مجلة المقتبس/العدد 72/اليمن وسكانها
مجلة المقتبس/العدد 72/اليمن وسكانها
(1)
كيف عرفها وعرفهم علماء العرب
مضى معظم السنة الماضية والدولة العلية تسير إلى اليمن الحملة تلو الحملة لإخضاع المتنقضين الثائرين من رجال الشيخ أحمد الإدريسي الشافعي في جهات عسير والإمام يحيى بن حميد الدين الزيدي في جهات صنعاءَ وقد أُغمدت السيوف الآن بعد أن هلك من جيش الدولة وعصابات المحاربين لها أُلوف ولا يزال يقتل في اليمن من العساكر العثمانية كل سنة نحو عشرة آلاف نسمة بعضهم في المناوشات والآخر باختلاف الأهوية وقلة الغذاء المناسب وذلك منذ أربعين سنة ومن قتل ومات من الجند والرعية لا يقلُّ فيما نحسب عن رجال مملكة صغرى من ممالك أوربا كسويسرا أو الدانيمرك أو السويد.
والدولة الآن في صدد إعطاء بعض الامتيازات لليمانيين وربما صدر هذا الجزءُ ومجلس النواب العثماني يتناقش في لائحة الإصلاحات اليمانية وسيقسمون عَلَى الأغلب ما وقع تحت حكم الدولة مباشرة من البلاد إلى ثلاثة ولايات ولاية صعدة وولاية صنعاء وولاية عسير وقد جربت الدولة في السنة الماضية فسلخت لواء عسير فجعلته متصرفية قائمة برأسها تخاطب الآستانة مباشرة في أمورها كلواء القدس والزور فأتى ذلك بنتائج حسنة ولا عجب إذا أكثرت الدولة من مراكز الحكومات فمن الأقضية هناك ما تسير فيها أياماً وفيه من القرى ما لا تجد مثله في ولاية من الولايات العامرة في الدولة وإن عدد القرى الداخلة تحت حكم العثمانيين مباشرة يبلغ 8692 قرية و289 عزلة و227 قبيلة وكل هذا القدر العظيم المنقول عن تقويم الدولة الرسمي يحكمه 28 قضاء و56 ناحية ومن الغريب أن الأمية تكاد تكون مفقودة في اليمن بالنسبة لسائر البلاد العثمانية وأهلها مع كل ما ابتلوا به من الفتن التي جرتها عليهم تلاعب رؤسائهم ورداءة العمال ولا يزالون يعلمون أبناءهم القراءة والكتابة ويقدرون اليوم نفوس اليمن بنحو خمسة ملايين لو ارتقوا وعلموا لأتي منهم أعظم جيش محارب محضر نافع. وإليك الآن كيف عرفهم وعرف بلادهم علماء العرب اقرأه وأعجب في سر ما صارت إليه أرضهم من الانحطاط:
صفة قال الهمذاني سميت اليمن الخضراء لكثرة أشجارها وثمارها وزروعها والبحر بها من المشرق إلى الجنوب فراجعاً إلى المغرب ويفصل بينها وبين باقي جزيرة العرب خط واحد من حدود عمان ويبرين إلى حد ما بين اليمن واليمامة إلى حدود الهجيرة وتثليث وأنهار جُرش وكتنة منحدراً في السراة عَلَى شعف عنز إلى تهامة عَلَى أم جحدم إلى البحر حذاء جبل يقال كدمل بالقرب من حمضة وذلك حد ما بين بلد كنانة واليمن من بطن تهامة. وأول إحاطة البحر باليمن من ناحية دما فطنوى فالجمحة فرأس الفرتك فأطراف جبال اليحمد وما سقط منها إلى ناحية الشحر فالشحر فغبُّ الخيس فغب الغيث بطن من مهرة فغب القمر زنة قمر السماء فغب العقار بطن من مهرة فالخيرج والإسعاء وفي المنتصف من هذا الساحل شرقاً بين عمان وعدن ريسوت وهو موئل كالقلعة بل قلعة مبنية بنياناً عَلَى جبل والبحر محيط بها الأمن جانب واحد فالبر فمن أراد عدن فطريقه عليها فإن أراد أن يدخل دخل وإن أراد أن جاز الطريق ولم يلو عليها وبي الطريق الذي يفرق إليها والطريق المسلوك إلى عمان مقدار ميل. ثم ينعطف البحر عَلَى اليمن مغرباً وشمالاً من عدن فيمر بساحل الحج وأبين وكثيب برامس وهو رباط وسواحل بني محيد من المندب فساحل العميرة والعارة فإلى غلافقة ساحل زبيد فكمران فعطيفة فالحردة إلى منفهق جابر وهو رأس غرير كثير الرياح حديدها إلى الشرجة ساحل بلد حكم فباحة جازان إلى عثر فرأس عثر وهو كثير الموج إلى ساحل حمضة فهذا ما يحيط باليمن من البحر.
