انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 97/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 97/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 97
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 13 - 05 - 1935



كتاب العام

أزمة أوربا

بقلم أندريه زيجفريد

صدر أخيرا بالفرنسية كتاب يعتبره بعض النقدة (كتاب العام)، وهو كتاب (أزمة أوربا) ' لمؤلفه الكاتب السياسي والاقتصادي الكبير أندريه زيجفريد، وهو يصدر في ظروف عصيبة تواجهها القارة القديمة. وقد شغلت هذه المعضلة منذ نهاية الحرب كثيراً من رجال السياسة والاقتصاد ولكن لم يلفت الأنظار مما كتب فيها سوى كتب ثلاثة: الأول كتاب (مصير أوربا) ' الذي ظهر غداة الصلح بقلم مسيو آبير ديمانجون، وفيه ينوه بخطورة التقدم الصناعي الذي حققته أمم كاليابان والولايات المتحدة (أمريكا). ثم أصدر مسيو لوسيان رومييه كتاباً ينوه فيه بعجز أساليب الإنتاج الأوربية القديمة عن مناهضة الإنتاج الضخم الذي تتبعه أمريكا؛ وتلاه مسيو شارل بوماريه في كتاب يبحث فيه أسباب نجاح الغزو الذي قامت به أمريكا لأسواق أوربا القديمة في القارة ذاتها

ولما وقعت الأزمة الاقتصادية الأمريكية خفت حدة هذه المسألة الشائكة؛ وخفت حدة الجدل عن الصراع الاقتصادي بين أمريكا وأوربا؛ ولكن الأزمة لما انتقلت إلى أوربا وعصفت بصرحها الاقتصادي، عادت نظرية الغزو الأمريكي والياباني لأوربا تشغل أذهان الساسة والاقتصاديين

وقد جاء كتاب مسيو أندريه زيجفريد يذكر أوربا القديمة أن الداء لا يذهب بداء آخر؛ ويقول مسيو زيجفريد إن أوربا يجب أن تواجه نفس المشاكل التي تواجهها باقي الأمم، ويجب أن تصلح نفس الأخطاء، ولكنها تواجه في نفس الوقت مشاكل خاصة بها؛ وقد لاحظ كثير من الباحثين ذوي النظر البعيد منذ نهاية الحرب أن الأمم الصناعية القديمة تجد نفسها اليوم أمام أمم فتية منافسة لم تكن تتوقع نهوضها؛ أمم تتفوق عليها بأجورها المنخفضة، وإنتاجها الضخم، وحداثة أدواتها واستعداداتها الفنية. ويلاحظ مسيو زيجفريد يحق أن ذلك الاحتكار القديم الذي كانت تتمتع به أوربا قد دخل في دور الانحلال، وهذه هي ناحية المشكل التي يعالجها ببراعة ووضوح

وأهم قسم في الكتاب هو الذي يشرح فيه المؤلف لنا كيف استطاعت أوربا أن تفرض سيادتها على العالم، وكيف بدأ العالم ينازعها هذه السيادة، ويقدم لنا المؤلف صورة قوية مما كانت عليه أوربا والعالم في أواخر القرن التاسع عشر، حينما كانت أوربا تكاد تحكم العالم في نوع (من الحق الإلهي). وقد استطاعت أوربا منذ عهد الأحياء (الرينصانص) (بوسائلها وشهواتها) أن تتفوق على باقي القارات الأخرى؛ ولم يمض قرنان على ذلك حتى استطاعت أوربا بواسطة ثورتها الصناعية أن توطد احتكارها بلا منازع؛ وكأن عناية إلهية مكنتها من تحويل جميع المواد الأولية التي ينتجها العالم إلى سلع ومنتوجات تستدر بها ثروات العالم كلها؛ وقامت سيادتها على إمبراطوريتها الاستعمارية التي شملت معظم بقاع الأرض، وسادت أساطيلها جميع البحار؛ واستطاعت بالاعتماد على قانون دولي مرن أن تفرض من النظريات والنظم على معظم الأمم ما يوافق مشاريعها ومصالحها؛ وانتهى الأمر بإقامة نظام اقتصادي هائل تستولي أوربا بمقتضاه على جميع المواد الأولية، ثم تردها إلى العالم سلعاً مصنوعة. يقول مسيو زيجفريد: وهذا نظام ضخم ذكي، تخضع فيه الحريات لصولة التوسع، والأخلاق لسلطة الفتح؛ تخضع فيه الحريات لصولة التوسع، والأخلاق لسلطة الفتح؛ ويعتبر فيه الحريات لصولة التوسع، والأخلاق لسلطة الفتح؛ ويعتبر فيه من الأمور المشروعة الخالدة أن يقسم العالم إلى طبقتين متباينتين: أرستقراطية أوربية تحتفظ لنفسها بالعمل الفني المثمر، وطبقة فقيرة يترك لها العمل الخشن المضني

