انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 850/اقهر الحياة. . .

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 850/اقهر الحياة. . .

ملاحظات: بتاريخ: 17 - 10 - 1949



للشاعر الفرنسي أندريه ريفوار

ترجمة الأستاذ علي محمد سرطاوي

انطلق في الحياة امش على الشو ... ك قويا كالمارد الجبار

شامخ الرأس والعزيمة تمضى ... فوق نار الإخفاق كالإعصار

في رحاب الحياة عش شامخ الرو ... ح أبياً يدوس وجهه النضار

احترق في الطموح والمثل الأعلى ... وما في العذاب من إسعار

احترق في الكفاح وافن نضالا ... في صميم الأهوال والأخطار

هكذا بغلب الحياة ويحيا ... ذو جنان في العز والإكبار

يثبت الباسل المظفر فيها ... وعلى ثغره ابتسام احتقار

إن تلاشت أحلام قلبك في يأ ... س فعاود إرجاعها من جديد

أو إذا أوهنت عزيمتك الدنيا ... فجدد عزيمة كالحديد

أو إذا ما طوى أمانيك إخفا ... ق فلا تأس وابتهج في الوجود

خذ جناحاً وطر بما فيك من ... خيبة سعى إلى طموح بعيد

احترق قوة وضعفاً وعزما ... وعذاباً في النار ذات الوقود

احترق صحة وسقما وبؤسا ... وتغلب على جميع القيود

احترق في العذاب فوق أمانيك ... وعش في الحياة عيش الأسود

كن صبوراً على المصائب والهو ... ل ولا تشك من قراع الخطوب

كن شجاعاً وحازماً وأحذر البغي ... وفرج ظلامة المكروب

كن إلاهاً واذكر بأنك إنسا ... ن وإن عشت في ضمير الغيوب

احترق في تجارب الدهر واصبح ... فيلسوف الأوجاع والتعذيب

احترق في لظى الإرادة واحمل ... ضربات الأسى بقلب طروب

ربما دودة وجدت على اللقمة ... قد أفسدت مذاق الرغيف

وسموم في شربة الماء تبدو ... في ثرى كاسها معاني الحتوف

وفتاة في قلبها يذبل الحب ... ويذوى الوفاء في التزييف انبذ الخبز واسكب الماء واهجر ... كل قلب في الحب غير عفيف

احترق صامتاً إباء وصبراً ... واحتمالاً على اللهيب المخيف

احترق عزة ولا تشك خطاً ... وأغلب الدهر في الصراع العنيف

احترق ظامئا وعش تتلظى ... جائعاً في الحياة غير ضعيف

لن تلافى الهوانإلا إذا عشت ... بغير الأناة في الكائنات

واحتقار الحياة لن يتراءى ... لأبى يعرف ما في الحياة

سترى الموت إن زحفت على الأرض ... تُلاقى الحياةَ كالحشراتِ

فأدر وجهك الأبى ولا تنظر ... لغير الخلاّق في الصلوات

وحبيب الفؤاد يصمت أحياناً ... ولو سرت في طريق الممات

احترق وحدة على لهب الآمال ... واصبر على عذاب الثبات

احترق في الصعاب صلباً وحلق ... بجناح الآلام في النائبات

وإذا ما حنت إليك تناديك ... حظوظ من الزمان السعيد

ملؤها العطف والمحبة والإكبار ... للباسل الأبي الودود

ومشى في ركابك المجد والدنيا ... تحييك في خشوع السجود

امش قُدْماً وافتح مغاليق أسرارك ... واحرق ما نلت من تمجيد

احترق ناظراً إلى الهدف الأسمى ... صبوراً على عذاب القيود

احترق ناظراً إلى مطلع الشمس ... صلاة على لسان الوجود

احترق ساعياً لتبلغ في الدنيا ... كمالا يقول: هل من مزيد

(المسيب - العراق)

علي محمد سرطاوي