وأصرح من هذا ما قاله المسعودي: وبلد اليمن طويل عريض حده مما يلي مكة الموضع المعروف بلجة الملك سبع مراحل إلى صنعاء ومن صنعاء إلى عمان وهو آخر عمل اليمن تسع مراحل والمرحلة من خمس فراسخ إلى ستة والحد الثاني من حكم ورحاء إلى ما بين مفاوز وحضر موت وعمان عشرون مرحلة ويلي الوجه الثالث بحر اليمن فجميع ذلك عشرون مرحلة في ستة عشرة مرحلة وأسماءُ ملوك اليمن كذي يزن وذي نواس وذي منار وغير ذلك مضافة إلى مواضع وإلى أفعال لهم وسير وحروب وغيرها من سمات لهم تميزهم عن غيرهم.
فاليمن كما قال ابن خلدون صقع جليل ومملكةٌ عظيمة يشتمل عَلَى أربعة وعشرين مخلافاً (وفي رواية أربعة وثمانون عَلَى ما يجيءُ) والمخاليف الكور وكان اليمن في صدر الإسلام عَلَى ثلاثة أقسام كل قسم منها في يد ملك أحد الأقسام قصبته صنعاء والآخر قصبته الجند والآخر قصبته ظفار والذي يعطيه التحديد أنه ينقسم عَلَى قسمين أحدهما تهامية والأخرى نجدية فالتهامية قصبتها زبيد وبها يكون السلطان والجبد وهي مدينة مسورة وعليها سبعة خنادق ولها نهر يجري إليها من الجبال وساحل يسمى علافقة ومن البلاد التهامية قحمة ولها نهر يأتيها من جبل يسمى فرع والكدرا ولها واد يجري إليها من السيول والمهجم وهي مدينة كثيرة الفواكه ولاسيما الموز ولها نهر يأتيها من النوب يسمى سرود والمجال ولها نهر يأتيها من جبال حور وحوض ولها نهر يأتيها بلاد دخولان والراحة ولها نهر يأتيها من نجد وأما البلاد النجدية وتسمى بلاد الجبال والنجد في اللغة قفار الأرض وما غلظ منها واشرف عَلَى الأرض فأعلاها تهامة واليمن وأسفلها العراق والشام وهو ممتد من بلاد مهرة عَلَى بلاد الحجاز ومسافة ذلك عشرون فرسخاً وقصبته عدن وتعرف بعدن + + + وبقعتها عَلَى البحر يدخل إليها من باب قد فتح في جبل كأنما يدخل إلى الكرك بالشام وهي فرضة لما يرد من كراكب الصين والهند وكرمان وفارس وعمان ويشرب منها مدينة أَبين ولها عَلَى ساحل البحر فرضة تسمى المحل ينزل الناس منه في اختصاص ولها كورة تشتمل عَلَى عدة قرى ومن بلاد ومن بلاد الجبل صنعاء وكانت القصبة لبلاد اليمن بأسرها وهي وبية كثيرة الفواكه ولها نهر يشقها يسمى السرار ويصب في سنوان فيكون منه بحيرة تمده الأمطار في الصيف.
