انتقل إلى المحتوى

مجلة المقتبس/العدد 56/غرف التجارة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 56/غرف التجارة

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 10 - 1910



تتمة ما ورد في الجزء الماضي

ذكرت قبلاً بعض ما تمتاز به الغرفة الباريزية على غيرها من الغرف الفرنسوية من الامتيازات وقد مضى عليها مائة وسبعة أعوام وهي ذات مقام سام خاص بها ولها خمس لجان علمي استشارية الأولى تبحث في المسائل الاقتصادية كما شأنها تتوغل بتحقيق مسائل الرسوم الجمركية والإدخالية (الأوكتروا) والثانية تشتغل بمسائل الوسائط النقلية والثالثة بالمسائل التجارية والصناعية والرابعة بمسائل الصادرات وتعنى الخامسة بالدروس ولها أيضاً تسع لجان إدارية تشتغل بدور البورصة ومدارس التجارية والمكتبات. . . . ولها ديوان يتولى كتابة تقاريرها الأسبوعية وقد نظمت هذه الغرفة خلال سنتي 1901 و1902 ستة وسبعين ومائة تقرير في مسائل شتى واتحدت مع عدة لجان أُلفت في النظارات وأوفدت منها أعضاء إلى المؤتمرات الأجنبية.

وتنفق كل عام أربعة وخمسين ألف فرنك على الدائرة الوطنية للتجارة الخارجية وستة وستين ألفاً على مدرسة التجارة ومئة وعشرين ألفاً على مدرسة التجارة العالية وخمسة وثلاثين ألفاً على الدروس الليلية وأربعين على دور البورصة وثلاثين ألفاً على الأوضاع والأعمال المفيدة للتجارة.

وتتولى غرفة التجارة الباريزية إدارة كل من مدرسة العلوم التجارية العالية التي أنشئت سنة 1881 وموازنتها 527 ألف فرنك ومدرسة التجارة العالية التي أنشئت سنة 1820 وموازنتها (510) آلاف فرنك ومدرسة التجارة التي أسست عام 1863 وموازنتها 235 ألف فرنك وتحت حماية غرفة تجارة باريز الجمعية التجارية لتعليم الألسنة الأجنبية وجمعية الترغيب في إصدار الأموال التجارية الفرنسوية وقد أسستا عام 1881.

  • * *

ذكرنا أوضاع الغرف الفرنسوية عامة والغرفة الباريزية خاصة ونبحث الآن في أوضاع الغرف التجارية في البلاد العثمانية وإليك البيان:

قضى القرار الصادر في العام 1293 بتأليف جمعيات زراعية وتجارية مؤلفة من أربعة وعشرين عضواً في القسطنطينية واثني عشر عضواً في حواضر الولايات وثمانية أعضاء في مراكز المتصرفيات وأربعة أعضاء في مراكز الأقضية ومن الشروط الأساسية النظامية أن يكون الأعضاء الذين يتوظفون في القسم التجاري من التجار والأعضاء الذين يتوظفون في القسم الزراعي من الزراع وأن تكون الغرف مرتبطة وملحقة بعضها ببعض وأن تكون غرف الولايات تابعة لنظارة التجارة مباشرة. وكانت الغاية من كل هذا تنسيق الغرف تنسيقاً إدارياً بحيث تكون مرتبطة بالحكومة ارتباطاً موثوقاً غير أن هذا التنسيق الذي لم ينظر في وضعه إلى الوسط والأحوال لم يثمر قط الثمرة المطلوبة. وفي اليوم السادس من صفر عام 1297 أي بعد أربعة أعوام أعلن النظام الأساسي لغرفة القسطنطينية وفي العشرين من رمضان عام 1298 الموافق لليوم الثالث من آب 1298 أعلن النظام الداخلي لغرفة التجارة وأصدر في هذا التاريخ قوانين تقضي بتأسيس غرف صناعية وتجارية على حدة.

