مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى/السفر إلى لندن
السفر الى لندن :
وسعی سمو وهي الأمير جهده لتحقيق الغاية التي أتى باريس من أجلها الاشتراك بمؤتمر الصلح ، فألفى حياله معارضة شديدة من الحكومة الفرنسية ، ولذا عزم على السفر الى لندن لمفاوضة الحكومة البريطانية ومطالبتها بتحقيق الوعود التي قطعتها لوالده الملك حسين باسم العرب .
وفي 9 كانون الأول 1918غادرنا باريس الى بولون. وقابلنا في الميناء عند المساء الكولونيل لورنس ، ثم ركبنا الباخرة قاصدين البر البريطاني . وعند وصولنا الى لندن حللنا ضيوفا على الحكومة البريطانية في فندق كارلتون أفخم فنادق لندن . وكان الكولونيل لورنس لا يفارق مير ، ويسهل كل ما يحتاج اليه . ولقد أحاطت الحكومة البريطانية الام سمو الأمير بكل مظاهر الحفاوة والاحترام ، ولم تتأخر عن تهيئة مقابلته لملك الإنكليز. وقد رافقه خلال المقابلة الكولونيل لورنس للترجمة ، وكان يلبس اللباس العربي برغم ان البروتوكول البريطاني لا يجيز مثول الضباط البريطانيين لدى الملك بغير زيهم العسكري. وكانت غاية لورنس من ذلك مراعاة شعور الأمير لأنه كان يقابله دوماً بالزي العربي ، ولم يكن له بد من مرافقته لأنه كان مكلفا بالترجمة.
هذا ولما طلب الأمير الى الحكومة البريطانية تحقيق العهود المعطاة للعرب بواسطة الملك حسين ، وفقا للنصوص المحفوظة في وزارة الخارجية البريطانية واعطاءه صوراً عن نصوص عهودها الملك حسين ليجري البحث على أساسها ، أجابته بالمماطلة ، وتلكا الموظفون البريطانيون في تحقيق مطلبه كثيراً. . وفي 13 كانون الاول 1918 وصل الرئيس ولسون الى برست ، فاستقبل في باريس وفي لندن استقبال الفاتحين العظام. وقد رأيت لندن تهب بقضها وقضيضها لاستقباله مرتدية أبهى حلة من الزينة ومن الانصاف ان نقول أن بريطانيا قد ساعدت سمو الأمير على دخول مؤتمر السلم بتعضيد من أميركا ، ومنح للحجـاز والعرب حق الاشتراك فيه ممثلين عوضاً عن ممثل واحد ، كما كان يطلب الأمير وذلك برغم مقاومة فرنسا الشديدة لذلك.