وحكي أن ظفار مدينة التبابعة ومن بلاد الجبل تعز وهي قلعة حصينة وبها السلطان في عصرنا (ابن خلدون) وهي بين مدينتين إحداهما المعزية والأخرى عدنة ينزل إليها واد من جبل صبر وهذا الجبل فيه قرى كثيرة قصبتها مدينة تسمى لاعة المرتقى إليه مسيرة يوم وصوله أربعة وعشرون فرسخاً ومدينة الجند مشهورة ومدينة جبلة وتسمى مدينة النهرين لأنها بين نهرين ومدينة الدحلوة وهي قلعة عَلَى ذرى شامخ وعر وقد امتلأت من أموال ملوك يمن وكبرائها تبراً ولجيناً يجمع المال بها والمدينة كالربض وتسمى أيضاً الجرد ومن حصون السلطان أيضاً باليمن أيضاً قلعة أنور وهي في ناحية تسمى وادي السيول يشتمل عَلَى قرى مشتبكة العمائر وقلعة مثوة وهي في ناحية زبيد كثيرة القرى وقلعة العروسين وهي في ناحية تعرف بعلوان الكردي كثيرة القرى ومن بلاد اليمن ذمار وهي مدينة مسورة لها عيون وبساتين ومدينة صعدة وخيوان بها خانات وحمامات وأماكن وعمائر ومدينة مأرب بها عرش بلقيس وهي أساطين في غاية الغلظ والارتفاع ولها كورة بين صنعاء وحضر موت وبالقرب منها جبل شق عليه سد تجتمع إليه مياه الأمطار والعيون وإذا أرادوا سقي القرى فتحوا منه بقدر حاجتهم ثم يسدونه بآلات لهم أحكموا ومن بلاد الجبل أيضاً السروان أحدهما سرو جبل لبن والآخر سرو ميل وهما مختلطان ولهما قصور كالقرى وأسماؤها العجر والبيضاء وقرن وذوقيام ودوتق وهذان السروان يمتدان من جنوب اليمن إلى شمال الحجاز وسكانها فصحاء العربُ. ومن أقسام اليمن حضر موت وفيها تريم وشبام والشحر والأحقاف ومنها بلاد مهرة وغيرها.
قال البلخي وكان أعمال اليمن مقسومة عَلَى ثلاث ولاة وال عَلَى الحرم ومخاليفها ووال عَلَى حضر موت ومخاليفها وهي أوسطها وأطيب بلادها وأبردها وأكثر ما ارتفع من أموالها ما جباه بعض عمال بني العباس ستمائة ألف دينار وأهلها قوم فيهم جهل وغباوة وسلامة صدر وضعف حال وأكثر فواكههم الموز وعامة لحومهم لحم البقر وفي مشارق سواحلهم صحار ومسقط وسوقطرا وشحر محلب ومن عندهم اللبان والصبر وهم ضعاف الحال سيئو العيش قليلو الحيل والصناعات ولهم لغة لا يفهمها غيرهم وتليهم الإحساءُ وهي من أرض العرب وقد استوطنها القرامطة في القرن الثالث.
واليمن عَلَى رواية المقدسي قسمان ما كان نحو البحر فهو غور واسمه تهامة قصبته زبيد ومن مدنه معقر وكدرة ومور عطنة الشرجة دؤيمة الحمضة غلافقةُ مخا كمران الحردة اللسعة شرمة العشيرة رنقة الخصوف الساعد المهجم وغيرهن ناحية أَبين مدنها عدن لهج (لحج) وناحية عثر مدنها حلي السرين وناحيته السروات وأما ما كان من ناحية الجبال فهو بلاد باردة تسمى نجداً قصبتها صنعاء ومن مدنها صعدة نجران جُرش العرف جبلان الجند ذمار نسقان يحصب السحول المذيخرة.