ولكن هذه السيادة تبدأ منذ القرن التاسع عشر دور الانحلال؛ وقد كانت أول خطوة في ذلك تحرر بعض الأمم البيضاء كالولايات المتحدة والمستعمرات الأسبانية والبرتغالية، والدومنيون البريطانية. وفي أوائل القرن العشرين نزلت إلى الميدان بعض الأمم الملونة التي كانت تعتبر منحطة، وجاءت الحرب فزادت في بواعث الأزمة؛ ذلك أنها حطمت الأداة القديمة التي كان يقوم عليها توازن العالم، وحولت الإنتاج الأوربي عن مهمته الطبيعية، فاستطاعت القارات الفتية أن تغتني بسرعة وأن تغدو دائنة، وأن تنظم صرحها الصناعي على قواعد ضخمة، وبعد نهاية الحرب لاحظت أوربا أن منافسيها الجدد يحاربونها بأسلحة لا تستطيعها مثل الأجور المنخفضة في الشرق الأقصى، والإنتاج الضخم في أمريكا، يقول مسيو زيجفريد: (ولقد نزلنا إلى معترك عام، وحصرنا بين نارين؛ بين آسيا وأمريكا؛ بين الأجر المنخفض في الأولى، والأجر المرتفع في الأخرى؛ ومهما كان من الأمر فأنا نستكين إلى ذلك في ضعف)

ويتساءل مسيو زيجفريد، هل حكم على هذه القارة التي سادت العالم مدى ثلاثة قرون حكماً نهائياً لا مرد له؟ وهنا يعدد المؤلف لنا ما بقى لأوربا من عناصر التفوق ووسائل النضال؛ ويرى أن افضل طريق للسلام هو تمسك أوربا بالإنتاج الفني الرفيع الذي يقتضي علماً وخبرة فنية، بيد أن هذه الطريق ليست أيضاً محققة ولا حاسمة؛ ذلك أن اليابان تخطو نحو الإنتاج ليست أيضاً محققة ولا حاسمة؛ ذلك أن اليابان تخطو نحو الإنتاج الفني خطوات سريعة؛ وقد بدأت أمريكا تحتل مكان ألمانيا في التطبيقات العلمية والفنية. فالمستقبل إذن غامض ومصير أوربا القديمة في كفتي ميزان: (عن لورب نوفيل بتصرف)

تكريم الدكتور محمد حسين هيكل بك

بمناسبة صدور كتاب (حياة محمد) تألفت لجنة لتكريم الدكتور محمد حسين هيكل بك برياسة حضرة صاحب العزة الأستاذ أحمد لطفي السيد بك مدير الجامعة

وسيقام لهذا الغرض حفلة شاي بفندق الكونتننتال مساء يوم الأربعاء 15 مايو الجاري، وستذاع بالراديو الخطب التي تلقى في هذه الحفلة

وسيصدر عدد خاص من جريدة السياسة بآراء وأبحاث رجال الفكر بمصر والشرق فيما ألفه الدكتور هيكل بك، وفي آثاره الأدبية ومؤلفاته المختلفة

وترجو اللجنة أن تكون جميع المراسلات باسم الأستاذ جلال الدين حسن بشارع الناصرية رقم 60 بمصر

كتاب جديد لفرنسيس كاركو

فرانسيس كاركو كاتب فرنسي يعرفه الكثيرون في مصر. وقد زار مصر منذ نحو عامين وكتب عنها سلسلة من المقالات والصور كانت أشنع وأقبح ما كتب منها من الوجهة الاجتماعية والأخلاقية. ذلك أن فرانسيس كاركو كاتب لا يرتع قلمه إلا في عالم الطبقات الدنيا والمجتمعات السافلة، عالم البغاء والفجور والإدمان والتدهور الاجتماعي. ولكن كاركو يدهش اليوم قراءة بإخراج قصة جديدة جردت عن هذه الخاصة عنوانها (ظلمات) ففي هذه القصة الجديدة يعالج كاركو مأساة عائلية عادية، لا أثر فيها للسفلة والأوغاد والحياة السافلة، قصة زوج فتى متعلم خانته زوجه، وضبطها متلبسة بالخيانة فقتل منافسه، وقدم إلى القضاء فحكم عليه بأعوام في السجن. ويحاول كاركو أن يبدد (الظلمات) التي حاقت بضمير هذا الزوج المعتدى عليه، ويحاول أن يحلل بالأخص تلك العواطف المختلفة التي جاشت بنفسه؛ فهو من جهة يشعر بأنه يحب الزوجة الخؤون أكثر مما كان يتصور، ومن جهة يشعر بأنه يبغضهاأولاًلأنها خانته وسحقت عرضه، وثانياً لأنها صيرته مجرماً يلفظه المجتمع؛ وهكذا. ويرى النقدة أن كاركو بإصدار هذه القصة الجديدة ينحو في الكتابة والتصوير ناحية جديدة ربما كانت فاصلة في حياته الأدبية

بين السياسة والأدب

في أنباء سان فرنسيسكو (أمريكا) إن الكاتب الأمريكي الكبير أوبتون سنكلير قد اعتزم نهائياً أن يعتزل الحياة السياسية. وسنكلير كاتب اجتماعي كبير، ولكنه يخوض غمار السياسة إلى جانب الحزب الراديكالي منذ عشرين عاماً. وكان قد حاول أخيراً أن يرشح نفسه لمنصب حاكم كاليفورنيا، ولكنه فشل في الانتخاب؛ وأثر هذا الفشل في عواطفه ونفسيته، فمرض مدى حين، ومازال مريضاً يستشفي. وقد كان من أثر الصدمة أن عاف الحياة السياسية وقرر أن ينبذها نهائياً