انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 978/رسالة الشعر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 978/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 31 - 03 - 1952



على ضفاف الليالي

للأستاذ محمود محمد سالم

وقفت على الشاطئ أرقب عودة الملاح التائه في غياهب الحياة وأترقب الزورق الساري في أنهار الأبدية. . يحدوه الأمل. . في الوصول. . ولكن:)!!

على ضفاف الليالي ... وقفت حيران أشدو

ولا بن جنبي خفق ... وملء بردي وجد

وأدمعي حائرات ... واليأس بي مستبد

وحولي الليل بحر ... به من الصمت مد

كأنما أنا فيه طيف ... إلى الموت يغدو

أجري وراء الأماني ... والموت خلفي يعدو

حتى مضى بي قبل ... وسوف يلحق بعد

وسوف أفنى وتفنى ... مشاعر لا تحد

ويصبح الناس عندي ... سيان مولى وعبد

فلست أبغض خصمي ... ولا الحبيب أود

إذ سوف أغدو خيالا ... في الوهم أولا أعد.!

فيا ضفاف الليالي ... أما لبحرك حد!

وما لقلبي حزينا ... على ضفافك يشدو!

على ضفاف الليالي ... رأيت طفلا صغيرا

يلهو ويلعب حتى ... ليملأ الكون نورا

حياته سلسبيل ... جرى وفاض نميرا

لا الشوك يدمي يديه ... إذا أراد الزهورا

بل الزهور الحواني ... إليه تهدي العبيرا. .!

في أمه وأبيه ... يرى الفضاء الكبيرا

فما يحاول شيئا ... إلا أتاه يسي جرى الزمان سريعا ... به وحث المسيرا

فأظلم الدهر منه ... ما كان بالأمس نورا

وحول النور نارا ... وأصبح الطهر زورا

والضحك عاد بكاء ... والسهل أمسى عسيرا

واليوم يشكو ويبكي ... مستعبرا مستجيرا

على ضفاف الليالي ... يبكي بكاء مريرا

فيا ضفاف الليالي ... أما لبحرك حد؟!

وما لقلبي حزينا ... على ضفافك يشدو. .!

على ضفاف الليالي ... هتفت: أين شبابي. .؟

وأين مني حبيبي ... وأين عهد صحابي. .!

وأين مسرح حبي ... أبثه اليوم ما بي. .!

وأين أين دموعي ... ولهفتي واغترابي. .!

إني أحب دموعي ... إني أحب عذابي

ولهفتي قد تولى ... من كان ضوء شهاب. .!

وعاد حلما بعيدا ... لمحته في الضباب

وصار أمسي ذكرى ... تلوح لي كالسراب. .!

فكيف ولى حبيبي ... وكيف غاب صحابي

وكيف بالله ولوا ... وأسرفوا في الغياب

كانوا هنا فتولت ... سعادتي في الركاب. .!

فيا ضفاف الليالي ... أما لبحرك حد

وما لقلبي حزينا ... على ضفافك يشدو

على ضفاف الليالي ... بزورقي قد سريت

لمحت طيفا جميلا ... من المنى فجريت

ما زلت أزجي شراعي ... في اليم حتى مضيت

فما بلغت بعيداً ... في اليم حتى أنثنيت ولاح فجر الأماني ... لخاطري فانتشيت

وقلت قر شراعي ... من رحلتي ونجوت

وأترع الحب كأسي ... من خمره فاحتسيت

حتى أفقت عليلا ... من نشوتي وصحوت.!

واحزنا قد طواني ... ليل الأسى فانطويت

على ضفاف الليالي ... بكيت ثم بكيت

فما أفاد بكائي ... وما شفتني (ليت)

فيا ضفاف الليالي ... أما لبحرك حد!

وما لقلبي حزينا ... على ضفافك يشدو.!

محمد محمود سالم