وكان إعلان النظام الأساسي لغرف التجارة باسم النظام الأساسي لغرفة دار السعادة التجارية ولم تسن الحكومة نظاماً خاصاً بغرف الولايات التجارية. ولم يعلم سر نسبة هذا النظام إلى غرفة القسطنطينية على أنه لم يكن مستحيلاً درج الحكام والمواد المتعلقة بغرفة القسطنطينية التجارية في النظام العام للغرف التجارية.

ولم تمنع هذه الحال تأسيس الغرف في الولايات بل أن هذه حذت حذو اسطنبول وأنشأت غرفاً قياساً على غرفة العاصمة. وقرر شورى الدولة أن تطبق غرف الملحقات وضعها وإعمالها على غرفة الآستانة وأن يراقب موظفو الملكية الغرف ويلاحظوا ما يكفل حسن إدارتها وبقائها وأنه أنيط بالولاة إنشاء الغرف في أوقاتها لإيجاد الأسباب التي تؤول إلى ترقية التجارة الأهلية وأنها (الغرف التجارية) مرتبطة بنظارة التجارة وأن لها الحق بمراجعة النظارة إذا دعت الحاجة وأبلغ كل هذا إلى محل الإيجاب واتخذ أيضاً بعض قرارات بما ستجري على غرف الولايات والأقضية من الامتيازات.

ولقد تأسست غرف زراعية في بعض الجهات ولم تؤسس في أكثرها ولم يؤسس غرف صناعية مطلقاً ولذلك طلبت نظارة التجارة أن تقوم غرف التجارة بأعمال الغرف الزراعية والصناعية وواجباتها. وقرر مجلس الوكلاء قبول هذا الطلب واقترن بإرادة سنية في السابع والعشرين من جمادى الآخرة لعام 1306 وعلى إثر إلغاء غرف الزراعة والعدول عن تأسيس الغرف الصناعية دعيت الغرفة التجارية (غرف التجارة والزراعة والصناعة) ولكن من اللازم اللازب إحداث غرف زراعية على حدة لأن العنصر الحيوي في بلادنا هو ولا شك الزراعة. ويتيسر للغر فالتجارية أن تقوم بأعمال غرف الصناعات ولا بأس بتوحيدهما لأن الصناعات في بلادنا أقرب إلى العدم منها إلى الحياة.

يقضي النظام الأساسي لغرف القسطنطينية التجارية أن تكون مؤلفة من أربعة وعشرين عضواً.

وشروط العضوية أولاً أن يكون المنتخب (بفتح الخاء) بالغاً الثلاثين من عمره ثانياً أن يكون ممن قضوا في التجارة لا أقل من خمس سنين غير متهم بجنحة أو جناية ولا مفلس (إلا إذا استرجع اعتباره بعد الإفلاس) وأن يكون من ذوي الشرف والاستقامة. وتجري الانتخابات بالأكثرية الخفية. وعند تساوي الآراء يرجح الأكبر سناً ولا يجوز انتخاب عضوين من شركة واحدة. ولجنة الانتخاب تتألف من عشرين منتخب أول (بفتح الخاء) تنتخبهم نظارة التجارة والزراعة (الآن نظارة التجارة والنافعة) وعشرة ينتخبهم التجار فيجتمعون تحت رئاسة ناظر التجارة (في الولايات تحت رئاسة الوالي والألوية تحت رئاسة المتصرفين وفي الأقضية تحت رئاسة القائم مقامين). وأعضاء الغرفة ينتخبون من بينهم رئيساً أول ورئيساً ثانياً بالأكثرية المطلقة ويعرضون هذا الانتخاب على النظارة لتجيزه.

مدة العضوية (ولقد استعمل القانون في هذا المقام لقلة وظيفة الأعضاء على أن عضوية غرفة التجارة ليست وظيفة من الوظائف) ثلاثة أعوام ولم يكن يجوز إلى تاريخ 1 كانون الثاني لعام 305 تجديد انتخاب العضو قبل مرور سنة على انقضاء عضويته السابقة ولكن المادة المعدلة في هذا التاريخ جوزت تجديد انتخاب العضو غب انقضاء المدة. ومن لا يحضر الجلسات مدة سنة أشهر يعتبر مستقيلاً وإذا توفى أحد الأعضاء أو استقال أو حكمة عليه بجناية أو جنحة تنتخب لجنة الانتخاب غيره عند حلول أول اجتماعها ويتم العضو الجديد المدة الباقية لسلفه. وإليك واجبات الغرفة التي ذكرها النظام الأساسي وهي إبلاغ المواد الآتية رأساً وتحريراً إلى نظارة الزراعة والتجارة:

(1) وسائل ترقية الصناعة.

