مجلة الرسالة/العدد 767/الأدب والفن في أسبوع
مجلة الرسالة/العدد 767/الأدب والفن في أسبوع
مسابقة المجمع اللغوي:
احتفل مجمع فؤاد الأول مساء الأربعاء الماضي في الجمعية الجغرافية الملكية، بإعلان نتيجة المسابقة الأدبية لسنة 1948 وهي كما يلي:
فاز في الشعر الأستاذ علي الجندي عن ديوان (أغاريد السحر) والأستاذ عثمان حلمي عما أرسله إلى المجمع من شعره، وجائزة كل منهما ثمانون جنيهاً؛ والأستاذ محمود حسن إسماعيل عن ديوان (الملك) والأستاذ إلياس فرحات من المهارجين اللبنانيين بالبرازيل عما أرسله إلى المجمع من شعره، وجائزة كل منهما سبعون جنيهاً. وفاز في القصة الأستاذ نجيب محفوظ عن قصة (خان الخليلي) والأستاذ محمد سعيد العريان عن قصة (على باب زويلة) وجائزة كل منهما مائة خمسون جنيهاً.
وفاز في البحث الأدبي الأستاذ علي علي الفلال عن بحث (مهيار الديلمي) بجائزة مائتي جنيه.
وقد قدم الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني الشعراء الفائزين وألقى كلمة عن الشعر، وقدم الفائزين في القصة الدكتور إبراهيم مذكور وتحدث عن فن القصة، وألقى الأستاذ الشيخ عبد الوهاب خلاف كلمة عن البحث الأدبي وقدم الفائز فيه.
مؤتمر المجمع وقراراته:
عقد مؤتمر مجمع فؤاد الأول للغة العربية لسنة 1948 اثنتي عشرة جلسة، كانت أخراها في أواخر فبراير الماضي؛ ومؤتمر المجمع هم الاجتماعات السنوية التي يحضرها جميع الأعضاء من أجانب ومصريين، وتكون في أوائل السنة، وهو غير مجلس المجمع الذي يحضره المصريون فقط، وينعقد في غير أوقات المؤتمر ويستمر طوال السنة عدا الإجازة الصيفية.
وقد ألقيت في جلسات المؤتمر هذا العام محاضرات، منها محاضرة عن صلة اللغة العربية باللغات السامية للدكتور عبد الوهاب عزام بك، ومحاضرة عن الاصطلاحات الفقهية للشيخ عبد الوهاب خلاف، ومحاضرة عن نشأة المصطلحات الفلسفية للدكتور إبراهيم بيومي مدكور؛ وعرضت عليه بحوث في الإملاء وموقف العامية من الفصحى، والنحت، ووص جمع غير العاقل بصيغة فعلاء، وملاحظات بين اللغة والنحو؛ ونوقشت في هذه الجلسات طائفة من المقترحات. وقد انتهى المؤتمر إلى القرارات الآتية:
1 - اختيار الدكتور طه حسين بك والدكتور إبراهيم بيومي مدكور لمثلا المجمع في مؤتمر اللغويين السادس ومؤتمر المستشرقين الحادي عشر اللذين سيعقدان بباريس في شهر يوليه المقبل.
2 - ضرورة شرح المصطلحات العلمية الجديدة شرحاً يوضحها، على أن تنشر مقرونة بشرحها في الأوساط العلمية بمختلف البلاد العربية بعد إقرار المجلس لها، وإذا ما استكملت وسائل نشرها عرضت على المؤتمر مصحوبة بتعاريفها النهائية ثم تسجل في جزازات خاصة.
3 - الموافقة على نموذج المعجم الكبير من حيث المبدأ، على أن يتابع السير فيه ويمد بما يتطلبه العمل من موظفين وخبراء.
4 - تشجيع دراسة العامية واللهجات المختلفة تحقيقاً لما رمى إليه مرسوم إنشاء المجمع واختيار بعض الخبراء لذلك كي يعملوا تحت إشراف لجنتي اللهجات وألفاظ الحضارة.
5 - إحالة مشروع تيسير الإملاء إلى المجلس، كي يبحث في ضوء قرارات المؤتمر الثقافي العربي الذي عقد بلبنان في العام الماضي، ثم تقدم نتيجة ذلك إلى مؤتمر المجمع في دورته القادمة.
6 - تكوين لجنة لوضع كتاب في النحو طبقاً لقواعد تيسيره التي أقرها المجمع من قبل.
7 - الموافقة على جواز وصف جمع غير عاقل بصيغة فعلاء إلى جانب الصيغ الأخرى التي يستسيغها الذوق العربي.
8 - الموافقة على جواز النحت عندما تلجئ إليه الضرورة العلمية.
9 - الموافقة علة جواز توهم أصالة الحروف في بعض الكلمات العربية.
وسنرجع إلى بيان بعض هذه القرارات في الأعداد القادمة بمشيئة الله.
أعضاء مراسلون بالمجمع:
وقد عرض على المؤتمر في جلسته الأخيرة موضوع اختيار أعضاء مراسلين بالمجمع من الخارج، وبعد مناقشة اتفق على ترشيح الآتية أسماؤهم.
