول
لكلّ مجدٍّ في الورى نفعُ فاضلِ
وليس يفيدُ العلم من دون عاملِ
يسابقُ بعضُ الناس بعضًا بجهدهم
وما كلُّ كرٍّ بالهوى كرُّ باسل
اذا لم يكن نفعٌ لذي العلم والحجى
فما هوَ بينَ الناس الّا كجاهلِ
كذاك اذا لم ينفعِ المرءُ غيرهُ
يُعَدُّ كشوكٍ بين زهرِ الخمائلِ
ولا يحسبن المرءُ ان احبتهادهُ
يحاشيهِ من طاري صروف العوائل
فكلُّ امرءٍ بين الصروف موقّعٌ
وقوعَ صريفِ الاسم بين العواملِ
حذارِ فتركُ الجهد عارٌ على الفتى
ولو كان مغلولاً بكلِّ السلاسل
اضاقَ انتشار العام حبلُ جهالةٍ
ومن فرجٍ كان انفراجُ الحبائلِ
اديبٌ جنينا اليوم من ثمراتهِ
نواضجَ تحلو في غصون المسائل
اتانا بما للعقل ينهجُ مسلكًا
الى الرشد والتهذيب بين الافاضل
بتحفةِ أبكار القرائحِ والنهى
زرينَ باقمار السماءِ الكواملِ
ارانا مقامَ الخال في كلّ حالةٍ
واظهرَ بطلانَ الحسودِ المقاتلِ
وجاءَ بترصيع الحقائقِ بالهُدَى
بمجموعةٍ ترنو الى كلِّ سائلِ
فمن غُرَرٍ غرَّاء تحلو لذي الذكا
ومن حِكَمٍ يصبو لها كلّ عاقلِ
احبَّ انبثاثّ العلم في الناس فانـ
ـبرى يُطَارحُ اربابَ النهى بالمشاكل
وما الحبُّ الّا خصلةٌ انْ تغلَّبَتْ
على المرءِ كانت فيهِ خيرَ الفضائلِ
وقال الى محمد عاقل كاشف زاده في الاسكندرية جوابا لله عن
قصيدة بعث بها اليه
بدت فقلبي بذاك الحسن مشغولُ
وغازلت فجميلُ الصبرِ مقتولُ
خودٌ إذا ما أماطت برقعًا نظرت
عيناي غصنًا عليهِ البدرُ محمولُ
ترنو إليَّ فكم للوجدِ يجذبني
طرفٌ بإثمد ذاك الحسن مكحولُ
فإن رنت وانثنت لم أستطْع جلَدًا
فالرمحُ يهتزُّ والهنديُّ مسلولُ
ضللتُ في صبح ذيَّاك الجبين ولا
هدًى بصبحٍ عليهِ الليلُ مسبولُ
ومذ دجى ليلُ ذاك الفرع لاح بهِ
بدرٌ لهُ من صفات الحسنِ تكميلُ
من لي بها ذاتَ دَلٍّ في محبتها
صبري وشوقيَ مقطوعٌ وموصولُ
أبكي فيضحكُ بي ظلمًا مُقبَّلُها
فهل لظُلمِكَ يا ضحَّاكُ تعديلُ
صبا إلى قدِّها قلبي فأتلفهُ
فراحَ للطرفِ يشكو وهو مذهولُ
ولحظها بقوى الإدلالِ جاذبني
إلى الهوى ففؤادي اليومَ متبولُ
دبَّت بقلبي شمولُ الوجد حينَ أتت
تُبدي شمائلَ فيها الظرفُ مشمولُ
شهيَّةُ الظَّلم وا ظُلمي ومبسمها
لهُ على نفحات العطر تفضيلُ
كفي دلالكِ يا ذات الجمال فقد
حمَّلتِ قلبيَ ما لا يحملُ الفيلُ
يا قلبُ صبرًا على جور الحبيب عسى
يوليكَ رفقًا وصبرُ الصبِّ مقبولُ
فالحسنُ يقتادُ نحو الحبِّ كلَّ أخي
ذوقٍ وما الحبُّ ممن ذاقَ مملولُ
كم بتُّ والليلُ يغريني بنيِّرهِ
والعقلُ منِّيَ بالآمالِ معقولُ
