انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 77/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 77/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 77
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 24 - 12 - 1934



رسائل لم تنشر

من نابليون إلى ماري لويز

عرض أخيراً للبيع في أحد أبهاء التحف بلندن، مجموعة كبيرة من رسائل الإمبراطور نابليون بونابرت إلى زوجه الإمبراطورة ماري لويز النمسوية؛ وتبلغ هذه الرسائل التي كتبت جميعها بخط الإمبراطور، ووقعت بإمضائه ثلاثمائة رسالة، تشمل تاريخ أربعة أعوام كاملة من حياة الإمبراطور، أعني من سنة 1810 إلى سنة 1814، وقد كتب معظمها في أوراق مذكرات صغيرة، وأرسلت من مختلف أنحاء القارة التي يجوبها الإمبراطور أو يعسكر فيها بجيشه إلى الإمبراطورة الصغيرة التي شغفته حباً، والتي جاءت له بأول ولد يعلق عليه آمال الإمبراطورية. وتبدأ برسالة كتبها الإمبراطور في فبراير سنة 1810 يطلب فيها يد ماري لويز، وفيها يخاطبها بلهجة رسمية وبذات الجلالة؛ ثم تتدرج الرسائل بعد ذلك في البساطة وعدم الكلفة، فيخاطبها الإمبراطور بلهجة الحب الوثيق، وتغدو ماري بعد أن غدت إمبراطورة فرنسا، (حبيبتي، عزيزتي. . .) ويكتب إليها الإمبراطور في مختلف الشئون الشخصية والمنزلية؛ ويغدق عليها نصحه، سواء فيما يتعلق بصحتها أو نزهتها، أو علائقها بسيدات البلاط وسادته. وأشد هذه الرسائل سحراً وتأثيراً، ما تعلق منها (بالملك الصغير) ولد الإمبراطور وماري لويزا، والسؤال عن صحته ورجاء تقبيله وعناقه.

وتوضح هذه الرسائل تاريخ الإمبراطورية في مراحل متعاقبة، فالأولى مرحلة الزواج والتحالف بين النمسا وفرنسا، ورحلة الإمبراطور والإمبراطورة إلى انفرس وفلسنج، ثم قضاء شهر العسل في تريانون (صيف سنة 1810). وكان الإمبراطور يومئذ في أوج قوته وظفره، يحكم على معظم ممالك القارة، ويحكم في رومه ومدريد، ويشدد الحصار على إنكلترا ويهددها؛ والمرحلة الثانية هي مرحلة الغزوات الثانية في بولونيا وروسيا ثم موسكو في صيف سنة 1812؛ وهنا نجد رسائل كتبت عن معركة بورودينو، والزحف على روسيا، ثم حريق موسكو ثم، الارتداد المروع عن هاتيك السهول الثلجية؛ والمرحلة الثالثة حينما تتحد الدول على نابليون؛ وهنا يكتب نابليون إلى ماري لويز أن تنضح إلى والدها (الأب فرانسوا) إمبراطور النمسا بألا يتحد مع هذه الدول، وألا يصغي إلى تحريض ماترنيخ، ويحاول بذلك لأن يزج بالإمبراطورة في غمار السياسة، ولكن إمبراطور النمسا حماه وأبا زوجه ينضم إلى خصومه،، فيحاربه نابليون مع من يحارب، ويكتب إلى ماري لويز بأنه انتصر على جنوده، وبأن جنوده لم تكن أسوأ منها في أي وقت مضى. ثم تأتي المرحلة الرابعة وهي مرحلة التقهقر والهزيمة، وهنا تتعاقب الرسائل كل يوم بأنباء الظفر والحركةوالعمل المتواصل، ثم تجئ الهزيمة، ولكن الرسائل ما زالت تنم عن سمو هذه الروح التي تستقبل المصائب والمحن باسمة ساخرة.

تلك هي خلاصة المأساة التاريخية العظيمة التي تصورها رسائل نابليون الثلاثمائة إلى زوجه ماري لويز. وقد عرضت للبيع في لندن في يوم 19 الجاري مقسمة إلى عدة مجموعات، ولم ينشر منها من قبل شيء، وقدر الخبراء ثمنها بنحو مليون ومائة ألف فرنك (نحو ستة عشر ألف جنيه)، وقدرت مذكرات ماري لويز المعروضة معها بمبلغ خمسمائة ألف فرنك (نحو سبعة آلاف جنيه).

وقد علقت الصحف الفرنسية على عرض هذه التحف الأثرية التي تهم فرنسا قبل كل شيء، وأبدت توجسها من استعداد بعض كبار الهواة الأمريكيين لاقتنائها وبذل أكبر الأثمان في سبيلها، وطالبت الحكومة الفرنسية وهيئاتها العلمية أن تبادر إلى اقتناء هذه الوثائق التي خلفها إمبراطور فرنسا، لتضم إلى تحفه وآثاره. وقد استجابت الحكومة الفرنسية إلى هذه الدعوة، واستطاعت أن تحصل على الرسائل الثلاثمائة بطريق المزايدة بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه حسبما ورد في الأنباء البرقية الأخيرة.