الأستاذ جبرييل من روما، والأستاذ أربري من لندن، والأستاذ لاوست من ليون، والأستاذ نيبرج من أبسال، والأستاذ خليل مردم والأستاذ شفيق جبري والأمير مصطفى الشهابي والأستاذ جميل صليبا والأستاذ عارف النكدي من سوريا، والأستاذ محمد بهجة الأثري من العراق، والأستاذ الشيخ طاهر ابن عاشور، والأستاذ الشيخ علال الفاسي من تونس، والأستاذ الشيخ محمد الحجوي من مراكش، والأستاذ الشيخ محمد نور الحسن من السودان ومدرس بالأزهر.
وستعرض هذه الأسماء على مجلس المجمع لاتباع ما يقضي به مرسوم المجمع ولائحته في شأن تعيين الأعضاء المراسلين.
ضيفان من لبنان:
في القاهرة الآن ضيفان كريمان من إخواننا أدباء لبنان، هما الأستاذ سعيد تقي الدين، والأستاذ سهيل إدريس، والأستاذ سعيد هو قنصل لبنان في الفلبين، وقد قضى في هذه البلاد بعيداً عن البلاد العربية اثنين وعشرين عاماً، وقد بدا نشاطه الأدبي في السنوات الأخيرة بما نشره في صحف لبنان وما ألفه من الكتب في القصص والنقد الأدبي، وآخر كتاب ظهر له (حفنة ريح). والأستاذ في طريقه من أمريكا إلى لبنان بعد هذه الغيبة الطويلة، وقد تحدث إلي عن شعوره لما حل بمصر فعبر عن سروره بتطور الشعور القومي العربي وقال إن هذا الشعور قد تجاوز الرسميين والمتقين إلى أفراد الشعب، كما قال أن التمازج بين شعوب العرب هو غاية الفكرة العربية.
أما الأستاذ سهيل إدريس فقد جاء من لبنان للقاء الأستاذ سعيد تقي الدين بمصر، وهو يهتم في هذه الزيارة القصيرة بالتعارف مع أدباء مصر والوقوف على نواحي النشاط الأدبي فيها.
الأدب الشعبي:
سمعت يوم الجمعة من محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية، حواراً بين الأساتذة شوقي أمين وكامل عجلان ومصطفى حبيب، كان موضوعه (توحيد المنهج الأدبي بين الأمم العربية) وقد تتبعت حديثهم باهتمام لأرى كيف يختلفون في هذا الموضوع، فلم أجد بينهم خلافاً في الصميم، فأصل القضية أن الأمم العربية ذات لغة واحدة تصوغ بها آدابها التي تجتمع في خصائص عامة، ولم يكن بين الأساتذة المتحاورين من يقول بغير ذلك، وإنما كانوا يشققون الكلام دائرين حول ذلك المحور. ولكنهم أثاروا في ضمن الموضوع مسألة الأدب الشعبي فاختلفوا فيها حقاً، فقد قال الأستاذ عجلان: أريد أن تكون حياة الشعوب العربية في فنها الرفيع صورة متحدة، وهذا يدعوني إلى أن أغضي عن الأدب الشعبي الذي لا ينفذ إلى طوايا الخلود. فقال الأستاذ حبيب: أنا لا أوافق على الغض من الأدب الشعبي، لأنه الأدب الحي الذي يمثل مشاعر الشعب وآماله وآلامه. فقال الأستاذ شوقي: أثرتما حديث الأدب الشعبي وكأنكما تجاهلتما أننا اتفقنا على ضرورة التوحيد اللغوي بين العلم العربي، فإذا فهم من الأدب الشعبي أنه لن يقوى على البقاء، فاللغات العامية في تطور وشيك، وهي بتعميم الثقافة تتعرض للتداعي، وستذهب جهود أولئك الأدباء الشعبيين هباء بعد سنوات هي وأن كثرت قليلة في عمر الزمان، وإن المصري اليوم ليعجز عن تفهم قطعة كتبت بالعامية منذ نصف قرن فقط؛ وأما أن أريد بالأدب الشعبي الذي يصور منازع الطبقات العامية ويجلو أوضاع حياتها فإن هذا الأدب أن كان مكتوباً باللغة العربية كان بقاؤه مرهوناً بالدرجة التي هو عليها من الجودة والروعة، وقد بقيت لنا روائع في الأدب العربي بقوة تصويرها لا بجلالة موضوعها ولا بأنها تمثل أدب الخاصة.
