انتقل إلى المحتوى

مجلة المقتبس/العدد 53/إلى العرب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 53/إلى العرب

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 7 - 1910



يا معشر العرب الكرام تحية ... شغف النسيم بها فبات عليلا

رقت فلولا الشعر يحيا ذوبها ... وجدت لها بين السطور مسيلا

من شاعر لولا هواه يقومه ... ما كان برضى اليراع خليلا

باتوا يلوموني وبات القلب عن ... لوم الوشاة بحبهم مشغولا

زادوا ولوعاً بالملام وأسرفوا ... فيه فزدت ثغورهم تقبيلا

حلت الثغور بذكر من أحببتهم ... فرشفت من برد اللمى معسولا

إني لأهفو إن أردت حديثهم ... حتى أنك قد أدرت شمولا

ماذا علي إذا عددت هواهم ... ديناً وغيري عده تضليلا

والناس مختلفون في أهوائهم ... متباينون مشارباً وميولاً

ولرب محسوس ترى آثارهم ... ليس على كل النفوس شكولا

سجع الحمائم يستفز أخو الهوى ... طرباً ويحسبه الحزين عويلا

  • * *

قومي وأنتم خير من فوق الثرى ... واجلهم يوم الفخار أصولا

ردوا على الشرق القديم شبابه ... فالأمر بات لعزمكم موكولا

شخصت لواحظه إليكم يبتغي ... نيل الرجاء فحققوا المأمولا

وانضوا العزائم للرقي وحسبكم ... يوم الطلاب تواكلاً وخمولا

لا تيأسوا فاليأس كم جرَّ الردى ... وغدا على صغر النفوس دليلا

وأخو العلى من لا يزال طلابه ... أبداً بأسباب الرجى موصولا

فالروض يزهو بالنضارة بعدما ... نهكته عادية الهجير ذبولا

وإذا المنى امتنعت وعز منالها ... كان الثبات بنيلهن كفيلا

  • * *

فامشوا إلى كبد العلاء بهمة ... تذر الجبال الشامخات سهولا

وتقحموا الغمرات واصطبروا لها ... فالمرء أن يجبن يعش مرذولا

المجد مطلبه الشديد فأخلقوا ... عزماً يذلل صعبه تذليلاً

  • * * واستشهدوا التاريخ أصدق منبئ ... بالغابرات من العصور الأولى

أيام تبتدر الجياد شوازباً ... يضربن عرضاً في البلاد وطولا

يحملن أبطال الجزيرة طلعاً ... كالأسد أبرحها الحفاظ الغيلا

من كان أروع مثلما تهوى العلا ... كالسيف عضب الشفرتين صقيلا

تلقاه يؤثر إن يموت مكرماً ... عن أن يمتع بالحياة ذليلاً

فتحوا البلاد وغادرت أسيافهم ... في كل أرض ونة وصليلاً

بيض إذا انتضيت ليوم كريهة ... وردت ظباهن الدم المطولا

كتبوا بها في الدهر آية سؤدد ... لا تقبل التحريف والتأويلا

  • * *

ذودوا عن اللغة التي وردت بها ... آي الكتاب ونزلت تنزيلا

هي روح نهضتكم ومعقد مجدكم ... فتعدوهما بكرة وأصيلا

وحياتكم يا قوم احتفظوا بها ... أو ترتضون عن الحياة بديلاً

  • * *

لا تحسبوا الدستور يسعدكم إذا ... لم تسلكوه للرقي سبيلاً

وإذا الصبح بدا ولم نجف الكرى ... لم يجدنا فلق الصباح فتيلا

فاسترشدوا بالعلم وانصرفوا له ... وتدارسوا المعقول والمنقولا

وابنوا المدارس في البلاد كأنها ... زهر تزيج من الظلام سدولا

وهي الكفيلة حين يعمر ربعها ... إنا ننال من الزمان السولا

تكاتفوا في السعي لا تتخاذلوا ... فيبيت ممردة الصروح طلولا

وتعهدوا الأخلاق فهي إذا التوت ... تركت ممردة الصروح طلولا

ما كان تحرير الرقاب بنافع ... إن لم نحرر أنفساً وعقولاً

دمشق: جرجي الحداد.