إن الغرَامَ لمن لم يصطبر محنٌ
لكن لذي الصبر منحاتٌ وتجميلُ
وراحةُ المرءِ بالصبر الجميلِ على
أكدارهِ فاجتلاءُ الصفوِ مأمولُ
لكلِّ حالٍ بهذا الدهرِ مُنقَلبٌ
وعادةُ الدهر تغييرٌ وتبديلُ
يرجو البقاءَ على السراءِ كلُّ فتًى
هيهات ما ذاكَ للإنسان مبذولُ
وكم شقا لنعيمٍ قد غدا سببًا
وربَّ بؤْسٍ عن النعماءِ معلولُ
ذو العقل في معرك الأقدار مقتدرٌ
لكنَّ ذا الجهلِ مغلوبٌ ومغلولُ
وعقلُ ذي الحزمِ مرآة الأمور بها
يرى الحقائق والمجهولُ مجهولُ
وقيمةُ المرءِ علمٌ زانهُ عملٌ
وحكمةٌ لا كما قيل المثاقيلُ
من يطلبِ العلمَ لا يهوَ الثراءَ فلا
يباعُ في سوقهِ إلَّا الأباطيلُ
أخو الدرايةِ بالإقلالِ مُنتدَبٌ
وذو الجهالةِ بالأموال مرذولُ
والجهلُ إن مدَّ بين الناس شوكتهُ
فالعاقلُ الفردُ سيفٌ سلهُ الجيل
شهمٌ حزومٌ لبيبٌ فاضلٌ فطنٌ
ندبٌ أديبٌ بماءِ اللطف مجبولُ
من يلقهُ يأَلف البشرى فطلعتهُ
روضٌ بظل الصفا والبشر مطلول
تركَّبَ الحسنُ والحسنى بهِ فسما
فخرًا وليس لذا التركيبِ تحليلُ
هوَ الأديبُ الذي شاعت براعتهُ
فينا فتاهت بذكراهُ البهاليلُ
لكلٍّ معنًى دقيقٍ شعرُهُ مَلِكٌ
عليهِ من رقة الألفاظِ إكليلُ
ورقَّةُ الشعر للحوباءِ كاسُ طلًا
وللمسامعِ تهليلٌ وترتيلُ
فذٌّ بمصر تسامى بالعلوم فيا
سكَّانَ مصر على حُسَّادكم صولوا
إذا رأى فهناك الحزمُ قامَ وما
لثابت الرأي منهُ قطُّ تحويلُ
أبدى التواضعَ إذ حاز العلا فلكم
لهُ من الناس شكرانٌ وتبجيلُ
بمن تمثَّلَ ذا الشخص الفريد أيا
قلبي فقد جُمِعَتْ فيكَ التماثيلُ
يا أيها العَلَمُ المهتزُّ جانبهُ
بالفضل كم ليَ منكَ اليوم تخجيلُ
بعثتَ نحوي بضيف المدح وا خجلي
فلا قرًى غيرُ قلبي وهوَ مهزولُ
لم أدرِ هل ذاك مدحٌ أم هجًا لي إذ
لا أستحقُّ وللأشكال تأويلُ
منظومةٌ منك قد جاءَت تتيهُ على
درٍّ تحلَّت بهِ عذراءُ عُطبُولُ
فقمتُ أبسطُ أعذاري لها وأنا
نضوَ السقامِ وفيها البرءُ محمولُ
ورحتُ أهديكَ شكرًا قد غدا شغلى
ما صاح فوق رُءوس الأيك زغلول
وقال
يا للصبابة كلُّ السحر في الكحلِ
هذا الذي قد رمى هاروتَ بالخجلِ
هُوَ الهوى فخذوا حذرًا فكم مهجٌ
بهِ على مُقَلٍ سالت من المقلِ
للأعين السود بيضٌ لا تقلُّ فإن
يضربن قلبًا فماذا ضربة البطل
ينفثنَ سحرًا على لوح الفؤَادِ لهُ
طلاسمٌ تنجلي والسرُّ غيرُ جلي
تلك العيونُ التي ما ملَّ قلب فتًى
من وقعها أصبحت تشكو من المللِ
ضعيفةُ الحيل تزري الأسد قوتها
في فتكها الصبُّ أضحى فاقد الحيلِ
ولا مغازلةُ الألحاظ ناعسةً
ما بت أسهرُ طول الليل في الغزلِ
