انتقل إلى المحتوى

مجلة المقتبس/العدد 81/أخبار وأفكار

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 81/أخبار وأفكار

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 11 - 1912



المستعمرات الاجتماعية

أحدثت حماية الأولاد المهملين المتشردين والمجرمين عناية فائقة في جميع بلاد الغرب منذ ثلاثين سنة وكان السابق إلى الدعوة للنظر في هذا الأمر الخطير جول سيمون الفيلسوف الفرنسوي ثم تابعه كثير من أهل البحث والنظر والفلسفة وفي جملتهم الفيلسوف ريبو وقد ذهب الباحثون في ذلك مذهبين فمنهم من رأى أخذ الولد المجرم من أهله لئلا يؤثر فيه محيطهم وأن يسلم إلى أسرة شريفة تنظر في تربيته وتقدم عَلَى تهذيبه وقد نجحت هذه الطريقة كثيراً إلا أن بعض الباحثين في الجرائم يزعمون أنها لا ينتج نتيجة حسنة حقيقية في أحوال كثيرة من شأنها أن تحمل الولد عَلَى ارتكاب الجرائم منذ صغره لفساد طرأ عليه ومن رأيهم أن مدارس الإصلاح أو مستعمرات التوبة تنجح في تحسين حالة الأولاد الفاسدين ليس إلا وبهذا النظر أنشئت معاهد للأولاد فيلا البلاد الغربية مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإنكلترا وإيطاليا والمجر والبلجيك وهولاندة وسويسرا.

وأهم ما أنشئ من نوعها ما كان في سويسرا فإن أساسها النظام يعيش فيها الولد مطلقة حريتهم بدون أن يخضعوا لمراقبة الحراس عليهم ويعنى بهم عناية لا يشعرون بالثقل عليهم بها وهم محفوفون بكل ما يساعد عَلَى تربيتهم في محيط أدبي وإذا نظر إليهم المرء لأول وهلة يظنهم تلامذة داخليين متمتعين بحريتهم ولهم حرية تامة في أعمالهم يذهبون ويجيئون كما يشاؤن ويتكلمون كما يفكرون ويعملون بدون أن يستولي عليهم أدنى خوف من سلطة فوق رؤوسهم ولا يلاحظون أنهم مراقبون يعيشون كأنهم في عائلة متمتعين بحماية خالية من القسوة الظاهرة ومن مرض منهم يعنى بأمره عناية فائقة كأنهم بين أهلهم وذويهم وهكذا لا يزالون بهم حتى ينسوا أن ماضيهم كان سيئاً ويكفرون عما أقدمت أيديهم بتحسين الخلاق وتوسيع العقل وهذه الطريقة تعدهم للدخول ذات يوم في المجتمع الذي يتلقاهم كأنه نسي ما أتوا سابقاً.

وبعد ظهر كل أحد يعطون دروساً في التربية في صورة محاصرات تؤخذ موضوعاتها من تاريخ مدنيات الأمم. وتكون هذه المحاضرات بحسب سني الأولاد يلقيها معلمون أو معلمات وإذا شوهد أن أحد الأولاد لم ينجع فيه نصح القائمين عَلَى إصلاحه يعزل عن رفاقه بدون أن تساء معاملته. وبالجملة فكان خير طريقة في هذا الباب طريقة التربية عَلَى الأسلوب البيتي وتكون هذه المستعمرات في الفلاة وسط الغابات حيث يجتمع الأولاد فرقاً فرقاً كل فرقة مؤلفة من خمسة عشر ولداً تحت نظارة معلم يسمونه أبا الأسرة ويسكن معهم في مستعمرتهم ويعيش وإياهم يلعب ألعابهم ويعنى بإصلاح ذكائهم أو إعداده ويهيئ لهم مستقبلهم بان يعلم كل واحد منهم صناعة وقد كان سنة 1900 في سويسرا 36 معهداً مثل ذلك فيه 1578 ولداً.

