انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 946/رحلة إلى ديار الروم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 946/رحلة إلى ديار الروم

ملاحظات: بتاريخ: 20 - 08 - 1951


5 - رحلة إلى ديار الروم

للسيد مصطفى البكري الصديقي

للأستاذ سامح الخالدي

في الطريق إلى القاهرة:

وبعد الشمس قطعنا الصخور وبان بان الجفا والشرور، ولم نزل نقطع بحيرة بحيرة، وقرية قرية ما بها طيرة، إلى أن وصلنا بإسعاف اللطيف الخبير، إلى محل بإمداد مطير، كاد لولا المعونة والتبشير، تحصيل الانقلاب في الطيار الكبير، ورجفت القلوب واتسع رنق الخطوب، وكان الليل دهم وزاد ولم ننم إلا اليسر، لغلبة وارد، وهم مبير، وخرجنا في الصباح المنير للبر المبر بأهله، وانتظرنا المعاش، ولحقناه في قياسه، بانتعاش، وطاب معنا الريح المريح، إلى أن وصلنا إلى (مونسة) وبتنا بها ليلة مؤنسة، وزرنا من حولها من سادات وأعيان، ثم إنا خرجنا إلى البر نروح النفس بمشاهدة ملك البر وأردنا أن نسير على ظهور الحمير، نحو (بولاق) لعظم اشتياقه فرأينا المركوب لا يركب، فعدنا إلى المراكب ثم سرنا إلى أن سامتنا (وردان) الساحبة بعمارها على غير ذيل الخيرات وزرنا رجالها السبعة الفائقين على النجوم السيارة والميزان. ثم خرجنا إلى (بحر التضامي) وحزت بزوته بر مرامي، ثم وقبل أن وصلنا (مجر الخمسين) قرأنا الفاتحة لسيدي إبراهيم ساكن الجميز ومن حوله من سادات له على الغير ميز، ولما وصلنا المجر، خرجنا ثانيا إلى البر، وسرنا وقد طاب المسير، إلى القاهرة ذات الوجه المنير، وبهجوم الليل واختلاف الميل حولت المعاشات إلى ناحية البر، ولذا لهم حسن المقام والمقر، وبتنا فيه والبسط يصافينا نتسامر مع الإخوان، ما يكون وما كان، وعلت أصوات الملاحين، بالنغمات المصرية والتلاحين، وغنى ممسك الدفة مواليا في المديح النبوي له حقه فاستعدناه وكتبناه وهو:

خذني معك يا دليل الركب يا منصور ... أزور قبر التهامي فج منه النور

قال الدليل يا صبي تقدر تدوس الدور ... فقلت عيان زي يجبر المكسور

وثنى فقال:

لما قرص صاحب الشيبة كتم ما باح ... نايم حبيبو على فخذه وهو مرت نزلت دموعو فقال لو ليش تبكي ارتاح ... قال لو قرصني الحنش في العقب يا مصباح

قال النبي للحنش لم صبت صديقي ... ذا مؤنسي في ظلام الليل ورفيقي

نطق الحنش للنبي بلسان تحقيق ... قال لو أتيت الزيارة رام تعويقي

(ثم إنا لما أشرقت الغزالة، على وجه أخت الخالة، سرنا باللبان إلى ان أتينا بطن البقرة، فاستعذنا بالله من هوله متوسلين بسورة البقرة

في بولاق، وفود الإخوان والمجاورين في الأزهر:

(ولم ندخل بولاق إلا بعيد العشا، وعلينا ضوء القمر مد وغشى، وما استقر بنا المقام غب الوصول للمقر المكين، حتى ورد علينا إخوان من المجاورين منهم الشيخ أحمد الأشبولي الرزين، وإسماعيل أفندي وغيرهما من محبين وسرنا معهم (لتكية الأعجام) وبتنا آمنين بخط مكين، وفي الصباح وفد الأخ المداوي الشبخ محمد الحفناوي، ومعه أحباب لهم لحبل الود وانتساب، ودخلنا ونحن في سرور المدينة، وزرنا الجناب العالي مقام السيد السند الأوحد الحسين، ونزلنا (وكالة محسن الجديدة) وبتنا بها ليلة الأربعاء ثم بتنا ليلة الخميس ببسط وافر وذهبنا يحنها الديماس، مع إخوان لهم طيب أنفاس، ورد فيه علينا أحباب أجله، من كل واله ومدله، وفيه أخذ الطريق واندرج في سلك أهل هذا الذيق، الشيخ أحمد المقدم والسيد نجم الدين الخيري الأقدم، والسيد حسين العسلي القدسي، والشيخ محمد المغربي محتسين الكأس الأنسي، ثم أخذ احمد الشبر أوي. ثم إنا بتنا ليلة الجمعة ذات الإشراف واللمعة، وكاد أن يمتعنا السحاب، من الخروج إلى صلاة الجمعة، مجمع الأحباب، ثم إنا صلينا في جامع قريب من المحل، يعرف (بالجامع الجمالي) وفي عشية يوم السبت المعطار أخذ الأخ الشيخ محمد الزهار، وغيره من الأخيار، وفي يوم الأحد أخذ الشيخ أحمد العروسي، ثم حضر الأخ الشيخ محمد الحفناوي، وسرنا معه إلى زيارة السيدة نفيسة ذات الكأس المداوي ومعنا جماعة لكل خير جماعة ممن أخذ الطريق، وغيرهم ومن محب هذا الفريق، ولما خرجنا من باب النصر دخل وارد السرور والقلب وحل ذلك القصر، وما زلنا كلما مررنا على مرقد ولي صلى، نبسط كف الطلب ونترجى فيض العلي، إلى أن حاذينا (قلعة الجبل) وحكمنا أنها تقرب من القدس النافية الخبل، وما زلنا نتفرج ونتدرج ونقرأ الفواتح إلى أن وصلنا دوح روضة حضرة السيدة النفيسة، الدينة نفسية، وكنت امتدحت جنابها لأشواق رسيسة، واثبته في (الحلة النصرية في الرحلة المصرية)

(وعطفنا على زيارات كثيرة، وأحباب أقدارها كبيرة، وعجبنا على حانة أرباب الصدق والتصديق، من أسلافنا بني الصديق، وجلسنا عندهم حصة يسيرة، لتمسي بهم الأمور العسيرة يسيرة وزرت في هذه الكرة لا منيرة العم المرحوم أحمد أفندي

استمرار الشيخ في نشر طريقته في مصر

(ثم اكرينا على زيارة الأعلام ومنهم أشهب بن عبد العزيز العامري المصري، وسيدي عبد الرحمن بن القاسم ومنهم إصبع ابن الفرج، وأبو جعفر احمد بن محمد بن سلمة الأزدي المصري الطحاوي، ومنهم أبو بكر أحمد الدقاق، وإسماعيل المزني والشيخ شاهين والشيوحي وغيرهم، ومنهم سيدي عمر بن الفارض، وزرنا الجلال المحلين وكان يوم مولده الذي ما مر من عيش به يحلى، وزرنا الجلال السيوطي، وسيدي إبراهيم الجعبري، وابن رفاعة من فيضه فيض بني رفاعة، وعدنا للأماكن

(وكان الشيخ يوسف الحفني (أخو الشيخ الأمجد الشيخ محمد) جاءني بقصيدة فريدة وعدته بإثباتها في هذه المرحلة، وجعلت جائزتها الإجازة بما أجازني به كل رحلة، ومطلعها:

(سرائر سر السر بالحال تعرب ... وداعي التجلي بالمدائح يطنب)

وأما الإجازة التي جعلتها الجائرة المفيدة الخ فصورتها:

(لربى حمدي ماله أتقرب ... وشكري ما منه أخاف وأرهب الخ)

(ثم اخذ طريق الخيار الشيخ علي شقيق محمد الزهار، والشيخ موسى والد العروس، وإسماعيل افندي، والسيد حسن نجل السيد محمد الفشفشي، وتقدم الشيخ حسن اليمني وطلب الإجازة لفاضل نبيل اسمه الشيخ إسماعيل بن غنيم فأجزناه ثم التحق بالطريق (وفي يوم الاثنين دعانا محب زين، يدعى أحمد افندي، فقصدناه زيارة سيدنا مولانا الحسين)

(وبعد تمام الزيارة، ودعته وأودعت قلبي لديه، فتلقانا جناب العارف بربه الشيخ أحمد المعلوي، وأخبر أنه كان مقصده الاجتماع، ثم بعد السلام والمصافحة، قرأنا الفاتحة، ودعا بدعوات الأطياب، فسررت بدعائه ورأيت عليه أبهة الصالحين، أهل القرب الفالحين، وحمدت على هذا للقارب العالمين