لي في الهوى نفثاتٌ لا تزول ولوْ
زال الهوى حيث لا شيءٌ بلا أجلِ
ولا يزولُ سوى الأعراض حادثةً
لكنَّما جوهر الأشياءِ لم يَزُلِ
ذي حكمة اللهِ تحتار العقولُ بها
كما تحارُ بأصل الشيءِ والأزلِ
خذ العجيبة ما يسمو العقول إذن ذا
الحدُّ يشملُ أدنى الشي فانذهلِ
خُذ البعوضة وانقدْها عساك ترى
عجائبًا لا ترى في خلقةِ الجملِ
واصمت إذا لم تجد رأيًا على سندٍ
فالصمتُ أولى من التبكيتِ للرَّجل
وكلما اتجهت آراء معترضٍ
إلى السدادِ استردَّتها يدُ الخطلِ
الحقُّ حقٌّ، فمن يقصدْ رمايَتهُ
بأسهم الزور لا يلقى سوى الفشلِ
لمَّا رأَى الزورُ هذى الأرض هام بها
كالغمر والزُّورُ أن يعشق فلم يحلِ
قالوا تمدَّنَت الدنيا فقلتُ نعم
توحشت وغدت وحشًا بلا مثلِ
بئس التمدن إن كانت قواعدهُ
تُبنى على النارِ والبتَّارِ والأسلِ
تمدُّنٌ ما رأَينا في حماهُ سوى
حصد الأمانِ وزرع الزعر والوجلِ
هذا الذي اجتلبَ البلوى وأثبتها
على الملا، وأتى بالبؤْسِ والعِللِ
لولاهُ لم يكُنِ الإنسان منحنيًا
تحتَ المصائبِ نِضو الكد والعمل
لولاهُ ما طمعت نفسٌ ولا طمحت
عينٌ ولا زلقت رجل إلى الزللِ
ولا رأَيتُ قلوبًا لا تُعَدُّ غدت
بلا نياط فقد ذابت على الغللِ
قال الكثيرون هذي هيئةٌ صلحت
فقلتُ بل قَبُحَت كفُّوا عن الجدلِ
قالوا ألم ترَ جيد العقل أصبح ذا
حَلْيٍ فقلتُ وما أحلاهُ في العطلِ
لا يُقْلِقُ المرءَ إلَّا عقلهُ فبهِ
يبدو لهُ كلُّ أمرٍ غيرَ محتملِ
ما أسعد المرءَ لما كان منعزلًا
في البيدِ يرتعُ بين السهل والجبلِ
ويأكل الصيد والأثمار دانيةً
والأرض تغذيهِ بالألبانِ والعسلِ
ما كان يودى بهِ همٌّ ولا نكدٌ
ولم يكن قلبهُ يدري سوى الجذلِ
كانت شريعتُهُ ناموسَ فطرتهِ
يُهدَى بها غيرَ هيَّابٍ ولا وَجل
ما كان يخشى أميرًا لا ولا ملكًا
ولا يهابُ صروف الدهر والدول
ولا يبيت طوالَ الليلِ مفتكرًا
بالنهب والسلب والتدليس والختلِ
عساهُ يرضي أخا حكمٍ بلا حكَمٍ
أو رُبَّ مالٍ رماهُ اللهُ بالبَهَلِ
ويلاهُ ويلاهُ من هذا التمدُّنِ كم
أردى الفتى، وأعاد العيشَ في ثقَلِ
فسوف تسترجع الدنيا توحشها
والضدُّ بالضدِّ متبوع على البدلِ
وسوفَ يبلغ هذا الحكم غايتهُ
لكنَّهُ لم يسِرْ إلَّا على مهلِ
أما ترى نملةً تسعى على مهلٍ
قد سابقت جحفلًا يسعى على عجلِ
وفي الطبيعةِ ما لم يدرهِ بشرٌ
وبالدرايةِ دعوى الناس لم تزلِ
من قالَ إنِّيَ لا أدري فذلك ذو
علمٍ ومن قال أدري، فهو منهُ خلي
وقال
يا راحلين وفي قلبي لكم نزُلُ
ومعرضين وعنكم ليس لي بدَلُ