(2) ما يجب على النظارة القيام به من الإصلاح والتحوير.

(3) الأمور التي من شأنها ترقية التجارة: تعارف الجمارك، والأشغال العامة (الأمور العمرانية والنافعة)، المراسي، الملاحة في الأنهر، أسلاك البرق، السكك الحديدية، فتح الطرق والشوارع، تأسيس دور البورصة، إصدار الجرائد التجارية.

وفي النظام صراحة بأن الغرف مطالبة بإحداث سجلات وقيود منتظمة لكل ما له علاقة بالأعمال التجارية من أموال والمسكوكات والإسهام ومما يقضي به نص القانون إلزام الغرف بالإجابة على أسئلة النظارة مؤيدة أجوبتها بهذه السجلات والقيود موقعة عليها بختم الغرفة.

ولغرفة التجارة الحق في وضع نظامها الداخلي كما هو مصرح في إحدى مواد نظامها الداخلي المترجم عن نظارة عام 1831 الفرنسوي وقد عملت بموجب هذا الحق وسنت نظامها الداخلي إلا أنها دفعته إلى الدوائر الإيجابية ثم قرنته بإدارة سنية بلا ضرورة نظامية.

  • * *

يعبر النظام الداخلي غرفة التجارة مصدر الأخبار التي تتصل بنظارة التجارة عن التجارة والتجار ولصلة بين الحكومة والتجار في الأعمال التي تجري بينهما.

والواجبات الأساسية على الغرفة هي البحث والتنقيب عن المصالح التجارية والصناعية والوسائل التي تؤول إلى ترقية الصناعة والتجارة والتذرع بها وعن العوائق التي تحول دون تقدمها وإبلاغ الحكومة ما تعثر عليه الغرف من نتائج البحث والتحقيق للغرف الحق بإجراء الأمور الآتية عدا عن الواجبات التي سبق ذكرها آنفاً والتي ذكرت في النظام الأساسي:

أولاً_تدعو الغرف التجارية التجار وأصحاب المصارف (البنوك) والمعامل ليسجلوا أسماؤهم في دفاتر الغرف الخاصة والدعوة تعلن بنشرات عامة أو في الجرائد.

ثانياً_تسجل سفر التجار (المسجلة أسماؤهم عندها) وقدومهم وإفلاسهم واسترجاعهم الاعتبار التجاري (بعد الإفلاس) وإذا حكم على أحدهم ظناً أو اتهاماً بجنحة أو جناية يسجل أيضاً هذا الحكم في الدفتر الخاص لهذه الوقائع.

ثالثاً_تصدق مجاناً الكفالات وأوراق الشهادات والتقارير ومقدرة الكفلاء فيما يتعلق بالأمور التجارية.

رابعاً_تستجلب محال الإيجاب بواسطة نظارة التجارة أوراق إقامة الحجة البرتستو التي تنظم بحق التجار وأصحاب البنوك والمعامل لعدم تأديتهم البونويات والسندات المحررة للأمر والسفاتج الموقعة بتواقيعهم.

خامساً_تستنسخ في دفتر خاص عين الصكوك والعقود التجارية والصرافية والبحرية والصناعية والعمرانية المنعقدة خارج الغرفة عند طلب الفريقين المتعاقدين.

سادساً_للغرف التجارية الحق في إبداء ملاحظاتها في تجديد قانون التجارة وتصحيحه والنظامات التي لها علاقة بمحاكم التجارة وفي تأسيس غرف التجارة في الولايات ودور البورصة وتوظيف الدلالين وكبار الكامبير وسن تعرفات للدلة وقوانين لها ولغيرها من الأمور التجارية التي يجب أن يكون لها تعرفات ونظامات وفي البنوك والأعمال العمرانية.