فزبيد قصبة تهامة وهو أحد المصرين لأنه مستقر ملوك اليمن بلد جليل حسن البنيان يسمونه بغداد اليمن لهم اذنى ظرف وبه تجار وكبار وعلماء وأدباء مفيد لمن دخله مبارك عَلَى من سكنه آبارهم حلوة وحماماتهم نظيفة عليه حصن من الطين بأربعة أبواب وحولها قرى ومزارع أعمر من مكة واكبر وارفق وأكثر بنيانهم الآجر ومنازلهم فسيحة طيبة وهو بلد نفيس ليس باليمن مثله غير أن أسواقه ضيقة والأسعار بها غالية والثمار قليلة. ومعقر عَلَى جادة عدن وكذلك عبرة وعارة والمخنف وكلهن صغار وعدن بلد جليل عامر آهل حصين خفيف دهليز الصين وفرضة اليمن وخزانة المغرب معدن التجارات كثير القصر مبارك عَلَى من دخله مثر لمن سكنه مساجد حسان ومعايش واسعة وأخلاق طاهرة ونعم ظاهرة قد أحاط به جبل بما يدور إلى البحر ودار خلف الجبل لسان من البحر فلا يدخل إليه إلا أن يخاض ذلك اللسان فيصل إلى الجبل وقد شق فيه طريق في الصخر عجيب وعليه باب حديد من نحو البحر حائطاً من الجبل إلى الجبل وفيه خمسة أبواب ناءٍ عن الأسواق إلا أنها يابسة عابسة لا زرع ولا ضرع ولا شجر ولا ثمر ولا ماء ولا كلاء كثيرة الحريق والوكف.
أَبين هي أقدم من عدن وإليها تنسب عدن لأن بُرَّهم وفواكههم وخضرهم منها لكثرة القرى والمزارع بها وكذلك لهج ومندم عَلَى البحر عامرة. ومُخا مدينة لزبيد عامرة كثيرة السليط وغلافقة فرضة زبيد عامرة آهلة بها نخيل ونارجيل وآبار حلوة إلا أنها وبية قاتلة للغرباء. والشرجة والحردة وعطنة مدن عَلَى الساحل بهن خزائن الذرة تحمل إلى عدن. وجدة بلد اللبن يحمل إليهم الماء من بعد وجوامعهم عَلَى الساحل وناحية عثر ناحية جليلة عليها سلطان برأسه ومدنها نفيسة وعثر مدينة كبيرة طيبة مذكورة أنها قصبة الناحية وفرضة صنعاءَ وصعدة بها سوق حسن وجامع عامر يحمل إليهم الماء من بعد وحمامهم وضر.
وبيش أطيب هواء منها وأعذب ماءً بها ينزل السلطان. والجريب بلد الموز وهو أرخى مدن الناحية وأعجبها. وحلي مدينة ساحلية عامرة سرية رفقة. والسرين بلد صغير له حصن. مصنعة وهو فرضة السروات والسروات معدن الحبوب والخيرات. صنعاء هي قصبة نجد اليمن وقد كانت أجلّ من زبيد وأعمر وكان الاسم لها وأما اليوم فقد اختلت غير أن بها مشايخ لم أر بجميع اليمن مثلهم هيئة وعقلاً. ثم بلد رحب كثير الفواكه رخيص الأسعار. أخباز حسنة وتجارات مفيدة أكبر من زبيد ولا تسل عن طيب الهواء فإنه عجب ومع ذلك رفق معف. وصعدة أصغر من صنعاء عامرة في الجبال بها تصنع الركاء الجيدة والأنطاع الحسنة ومناه يرتفع ادم الجلد وهي مدينة العلوية وعملهم. وجُرش مدينة وسطة ذات نخل واليمن ليس ببلد النخيل ونجران مثل جُرش وهما دون صعدة وأكثر ما ترى من الإدم فمن هذه المدن. والحميري هو بلد قحطان بن زبيد وصنعاء كثير القرى وسبأ بلد خلف هذه النواحي عامر المدينة خرب العمل.