حماية الطيور

تفكر إنكلترا بسن قانون تحظر فيه صيد الطيور إلا قليلاً إذ ثبت أن النافع منها في إهلاك الحشرات قد يصاد فيعود من ذلك ضرر كبير عَلَى الزراعة. والناس بعد التفنن في أسلحة الصيد عادوا فأنشأوا أسلاكاً كهربائية يضعونها فيصعقون بها دفعة واحدة عشرة آلاف طير فإذا شاعت هذه الطريقة في كل مكان لا تلبث ضروب الطيور أن تنقرض وقد حسب العلماء أنه أذا انقرض الطير لا تمض ثمان سنين حتى لا تعود الأرض صالحة لسكنى الإنسان. ورأى بعضهم أن خير طريقة لمنع صيد الطيور أن تشدد الحكومات فيه كثيراً وأن يعاونها الناس في تنفيذ القوانين كأن يعلم المدرس في المدرسة منافع الطيور ومضار فقدها لأنهم تحققوا فيلا أوربا أن المدارس التي عني معلموها بنصح التلاميذ أن لا يأخذوا أعشاش الطيور ليلعبوا بها قد أتت بنتائج حسنة وقد أقاموا في المجر سنة 1907 عيداً سنوياً للطيور اشترك فيه زهاء مائتي ألف ولد وقد زرعت النمسا في السنة الماضي أربعة عشر عش صناعي مجاناً وفي ألمانيا يعاقب من يزيل وكنة أحد الطيور بغرامة مائتي مارك وربما حبس أحياناً ولكي ينال المرء الحق في وضع بلبل في قفص يجب عليه أن يطالب رخصة خاصة ويدفع رسماً لمنفعة بيوت الإحسان أما سويسرا فقانونها لحماية الطيور أشد منكل بلد حتى لقد يصبح أن تسمى الجمهورية محبة الطيور - عن مجلة الديبا الفرنسوية.

لاتقاء الحر

اشتدت الحرارة هذه السنة في أكثر الأقطار وقد كتبت بعض المجلات الأوربية نصائح الصحية للناس خلال فصل الصيف جاء فيها أن ما يعمد إليه الناس من استعمال المثلجات والمبردات قد ينشأ من احتقان مختلف الأشكال ويحدث تعباً في الجسم وإعياء فالمبردات لا تبرد الجسم بل تثقل عَلَى المعدة وتفسد الطعام الذي فيه وتتعب الكلى والمثانة بيد أن العرق مفيد لأنه عبارة عن غسل الداخل نحو الخارج لأنه يحذف المواد الوسخة من الجسم ولاسيما جوهر البول والحامض البولي ولكن ذلك لا يطلب بتناول المثلجات بل الرياضة المعتدلة عَلَى شرط أن يغير المرء ثيابه كلما عرق لئلا يبرد جسمه بهذا التبخر وينبغي الامتناع في الحر عن المشروبات الروحية وأن لا يتعرض المرء للشمس فلا يخرج إن أمكن من محله وقت اشتدادها وإذا خرج فلا باس أن يحمل شمسية ويجعل عَلَى عنقه منديلاً ويلبس ألبسة رفيعة تكون إلى البياض أقرب واسعة بحيث يتخللها الهواء وأن يقلل الطعام ولاسيما ما كان منه مهيجاً ويكون عَلَى الأكثر ألباناً وبقولاً وينبغي أن تكون الثمار ناضجة جداً مطبوخة عند الاقتضاء وأن يمتنع عن الزبدة والمربيات وأن يقتصر عَلَى الماء المقطر النقي يؤخذ عند العطش بكمية قليلة أو تؤخذ مياه معدنية مكفولة من ينابيعها وأن يستحم المرء وينام مغطى قليلاً لئلا يختلف الهواء في الليل فما يضر بصحة النائم التقلب من حر إلى برودة ولا بأس بأن يفتح باب غرفة النوم إذا كانت متصلة بغرفة أخرى يلعب فيها الهواء أو تكون متصلة بدهليز.