مرآة الحسناء (1872)/قافية التاء
المظهر
قافية التاء
وقال
يا غزالاً تلفنتا
صلْ فهجري إلى متى
عيل صبري بذا الجفا
وفؤَادي تفتتا
ذبت لما هجرتني
واصطباري تشتتا
اعين الصب كم صبت
لمحياك يا فتى
كلما لاح بارقٌ
قلت ذو الحسنِ قد اتى
لهواك الفرد يا
قمري صار منبتا
لك الحظ سبي النبي
ولشيب التي فتى
فارحم الصب ذا العنا
يا غزالاً تلفنتا
وقال يمدح الخواجا أنطون ستال
شموس في بروج الحي حلت
بأنوار لبندِ الليل حلَّتْ
خرائد في القلوب لها خدورٌ
ممنعةٌ عن الأوهام جلتْ
سللن من اللحاظ مهنداتٍ
بهن دماء أهل الحب طلَّتْ
وهزين الذوابل من قدود
فكم نفس لهذا الطعن ذلت
على الوجنات قد اضر من نارا
بها انسلت القلوب وما تسلت
وليس يصح حب الغيد حتى
يكون به النفوس وهت وعلت
کلفت بغادة تلفت في أدب
باجفان من التعذيب كلت
تلوح وتنثني غصنا وبدرا
فطلعنها على قلبي تجلت
اتت فرايت صبح امن جبين
وليلاً من ذوالب حين ولت
جنود جمالها فتكت بروحي
هوى وعلى النهى عني تولت
حياتي بالوصال فحرمته
وموتي بالجفا فقد استحلت
فاعوام النوى كارت وزادت
وايام اللقا نقصت وفلت
وقطر مدامعي ما زال يمحو
رسوم تجلدي حتى اضمحلت
عذولي خل عدلي ان نفسي
ابت سلوان من عني تخلت
اذا عطلت نحور الصبر مني
ففي مدح ابن سقال نحلت
فتى يحوي صفات صفات صتفيات
مطارفها بماء اللطف بات
حزوم عالم فطن لبيب
بشاشنه كروس الانس حلت
غدت اقلامه مثل المواضي
على عنق الخطا والجهل سلت
وإقدام له حازت ثباتا
على الاقدام ما حادت وزلت
فصيح بارعٌ ان قال شعرا
ترى ان البلاغة فيه حلت
واستاذ احاط بكل علم
إليه الغامضات قد استدلت
به الالحان قد حصرت وباتت
محيرة بمغناه وظلت
شموس البشر منه اذ تجلت
محت ليل الردى عنا وأجلت
اذا نقرت على الاوتار يوما
انامله تري الاكدار فلت
الايا أيها الخل المندي
مودتكم بقلبي قد تملت
زففت اليوم ذي الغيدا عليكم
أهلتها بافق الحسن هلت
فمدوا يد الوداد لها تروها
بنت حصن الوداد لكم وأعلمت
وقال
سعت نحوي لسفك دمي امور
تذيق بشرعها طعم الممات
سيوف من عيون مرهفات
رماح من قدود مايسات
وايات لقد نظرت لحاظي
بمعناهن اضحت حائرات
بروق من ثغور باسمات
ليال من شعور حالكات
ضياء لاح في فلك المغاني
فكان من المعاني المشكلات
بدور من غصون مفرعات
شموس من كووس دائرات
وقال
قد سالت الوصل من قمر
حسنه المعجز آيات
قال لي لالا فقلت له
إن نفي النفي إثبات
وقال
زهت الرياض فلا تضع زهواتها
قم واجن زهر البشر من زهراتها
روضٌ كستهُ يد الربيع جلاببا
من سندسٍ تسمو بحسنِ سماتها
حيث الغصون تميل من ريح الصبا
فتهيج العشاق في ميلاتها
والزهر يهدي الريح نشر عبيرهِ
والريح تهديهِ ندى نفثاتها
وبلابل الأدواحِ تبدي شدوها
والقضب راقصةٌ على نغماتها