هذا وصف بلاد اليمن وفي رواية أن مساحتها السطحية 256 ألف كيلومتر مربع أما المسافات عَلَى تقدير العرب فهي من صنعاء إلى صداء 42 فرسخاً من صنعاء إلى حضر موت 74 فرسخاً ومن صنعاء إلى ذمار 16 فرسخاً ثم إلى نسفان وكحلان مرحلة ثم إلى حجر وبدر 20 فرسخاً ثم إلى عدن 64 فرسخاً ومن ذمار إلى يحصب مرحلة ثم إلى السحول مرحلة ثم إلى النجة مثلها ثم إلى الجند مثلها ومن صنعاء إلى الجند 48 فرسخاً ومن صنعاء إلى العرف مرحلة ثم إلى الهان 10 فراسخ ثم إلى جبلان 14 ثم إلى زبيد 12 ومن صنعاء إلى شبام مرحلة ومن صنعاء إلى عثر 10 مراحل ومن عدن إلى أَبين 3 فراسخ.
مخالبف اليمن
كور بلاد اليمن تسمى مخاليف وهي أربعة وثمانون في رواية وفي رواية أربعة وعشرون قال ابن خرداذبة مخلاف صنعاء والخشب ورحابة ومرمل وبصنعاء كان غمدان مسكن سيف بن ذي يزن الحميري وفيه يقول أمية بن أبي الصلت الثقفي:
اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقاً ... في رأس غمدان داراً منك محلالاً
ومخلاف صعدة فمن صنعاء إلى خيوان أربعة وعشرون فرسخا ومن خيوان إلى صعدة ستى عشر فرسخاً ومن صعدة إلى المهجرة وهي تحت عقبة المنضح عند طلحة الملك التي هي أول عمل اليمن عشرون فرسخاً فبين المهجرة وصنعاء ستون فرسخاً. ومخلاف البون وفيه ريدة وبها البئر المعطلة والقصر المشيد التي ذكر الله تبارك وتعإلى ومخلاف خيوان ومخلاف نجدي خولان ذي شحيم وغوريها وفيها ريام النار التي كان يعبدها أهل اليمن. وعَلَى اليمين من صنعاء مخلاف شاكر ووداعة ويام وأَرحب ومخلاف الحردة وهمدان ومخلاف جوف همدان ومخلاف جوف مراد ومخلاف شنوءة وصدى وجعفي ومخلاف الجسرة ومخلاف المشرق وبوشان وغدر وفيه ناعط ومخلاف أعلا وأنعم والمصنعتين وبني غطيف وقرية مأرب قال النابغة الجعدي
أو سبأَ الحاضرين مأرب إذ ... يبنون من دونه سيله العرما وبمأرب قصر سليمان والقشيب وقصر بلقيس قال ابن ذي جدن:
أتغر من أهله القشيب ... وبان من رأيه الحبيب
وصرواح والسد وهو العرم.