(وتطلبت الاجتماع، جناب الشيخ محمد العياشي فعرض له بعض الحواشي، بالجمعية بالفقير، فقال المحبة في عدم الظهور سيما في هذا الزمان الغادر الواشي، وحصل الاجتماع في الباطن فقبلنا هذا الاجتماع المورث انتعاشي

(وفي يوم الثلاثاء دعانا لداره المحب المتين الحجاج علي بن المرحوم الحجاج فخر الدين، وفي ليلة الأربعاء دعانا العالم العلامة الشيخ عبد الرؤوف البشيشي، وهما الشيخ محمد والشيخ علي

في الجامع الأزهر:

(وزرنا الجامع الأزهر، وصعدنا الرواق الشامي الأبهر، ودعونا للساعي في عمارته بنيل العمار في دنياه وآخرته

وذهبنا بعد أكل ضيافتهما الحمام صديقنا الحمام الحاج محمد المحب الأوحد، وزارني في محل قراري، جناب الشيخ عبد الله الشبراوي وطلب الإجازة والدعاء لولده الشيخ عامر، وأخبرت أن صديقنا الأقدم ذي المقام الإحاطي، الشيخ أحمد الإسقاطي، شرف المحل يوم توجهنا فلم يقسم نصيب بالاجتماع لسوء الحظ

(وقد ورد علينا جمعهن المجاورين، وأخذ كل منهم الطريق لفرط حب متين، وغيرهم من أحباب ربما يبلغ عدهم الأسنى عدا الاسماء، أو ينوف عدها ويزيد

الطريق البري إلى القدس صحبة الوزير المثير عثمان باشا

(وكنا أكرينا مع الحجاج خليل العريشي صحبة الوزير المشير عثمان باشا فحصل التيسير، وتوجهنا بعد ظهر الخميس، الرابع عشر من شعبان المبارك التأسيس، وودعنا الإخوان منهم داخل البلد ومنهم خارجها لفرط حب المصان، وبتنا لدى (بركة جامع العرب) منفردين. ولما صاح النفير من طرف الوزير، تأهبنا للمسير، وسرنا غب صلاة الصبح بيسير إلى (الخانكة) بوجد منير، وبتنا فيها، ثم إنا سرنا إلى (بلببس) فقلت:

ثم سرنا إلى فنا ببليس ... نتهادى فخرا كامرئ قيس

وتلاقيت بالصديق الأنيس ... ذا خليل مفتي حمى التقديس

ثم زرنا (النوادي) خير نفيس ... وبها بت مثل نوم عروس

وتأخر بعض الخدم عن أمر يلزم، فقلت نجاك الله من شره ولا نحاك من بره، وأغرقك في طمطمام فضله، وأعرفك من خزام وصلة دون فصله ورحلنا بهمة للقرين ... أترجى إسلام شر قرين

وإلى صالحية قد سرينا ... وأقمنا يوما لراحة عين

وقرأنا للحاجري قبل نأتي ... لحانها فاتحات أبواب زين

نخيل الصالحية

(وفي الصالحية من النخيل، ما يحيل العقل البخيل أن يضاهيه، مثيل لكن به نحيل، عند ذوي الأعراق، أنه يقارب كثرة سواد العراق، وفيها طائفة الصوالحة، التي نفوسهم للتأديب غير صالحة، وأخرى تدعى القصاصة، المؤرقة للمارة الفضاضة الغصاصة، والعجب من حكام، ما لها في معرفة التدبير أحكام، ولا سعى ووعى في تأمين البلاد، وتسكين متحرك غض الشر المياد، ولا عدل في الأمور، بل عدل عنه إلى جور يمور، ونرجوا من المنان الغفور الحنان الشكور، أن يسهل حزن هذه الصخور، بمحو أهل الضلال والفجور، وأن ينظم شمل العدل في الأحكام الموفور، على يد المؤيد المظفر المنصور من السلام، المعيد لوطنه الإسلام، سفاح الأموال ودماء أهل الانحلال، من ربقة الذين بانتحال

من القناطر إلى بئر العبد:

(ومنها توجهنا بوجه ناضر لنحو القناطر

وبحب الحبيب وجداً نخاطر ... ونخوض المياه أزعج خاطر

وتوسلت في سبأ ثم فاطر ... أن نجوز الربا بشيم العواطر

ثم جئنا بئر الدويدار نسعى ... باجتهاد وللأوامر ندعى

وأتينا قطية وقطين؟ ... ونزلنا الأولى بجد لمرعى

ثم قطعنا تلالا رملية، لا تخرج في الأشكال الرملية، وأنينا (بير العبد) الآبق بفرط ملوحته، عن منزل حلاوته وعذوبته، إذا الأصل في المياه الجارية ذلك، فمن تغرب عن وطنه فهو طريق الإباقة سالك

