انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 799/اليهودية=الصهيونية=الشيوعية

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 799/اليهودية=الصهيونية=الشيوعية

ملاحظات: بتاريخ: 25 - 10 - 1948



للأستاذ نقولا الحداد

سألني الأستاذ حكمت على من بغداد عما إذا كان ثمة فرق بين اليهودية والصهيونية. . . اجل يا سيدي، الصهيونية يهودي واليهودي صهيوني ولا فرق، وإنما استنبطوا كلمة صهيونية لقوم أفاقين جاءوا من الآفاق إلى فلسطين لكي ينشئوا دولة صهيونية، أي يهودية، أي إسرائيلية. وكلمة صهيونية في الأصل كانت اسما لجبل أو تل في الجنوب الغربي من مدينة أورشليم (القدس) ثم أطلقت على كل أورشليم عاصمة فلسطين.

وإنشاء مملكة يهودية أو إسرائيلية هو أمنية كل يهودي سواء كان ساميا أم آريا. . . لما حكم فلسطين الولاة الرومانيون وخربوا هيكلها العظيم سنة 70 ميلادية تشتت اليهود في العالم. والآن يحل محل ذلك الهيكل الذي لم يبق منه طل، جامع قبة الصخرة. ولم يبق لليهود في أورشليم إلا جدار يبكون أمامه هيكلهم وماضيهم.

من ذلك الزمان إلى اليوم يتوق اليهود إلى مملكة فلسطين وإلى بناء هيكلهم فيها من جديد. أينما يكن اليهود يتمنوا هذه الأمنية ويبذلوا كل غال ورخيص في سبيلها. ولا يغرنك قول اليهودي إنه ليس صهيونيا؛ فإنما يقوله للتمويه فقط، إذ يخشى أن يتهم بأنه يخالف قوانين البلاد العربية في تحريم إرسال مال إلى الصهيونية في تل أبيب. وهم يرسلون الأموال من أمريكا جهارا ومن البلاد العربية سرا لهذا الغرض. وشفيق عدس الذي شنق في بغداد مثل من أمثلة الخونة الذين يهربون الأموال والعتاد إلى يهود فلسطين. فأينما رأيت يهوديا فقل إنه صهيوني، وإنه يتحين الفرص لكي يعمل للصهيونية.

بقي على العرب أن يعلموا - إذا كان الإنكليز والأمريكان لا يعلمون - أن الصهيونية أخت الشيوعية بل أمها، لأن اليهود الذين قبلوا الحكم القيصري كانوا كلهم يهوذا ما عدا لينين. ولما أنشئوا دولة البلشفية جحدوا الدين وطردوا الأكليروس النصارى واليهود والمسلمين من كنائسهم وجوامعهم وصاروا كلهم يدينون بدين كارل ماركس الاشتراكي، فلم تعد تفرق بين اليهودي وغير اليهودي، ولم تع د تعرف من هو اليهودي ومن هو المسلم. ولكن الذي كان في القلب بقى في القلب. وبقى اليهود يتحينون الفرصة لكي يملكوا روسيا ولو بصفة كونها اشتراكية. ولكن ستالين فطن لمؤامرتهم التي كانوا يدبرونها لكي يقلبوا سلطته فأب كثيرين منهم. ومن يعرفهم فلعل جروميكو وفنشنسكي منهم.

قد يظن بعض الناس أن اليهود لا يمكن أن يكونوا اشتراكيين أو شيوعيين لأنهم رأسماليون، والشيوعية نقيض الرأسمالية؛ ولكن فليعلم من لم يعلم أن اليهود كالحرباء يتلونون بكل لون لكي يصلوا إلى أغراضهم. فيكن اليهودي أن يكون أرستقراطيا أو ديمقراطيا ويهوديا أو مسلما أو نصرانيا. يمكن أن يكون أي شئ إذا كان يظفر بالسيطرة؛ فإذا كان اليهود اشتراكيين ثم قبضوا على زمام الحكم الاشتراكي أو الشيوعي العالمي، أفلا تصبح أموال العالم كلها في أيديهم؟ - هذا ما يسعون إليه الآن، وسيرى ستالين أو خلف ستالين أطال الله بقاءه أن الشيوعية صارت في قبضة الصهيونية. وحينئذ تصبح موسكو تحت سيطرة تل أبيب تتلقى أوامرها منها؛ وحينئذ تصبح أوربا كلها وبعدها أمريكا شيوعية، وكلها واقعة تحت سيطرة موسكو، وبالتالي تحت سيطرة تل أبيب. وكل آت قريب.

فهل يعلم الأمريكان أنهم هم يناهضون الشيوعية يخدمونها في تأييد دولة إسرائيل المزعومة؟