قضت المواد المؤرخة في 7 المحرم لعام 1299 أو 18 تشرين الثاني لعام 1297 المذيلة للنظام الداخلي للغرف التجارية بأن تنظم الغرف التجارية أوراق الشهادات بالكفالات التي تقدم إلى الدوائر الرسمية والمحاكم التجارية والحقوقية باسم التجار وأن ترسل إلى محل المزايدة مأموراً تنتدبه ليحضر الحجز والمزايدة للأموال وتقدير القيم من قبل الخبراء إذا كان ذلك بقرار من المحكمة. ومن جملة ما تقتضيه المواد المذكورة إلزام الدلالين والوسطاء (سماسرة التجار) بتسجيل أسماءهم في الغرفة التجارية وأن يأخذوا منها تذاكر بإجراء صناعتهم وأن لا يقبل في المزايدات والمناقصات للدوائر الأميرية إلا التجار والدلالون الذين بيدهم شهادات بأنهم مسجلون في دفاتر الغرف التجارية وأن يكون تسطير صحائف دفاتر التجار ووضع إشارة (صح) عليها من قبل الغرف_وقد أعيد بعد ذلك حق كتابة صحائف دفاتر التجار ووضع إشارة (صح) إلى محرر المقاولات كما في السابق. والمنع الذي ذكر قبل المادة الأخيرة لم يراع إلا قليلاً.

  • * *

سبق أن أعضاء غرفة التجارة الإستنبولية أربعة وعشرون وذلك بمقتضى النظام الأساسي. وأما تأليف غرف التجارة في الولايات من اثني عشر عضواً وفي الألوية من سنة أعضاء والأقضية من ثلاثة فهو من أحكام المقررات وأعضاء الغرف يجب أن يكونوا من تجار أحد الطبقتين: الأولى والثانية المسجلة أسماؤهم في دفتر الغرفة هم أصحاب المصارف وهؤلاء يدفعون للغرف خمس ليرات كل سنة. والصنف الثاني من التجار المسجلة أسماؤهم في الغرفة هم الذين يؤدون ثلاث ليرات سنوياً والصنف الثالث منهم يدفعون ليرتين والرابع ليرة واحدة عن بدلات الاشتراك والشركاء الذين لهم توقيع واحد يعتبرون تاجراً واحداً. والتجار يسجلون أولاً أسماؤهم في دفتر الغرفة ثم يعتبرون من أحد الأصناف الأربعة بقرار من الأعضاء ويحق للأعضاء المسجلة أسماؤهم في الصنفين الأول والثاني أن ينتخبوا أعضاء لغرفة التجارة كما أن الأعضاء الموقتين في المحاكم التجارية والخبراء والمميزين لبعض الدعاوى والأشخاص الذين يفحصون الدفاتر التجارية يجب أن يكونوا من الصنفين المذكورين.

(المواد المذبلة).

تجتمع أعضاء الغرف التجارية في الأسبوع وإذا اقتضت الحال يعقدون اجتماعات غير عادية بدعوة من الرئيس أو بطلب كتابي من ستة أعضاء وبعد نصب الرئيسين الأول والثاني ينتخب الأعضاء من بينهم بأكثرية الأصوات مشاورين أولاً وثانياً لسنة وأميناً عاماً للصندوق. وما عدا هذا يجوز أن يكون للغرفة أمين صندوق بكفالة وكتبة للتركية الفرنسوية وسواهم من الموظفين والمستخدمين وتجري مذاكرات الغرفة بحسب ما تقتضيه أعمالها اليومية وقبل ارفضاض الجلسات تنظم الغرفة يومية المذاكرات عن الاجتماع القادم. وعلى الرئيس إعلام الأعضاء كتابة بأيام الاجتماع. ولا تبرم القرارات إلا إذا حضر الجلسات اثنا عشر عضواً ولكن تجوز المذاكرات إذا اجتمع أقل من ذلك وتكتب الآراء والملاحظات التي يذكرها الأعضاء في أوراق الدعوة للجلسة القادمة والأعضاء الذين لا يحضرون ثانياً أن يقبلوا رأياً من هذه الآراء ويبلغوه إلى الغرفة كتابة وإما أن يحضروا الجلسة المعينة في أوراق الدعوة ويعربوا عن آرائهم الذاتية وإذا خالفوا في أجوبتهم الكتابية آراء الأعضاء ولم يحضروا أو أنهم لم يجيبوا الدعوة كتابة ولم يحضروا الجلسة بتاتاً تعرض الغرفة عن آرائهم ويبرم القرار ولو لم يبلغ الأعضاء المقدار المعين.

