انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 937/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 937/البَرَيدُ الأَدَبِيّ

مجلة الرسالة - العدد 937
البَرَيدُ الأَدَبِيّ
ملاحظات: بتاريخ: 18 - 06 - 1951



مع الصافي أيضاً:

قلت في العدد 934 من هذه المجلة إن الشاعر العراقي أحمد الصافي النجفي نزيل دمشق حالياً أنه استعمل كلمة (دهس) بمعنى وطئه وداسه وهو استعمال خاطئ إذ الصواب أن يقول دعس كما هو في القاموس، ولكن يظن أن الصافي لا يعترف بالخطأ في استعمال الكلمات التي لا يقرها علماء اللغة. ولست أدري مرجع ذلك الإضرار! أهو غرور أم اضطراب في الأعصاب؟! فقد قرأت له في العدد (4143) من جريدة الزمان البغدادية قصيدة بعنوان (حسناء تسوق حسناء) وجدت فيها كثيراً من الخطأ أحببت أن أنبهه إليها لعله يدركها في المستقبل. وقبل أن أدرج هذه الأخطاء أود أن ألفت نظر صاحب الجريدة السيد توفيق السمعاني إلى أن الشاعر الكبير كما وصفت الجريدة الصافي يجب أن يلم على الأقل بأبسط قواعد اللغة وبالمفردات، فهل من الجائز أن يقع الشاعر الكبير الصافي في هذا الخطأ وهو

قال في مطلع القصيدة:

غانية فاقت على جيلها ... وحق قرآني وإنجيلها

لا يقال فاق عليه بل فاق الشيء وفاقه.

ساقت أتومبيلا رقيقاُ لها ... يجري رجاء وفق مأمولها

لست أدري كيف تكون السارة رقيقة وكيف تجري رخاء إذا كانت حسناؤه تسوقها.

دقيق سير كالغنا ... بأعذب النغمة مقبولها

بالرغم عن سخف هذا المعنى ففيه خطأ نحوي وهو أن يأتي اسم التفصيل بعد أعذب أقبلها أو أكثر قبولاً فتأمل؟!

ثم يقول:

ألطف قد صيغ من جيله ... فيه التي ألطف من جيلها

أنا أعطي جائزة لمن يحل هذه الأحجية غير اللطيفة.

آخر موديل جمال كما ... موديله حلو كموديلها

إن الروى هذه القصيدة الياء والحرف الذي قبله يجب أن يكسر ولكن حرف الدال ف الموديل مفتوحة وكذلك أخطأ في قوله:

أحيته نهو الروح حلت به ... يلمس كفيها ومنديلها

حرف اللام في منديلها بعد الروى مفتوحة لأنها معطوفة على كتفيها وهي مفعول لمس، ثم يقول في ختام هذه الأبيات الركيكة التي تشبه نظم المبتدئين لا نظم شاعر كالصافي:

أهوى ركوباً لي في جنبها ... أولا فدهساً بأتومبيلها

إن ركوباً لي تركيب أعجمي إذ لا يقال أهوى الركوب لي بل أهوى، الركوب لأن كلمة أهوى تغني عن أنا أو لي. أما كلمة جنبها فهي غير شعرية، وكلمة دهس خطأ كما بينت سابقاً إذ الصحيح أن يقال دعس. فهل يرعى بعد هذا التحذير أستاذنا الصافي فلا ينشر إلا بعد الرواية والتنقيح؟ ثم هل ألام إذا ما قلت إن جل صحفي العراق أبناؤها تقويم ألسنتهم وهم عرب وليسوا بأعاجم!.