ومن صنعاء إلى صدى وجعفي وشنوبرة اثنان وأربعون فرسخاً ومخلاف حضر موت وبينها وبين البحر رمال ومن صدى إليها ثلثون فرسخاً فمن صنعاء إلى حضر موت اثنان وسبعون فرسخاً. ومخلاف خولان رداع وفيه وادي النمل ومخلاف أحور ومخلاف الحقل وذمار عَلَى ستة عشر فرسخاً من صنعاء ومخلاف بني عامر وثات ورداع ومخلاف دثينة ومخلاف السرو وبحذائه مرسى الخيرج ومخلاف عنس ومخلاف رُعَين ونسفان وكحلان وفيه بحيرة يبنون قلل امرؤُ القيس بن حجر:
ودر بني سواسة في رعين ... يجن عَلَى جوانبه الرجال
ومخلاف ضنكان وذبحان ومخلاف نافع ومصحى ومخلاف حُجر وبدر وأَخلة والصهيب ومخلاف لحج ومخلاف أَبين وفيه عدن ومخلاف بعدان وريمان ور الثجة والمزرع ومخلاف ذي مكارب والأملون.
ومن صنعاء إلى ذمار ستة عشر فرسخاً ومن ذمار إلى نسفان وكحلان ثمانية فراسخ ومن نسفان إلى حجر وبدر عشرون فرسخاً ومن حجر وبدر إلى قرية عدن وهي مخلاف أَبين أربعة وعشرون فرسخاً فمن صنعاء إلى عدن ثمانية وستون فرسخاً.
ومخلاف السلف والأدم ومخلاف نجلان ومخلاف الجند ومخلاف السكاسك ويحصب مدينة ظفار وقصرها ريدان قال امرؤُ القيس
تمكسن قائماً وبنى طمراً ... عَلَى ريدان أعيط لا ينال
وبظفار كانت تنزل ملوك اليمن ومن علو يحصب إلى السحول ثمانية فراسخ ومن السحول إلى الثجة ثمانية فراسخ ومن الثجة إلى الجند ثمانية فراسخ فمن صنعاء إلى الجند ثمانية وأربعون فرسخاً. وذات الشمال راجعاً إلى صنعاء مخلاف ذي شعبين ومخلاف الزيادي ومخلاف المعافر ومخلاف بني محيد وفيه البقراني الجيد ومخلاف الكرب ومخلاف صلب ونفد والإيغار ومخلاف المناخيين وفيه المذيخرة قلعة حصينة يسكنها آل ذي مناخ وفيها منزل ابن أبي جعفر المناخي من حمير ومخلاف حمل ودمث وشرعب ومخلاف عنة وعنابة ورجيع ومخلاف السحول وبني صعب ومخلاف حاظة ومخلاف سفل يحصب ومخلاف علو يحصب ومخلاف القفاعة والوزيرة والحجر ومخلاف زبيد وبغزائه ساحل غلافقة وساحل المندب ومخلاف رفع ومخلاف مقري ومخلاف أَلهان ومخلاف جبلان وفيه الجبلان من آل ذي شرح وجبلان ضقان شق الطاعة وشق المعصية ومخلاف ذي جرَة ومخلاف الحقلين ومخلاف العرف والأخروت.
فمن صنعاء إلى العرف ثمانية فراسخ ومن العرف إلى أَلهان عشرة فراسخ ومن أَلهان إلى جبلان أربعة عشر فرسخاً فمن صنعاء إلى جبلان اثنان وثلثون فرسخاً ومن جبلان إلى زبيد ورمع اثنا عشر فرسخاً.
ومخلاف خولان في ظاهر صنعاءَ ومخلاف جدد وحوشب ومخلاف عك بحذائه مرسى دهلك ومخلاف مهاع ومخلاف حراز وهوزن ومخلاف الأخروج ومجنح ومخلاف حضور ومخلاف مأذن وحملان وفيه مدينة ضير مخلاف شاكر وشبام وبيت أَقيان والمصانع يسكنها آل ذي حوال وهم ولد ذي مقار ومنهم يعفر بن عبد الرحمن بن كريب الحوالي قال امرؤُ القيس
والحق بيت أَقيان وحجر ... ولم ينفعهم عدد ومال
وقال أيضاً:
أزال من المصانع ذا أَراس ... وقد ملك السهولة والجبال
ومخلاف واضع والمعلل وهو بين صنعاء وشبام ومن صنعاء إلى شبام ثمانية فراسخ قال الشاعر:
مازال ذا الزمن الخبيث يديرني ... حتى بقي لي خزيمة بشبام
ومخلاف الصغر ومخلاف خناش وملحان ور حكم وجازان ومرس والشرجة ومخلاف حجور والمغرب ور قدم وهو يحاذي قرية مهجرة ومخلاف حية والكوذن ومخلاف مسح ومخلاف كندة والسكون وهي حضر موت عَلَى الإبل تسع سكك.