وللغرفة حق في تعيين لجان مؤلفة من غير الأعضاء للنظر في بعض المسائل ولا يجوز أن يتجاوز عدد أعضاء هذه اللجان الستة وتنتدب الغرفة أحد أعضائها لينضم إلى اللجنة ويقوم بوضع لائحة تتضمن نتائج البحث عن المادة المحولة إلى اللجنة.

وللرئيس الحق في تأليف لجنة للبحث في المواد الجديرة بالقبول المبلغة إلى الرئيس تؤلف من ثلاثة رجال ينتخبهن الأعضاء ويقضي النظام الأساسي بأن تكون مداخيل الغرف التجارية عبارة عن بدلات الاشتراكات التي يدفعها التجار وبعض الرسوم (ولم يذكر صاحب المقالة هذه الرسوم) وما زاد على نفقات الغرفة من المداخيل يجوز إنفاقه بقرار الغرفة وإذن الحكومة معاً على إنشاء مدارس وجرائد تجارية: ولكن يرصد منه مبلغ لا يقل عن مئتي ليرة لأحوال طارئة. والغرفة مكلفة بتنظيم ميزانيتها لأخر كل سنة.

وهذا تعريب نص إحدى المواد الانتهائية:

(تعرض الغرفة التجارية على أنظار مراحم (؟!) الحكومة الجوائز لذوي الاختراعات الصناعية التي ينجم عنها منافع عامة.

  • * *

إن النظامين الأساسي والداخلي لغرفة التجارة المعدلين بمقررات من شورى الدولة لاستحالة تطبيق موادهما على الولايات محتاجان إلى تعديل مهم يجب إدخاله عليهما:

أولاً: إن النظام الأساسي لغرف التجارة مختصر كثيراً وخاص بالعاصمة وثانياً إن كثيراً من مواد النظام الداخلي يجب إدخالها في النظام الأساسي ولذلك يجب مزج لنظامين المذكورين ومراجعة آراء الغرف التجارية في العاصمة والولايات وتدقيق النظامات الأوربية ثم بعد ذلك يجب على نظارة التجارة سن لائحة قانونية لتعرض على مجلس الأمة في اجتماعه القادم.

ولا شك أن الفوائد التي تنجم عن إنشاء الغرف التجارية على أسس حقوقية والواجبات وتنسيقها بحيث تكون ممثلة للتجار ونائبة عنهم تكون عظيمة. وبعد قبول مجلسي الأمة والأعيان اللائحة المذكورة واقترانها بإرادة سنية يجب الشروع بالعمل بها دون تأخير ومن الضروري إعطاء حق وضع النظام الداخلي للغرف نفسها بشرط أن لا يكون مناقضاً للنظام الأساسي ويجب أن تسجله الغرفة في نظارة التجارة.

إن تعريف الغرف التجارية المذكور في النظام الداخلي ليس بتعريف يضمن كرامتها ولذلك من الضروري إدخال قيد يتضمن للغرف المذكورة حق الدفاع عن المصالح التجارية وصيانتها وبذلك فقط تعلو مكانة هذه الأوضاع.

