انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 994/ديوان مجد الإسلام

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 994/ديوان مجد الإسلام

ملاحظات: بتاريخ: 21 - 07 - 1952



نظم المرحوم الشاعر احمد مهرم

يقدمه الأستاذ عبد اللطيف نعيم

من قباء إلى المدينة

أقبل فتلك ديار يثرب تقبل ... يكفيك من أشواقها ما تحمل

طال التلوم والقلوب خوافق ... يهفو بها إليك الحنين الأطول

القوم مذ فارقت مكة أعين ... تأبى الكر وجوانح تتململ

يتطلعون إلى الفجاج وقولهم ... أفما يطالعنا النبي المرسل؟

أقبلت في بيض الثياب مباركا ... يزحي البشائر وجهك المتهلل

يا طيب ما صنع الزبير وطلحة ... ولصنعك ألا وفي أجل وأفضل

خف الرجال إليك يهتف جمعهم ... وقلوبهم فرحا أخف وأعجل

هي في ركابك ما بها من حاجة ... ألا إليك، وسألها متجول

هجرت منازلها بيثرب وانتحت ... أخرى بمكة دورها ما تؤهل

وفدان هذا من ورائك يرتمي ... عجلا وهذا من أمامك ينيل

أنظر بنى النجار حولك عكفا ... يردون نورك حين فاض المنهل

لم ينزلوك على الخؤولة وحدها ... كل المواطن للنبوة منزل

نزلوا على الإسلام عندك إنه ... نسب يعم المسلمين ويشمل

ما للديار تزها نشوتها! ... أهي الأناشيد الحسان ترتل

رفت نظراتها وطاب أريجها ... وترددت أنفاسها تتسلسل

فكأنما في كل مغنى روضة ... وكأنما في كل دار بلبل

هن العذارى المؤمنات أقمنه ... عبيدا تحييهالملائك من عل

في موكب لله اشرق نوره ... فيه وقام جلاله يتمثل

جمع (النبيين الكرام) فآخذ ... بيد (الأمام) وعائذ يتوسل

يمشى به (الروح الأمين) مسلما ... وجبينه بفم النبي مقب أية بنى النجار أن محمد ... لا شد حبا للتي هي اجمل

خلوا سبيل الله ما لرسوله ... عما اعد من المنازل معدل

ذهبت مطيته، فقيل لها قفي ... هذا مناخك، لست ممن يجهل

الناس في طلب الحياة هاهنا ... سر لها خاف، وكنز مقفل

أعطى أبا أيوب رحلك واحمدي ... من أمر ربك ما يجئ ويفعل

ودعى الزمام (لأسعد بن زرارة) ... فإليه يعد الله أمرك يوكل

لما حملت الحق اجمع والهدى ... أمسى بحبل الله حبلك يوصل

يتنافس الأنصار فيك وما داروا ... لمن المفاز، وأيهم هو الأول

هي (كيمياء الحق) لولا أنها ... تهدى العقول لخلتها لا تعقل

دنيا من العجب العجاب ودولة ... يهوى النظار بها ويعلو الجندل

أرأيت أهل الكهف لولا سرها ... هل كان يكرم (كلبهم) ويبجل

شكرا (أبا أيوب) فزت بنعمة ... فيها لنفسك ما تريد وتسأل

ما مثل رفدك في المواطن كلها ... رفد يضاعف. أو عطاء يجزل

لله دارك من محله مؤمن ... نزل الحمى فيها، وحل للقفل

نزل النبي فيها، فحل فنائها ... مجد يقيم، وسؤدد ما يرحل

مجد (النبوة) في ضيافة ماجد ... سمح القرى يجد الجزيل ويبذل

وسعت جفان المطمعين جفانه ... كرما فيها يأبى ولا هي تبخل

أضفى على السعدين برد سماحة ... فأهتز جودهما وأقبل يرفل

جذلان محتفلا يقرب منهما ... لله ما يرضى وما يتقبل

جعل القرى سببا إلى رضوانه ... والبرى والإيمان فيما يجعل

جفنه أم زيد بن ثابت

يا زيد من صنع الثريد وما عسى ... ترجوا بما حملت يداك وتأمل

بعثتك (أمك) تبتغى في دينها ... ما يبتغى ذو الهمة المتعمل

شكر النبي لها، وأطلق دعوة ... صعدت كما شق الفضاء مجلجل

أطيب تلك هدية يسعى بها ... في الله ساع بالجلال مظلل لو أنها وزنت بدنيا (قيصر) ... رجحت وأين من الخضم الجدول

هي أن عيبت بوصفها ما يجتني ... من نعمة الإسلام، لا ما يؤكل

ما في جهادك (أم زيد) ريبة ... نار الوغى احتدمت وأنت الجحفل

شرع سرابيل الحروب وما اكتسى ... من سابغات الخير من يتسربل

المهاجرون في ضيافة الأنصار

يا معشر الأنصار هل لي عندكم ... ناد يضم النابغين ومحفل؟

عندي لشاعر كم تحية شاعر ... يسم القوافي وسمه يتنخل

تنمية في دنيا البيان روائع ... منها رواد كد ما تر يم، وجفل

الثاويات على هدى من ربها ... والسابحات السائحات الجوال

شغلت بها الدنيا وما هي بالتي ... تعنى بدنيا الجاهلين وتشغل

تأبى القرار بكل وأية ممحل ... وتحل بالوادي الذي لا يمحل

(حسان) أبلغ من يقول وليس لي ... فيه إذا ادعت المصاعق مقولا

انتم قضيتم للنبي ذمامه ... ونصرتم الحق الذي لا يخذل

وصنعتم الصنع الجميل كرامة ... لمهاجرين هم الرفيق الأمثل

فعرفت موضعكم وكيف سما بكم ... مجد لكم في المسلمين مؤثل

وأذعته نبأ لكم ما مثله ... نبأ يذاع ولا حديث ينقل

القوم قوم الله ملء دياركم ... وكأنهم بديارهم لم يرحلوا

الدين يعطف والسماحة تحتفي ... والحب يرعى، والمروءة تكفل

والله يشكر، والنبي بغبطة ... والشرك يصعق والضلالة تذهل

(دين الهدى والحق) في أعراسه ... والجاهلية في المآتم تعول

أن ها لها الحديث الذي نكبت به ... فلسوف تنكب بالذي هو أهوى

زولي معطلة العقول، فمن قضى ... أن البصائر والعقول تعطل؟

ألقى السلاح، فما لخصمك دافع ... ودع الكفاح، فما لجندك موثل

أزرى بك الفشل المبرح وارتمى ... بحماتك القدر الذي لا يفشل

السهل يصعب أن تواكلت القوى ... والصعب أن مضت العزائم يسهل أرسى المعاقل مؤمن، لا نفسه ... تهفو، ولا أيمانه يتزلزل

هذا النذير فإن أبيت سوى الأذى ... فالأرض الدم لا محالة تغسل

علقت بمقتلك الإسهام وما عسى ... يبقى الرمي إذا أصيب المقتل

الله اكبر، كل زورينقضي ... مر السحاب، وكل أفك يبطل