غبتم فغاب سروري بعدكم ونأَت
عني الأوانسُ إلَّا الذكرُ والأملُ
لا شيءَ والله ينسيني محبتكم
فليس لي غيرها شغلٌ ولا عملُ
عودوا فلا عاد لي صبرٌ ولا جلدٌ
على البعادِ وقد أعيتنيَ الحيلُ
عودتموني على حفظ الوفاءِ فَلِمْ
هذا الجفاءُ وما في عادكم خللُ
يا ليتَ شعري متى أحظى بقربكمُ
فتنطفي جمرةٌ في القلب تشتعلُ
وهل تعودُ ليَ الدنيا بطلعتكم
فيرتوي الظامئان: القلب والمقلُ
وهل يعود زمان الوصل يجمعنا
فيرجع المؤنسان: الحظ والجذلُ
إني وحقِّ غرامي والجنون بهِ
يمين صدقٍ عليها يشهد الخبلُ
ماغيرتني الليالي بعد بعدهم
عني ولو غيروا عهدي ولو بدلوا
هم الأحبَّةُ لا زال المحب لهم
يجود بالروح إن صدُّوا وإن وصلوا
ما دك قلبي سوى ذاك الصدودِ ولا
عارٌ على جبلٍ قد دكهُ جبلُ
ماذا يريد فؤَادي من أحبَّتهِ
سوى نزولهم فيهِ فها نزلوا
توطنوهُ فلم تبرح شخوصهم
مقيمة فيهِ إن حلوا وإن رحلوا
فما ذكرتهم إلَّا ولي كبدٌ
تذوب أو عبرةٌ كالطلِّ تنهملُ
يهذُّ كل عظامي ذكرهم طربًا
حتى أميلَ كأني شاربٌ ثملُ
من ذا يبلغهم حالي وما فعلت
بمهجتي البيد والأحداج والإبلُ
كتْبَ العهود ورسل الودِّ قد قطعوا
دعني فلا كتبٌ تجدي ولا رُسُلُ
إنَّ الهوى دولةٌ دان الجميع لها
فلا تزولُ وكم زالت بها دُولُ
فمن يجير ومن يحمي المحبَّ إذا
سطت عليه سيوفٌ سلها الكحِلُ
صواب الكلام
لئن ضاق صبري في هوى هند كالحجلِ
فقد طاش مثل المرطِ من حصرها عقلي
رداحُ كعابٌ صاغها الله للهوى
كما شاءَ تمثالًا تنزه عن مثلِ
يُذِلُّ نبيلَ القدر عزُّ جمالها
ومقلتها ترمي بأنفذ من نبلِ
إذا خطرت والخصر يقلق متنها
عجبتُ لحزنِ كيف يقلقُ من سهلِ؟
أتتني وقد راض الرضا صخرَ قلبها
تجرُّ ذيولَ العجبِ والتيهِ والدلِّ
ولم يكُ في الحي الذي ضمَّ شملنا
رقيب سوى المنشور والنرجس الخضلِ
فعانقتها ضمَّا وهصرًا كأنني
أعانقُ غصن البانِ فوق نقا رملِ
أقبلُ خديها وأرشف ريقها
فمن ثغرها خمري ومن خدها نقلي
وعاذلةٍ قالت جنيت بلثمها
فقلت نعم ورد الحيا ساعةَ الوصل
جنيت لذيذ الوصل حلوًا معطرًا
لعمري فهل أهفو إلى حنظل العذلِ
ومذ نقلت عيني إلى القلب شكلها
فأدركهُ فهمي وصدقهُ عقلي
جرى الدمع برهان الهوى متسلسلًا
وقامت ضروب الحب من ذلك الشكلِ
فما عدل اللاحي الذي قد نعى الهوى
فقد قل بين الناس من سيم بالعدلِ
أمِلْ يا خليَّ البال سمعًا إلى الملا
فتسمع شكوى الظلم تأتي من الكُلِّ
فقد عاش قبح الجهل والزور والغوى
ومات جمال الرشد والحقِّ والفضلِ
ولم يبقَ في الدنيا سوى ذي تعصبٍ