ويجب تأسيس غرف تجارية في كل حاضرة من حواضر الولايات كما هي الحال في فرنسا وأن يكون تأسيسها في مراكز الألوية والأقضية غير محتم وإذا ارتأى التجار أو الحكومة تأسيسها في الألوية أو الأقضية يجب أن يكون ذلك بعد موافقة المحاكم التجارية في مراكز الولايات والألوية والأقضية أو موافقة الغرف التجارية في مراكز الولايات والألوية.

يجب إعطاء الرخصة بتأسيس الغرفة من قبل الولاية وإعلام نظارة التجارة بواقعة الحال. ولا حاجة بحسب النظام الحالي لتصديق انتخاب الأعضاء من قبل الحكومة ويجب أن تبقى الحال كما هي اليوم ولا أرى أيضاً أن يتوقف انتخاب الرئيس على إجازة الولاة والمتصرفين والقيم مقامين بل يشترط على الرئيس الذي ينتخب أن يكون من الوطنيين.

وللأعضاء المراسلين في بلادنا أيضاً شأن كبير ولذلك يجب أن يكون للغرفة أعضاء مراسلون من البلدة التي أسست فيها الغرفة وهي تنتخبهم ويجب أن يحضروا الجلسات ويستضاء بآرائهم في بعض المسائل كما أنه من الضروري أن يكون للغرفة أعضاء مراسلون في الولايات والبلاد الأجنبية. ويجب أيضاً توسيع حق الانتخاب وإعطاؤه لكثير من التجار والصناع الذين يؤدون رسوم التمتع وعملاً بهذا المبدأ يجب العدول عن القاعدة التي تقضي بأن يكون تعين النصف من أعضاء لجنة الانتخاب من قبل الحكومة والنصف الآخر من قبل التجار وأن يكون حق الانتخاب للعضوية مشروطاً بالأحوال الآتية. أن يكون المرشح للانتخاب مقيماً منذ مدة معينة في البلدة التي تقام فيها الغرفة مشتغلاً هذه المدة بصناعة أو تجارة (بكل ما تشتمل هاتين الكلمتين من ضروب الأعمال) ومن الذين يؤدون ضريبة التمتع ومن ذوي الأشراف والاستقامة.

أما مسألة الجنسية العثمانية فقد سبق أن هذا الشرط غير مصرح به في القانون الفرنسوي ولكنه مرعي في الانتخابات وأما عندنا فلم تشترط التابعية العثمانية على الأعضاء فمنهم الأجنبي ومنهم العثماني على السواء. ويجب أن تظل الغرف على هذه الحال إلى حين ولاسيما وأن التجار الأجانب المقيمين في بلادنا منذ مدة طويلة قد درسوا شؤون بلادنا حق الدراسة وإذا أضفنا إلى ذلك مقدرتهم العلمية وسعة إطلاعهم ووفرة بحثهم تبين لنا أنه يستفاد منهم إذا كانوا بين أعضاء غرفنا التجارية إنما يشترط على أولئك الأعضاء الأجانب إقامتهم في بلادنا مدة لا تقل عن عشر سنين مشتغلين خلالها بالتجارة.

جاء في نظام غرف التجارة أن لها الحق في إنشاء مدارس وجرائد تجارية ويجب أن يكون لها الحق أيضاً بتأسيس غير ذلك من الأوضاع التجارية وأن تتعهد (إذا رغبت) القيام بالأمور العمرانية على طريق الامتياز ولكن الواجب أن تكون خاضعة للشروط التي تشترط على غيرها من أصحاب الامتيازات.

ولا يمكن لغرفنا التجارية أن تقوم بالأعمال التي تؤول إلى ترقية تجارتنا ما لم تتوفر في ميزانيتها المداخيل وإلا فإن محافظة الحالة الحاضرة تقضي بأن تظل مداخيلها تكاد لا تساوي النفقات الجارية السنوية مما لا يجوز البقاء عليه أبداً.

فيجب تقسيم الشركات الأنونيم على درجات معينة وإلزامها بتأدية مقادير مقررة سنوية تعين بحسب هذه الدرجات. ويجب أن تقرر درجات التجار بدر ما يدفعون من ضرائب التمتع لا بمجرد رأي الغرف وتقديرها. ومن اللازم اللازب تسجيل التجار أصحاب هذه الدرجات كافة وإلزامهم بتأدية الضرائب السنوية.