فإلامَ أنت تَغُطُّ في سِنة الكرى
وتضيع اللذاتِ في أوقاتها
نبه عيونك فالهناءُ هنا بدا
ما نفع عينٍ لم تدع غفلاتها
هلَّا رأيتَ الفجرَ أَوترَ قوسهُ
ورمى النجوم فأظهرت كمداتها
والشمسَ أضرمت اللهيبَ فأحرقت
صدأَ الرياح وطيبت نسماتها
وأعادتِ الأشجارَ مثل عرائسٍ
غنت محاسنها على سكتاتها
أو مثل غادات رات في غفلة
عين الرقيب فصفرت وجنانها
فالماء في منهج الغصون مرفرق
والنار مضرمة على هاماتها
الولاعذاب الدوح في نار الضحى
ما استعذبت نفس امرة تمراتها
وقال
أيُّ قلبٍ عانى هوى الغانياتِ
مثلَ قلبي وهام باللحظاتِ
قد ألفت الغرام مذ كنتُ غرًّا
وسأرعى الهوى ليوم المماتِ
فالهوى للحياة طيبٌ ومن لم
يهوَ لم يدرِ كيف طيبُ الحياةِ
وا عذابي من الهوى وا عذابي
فهو لم يجدني سوى الحسراتِ
قد سقتني كاسَ الهوان يد الحُبـْـبِ
م وأجرت مثلَ الدما عبراتي
كنت ذا عزةٍ فصرت ذليلًا
حائرًا بين حُسَّدي وعداتي
وعلى كل حالةٍ إنني لم
أَدَع الحب فهْو من واجباتي
ها أنا للغرامِ أعطيت قلبي
هبةً واستعضت باللهفاتِ
كلماتي أضحت لجيد الهوى عقدًا
فيا ليتها تروق مهاتي
بأبي غادةً لقد غادرتني
في الهوى هائمًا مدى الأوقاتِ
همت وجدًا بحسنها فهي لي
م صالحةٌ والنعيم بالصالحاتِ
حركاتٌ لها أذبنَ فؤادي
وسكون الهوى على الحركاتِ
وعلى وجهها المحاسن تُجلى
جَليَانَ الشعاعِ في المرآةِ
هي كالبدرِ إنما لا غنى عنــها
م وتغني عن ذاك بالمشكاةِ
حيثما لم تكن أماميَ أغدو
هائمًا ناظرًا لكلِّ الجهاتِ
أطلب الإنفرادَ إذ لا أراها
لأناجي الخيالَ في الخلواتِ
ثم أجري إلى الدروبِ وإن م
قابلتها ملت معجلًا خطواتي
فكأن الهوى يغار عليها
أو كأن الحيا غدا من صفاتي
فإذا أوقعت على وجهها عينيـْـيَ م
دواعٍ رجعت بالزفرات
شدة الشوق وافقت شدة الحســن م
على منع كثرةِ النظراتِ
حبها كالدماءِ يسعى إلى قلــبي م
ولكن من أعيني هو آتِ
ذات دَلٍّ ترنو إليَّ بلحظٍ
فيهِ يجلى لطيف شوق الفتاةِ
إن ثناها الصبا لواها حياءٌ
فهي حيرى بين الحيا والحيوةِ
ليس لي لذةٌ ولا ألمٌ في
كلِّ عمري سوى اللقا والشتاتِ
فبيوم اللقاءِ تبدو حياتي
وبيوم الفراق ألقى وفاتي
نعمَ يومًا بهِ من الوصلِ أجني
لذةً فوق سائرِ اللذاتِ
يا رداحًا من غور قفر خباها
صَعِدَتْ كالغزال في الفلواتِ
أنتِ واللهِ آيةٌ مالها من
منكرٍ دون سائر الآياتِ
ا تطيلي حبلَ الدلالِ فإني
لضعيفٌ يا أجملَ الغاداتِ
واحفظي الودَّ تخجلي كل من قد
قال ودُّ الدمى عديم الثباتِ
واسمحي لي برشفةٍ من طلا الثغـر
م فيحيا المحبُّ بالرشفاتِ
نفساتُ الزفيرِ تقتل لكن
أنتِ تحيينني بذي النفساتِ
غفلت أعين الوشاة فقومي
نقضِ طيبَ اللقا على الغفلاتِ
ليت شعري متى يشاءُ الهوى أن
نتعاطى الوصالَ قبل الفواتِ