النهضة التعليمية في القرن الأخير:
هذا عنوان المحاضرة التي ألقاها يوم الخميس الأستاذ إسماعيل القباني بك المستشار الفني لوزارة المعارف بنادي اتحاد خريجي الجامعة، وقد استعرض فيها المراحل التي مر بها التعليم في مصر منذ عصر محمد علي، وعني بإبراز مشاكله الحاضرة مبيناً أن أصولها ترجع إلى ذلك العصر؛ فقد كان بمصر قبل محمد علي تعليم ديني بالأزهر والكتاتيب، وكان هذا التعليم يتفق مع الشعب وعواطفه، ولكنه لم يكن بلائم الحضارة الأوربية التي أخذ بها محمد علي في الإصلاح والنهوض بالبلاد، فلجأ إلى إرسال البعوث وإنشاء المدارس لتخريج فنيين يستعين بهم على ما اختطه من الإصلاح، فلم يكن الغرض نشر التعليم بين أفراد الشعب وإنما كان وسيلة إلى إعداد طائفة من الفنيين؛ فكان هناك تعليمان، تعليم شعبي وهو الديني، وتعليم خاص يعد الموظفين والحكام، فنشأ عن هذا مشكلة الازدواج في التعليم التي لا تزال الدولة تعالجها بالعمل على توحيد المرحلة الأولى في التعليم.
وبين الأستاذ اتجاه التعليم في عصر إسماعيل وما تلاه إلى ناحية الشعب ونشر الثقافة بين أفراده، حتى نكبت البلاد بالاحتلال الذي عمل على قصر مهمة المدارس على تخريج موظفين، وقال إنه يلاحظ أن النهضات التعليمية في مائة السنة الأخيرة اقترنت بالشعور الوطني القومي، وذلك يتمثل في اجتماع مجلس الشورى في عهد إسماعيل الذي نادى بوجوب الاهتمام بالتعليم فكانت نهضته وكان تنظيمه على يد باشا مبارك سنة 1866، وفي الحركة الأعرابية اهتم الخديو توفيق بإصلاح التعليم، فوضعت النظم لنشره في جميع أنحاء البلاد، ولكن الاحتلال لم يمهل هذه النظم لتؤتي ثمراتها، ويتمثل ذلك أيضاً في دعوة مصطفى كامل إلى إنشاء المدارس الأهلية وفي الدعوة إلى إنشاء الجامعة المصرية وفي مجاراة حكومة الاحتلال للشعور الوطني بإنشاء مدارس مجالس المديريات، ثم يتمثل في أوائل العهد الدستوري سنة 1925 وما صاحبه من توسيع التعليم، ويتمثل أخيراً في اشتداد الوعي الاجتماعي والقومي الحالي وما يجري معه من العمل على تهيئة فرص التعليم للجميع.
ومما قاله الأستاذ القباني بك أن التعليم كان منذ محمد علي إلى وقت الاحتلال بالمجان، وكانت مجانيته حقيقية لا كالمجانية الحالية التي أخذ بها في التعليم الابتدائي، لأن المدارس إذ ذاك كانت مفتوحة لكل راغب في التعليم مع ملاحظة قلة الراغبين، أما الآن فإن المدارس لا تتسع للجميع؛ لأن الدولة لا تستطيع أن تلبي كل الرغبات لقصر وسائلها، ولأن تكون المجانية محققة حتى تستطيع الدولة أن تفتح أبواب مدارسها لجميع أبناء الأمة على السواء في تعليم موحد.
تعريب الأفلام:
شغل الوسط السينمائي والصحف الفنية في هذا الأسبوع بموضوع ترجمة الأفلام الأجنبية إلى اللغة العربية المعروفة بعملية (الدبلاج) وقد أثار هذا الموضوع عرض فلم (لص بغداد) الأمريكي بسينما ستوديو مصر ناطقاً باللغة العربية. وقد أبدى السينمائيون المصريون سخطهم واحتجاجهم على هذا العمل بدعوى أنه خطر على الأفلام المصرية ويهدد عمال السينما بالتعطل. والى جانب هذا يرى بعض النقاد أنه لا خطر على السينما المصرية من الدبلاج بل هو يؤدي إلى ترقيتها؛ لأن المنافسة القوية تبعث على الإجادة، ويرى بعضهم أن الذي يهدد السينما المصرية حقاً إنما هو هذه الأفلام التي كثرت أخيراً وسادها التهريج والابتذال والاستخفاف بالجماهير وتخديرها واستغلال جهلها، وأنه إذا كان السينمائيون يطالبون بحمايتهم من المنافسة الأجنبية فالواجب قبل ذلك هو حماية الفن السينمائي الصحيح وحماية الجمهور من الفوضى والاستغلال. وقد تلقى منتجو هذه الأفلام الدرس القاسي من الجمهور بإعراضه أخيراً قبل أن يهددهم به الدبلاج.
والعجب أن منتجي الأفلام المصرية يثورون الآن على تعريب الأفلام الأجنبية وهم يزاولون هذا التعريب في أفلامهم مع التمصير والمسخ والتشويه. . . ثم ادعاء التأليف!
هذا وقد تألفت لجنة للنظر في هذا الموضوع برياسة معالي وزير الشؤون الاجتماعية، واجتمعت وقررت السماح بإطلاق تعريب الأفلام العلمية والثقافية وتحديده للأفلام التاريخية والتمثيلية بثلاثة أفلام في السنة، كما وافقت اللجنة على السماح بتعريب أفلام الدول التي تستورد أفلاماً من مصر، على أن يكون عدد الأفلام الأجنبية التي يسمح بتعريبها في هذه الحالة مساوياً لعدد الأفلام المصدرة من مصر إلى هذه الدول ,
العباسي