انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 840/أيتها الشمس

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 840/أيتها الشمس

ملاحظات: بتاريخ: 08 - 08 - 1949



للأستاذ راجي الراعي

أيتها الخمرة البيضاء التي يسكبها لنا الله في وليمة الحياة. .

أيتها النقية الطاهرة التي لم تمسها يد البشر. . . ولم يتسرب إليها لؤم الأرض ونفاقها. ..

أيتها الكريمة الباسطة يدها لتصافح الخارجين من الظلمة. . .

أيتها الجندية الأمينة الواقفة على باب السماء. . .

أيتها الجبارة التي تحتل الخليقة. . .

أيتها الساحرة التي علقت باشتراكها الأرض. . .

أيتها الشعلة المتقدة في دماغ الأفق. . .

أيها الثغر الجميل الذي يفتر عن الشعاع. . .

أيتها الشمس!

يا مصدر النور

ويا هدية السماء إلى الأرض

أيتها اليد الحمراء التي ترفع ستار الليل وتسدله والليل صابر مطيع. . .

أيتها الأميرة المتكئة على وسادة الفجر. . .

أيها القلب المشتعل الذي يفيض حباً وحناناً. . .

أيتها الناظرة إلى الأرض نظرة السيد القديم إلى العبد القديم

أيتها الرفيقة المخلصة الشريفة النادرة التي عاهدت الخالق أن ترافق الخليقة من يومها

الأول إلى يومها الأخير ولم تنقض عهدها

أيتها الكرة النارية التي تتقاذفها القرون. . .

أيتها الشمس!

يا ابنة الله. . .

ويا صاحبة الجلالة

ويا فتنة الخليقة ويا منارة الهدى

أيتها الفاتحة التي تغزو بأشعتها القاهرة. . .

أيتها الضاربة خيامها في كل بقعة من بقاع الأرض. . .

أيها الشلال الذي يتدفق نوراً من جبال الآلهة. . .

أيتها الرقيبة التي ترقب الخلائق بعين لا تنام. . .

أيتها المستحمة في البحور، المرتدية حلة العذراء، الضاحكة بأشعتها كالأطفال، الواقفة

مكانها لا تتزحزح عنه، وقد سحرها جلال الله. . .

أيتها الموزعة هداها على الضالين. . .

أيتها المرأة التي اقترنت بالأفق ولم تخن رجلها. . .

أيتها الأميرة الناصبة عرشها على رءوس الليالي. . .

أيتها الدرة المستقرة في أعماق بحر الأثير. . .

أيتها الشمس!

يا عين الله. . .

ويا قلب الزمان. . .

ويا كبد السماء. . .

ويا ذروة الكمال. . .

ويا حجة المؤمنين على الكافرين!

أيتها الأم الكبرى الحنون التي لم تستطع الأمومة في الأرض أن تجاريها في حنانها. . .

أيتها الشمس!

يا معقل الكبرياء

ويا وطن الكهرباء

ويا عدوة الخبث والرياء

ويارسولة المساواة والإخاء

ويا سيدة الفضاء

ويا علة الهناء والشقاء لقد فررت من الأرض وأتيتك أسألك عن اليوم العتيد. . .

هل أنت مقيمة على عرشك إلى الأبد؟

أيطول أمر هذه الخلقية؟

اكشفي لي سرك. . . أنت النور. . . والنور فضاح. . .

ألم تسأم نفسك الشروق والغروب؟

إلى متى نظل مسحورين بجمالك الذي لا يعدله جمال؟

لقد أنهك السحر قوانا. . .

إلى متى تأخذين منا ليالينا وتعيدينها إلينا؟

لقد حار فيك الليل! إن جلالك لا حد له ولا يفوقه جلال وقد ناء به كاهل الخليقة

الضعيف. . .

أيتها الشمس المشرقة علي اليوم. . .

هل أنت تلك الشمس التي أشرقت على الرجل الأول؟

هل نورك اليوم كنورك بالأمس؟

هل أنت تلك التي عرفتها القرون الأولى؟

أم أن العمر فعل فعله فخف ضرامك واعتراك العياء؟

اكشفي لي سرك. . . أيتها الشمس. . .

إن لك الملايين من الأشعة. . . فانفذي إلي شعاعاً واحداً يهمس في أذني كلمة السر

ويريحني. . .!

راجي الراعي