(ولما وصلنا المحطة، وقلنا لدى بابها حطة، بكت عيون السحاب، من غير انسكاب

من البريقات إلى خان يونس:

(ومنها سرنا إلى (البريقات) عندما لاحت البريقات، وفاحت أطياب الأويقات من غير ميعاد وميقات، حتى أتينا بعد ما سرينا (لعريش) والجناح منا بالوجد مريش، ثم (الدعقة) الوحشة الرقعة والدعقة ومنها إلى (خان يونس) للوارد يونس وقلت فيه لشرب صافية. . . مواليا

لما أتينا لخان عمره يونس ... بالأنس فزنا لأنو للغريب يونس

عوذته ببرآة هود مع يونس ... من شر قوم لئام ما بهم مونس

في غزة:

(ولما بلغ خبر قدومنا صديقنا الرئيس، محمد بن المرحوم الريس محمد الهليس، ووالده صديق محمود، ورفيق ودود، فتلقانا ولديه أنزل وفي إكرام أجزل، وكذلك صديقنا الحاج محمد مكي ذو الود الزكي المسكي، وأولاده وأولاد ولده الذي محمد جلبي، وأرسل الأخ الممنوح انصياعا الشيخ إبراهيم بن صفر أغا بعد اجتماعه بنا هدية توجب ثبوت ما بنا وأصحابها ببيتين. (يقول له فيهما إنه لو كان لا يهديه إلى أن يرى شيئا على قدره، لكان واجب أن يهديه سدرة المنتهى بأثوابها الخضر)

(وصليت الجمعة في جامعها القديم الجامع، فرايته يحتاج لعمارة، كالبلدة التي برها للمبرات جامع، وبحرها بالمسرات هامع، وهواها العدي لعرفها الندي لامع لكل حسن به القلب طامع، وماؤها العذب السلسال، يشفي العليل ويطغي الغليل من محب غير سال

نحو الرملة والى القدس

وفي ليلة السبت الأول من شهر رمضان المعظم توجهنا نحو الرملة والرئيس معنا، وبتنا في فتوح ما به سدود لدى (قرية) سدود وزرنا سيدي سلمان الفارسي والمتبولي، وعند الوصول إلى الرملة بتنا لدى مفتيها الخيري (السيد محمد) وفي ثالث يوم من شهر الصوم يوم الاثنين أتينا الديار المقدسة فرحين بملاقاة قرة العين، ودخلناها قريب الغروب بقلب طروب. فلما دخلنا الباب أخبرت أن ابنتي علما متمرضة عن ألم برجلها، وبعد السلام عليها والتملي بمحاسن لديها، قالت لي: (يا أبتي قد تعوقت علي) فقلت (يا بنية الأمر في هذا ليس إلي) ثم عزتني في الشيخ نور الدين وقالت: (تسلم أنت يا أبتي فيه) فقلت: (وأنت تسلمي بجاه مصطفية) وما زال مرضها الجزئي يزيد ويمتد إلى ليلة الأحد، التاسعة من شهر رمضان وفي سحرها تهنان بالأحزان سلمتها في يد جدها العتيق، وترجمتها في كراسة لما سقتني من الشراب الهمي كأسه، وسميتها (الغيوب الملجمة والغيوث المسجمة، في ترجمة ابنتي المنفية قدرا سما، الشريفة الصديقة البكرية علما) وذكرت رحلتها عنا في (الكمامة النرجسية في المقامة الأنسية القدسية). وكنت لما ورد هذا الوارد على أشغل القلب وأشعل اللب، وحرك ساكن ما لدى فلم أتم هذه ارحلة إذ ذاك بل أخرته إلى هذا الشهر الشوالي.