يودُّ ضياع الفضل حرصًا على الرذلِ
إذا رمتَ يومًا أن تميتَ قبيلةً
فبثَّ بها روحَ التعصبِ والجهلِ
وهل أبطل الإنصاف واستعبد الورى
سوى الجهل؟ إن الجهل مجلبة البطلِ
لقد صال سيف الشرِّ والإثم والخنا
على الأرض حتى عوملَ الشرع بالفعلِ
وغامت سماءُ العلم وانكسف الهدى
وما زال حتى اغرورقَ الناس في الظلِّ
لنا كل يومٍ بدعة من جهنمٍ
بها جاءَ شيطان الخديعة والختلِ
رأتنا العدى كالنحل فاغتلنَ شهدنا
وليت لنا دون العدى إبر النحلِ
فما شأننا نحن العراة عن القوى
سوى شأن نمل ما خلا همة النملِ
أجارتنا، إنَّا ضربنا خيامنا
بمطلولةٍ بالويل لا بندى الوبلِ
فلا تعتبي إلَّا علينا ولا على
من استاقنا في أخشن السبل كالإبلِ
يرأَّس قوم لا رءوس لهم وذا
هو الخارج الجبريُّ من قسمة الأهلِ
لعمر أبي إنَّ الرئاسة ما لها
عيون فإن تترك تضل عن السبل
بوق الحبة
هو ذا جمالكِ فاقَ كلَّ جمالِ
فتدلَّلي يا ذاتَ كلِّ دلالِ
وتلفتي وتخطري يا من لها
جيدُ الغزالِ وقامةُ العسالِ
يا صورةً في الذهن قد طُبِعت ويا
نورًا على طور الحشا متلالي
لم أدرِ من أفعال لحظكِ بي سوى
تمزيق أحشائي بغير نصالِ
لكِ أعينٌ قد حيرت عقلي بما
فتكت وما عدَّت من الأبطالِ
رتع الصباءُ بها فأوقع نورها
في مهجتي فارتدَّ يحرقُ بالي
مُقَلٌ وقاها اللهُ كم قد أثخنت
كبدي بوقعِ ظبًا ورشقِ نبالِ
فكأَنها خُلقت لتعذيبي بلا
حلمٍ وسفكِ دمي بدون سؤَالِ
يا نهجةَ القمر المنير ومقلة
الظبي الغريرِ وغرَّةً لهلالِ
لكِ طلعةٌ ما فاجأَتني بغتةً
إلَّا وعدتُ برعدةٍ وخبالِ
عطفًا على سقمي ورفقًا بالذي
شنَّ الغرامُ عليهِ جيش وبالِ
ما ملتُ إلَّا شمتُ حسنكِ ينجلي
لنواظري متردِّيًا بجلالِ
فجميعُ أفكاري عليكِ توصَّلت
بيدِ الهوى وتقطعت أوصالي
وكذا أصدُّ الطرفَ عنكِ كأنني
سالٍ وقلبي منكِ في تشعالِ
لكِ نظرةٌ ما لاطمتها نظرتي
إلَّا وترجعُ لي بكلِّ نكالِ
وإليَّ إن ساقَ الهوى النظرات من
عينيكِ عارضها فتورُ دلالِ
نورٌ بحسنكِ قد هُدِيتُ بهِ إلى حُسنَاكِ
لكن فيهِ كان ضلالي
يوحي التشوُّقُ لي بطيفكِ خفيةً
فألذُّ بالنجوى مع التمثالِ
ما زال يجذبني لعشقكِ ناظري
وتصدني عنهُ يدُ الأشغالِ
حتى لزمت العشق في الدنيا وقد
أضربتُ عن شغلي وعن أعمالي
وغدوتُ أقطفُ زهرهُ فيروقني
طربًا وغيري هائِمٌ في المالِ
والظبيُ يرتعُ في الحدائق بينما
يتمرَّغُ الخنزير في الأوحالِ
قد طاب لي الغَزلُ الشجيُّ ولم يطبْ
لو لم يكن معناهُ عند غزالي
يا فتنةً خضعت لها دوَلُ النُّهى
وغزالةً صالت على الرئبالِ
