انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 776/الغيظ المحزن!

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 776/الغيظ المحزن!

ملاحظات: بتاريخ: 17 - 05 - 1948



للأستاذ نقولا الحداد

ألا يغيظنا أن عرب فلسطين يفرون أمام فظائع اليهود الخبثاء، ويتشردون في البلاد العربية هنا وهناك، وأولئك الدخلاء الصهيونيون الأراذل يتمكنون في البلاد وينهبون بيوت العرب، ويفطرون ويتغدون ويتعشون من طعام العرب، ويلبسون ثياب العرب، ويملكون أثاثهم وأمتعتهم - يفعلون هكذا كما فعل أسلافهم من قبلهم منذ 32 قرناً حين ساقهم موسى من مصر إلى أرض كنعان حيث طردوا الكنعانيين من بلادهم وتناهبوا أرزاقهم؟! هل يعيد التاريخ نفسه؟

ألا يحزننا أن هؤلاء الجبناء الخبثاء ينكّلون بنساء العرب وأطفالهم وعجزتهم كما ينكل الذئاب والنمرة بفرائسها من الحملان والكباش والفراخ، ونحن نقرأ أخبار هذه الفظائع وأكبادنا تتقطع، وقلوبنا تتمزق!

ألا تخجل أن نرى إخواننا، وهم أهل البلاد، يفرون أمام الدخلاء فرار النعاج من الضواري ونحن نتفرج ونسمع ونقرأ ونتألم، ولا ننتقم من هؤلاء الأشرار شر انتقام؟ لماذا؟ لأننا نريد أن نتحامى غضب البريطانيين قبل أن ينتهي انتدابهم. وهؤلاء الذئاب يستغلون صبرنا، وطيبة قلوبنا، وتمسكنا بالإنسانية وشرف الخلق.

يا قوم. . . لا ينفع مع هؤلاء الأشرار الطغاة العتاة قول يسوع الناصري يوم علقوه على خشبة الصليب: (يا رب اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون). فهم يهزأون حين (نحول لهم الخد الأيسر) ويستبلهوننا. . . لا ينفعنا مع هؤلاء الأشرار إلا قول القرآن الكريم: (فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم)

كان على الجنود العرب أن يقتصوا منهم على الأثر؛ رضي الانكليز أو غضبوا. كفانا يا قوم استخذاء كما استخذي الانكليز لليهود اللئام. حسبنا مراعاة لخاطر الانكليز وهم يحمون اليهود دوننا ولم يقوموا بواجب المحافظة على الأمن كما يدعونها سبباً لبقاء انتدابهم. ولو شاؤوا الأمن لاستطاعوا أن يحقنوا كل دم في فلسطين، وعندهم 90 ألف مقاتل، ولكنهم كانوا يبتهجون أن يروا هذه المجازر ويشاهدوا تلك الفظائع الوحشية، فحتى متى نداريهم ونراعي خاطرهم؟ والآن ماذا قررتم أن تفعلوا أيها العرب الرجال مع هؤلاء الأنذال الذين لا يعرفون ما هي الإنسانية، وليس لهم قلوب بشرية! كيف يجب أن تعاملوا هؤلاء الكلاب الغلاظ الرقاب ذوي القلوب الصلاب؟

يجب أن تقرروا منذ الآن أن تكافئوا هؤلاء الأردياء هكذا:

أولا - مصادرة جميع أملاك اليهود وأموالهم في البلاد العربية كلها باعتبار أنهم كلهم صهيونيون، وأن العدوان في فلسطين هو عدوانهم وهم شركاء فيه. تصادر أملاكهم كما صودرت أملاك الطليان والألمان في الحرب؛ وأن يعوض من هذه الأموال على عرب فلسطين ما نهبه الصهيونيون وما خربوه وما خسر العرب في كل ناحية بسببهم.

ثانياً - يجب أن يذاع هذا الحكم على الصهيونيين لكي يعلموا أن كل ما يأتونه من المنكر في البلاد العربية عل الإطلاق يتحمل وزره إخوانهم في كل بلد عربي، ولكي يعلم اليهود الذين في مصر وغيرها من البلاد العربية أن كل مال جمعوه للصهيونيين يجب أن يسدد من أموالهم؛ لأن المال الذي في أيديهم هو مال عربي، وقد اكتسبوه من العرب فلا يمكن أن يرسل إلى الصهيونيين لكي يحاربوا العرب به.

ثالثاً - أن يبلَّغ صهيونو فلسطين أن كل ما نهبوه من أموال العرب، وكل ضرر أوقعوه على العرب سيؤخذ التعويض عنه منهم أضعافاً يوم الحساب بعد إخماد عنفوانهم يوم الهزيمة، وأن كل نفس أزهقوها من أنفس العرب يجب أن يدفعوا ديتها أضعافاً، وأن كل نفس من أنفس النساء والأطفال والشيوخ سيقدمون مقابلها أضحية على مذبح الإله مارس.

رابعاً - أن يعلم هؤلاء اليهود الصلاب الرقاب أنهم لا يعاش معهم بعد قمع ثورتهم؛ بل يجب أن يطردوا من البلاد العربية كلها.

هذا ما نتوقع أن يفعله قادة الجيوش العربية منذ الآن إن كانوا يحسنون القيادة ويستحقون الزعامة ويرغبون في صيانة حقوق العرب التي أضاعها تراخي الزعماء وتواكلهم. حسبكم يا قوم استخذاء!

نقولا الحداد