مدن اليمن تهامية ونجدية عدن كما قال الهمداني جنوبي تهامية وهي أقدم أسواق العرب وهي ساحل يحيط به جبل لم يكن فيه طريق فقطع في الجبل باب بزُبر الحديد وصار لها طريقاً إلى البر ودرباً سكنياً المرَبون والحماحميون والملاحيون. ولحج وأَبين وبها مدينة خنفر والروَّاغ وموزع والشقاق والمندب والحصيب وهي قرية زبيد وقرى بواديها حيس والقحمة والكدراءُ ثم المهجم وهي مدينة سرود ومور وبه مدينة تسمى بلحة ثم الساعد والسقيقتان والهجر قرية ضمد وجازان وفي بلد حكم قرى كثيرة يقال لها المخازف وصبيا ثم يبش وساحله عثر وهو سوق عظيم شأنها وقد تثقله العرب فيقولون عثر وأُم جحدم قرية بين كنانة والأزد وهي حد اليمن.
وأول مدن اليمن عَلَى سمت نجدها الجند من أرض السكاسك وجبا مدينة المعافر وجيشان وبالقرب منها قرى لها بواد تنسب إليها مثل حجر وبدر والصهيب ثم منكث مدينة السخطيين ثم ذمار ورداع وهي بين نجد حمير الذي عليه مصانع رعين وبين نجد مدحج الذي عليه ردمان وقزن وفي جنوبيها مدينة حصى وبثرى والحنق من أرض السرو ثم مدينة صنعاء وهي أُم اليمن وقطبها لأنها في الوسط منها ما بينها وبين عدن كما بينها وبين حد اليمن من أرض نجد وحجاز وكان اسمها في الجاهلية أزال ويسميها أهل الشام صنعاء القصبة وتقول العرب لا بد من صنعاء لو طال السفر وينسب إلى صنعاء صنعاني وعَلَى كل واد من هذه الأودية ما لا يوقف عليه من القرى الصغار والأبيات وكل واد منها مخلاف يكون فيه سلطان يقوم به عوائده.
قال الأصمعي اليمن وما اشتمل عليه حدودها بين عمان إلى نجران ثم يلتوي عَلَى بحر العرب إلى عدن إلى الشحر حتى يجتاز عمان فينقطع من بينونة وبينونة بين عمان والبحرين وليست بينونة من اليمن قال ياقوت وقيل حد اليمن من وراء تثليث وما سامتها إلى صنعاء وما قاربها إلى حضر موت والشحر وعمان إلى عدن أَبين وما يلي ذلك من التهائم والنجود واليمن تجمع ذلك كله.
والسبب في قسمة اليمن إلى مخاليف أي كور ورسايق ما قاله ياقوت من أن ولد قحطان لما اتخذوا أرض اليمن مسكناً وكثروا فيها لم يسعهم المقام في موضع واحد فجمعوا رأيهم عَلَى أن يسيروا في نواحي اليمن ليختار كل بني أب موضعاً يعمرونه ويسكنونه وكانوا إذا ساروا إلى ناحية اختارها بعضهم تختلف بها عن سائر القبائل وسماها باسم أبي تلك القبيلة المتخلفة فيه فسموها مخلافاً لتخلف بعضهم عن بعض فيها ألا تراهم سوها مخلاف زبيد ومخلاف سنحان ومخلاف همدان لا بد من إضافته إلى قبيلة.