بغداد

عبد القادر رشيد الناصري

ختان البنات بين الطب والإسلام:

نشرت مجلة (الدكتور) ملحقاً لعدد مايو سنة 1951 خاصاً بمسألة ختان البنات استفتت فيه بعض الأطباء الذين رأوا أنه لا ضرورة لهذا الختان؛ بل لعل بعضهم رأى فيه ضرراً نفسياً واجتماعياً. وقد تعرض بعض بعضهم للدين قائلاً بأنه لا يوجد شرعاً ثم لا يوجد طبياً أي مبرر لهذا الختان، وأنه ليس في الأحاديث النبوية ولا في أقوال الأئمة ما يشير إلى الختان إن البنات كما ورد عن الذكور لذلك رأيت لزاماً أن أبين وجهة الدين ثم أتبعه برأبي الطبي الخاص.

يقول الرسول (ص) (الختان سنة للرجال مكرمة للنساء) فهل هناك شئ أفضل من هذه المكرمة التي تضبط اشتهاءهن وتقلل استهتارهن وفي الوقت نفسه لا تحرمهن لذاتهن (كما سأبين بعد) ثم انظر إلى قول حضرة الرسول (ص) عندما هاجرت النساء وكان فيهن امرأة يقال لها أم حبيبة وكانت تختن الجواري، فلما رآها رسول الله (ص) قال لها يا أم حبيبة، هل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ فقالت نعم يا رسول الله إلا أن يكون حراماً فتنهاني عنه، قال بل هو حلال، فأدني مني حتى أعلمك، فدنت منه، فقال يا أم حبيبة: إذا أنت فعلت فلا تنهكي فإنه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج.

فانظر أيها القارئ الكريم إلى كلمة (لا تنهكي) أي لا تستأصلي، أليس في هذا الحديث معجزة تنطق عن نفسها وتدل بوجهها، فلم يكن الطب قد أظهر شيئاً عن هذا العضو الحساس (البظر) ولا التشريح أيان الأعصاب التي فيه، ولكن الرسول (ص) الذي علمه الخبير العليم عرف ذلك فأمر ألا يستأصل العضو كله.

هذا وإن عملية الختان الصحيحة من الوجهة الطبية أن لا يقطع البظر من جذره، بل يقطع جزء منه فتقطع الحشفة وجزء من العضو، وهذا الجزء الأعلى هو ذو الحساسية الشديدة، ثم يبقى جزء منه توجد فيه أيضاً الحساسية ولكن بدرجة أقل ويقول حضرات الأطباء الذين استفتهم المجلة إن الختان يحرم المرأة الشعور الصحيح باللذة الجنسية، لكن الحقيقة التي لا مرية فيها أن الفتاة التي استهدفت لعملية الختان قلت فيها حساسية الشهور نوعاً ما، بخلاف التي لم يعمل لها الختان فإن أي احتكاك بالبظر - حتى يثوبها - يحرك فيها حساسية شديدة ربما لا يؤمن جانبها في الفتيات. وأما المتزوجة فالشعور لا يزال فيها لكنه شعور غير فياض، رزين غير عابث، مضبوط زمامه غير منفلت فالتأثير الجنسي لم يعدم في المرأة بعد ختانها؛ إنما وجد بمقدار إن زاد أضر بها.

هذا وإني أرى فائدة الختان للبنات تتلخص طبياً فيما يأتي:

(أولاً) الإفراز الدهني المفرز من (الشفريين الصغيرين) إن لم تقطعاً مع جزء من البظر في الختان، تتجمع وتتزنخ ويكون لها رائحة غير مقبولة، وتحدث التهابات قد تمتد إلى المهبل بل إلى قناة مجرى البول، وقد رأيت حالات كثيرة بهذه الالتهابات في بعض السيدات سببها عدم الختان.

(ثانياً) هذا القطع كما أشرنا يقلل الحساسية للبنت حيث لا شيء لديها ينشأ عنه احتكاك جالب للاشتهاء؛ وحينئذ لا تصير البنت عصبية من صغرها.

وصدق رسول الله (ص) أن الختان مكرمة للنساء، وهو أشرق للوجه إذا لم يستأصل في الختان البظر كله، وإلا كانت المرأة عصبية المزاج صفراء اللون، ونرى أن الختان يجب أن يقوم به الأطباء والحكيمات المتمرنات، لا أن يترك لهؤلاء النساء الجاهلات.