ظنَّ العذول سلوتُ لا بلغ المنى
فدمي يحبكِ لا دمُ العذَّالِ
ولكم طرحتُ على السوى قلبي عسى
يسلو فأخلص من هوًى قتالِ
فيردُّ مندفعًا إليكِ كأنهُ
كرةٌ على صخرٍ هوت من عالِ
أين السلوُّ وكيف يرفع صوتهُ
يومًا على صوت الهوى المتعالِ
ما زلتُ أجني في الخفا ثمر الولا
من غصن قدِّكِ ذي الدلال الغالي
حتى ثناكِ الدهرُ عني عنوةً
نحو السوى وأقال عهدَ وصالي
يا ظبيةً كانت تجولُ مع الظبا
ما بالها تمشي مع الأوعالِ
أسفًا على ذاك الزمان وما حوى
من طيب أيامٍ وصفوِ ليالِ
ولَّى وجرَّعني أمرَّ كؤؤسهِ
وأعادني أبكي على أحوالي
لا عاد لي مما نعمتُ بهِ سوى
ذكرٍ توطَّنَ في فؤَادي البالي
ذِكرٌ أبى إلَّا الرسوخ إلى المدى
وأبى القضا إلَّا فنا آمالِ
اأسفًا على ذاك الهنا أسفًا على
تلك الغدوِّ البيض والآصالِ
فكأَنَّما ذا الدهرُ أقسمَ وهو لم
يحنث بشرٍّ أن يديمَ قتالي
ياحسرتي ضاع الزمان ولم أفز
من عشقت ولا بطيف خيال
قباي واسطة اداوي علتي
وجميع أدويتي غدت ادوالي
وبي الهوى أفضى الى كل البلا
ورمتني الاهواء في الاهوال
فالقلب مل جراحه وبغى الفنا
والروح ترعى الحب دون ملال
لا تهويا قلبي سوى من دابه
يرعى ودادك ثابت الاحوال
يكفيك انك لاترى بكذا هوى
وجه المزاحم او يد المحتال
واذل نذل من يرى قلب الذي
يهواه منقلبا ولم يك سالي
لا عاد لي شي سوى نفس ترى
ان الفنا خير من الاذلال
والان قدسلمت كل جوارحي
لمليحة فاقت بحسن خصال
ياطالما اسهرت فيها اعيني
وانا امد الفكر للآزال
حيث الدجى يمشي الهوينا وحيا
بالصمت كي يصغى لشجو مقالي
ونجومة ترنو الي كانها
تملي علي حوادث الاجيال
يا اعين الفلك العظيم تاملي
كيف الهزير عنا لعين غزال
مالي اراك سواهرا مثلي فهل
بلغ الغرام إلى الشهاب العالي
فالحب محراك الوجود واصله
وبه الدنا لبست ثياب كمال
و به تجاذبث الجواهر فانبرت
كونايدور بعين تلك الحال
وكذاك اجناس الحيوة حمت به
انواعها تحت النظام الآلي
اولا المحبة لم يقم ذو غيرة
ابدا ولم يظهر اخو افضال
للغيرة الحرا وللفضل اننمى
ينبوع كل عظائم الافعال
كم من بلاد بالمحبة عمرت
ولكم بها خضعت رؤوس جبال
لوكان في حلب اقلاع محبة
ما عد ساكنها من الاوغال
كلا ولاكان الخراب يعمها
والدهر يعدمها من الاقبال
كل البلاد اليوم املأها السني
فلم الظلام الذي المدينة مالي
ما دام كل يشتهي لقريبه
ضررا فلا تخلو من الاقلال
لايجهدون بغير ملء جيوبهم
فهم الذين سبواجبوب المال
تركوا المزابل في الازقة فاغتدي
منها الهواء فصار ذا إعلال
يضعون فوق رؤوسهم اثر الغني
