انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 796/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 796/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 796
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 04 - 10 - 1948



الأديب المدرس:

قرأت في الرسالة الغراء تلك الكلمة القيمة التي يشكر فيها الأستاذ الزيات للاستاذ توفيق الحكيم ترشيحه إياه لكرسي (شوقي) واعتذاره عن هذا المركز الذي يحد من سلطانه. ويقلل من نشاطه. . . وقد أتاحت لي هذه الفرصة الطيبة أن أقارن - في ذهني - بين الأديب المدرس، والأديب الحر، وربما بدا لكثيرين أن يقولوا إنه لا معنى لهذه المقابلة، لأن الأديب في الحالين أديب من غير شك، وأدبه مقيداً بأغلال الوظيفة، أدبه طليقاً حراً. . . وهو كلام إنما يصح إذا تصورنا أن الأدب ألفاظ وجمل، يتنوق صاحبها في رصفها، ويتأنق في صياغتها ويتعمل في تدربيجها. أما إذا تصورنا أنه إلى جانب ذلك أفكار تتسامى ومعان تخلب وتروع، وأن العبارات إذا لم تكن مع الغرض النبيل، اشبه بالمرأة الحسناء في المنبت السوء. . . خصوصاً في عصرنا الذي نعيش فيه، حيث صار الموظف موظف حكومة، لا موظف (مصلحة) أعني أنه يتحتم عليه أن يكون أدبه في حدود اللون الذي تتلون به (الوزارة القائمة) وكم رأينا أدباء قيد (حب العيش) أدبهم بهذا القيد فسقطوا من الأنظار، ولم يكن أدبهم محل أعتبار. . . على أن المدرس إذا لم يكن في (الفصل) كالممثل الذي يستجلب رضا الجمهور، ويستدر إعجاب المتفرجين، لا تقوم له قائمة، وفي سبيل ذلك لا يبالي بسخط الفن، ولا بإغضاب الحقيقة (المرة) وهذا التهريج إنما يروج بمقدار ثم لا يلبث القوم أن يمجوه تمشياً مع قاعدة البقاء للأصلح (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) والاستاذ الزيات في الرعيل الأول من شيوخ الأدب، لا لأنه كاتب فحل، أديب ممتاز، ولكن لأنه يستشعر الحرية فيما يملي عليه لسانه، ويهجس به وجدانه، والشباب يحفظ له الآيات البينات في النقد، والتعليق على الحوادث والأخبار. . . وافتتاحية في (الرسالة) كفاتحة الكتاب نقرؤها للحفظ والتيمن، وإن كان في ذلك كله مقلا فعذره أننا في عهد التموين بالبطاقة ولكل شئ غاية، ولكل بداية نهاية.

إبراهيم علي أبو الخشب.

(الجوييم) بين الأزهر والرسالة: نشرت مجلة الأزهر مقالا تحت عنوان (أسباب تأخر المسلمين) بعدد ذي القعدة سنة 1367هـ لفضيلة الأستاذ الشيخ - عبد الحميد عنتر - المدرس بكلية اللغة العربية. قال صاحب الفضيلة (ولم يحركهم للشر إلا أطماع (الجوييم) يقصد بكلمة (الجوييم) اليهود، وكتب معقباً (الجوييم: أسم رمزي لليهود الصهيونيين الذين يريدون الاستيلاء على العالم كله ويعتبرون كل من سواهم من الناس بهائم. أنظر مقالات الأستاذ نقولا الحداد عن اليهود في أعداد الرسالة: مارس وإبريل ومايو سنة 1948).

والذي قرأناه في الرسالة وفهمناه من مقالات الأستاذ نقولا وأفدناه من مواثيق الصهيونيين، مخالف لما أرتاه الشيخ، بل الذي بمجلة الرسالة أن اليهود أطلقوا هذه الكلمة على غير اليهود من جميع الأمم.

وبعد كتابه ما سلف، قرأت في الرسالة للأستاذ الحداد ص1058 عدد: 79 (لأن وظيفة هؤلاء الحكام (الوطنيين) أن يمسكوا البقرة بقرنيها لكي يحلبها شعب الله المختار (الجوييم) فهذا الرأي الأخير للأستاذ الحداد فيه تأييد لما أرته الشيخ ومخالفة صريحة لمقالاته السابقة وتخطئة لفهمي. فما رأى الأستاذ الكبير (الحداد) بعد هذا؟ فهل كلمة (الجوييم) تطلق تارة على اليهود، وأخرى على غير اليهود من العالم. أم ماذا ترى؟

(كيمان المطاعنة)

محمد أمين الشحات

تحقيق تاريخي:

أتابع ما يكتبه الأستاذ أحمد حافظ عوض بكثير من الأهتمام والحرص، ولقد قرأت المقال النفيس الذي نشره عن الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في مجلة المصور العدد (1232) ص22 فوجدته يقول فيه (ولقد كان شاعر النيل المرحوم حافظ بك من المقربين إليه، وهو الذي ألحقه بالعمل في دار الكتب المصرية وكان يسر كثيراً من فكاهته) فوقفت طويلا عند هذا الكلام لأن المرحوم الشيخ محمد عبده قد توفى في 9 يوليه سنة 1905 مع أن شاعر النيل قد عين في دار الكتب في 14 مارس سنة 1911 بواسطة المغفور له أحمد حشمت باشا ناظر المعارف حينئذ؛ وعليه يقول الأستاذ الإمام بعيداً عن هذه المسألة كل البعد كما ينطق التاريخ الرسمي.

هذا وقد حفظ الشاعر الكبير لحشمت باشا صنيعه الجميل فأشار إليه في رثائه الحزين حيث قال من قصيدة ممتعة لم تنشر في ديوان حافظ وإنما بقيت محفوظة في الجرائد لا يلتفت إليها أحد، قال:

لك سنة قد طوقت عنقي ... ما إن أريغ لطوقها ترعا

مات الإمام وكان لي كنفاً ... وقضيت أنت وكنت لي درعا

فليشمت الحساد في رجل ... أمست مناه وأصبحت صرعى

قد كان في الدنيا أبو الحسن ... يولي الجميل ويحسن الصنعا

سلني فإني من صنائعه ... وسل المعارف كم جنت نفعا

تالله لولا أن يقال أتى ... بدعاً لطفت بقبره سبعا

قد ضقت ذرعاً بالحياة ومن ... يفقد أحبته يضق ذرعا

رحم الله الإمام والشاعر والوزير وأمدّ في حياة الكاتب الكبير

(الزقازيق)

إبراهيم عبد المجيد الترزي

تصحيح تصحيح:

جاء في مقال الأستاذ المحقق اللغوي الفاضل أحمد يوسف نجاتي (تصحيح تصحيف وتحرير تحريف) وذلك في العدد (793) من الرسالة الغراء ص 2039 قوله (ومن التحريف أو التصحيف أو خطأ الطبع في ذلك الكتاب القيم (ظهر الإسلام) ما في بيتي أبن المعتز صفحة 26:

أما ترى ملك بني هاشم ... عاد عزيزاً بعد ما ذلا

يا طالباً للملك كن مثله ... تستوجب الملك وإلا فلا

(ولعل وصاب القافية في البيت الأول (بعد ما ذلا) لأن القصيدة من بحر السريع من عروضه الأولى المطوية المكسوفة التي ضربها مثلها على وزن فاعلن، وعلى ضبط آخر لهذه العروض لا يجمع بينهما).

وأقول: إن أبن المعتز حين قال أبياته ما كان ينظر أو يلتفت إلى (العروض) بقدر التفاته إلى المعنى المراد تأديته على الوجه المطلوب. فهو حين أورد (عزيزاً) في شطره الثاني أعقبه وقابله بضده الذي هو الذل (ذلا) وبه تمام المعنى، وإن خانه المبنى. وفي المأثور (ارحموا (عزيز) قوم (ذل)).

ولو افترضنا صحة تصويب الأستاذ (بعد ما ذللا) معنى، لما كان ثمة موجب للتشبيه بالمثل في البيت الثاني حتى يستوجب الملك طالبه. أو يستأهل الدر حالبه!

وفي موضع آخر يقول. . . وفي صفحة 184 البيت:

أنت إذا جدت ضاحك أبداً ... وهو إذ جاد باكي العين

(لعل الصواب (دامع العين) برفع دامع خبر المبتدأ هو).

وأقول: البيت صحيح بصورته وزناً ومعنى، وظهور حركة الفتح على الياء من (باكي) لا يفيد الحال وإنما الرفع مكانها على أنها خبر المبتدأ هو، والاستثناء الشعري يجيز إظهار حركة في غير موضع حركة، كما يجيز حذف حركة من موضع جوازها، كقول من قال:

يا باري القوس برياً لست تحسنه ... لا تفسدنها وأعط القوس باريها

هذا، والأستاذ - في البيت السابق - لم يلتفت إلى المقابلة اللطيفة بين (ضاحك وباكي) واستعاض عن البكاء بالدمع، وإن كان الدمع من دلائل البكاء.

وبعد فالذي رأيناه أثبتناه، والله الموفق إلى الصواب والسلام.

(الزيتون)

عدنان.