  • * *

لم يتصل بأحد إلى هذا العهد أن الغرف التجارية قامت منذ تأسيسها بمشروع يرفع مكانة التجارة في هذه البلاد. ولقد غابت هذه الغرف حيناً من الزمن ثم عادت تظهر في مظهر الحياة ثم أفلت بعد الشروق أفولاً لا طلوع بعده أو عاد بعضها بعد طول الغروب ولم تكن أعمالها في الغالب إلا عبارة عن تسويد القرطاس أو إبداء بعض الآراء التي لم يلتفت إليها. ولم تلتفت الغرف التجارية إلى إنشاء مدارس أو صحف تجارية البتة. ولا تلقى تبعة هذا الإهمال على الغرف التجارية بل على الحكومة السابقة. ولقد سبق أن بعض الغرف التجارية طلبت مرات عديدة إصلاح الأصول الرسومية وتسهيل المصالح التجارية دون أن تتجاوز إلى طلب إنشاء أوضاع جديدة ولم تثمر هذه المراجعات قط.

ولما يئس التجار من الاستفادة من الغرف التجارية تخلو عنها ولم يعودوا يؤمون أبوابها وقطعوا عنها رواتبهم السنوية ومما يدلنا على درجة ارتباط التجار بغرفهم هذه مداخيل غرفة القسطنطينية قبل عشر سنين فإنها كانت في ذلك الحين ضعفي مداخيلها اليوم.

هذه الأحوال من جهة وكون انتخاب الأعضاء لغرفة التجارة في العاصمة لم يكن كما وضعه القانون بل كان بيد نظارة النافعة تمنح العضوية من تشاء على نحو ما كانت تجري القاعدة في الإحسان بالرتب والمناصب من جهة أخرى كل هذا وذاك ليس من الأمور التي ترتاح إليها نفوس التجار أو تطمئن بسببها قلوبهم إلى للغرفة التجارية.

التجار أكثر وأسرع من جماع طبقات الأمة معرفة وشعوراً بالانقلاب الكبير الذي يسري إلى شؤوننا العامة. ومع ذلك فإن حياة حرية التجارة قائمة بتوطيد دعائم الأمن ومتى اطمأن جمهور التجار إلى أن مصالحهم الأصلية مصونة يجدر بنا الاعتماد عليهم بحيث لا يغادرون مثقال ذرة من واجباتهم ومن الواجب على الغرف أن تطلب من الحكومة بجد ومضاء تحديد نظام الغرف وتعديله وأن البحث بحثاً مدققاً في ضروريات التجارة ونواقصها في المحال التي تنتسب إليها وتدفع بآرائها وملاحظاتها إلى نظارة التجارة وأن توجه همتها إلى إنشاء المدارس والصحف التجارية والدروس الليلية التي تكفل توسيع دائرة العلم بين أرباب التجارة. كل ذلك حقيق بالمفاداة ولا شك أن الأعمال المعروفة في هذا السبيل تكلل بالنجاح.

ويجب أن تكون غرفة القسطنطينية التجارية نموذجاً لسائر الغرف وأن تدفن العنعنات الماضية فتجعلها نسياً منسياً: يجب أن تتقدم هذه الغرفة بفتية الأفكار وتدخل الإصلاح الحقيقي إلى مجلتها المدرسية وغير منكر أن هذه الصحيفة التجارية الوحيدة في البلاد العثمانية لا تفي بالحاجة بمقالاتها التي لا تتجاوز العمودين وفقراتها المترجمة بل يجب على غرفة القسطنطينية أن تتخذ مجلة غرفة التجارة الفرنسوية مثالاً وتنحو نحوها فتنشئ على منوالها صحيفة تجارية جامعة لأخبار التجارة الداخلية والخارجية الجدية المفيدة والموضوعات الأساسية فإذا لم تقم غرفة القسطنطينية بهذه الأعمال ولم تأت بالآثار الدالة على رقي صحيح لا تنال مكانة أرفع من مكانتها في دورها السابق.