وتدوس أرجلهم على الصلصال
ويرون خير الغيرشرا يقتضي
دفعا لذا اضحوا بلا آمال
فيسؤوهم كربا على دنيهم
ويسرهم طربا دنو العالي
الثناء
رجال الفضل سيف الدنيا قليل
واهل الجود دمرهم نجيل
سيرت الناس فاسترجعت لها
رأيت الندر بينهم يجول
جمال المرء في الدنيا جميل
فياويلاه قد ندر الجميل
وقد كثر القؤول وبئس قولا
بلا فعل وقد قل الفعول
اذا لم يستطع ذو القول فعلاً
فليس مقالة الأفضول
أنادي همة فاصيب هما
العمر ابيك ايها الدخيل
وها ان هم رزق الله يوما
على فعل يتم ولا يقول
كريم من كريم من كريم
فهذا الفخر والكرم الاصيل
الا يا ابن الافاضل دم فضيلاً
وسد وانعم ففضلك لا يزول
وحز رغم الحسود دوام فخر
کنجم ما له ابدا افول
اما انت الذي أرجعت شاني
وكاد يضيعة الغمر الجهول
فها أثني عليك مدى حياتي
كما يثني على الشهب الضليل
واني عن وفائك رب عجز
ولا عجب اذا عجز الكليل
اليك الهمة العلياء تعزى
کما عزي الى السيف الصليل
وقد أولاك ربك باع فضل
طويلا دونه قصر الطويل
فعانقت المكارم والعنايا
ورحت لكل قلب تستميل
فعش يا ابن الوكيل لكل راج
وكيل الخير يا نعم الوكيل
وقال
طرفوقدذا سيف وذاك اسل
والخال والتغرذامسك وذاك عسل
والصد والوصل ذا داءوذاك دوى
والعذر والعذل ذا احيى وذاك قتل
افدي بروحي رداحا ذات مائسة
كالغصن تحمل ليلا فوق شمس حمل
الحاظها اثبتت سحر الصبابة لي
بشاهدين هما غنج حلا وكحل
ياللهوى من لصب صب مدمعه
في حب غانية تسبي النهى بمقل
غزالة لحظها الفتان يغزل لي
ثوب الجوى اه من لحظ غزاوغزل
اصبو اليها بقلب ذائب قلق
وإن بدت لي اعد من لهفتي بوجل
ناديتها يامهاة البان حسبك ما
قاسيت من ألم قد كل عنه جبل
قالت واعطافها تهتز عن مرح
ووجهها صبغته اعيني بخجل
ان كنت تعشق حسني يا اخا شغف
فاصبرعليه والأ لست انت بطل
اجبتها وضلوعي من لواحظها
تمض رشق نبالي ما لهن مثل
هیهات اصبر اذ لم يبق من جسدي
عضو لحيمل صيرا فالغرام شعل
حليت جيدك من دمعي بلؤاؤ
وقد كسونك يوم الغرب خير حلل
قد أكثر العاذل اللاحي نصائحه
لو درى بعض وجدي مالحا وعذل
ولو رأى آية الحسن التي فتنت
لبي لغادرني في فتنتي ورحل
جمرة الخدي هلأ قبلة الشج
تطفي اللظى باللظى طاب الهوى بقبل
ويا نصال عيون قد فرت كبدي
واتلفتني ولا عذل لمن نصل
ويامعاطف نذري بالرماح اذا
مالت وكم طعنت من مهجتي بميل
وباضنا كبدي الجرحى ولامثل
لجرحها ولها ليت الرضاب دمل
وقلب كل شجي مثخن وله
صبر به كل جرح بالعيون حل
والحسن غاز ولا عزم" يطارده
اذا على قلب صب بالغرام حمل