هجوم الربيع
جاء الربيعُ وأزهارُ الرُّبَى نفحتْ
والوقتُ قد طابَ والورقاء قد صدحتْ
والبرد غاضَ كماءٍ في السباخ كما
لاح الندى وكنوز الصفو قد فتحتْ
زال الشتا وبدا منهُ الربيع لنا
كدرةٍ من فم الثعبان قد طرحتْ
والسحب قد خزقت أثوابها ترحًا
على الزوال وأرواح الصبا فرحتْ
والروض أرسل من أطيابهِ رسلًا
مع النسيم ليدعو الناس إن سمحتْ
راق الزمان وقد طابت مواردُهُ
يا صاحبي وموازين الصفار حجتْ
فآنهض صباحًا الى الروض النضير ولا
تبقِ الصبوحَ فكاسات الهنا طفحتْ
حيث الزهور تجلَّت في منابرها
بارؤُسٍ لاكاليل الندى صلحتْ
والورد قام على عرشٍ له بهجِ
وفوفهُ السن النعماءِ قد فَصَحَتْ
والآسُ غمضَ كالوسنانِ أَعْينُهُ
واعين النرجس الزاهي قد انفتحتْ
والطيرُ قد غرَّدت فوق الاراكِ وقد
جرى النسيم على الاغصان فاصطلحتْ
والقضب قد رشفت خمر الندى وغدت
تميلُ حتى اذا صاح النهارُ صحتْ
ولا تزل بابنة العنقود مشتغلاً
حتى نرى الشمس نحو الغرب قد حجَّتْ
وفوقَ مزدحم الاشجار قد سكبت
يد الاصيل نصارًا فيهِ قد ملحتْ
وانظر الى الأُفق الغربي حيث غدا
يحكي خدودَ عروس بالحيا اتشحتْ
كانما الجوُّ اذ حاطَ الغمام بهِ
عند الغروبِ وابدى حمرةً وضحتْ
فاعٌ فسيحٌ بهِ ثارَ الوغى فعلا
دخانهُ والدما فيهِ قد انسفحتْ
فانهبْ زمانك ان العمرَ منصرمٌ
ولا تضع فرصةَ اللذاتِ ان سنحتْ
ولا تمل عن رياض البان ماخطرت
فيها النسيم وبالاطبابِ قد نفحتْ
هناكَ من ظبياتٍ قد ادرنَ لنا
لواحظًا كالظبى للقلبِ قد ذبحت
من كل مائسةِ الاعطاف ناعمةِ
الاطراف طيبةِ الاوصاف ان شرحتْ
كواكبٌ من بروج الحي قد لمحت
رباربٌ في مروج الفيّ قد مرحتْ
هن الظباءُ التي تهوى السراحَ وفي
غير الجوانح والاكبادِ ما سرحتْ
بل البدورُ التي لم تنخسفْ فاذا
لاحت جلت بالسنى ليل العنا ومحتْ
وغادةٍ تفضحُ الخطيَّ ان خطرت
بقامةٍ طالما للغيدِ قد فضحتْ
ارومُ تركَ الجفا منها فتكبحني
يا للهوى آهِ لو تدرى لمن كبَحَتْ
فبالجفا محنت قلبي وقد منعت
عنهُ الهنا ولهٌ ثوبَ العنا مَنَحَتْ
لها غدائرُ اولتني الجميلَ فكم
تشفُّعًا بي علي اقدامها آنْطَرَحَتْ
انَّ العيون لقلبي قد جرحْنَ ولا
عَتْبٌ على المُقَل النجلاءَ ان جَرَحَتْ
بعتُ المعزةَ وابتعتُ المذلةَ في
سوق الهوى وتجارُ الحبِّ قد ربحتْ
افدي مهاةً لها ثغرٌ حوى دررًا
ووجنةٌ بمياهِ الورد قد نضحتْ
اذا تجلّت ثوى قلبي على لهبٍ
واعيني في عيون الحسن قد سبحتْ
يا ربةَ الدَلِّ ما هذا النفارُ فما
ابقيتِ لي غير عينٍ قطُّ ما طمحتْ
جوري عليَّ بما تهوين فهو على
راسي وساحة صبري في الهوى فسحتْ
ان كان ذنبٌ فللعشاق معذرةٌ
وليس ذنبي سوى روحي بكِ افتضحتْ
بُعدًا لواشٍ سعی ما بيننا حَسدًا
فلا اصابت مساعيهِ ولانحجتْ