انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 862/أنات

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 862/أنات



الأستاذ عمر النص

// لا تراعي. . . تلك دنياي التي مات سناها

وامحت ألوانها الغر ورثت صفحاتها

تلك دنياي التي أبدعت بالأمس رؤاها

وسألت النور لا يبرح ما عاش فضاها

تلك دنياي التي عشت على وهم رقاها

خنقتها يقظة الجرح وسالت دماها

فإذ بالحلم المبدع قد جف وشاها. .

وإذا اليأس الذي حاذرت قد كان طواها!

عبثاً أسأل أن تحيا. . فقد حمَّ رداها. .

لطمتها قبضة الدهر وقالت: لن تراها!

تعبت روحي. . فمن يملأ بالرفعة حسي؟

من ترى يصغي إذا رتلت أناتي وهمسي

حين تغذى العين بالدمع. . فما تكتم يأسي

حين يأوى الطير للوكر ويطوي كل نبس

أرمق الأفق. . وفي عيني أسترجع أمسي

وتضل العين في الأفق وينأى بي هجسي!

عجباً. . تنكرني الأرض. . فمن يألف نفسي

أنا ضمآن فهل في الناس من يملأ كأسي

ليتني أستطيع أن أمحو بالأدمع بؤسي

إن أك الفجر الذي مر. . فلم تشرق شمسي؟!

تعبت روحي. . فما أبصر في الأرض طريقاً

سرب الوهم على الأفق. . فلم ألف صديقاً

الصبا ضاع مع القلب وقد كان رفيقاً والرؤى جفت فما ألمح فيهن بريقاً. .!

أيها الآل على الرمل. . لقد زدت خفوتاً

أنت أغريت بي الشوق وفجرت العروقا

كلما خلتك ماء. . ردني الرمل مشوقا

عجباً أيتها الأرض لقد زدت عقوقاً. .

كلما قلت طفا اليأس جرى اليأس عميقاً

قدر أركن أن نام. . وأخشى أن يفيقا!

تعبت روحي. . فمن يحمل للروح عزائي؟

أنا ناي في فم الأيام قد جف غنائي

أنا شيخ لم يدع منه القضا غير ذماء

أثقلته وطأة الداء وبرحاء العياء

يقحم الدهر. . فيلقيه مدمى الكبرياء!

عجباً. . واليأس لا يرحم دائي. . ما بقائي. .؟

أنا لولا بارق الأمس تناسيت رجائي

وخنقت الشكوى فيَّ وأهرقت إنائي!

ويك يا نفس. . أما طال على الأرض ئوائي؟

لم أحيا. . والعذاب المرُّ ما زال غذائي؟!

لا تراعي. . فزمان الأنس قد مرَّ وحيا. .

وانطوى أمس. . فلم يترك سوى الذكرة ريَّا

عبثاً يسألني الدهر. . فما كنت نسيَّا. .

أنا أهواك وإن عشت مع اليأس مليا

أنا أهواك وإن لم يبق شيء في يديا

لا تراعي. . أنا ما زلت كما كنت وفيا!

فإذا أقبل الموت. . فلن أوقر عيا. .

سوف أسترجع في البال هواناً القدسيا وأرى الجفن وقد أقبل أسوان شجيا. .

يطبق الهدب عليه. . ثم. . لا أبصر شياً!

عمر النص