انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 782/ليالي الحصاد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 782/ليالي الحصاد

ملاحظات: بتاريخ: 28 - 06 - 1948



للأستاذ إبراهيم محمد نجا

يا ليالي الحصاد ما أنت إلا ... بهجة العمر يا ليالي الحصاد

فيك دنيا من الجمال تجلت ... لقلوب إلى الجمال صواد

الضياء الذي يرقرقه البد ... ر فيجري على الربى والوهاد

والحقوق التي تهز فؤادي ... رقة في نباتها المياد

وتراءى سنابل القمح فيها ... كعذارى يمسن في الأبراد

كل عذراء في بهى صباها ... تتهادى مع السنا المتهادى

والنسيم الذي يمر على القمـ ... ح رقيقاً كخطرة في فؤادي

أو كهمس الصباح في أذن الكو ... ن لينجاب عنه طيف الرقاد

أو كشدو الطيور في رونق الفجـ ... ر، وفي بهجة الربيع الشادي

أو كصوت الأوتار إذ لمستها ... في حنان أنامل العواد

والحديث الشهي، والسمر الممـ ... تع بين الأتراب والأنداد

والعذارى التي فقدت صوابي ... في هواها، وضاع مني رشادي

ألعذاري التي تحوم عليها ... أخيلاتي في صحوتي ورقادي

ألعذاري التي تضم إليها ... حزم القمح في هوى واتئاد

وتغنى بأغنيات شباب ... عاش رهن الأغلال والأصفاد

كل أنشودة تصور قلبها ... مستهاما بحاضر أو باد

كل أنشودة تذيع نداء ... وهتافا برغبة ومراد

لفظها هزة الصدور، ومعنا ... ها خفوق القلوب والأكباد

وصداها يرن في كل قلب ... وهو في الأفق رائح أو غاد

يا عذارى الحقول أسعدن قلبي ... برقيق الغناء والإنشاد

علني أستعيد ذكرى غرام ... مر في العمر كالشعاع الهادي

كان أنسى، وكان روح شبابي، ... ليته عاد بعد طول البعاد

يا عذارى الحقول يا منية الأر ... واح بهذه الأعو إنها منيع الحياة لشعب ... ما تربى إلا على الأمجاد

قد غذاها بروحه نيل مصر ... وسقتها روائح وغواد

وروعتها الشمس المنيرة حتى ... هيأتها لمنجل الحصاد

حسبها أنها تمد عروقا ... في ثرى مصر كعبة القصاد

كل نبت وكل شئ عزيز ... حين ينميه موطن الأجداد

يا عذارى الحقول أين غذاء ... الروح بعد الغذاء للأجساد؟

إن تقدمنه تقدمن مجدا ... وسناء وعزة للبلاد

إنما الكون ساحة لسباق ... قوة الروح فيه خير الجياد

يا ليالي الحصد دمت، ول طا ... فت بمغناك طائفات العوادي

ما أحب السهاد فيك، وإن كا ... ن عجيبا في الليل حب السهاد!

يا ليالي الحصاد قد طلع الفج - ر بشيراً باليمن والإسعاد

فاستفاق الوجود، وانتبه الكو - ن، وغنى له الزمان والإسعاد

فاستفاق الوجود، وانتبه الكو - ن، وغنى له الزمان الحادي

يا ليالي الحصاد عودي إلينا ... كل عام على مدى الآباد

إنما أنت بهجة ونعيم ... لمحبيك يا ليالي الحصاد

1 - إلى الروضة

للأستاذ العوضي الوكيل

(قيلت يوم دخل ممدوح الوكيل روضة أطفال شبرا)

بنى غداً تمضى إلى الروضة التي ... تعدك للتيقيف تصفو مناهله

وتعلم منها أنني لك ناظم ... قصيداً كأفق الروض فنت بلابله

أسطره في الطرس حتى إذا استوت ... بك السن تدري ما الذي انا قائله

نشرت به البنوة رائعاً ... فمن لي يشعر مثل شعري أساجله

2 - نجاح

(نجح ممدوح الوكيل في الروضة فهنأناه بهذه القصيدة) هنيئاً لك الفوز الذي نلت. إنني ... ذخرتك للأيام يا أنفس الذخر

ثلاثون عاماً عشتها وثلاثة ... وماذا تبقى لي من العمر؟ لا أدري

ولكنني أدري بأنك وُصلة ... يطول بها عمري وإن غبت في القبر

أرى في أمانىَّ الكريمة صورة ... لمجدك سماقاً على هامة الدهر

وألمح سباقاً إلى الخير ناهضاً ... ولا يبتغي إلا رضائي من الأجر

وألمح مصراً وهي امامك تنحني ... عليك للثم الثغر والخد والنحر

ويا ليت شعري ما تمنيت ضلة ... فغشت سمادير الهموم على أمري

بُنىَّ امض للعلياء وابلغ بروجها ... ولو كان مسراها على ملتظى الجمر

وإن فخر الأبناء يوماً بوالد ... فبي تستطيع الفخر في ساحة الفخر

وحسبك من مجدي وفائي وعفتي ... وماروت الأيام من ذلك الشعر