(وكان أرسل الأخ الأمجد محمد الحفني المفرد لنا كتابا مصدرا بقصيدة صحبة الأخ الشيخ محمد المغربي، فنهب القفل وضاع الكتاب الفريد، ولكنه أنشدني ابياتا منها تصيد. فأجبته حالا وكان ذلك ضحوة الأحد التاسع عشر من ذي القعدة سنة (1148 هـ)

(ولما كنا في المنازل الكنانية وعد الأخ الشيخ محمد بزيارة الأماكن المقدسة، قدم علينا في منتصف جمادي الثاني وصحب معه جملا من الهدايا منها المواهب لأخيه الذاتي، فرأيت فيها ما ذكرته

(وكنت أرسلت له القصيدة السابقة من غير كتاب، فلما توجه صديقنا السيد الكردي، صحبته بكتاب إلى الأخ محمد الحفني قلت له فيه: (إن الشيخ محمد المغربي كان ورد علينا شكيا من نفسهن وكان أضاع بعض أمتعته نهبا، وأخذ خرجه الحاوي على القصيدة، وأنشدنا بعض أبيات، وقد حذونا أثركم وأرسلناها لكم، ونهدي أخاكم الكرم السلام، وجميع من لديكم من إخوان

(وأرسلت لجناب وزير الشام سليمان باشا (العظم) إلى معان، كتابا في أواخر شوال، وصدرته بأبيات حسان وقد جاءني كتابه، بعد السلام والدعوات، بالحج المبرور (أنه لما ورد العبد الديار الرومية رأى هموم أهل نامية، والقلوب وجلة سامية، من السفر العجمي حامية، متوافرة الأشجان، وغب حصول الصلح المطلوب على الوجه المرغوب، صدر الإذن بالتوجه للقدس بعد الاستخارة، وعانيا في البحر المالح تيسيراً واقما في الكنانة، وعنا إلى القدس)

(وبعد عودة جنابه من الحج وأداء نسك العج والبج، أرسلت كتابا مهنئا بالسلامة، وحصول الكرامة، في منتصف صفر المبارك. كما أرسلت لمحبنا الأمجد محمد جلبي بن مكي المفرد، كتابا أهنئه بعوده للحمى، كما أرسلت للصهر الجميل الشيخ إسماعيل النبيل كتابا، وآخر سبق اضريت عن ذكره فقد من سبق)

الزيارة العليلية السنوية:

(ولما توجهت إلى الزيارة العليلية (مقام سيدي علي بن علي العمري) في أوائل صفر المبارك، وجرى على اللسان مدح سيدي (يامين) وكذلك من بجواره صاحب الإفاقة (سيدي سراقة) (ولما حللت نابلس المحروسة نزلت في (الدرويشية) على جاري العادة جرى على الخاطر أول موشح لشيخنا الشيخ عبد الغني (النابلسي):

(دع جمال الوجه يظهر ... لا تطغى يا حبيبي

كل شيء عقد جوهر ... حلية الحبس المهيب

فقلت مرتجلا:

أيها الصب المخبر ... نسبا بنت العريب

غب بها في الحب وأسكر ... كاتم السر الغريب

(وأرسل مفتى السادة الحنفية داخل رملة فلسطين السيد محمد الخيري، كتابا مصدراً بقصيدة مطلعها:

أشمس أفق بدت في دورة الحمل ... أم ومض برق صيب الحمل

وكتبت جوابا عنها ليلة وصولها قصيدة على وزنها:

سربي لسربي عسى اسقي من العلل ... وانعم بشربي ليشفي القلب من علل الخ

وأتبعها (أي المفتي) بديباجة إذا قامت في نفس يعقوب السر حاجة فقضاها، وفاز بمقتضاها، وكان أرسل مع والده الكبير، ولده الوسط والصغير، وأمرهما بالانتساب، وبعده طلب الوسط بهاء الدين (الخيري) وصية على ظهر كتاب الأوراد فكتبت له:

(وقبل أيام ورد كتاب من المحب الأخ الحنفي، يقول فيه: إنا عزمنا على التوجه لحرم أمنكم صحبة الأخوين المتوجهين إليكم فعاقت الأقدار عن اللحوق بهما من الطريقين، وإن شاء الله نلحق بهما في منتصف ربيع الأول

(وكان قدومه منتصف جمادي الثاني (سنة 1149 هـ) وأقام لدينا مصحوبا بالظفر والتهاني إلى شوال المبارك وتوجه لوطنه (وتحركت بعده منا الهمة إلى الحجة الموعود بها الفؤاد، عقبة بثلاثة اشهر حيث الإذن وقع، والشوق زاد، وشرعت في الرحلة لتلك البلاد سحر يوم الاثنين الثلاث من صفر المبارك الوصف والعين، وفي هذا التاريخ شرعنا في الرحلة الثالثة المصرية والحجازية. والشامية ذات الإمدادات النصرية الإنجازية. والحمد لله

(تمت الرحلة)

سامح الخالدي