دكتور حامد الغوابي

دائرة المعارف الحديثة

لمواطننا الأستاذ أحمد عطية الله مدير متحف التعليم بوزارة المعارف ولع بكثرة الإنتاج والتأليف، فهو من وقت لآخر يطالع القراء بأبحاثه ومؤلفاته، وآخرها فيما أظن دائرة المعارف الحديثة التي تصدرها تباعاً مكتبة الأنجلو المصرية بالقاهرة، وقد عنيت بصفة خاصة بقراءة ما ظهر من أجزاء هذه الدائرة حرفية فلم أجد فيها ما يشعر مطلقاً بحرص كاتبها ليل يختطف من كل كتاب كلمة، وينتزع من كل صحيفة بحثاً حسبما يتفق له وبريق في نظره دون أن يكلف نفسه دقة التقل والتأكيد من صحة المعلومات التي يملأ بها صفحات دائرة معارفه. ولقد أساء بذلك إلى العلم والمعرفة كما أساء إلى نفسه، وكان خيراً له أن يقرأ ويتثقف حتى ينضج، ثم بعد ذلك يعمد للتأليف ويتصدى لمثل هذه المباحث وكان خيراً له أن يشرك معه في البحث والمراجعة علماً من أولى الخبرة والدراية ليكون إنتاجه ممحصاً مهذباً، وإني أضع بين يدي القارئ الكريم مادة واحدة من بين آلاف المواد التي تحتويها دائرة معارفه الحديثة ليرى ما في هذه المادة وحدها من خلط، تلك مادة - رمضان - ص 240 بالجزء الرابع فقد جاء بها ما يلي (ورمضان من الأشهر الحرم نزل القرآن في الرابع منه، وفي الأخير منه ليلة القدر، وفي السابع والعشرين منه حدثت موقعة بدر الكبرى) ومن المجمع عليه لدى أهل العلم أن الأشهر الحرم هي: رجب وذو العقدة وذو الحجة والمحرم. ولم يقل أحد مطلقاً أن رمضان من الأشهر الحرم. وبمراجعة ما كتبه المؤلف نفسه بصفحة 227 من هذا الجزء في مادة رجب - نجده يقول عن شهر رجب (وهو أحد الأشهر الحرم وهي المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة) وهذا خلط واضح وتناقض معيب! ولم يذكر أحد الثقاة ولا غيرهم أن القرآن الكريم نزل في الرابع من شهر رمضان كما لم يذكر أحد أن ليلة القدر في الأخير من هذا الشهر كما يقول المؤلف، وكان يكفيه أن يقف حيث وقف القرآن حين قال تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) ولكنه أبى إلا أن يتعالم بذكر المرويات فلم يحسن نقلها؛ فقد روى العلامة الألوسي في تفسير للقرآن الكريم عند قوله تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) وخرج الإمام أحمد والطبراني من حديث وائلة عن النبي أنه قال (نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين والإنجيل لثلاثة عشرة والقرآن لأربع وعشرين) ولم يقل أحد مطلقاً أن ليلة القدر في الأخير من رمضان ونحن مأمورون بتلمسها في العشر الأواخر منه؛ لقول النبي الكريم تحررها في العشر الأواخر من رمضان وأكثر العلماء على أنها ليلة السابع والعشرين.

أما موقعة بدر الكبرى فكانت في السابع عشر من رمضان لا في السابع والعشرين منه كما قال المؤلف. وكثير من العامة وناشئة المتعلمين يدركون هذه الموقعة في السابع عشر من رمضان. ومؤلفنا الفاضل لا تعنيه السوق بمؤلفاته العديدة ليربح منها - فما يزعم - الصيت والمال، وهي مادامت فجة ضعيفة فلن يربح منها غير المذمة والإفلاس.

الأقصر

علي إبراهيم القنديلي