وفاة المكتشف دي جيرلاشي

توفي البارون دي جيرلاش دي جوميري الرحالة والمكتشف البلجيكي الشهير بعد مرض طال أمده، في سن السادسة والستين؛ وهو ينتمي إلى أسرة عسكرية نبغ فيها كثير من الضباط العظام؛ ولكنه آثر البحر منذ فتوته، وقضى شبابه بحاراً على ظهر السفن، وفي سنة 1890، نال رتبة نائب سفينة، وخطر له من ذلك الحين أن يخصص جهوده لاكتشاف المناطق القطبية التي لم يصل إليها سلفه المكتشف دومون دورفيل؛ فسعى إلى الجمعية الملكية الجغرافية البلجيكية حتى قبلت أن تؤازر جهوده، وأعد لتلك الرحلة السفينة (بلجيكا) وسلحها، وسافر على ظهرها في أواخر سنة 1897، ثم عاد بعد رحلة استغرقت نحو عامين. بعد أن اكتشف كثيراً من الأنحاء القطبية، وحمل كثيراً من الوثائق العلمية المعلومات الهامة، وكانت هذه فاتحة الرحلات القطبية التي انتهت باكتشاف القطب الجنوبي بعد ذلك على يد الأميرال بيرد الأمريكي وزملائه، وقام دي جيرلاش برحلات أخرى منها رحلة الخليج الفارسي حيث حقق كثيراً من النتائج العلمية. وفي سنة 1903 سافر مع الدكتور شاركو المكتشف الفرنسي على ظهر السفينة (بوركوابا) إلى القطب الجنوبي، ثم عاد سنة 1905. ولم يمض سوى قليل حتى سافر كرة أخرى على ظهر بلجيكا مع الدوق أورليان، وقاما برحلة اكتشافيه علمية في بعض أنحاء الجزيرة الخضراء (جرينلان)، وحصلا على مجموعة نادرة من الحيوانات القطبية؛ وبعدئذ قاما برحلة أخرى فيما وراء الجزيرة الخضراء ووصلا إلى الحاجز الثلجي الأكبر، واكتشفا أنحاء لم تكتشف من قبل. وقد نشر دي جيرلاش رسائل شائقة عن رحلاته، ثم عهدت إليه الحكومة البلجيكية بإدارة القسم البحري، ومن آثاره في هذا القسم إنشاء السفينة البحرية المدرسية (مركاتور) التي اشتهرت بطوافها في أنحاء العالم.

وكان دي جيرلاش عضواً في عدة جمعيات علمية أو مراسلاً لها، ومن أشهر آثاره، كتاب نشره في فاتحة الحرب، وكان له دوي عظيم، بعنوان (الأمة التي لا تريد أن تموت)

جائزة نوبل للسلام

نعرف أن من بين جوائز نوبل الشهيرة، جائزة نوبل الشهيرة، جائزة للسلام، تمنح كل عام لمن يتفوق في خدمة قضية السلام سواءً كان من رجال السياسة أم التفكير؛ وقد نال جائزة نوبل للسلام في الأعوام الماضية عدة من كبار الساسة الأوربيين، مثل السير أوستن تشمبرلن وزير خارجية إنكلترا الأسبق، والمرحوم المسيو ارستيدبريان رئيس وزارة فرنسا ووزير خارجيتها الأسبق، والمرحوم الدكتور شتريزمان وزير خارجية ألمانيا الأسبق؛ وقد فاز أخيراً بجائزة نوبل للسلام عن سنة 1933، المستر ارثر هندرسون زعيم حزب العمال البريطاني، ووزير خارجية إنكلترا في وزارة العمال، ورئيس مؤتمر نزع السلاح الملحق بعصبة الأمم، وذلك لما قام به في مؤتمر نزع السلاح من جهود لتأييد قضية السلام؛ وفاز بجائزة نوبل للسلام عن سنة 1934، إنكليزي آخر هو المستر نورمان آنجل الكاتب والصحفي الشهير، وذلك لما ألفه من الكتب والرسائل، ونشره من المقالات في سبيل الدعوة إلى السلام العالمي. وفي فوز الإنكليز بجائزة السلام عامين متواليين مغزى تغتبط له السياسة البريطانية.

في معرض الفن النمسوي

أقيم في فينا أخيراً معرض للتصوير والنحت لنيل الجائزة الرسمية؛ فنال المثال هربرت بكل من كارنتيا جائزة الحكومة عن معروضاته البرونزية؛ ونال المثال والترريئر من جراتز جائزة الحكومة عن معروضاته الحجرية.