أما التجار المسجلة أسماؤهم في دفتر غرفة القسطنطينية فهم (47) من الصنف الأول و (107) من الثاني و (240) من الثالث و (50) من الرابع وقد يوجد بين تجار الصنفين الثالث والرابع من يجب أن ينتظموا بين تجار الصنفين الأول والثاني وبين التجار الذين لم يسجلوا أسماءهم في الغرفة كثير يجدر بهم الانتظام في إحدى الدرجات الأربع. والأمل وطيد بترقي مداخيل الغرفة ولو بقيت على أصول تصنيف درجات التجار على حالتها الحاضرة.

وتبلغ مداخيل غرفة القسطنطينية وحدها (ما عدا مداخيل جريدتها ونفقاتها) 175. 326 قرشاً صحيحاً تنفق في مقابلة ذلك 43532 قرشاً على رواتب موظفيها و21739 قرشاً على النفقات المتفرقة و216000 على أجور داره ونحوه. فالنفقات الإدارية وحدها تتجاوز دخل الغرفة ولا ينفق على المشاريع النافعة من مداخيلها بارة واحدة وما حالة غرف التجارة في الولايات بأشفى للصدور وأوفى للأماني من غرفة القسطنطينية ولقد رغبت أن أعرف عدد غرف التجارة في الولايات والألوية والأقضية من القيود الرسمية فماذا رأيت؟. .

رأيتني أمام كمية تستحق العجب: في بلادنا مئة وخمسون غرفة تجارية على أن عامة غرف التجارة في فرنسا لا تتجاوز المئة والعشرين.

وبما أنني أعتبر الغالب من هذه الغرفة المقيدة في الدفاتر حبراً على ورق ولا أصدق أن الفهرس الذي أنقل منه متقارناً للصحة.

وللأجانب في بعض المراكز التجارية العثمانية غرف تجارية ففي القسطنطينية غرف تجارية إنكليزية وإفرنسية وطليانية ونمسوية وألمانية ويونانية ولكل واحدة منها نظام داخلي وللغرفتين الإنكليزية والفرنسوية مجلتان بلسان قومهما. اسست غرفة التجارة الإنكليزية في سنة 1887 ولها رئيس وثمان أعضاء وعضوان خارجيان وعضوا شرف وكاتب وأمين صندوق وأربعة كتبة شرف في سلانيك وأزمير ومنشستر ولندن ولهذه الغرفة مراسلون في سلانيك وأزمير ومنشستر ولندن والولايات العثمانية. ولها مجلة يبلغ حجمها ستاً وثلاثين صفحة كبرى جامعة لمقالات في التجارة الإنكليزية العثمانية والأخبار والإحصاء.

وفي أزمير أيضاً غرفة تجارية إنكليزية.

ويشترط في عضوية الغرف التجارية الإنكليزية الاشتغال بالتجارة أو بالصناعة أو الشؤون المالية ويشترط على العضو أن يكون إنكليزياً أو من وكلاء المعامل الإنكليزية في البلاد العثمانية.

ورئيس الشرف لغرفة التجارة الفرنسوية هو قنصل فرنسا لعام ولها لجنة إدارية مؤلفة من تسع أشخاص في جناق قلعة ولجنة أخرى مؤلفة من تسعة عشر شخصاً في بورصة ولها مراسلون في سبعين بلداً داخل البلاد وفي الخارج لها من يخابرها في روسيا وفارس ورومانيا والصرب واليونان.

وتصدر هذه الغرفة شهرياً مجلة في سبعين أو ثمانين صفحة منذ اثنين وعشرين حجة بلا انفصال. وتدعى هذه المجلة مجلة الشرق التجارية. وهيب جامعة للأخبار والمقالات المفيدة للغاية وإني أتمنى أن تعلو مكانة غرفتنا التجارية إلى منزلة غرفتي التجارة الفرنسوية والإنكليزية وأن تتقدم جريدتها تقدم الجرائد اليومية.

ما بين النهرين:

تعريب ز. خ.