انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 757/من خطايا التائهين

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 757/من خطايا التائهين

ملاحظات: بتاريخ: 05 - 01 - 1948



محمود حسن إسماعيل

من هؤلاء؟ دوَّخوا الترابا

وأشبعوا وجهَ الثرى عذابا

في كلَّ يومٍ يطرُقون بابا

ويفجأون الزمن المنايا

فيمسخون الخُلد والشَّبابا

ويُثكلون سِحرهُ الوثابا

سيَّان إن هُمْ نادموا الأترابا

أو عاشرُوا الوُحوش والذَّئابا

سيَّان يلقوْن المنى قبابا

أو يرضعون حظها ببابا. . .

صار الوجودُ حولهم سرابا

وسحرهُ أضحى لهم عذابا

ونارُهُ صُبَّت لهم شرابا

فأينما حَلُّوا رأوْا خرابا

وصادفُوا الهمُوم والأوصابا

والغُمَّةَ الهوجاء والضَّبابا

ونِقمةً لا تعرفُ المتابا

ولا تذوقُ الندم الصَّخَّابا. . .

وأينما طافُوا رأوا حِجابا

وظُلمةً لا ترفعُ النَّقابا

سدَّت عليهم سدلها المُرْتابا

وضيعت في قلبها المآبا. .

سُبْحان من فرَّقهم شعاب وهشهم في مُلْكِه ذُبابا

وقدَّر التيهُ لهم عقابا

ويْلي عليهم عبدُوا الترابا

وأَلَّهُوا من الحصى أربابا

وقدَّسوا من زيْفه كتابا

وبعثروا صلاتهم أسرابا

في كلَّ أرِض تنشد المحرابا

وترصدُ الدينار أين غابا

ولو طوت لمعته الشهابا

ودفنت في برقها السَّحابا

العرضُ من أجسادهم تحابى

وقبَّل الأبواب والأعتابا

وشق عن مزارِه الأثوابا

ومسَّهُ تيهُ الهوى فذابا

مدَّت فلسطينُ لهم رحابا

وأَفسحت لضيْفهم جنابا

فأترعوا السمَّ لها والصَّابا

وحَيَّرُوا في أمرها الألبابا

أَمضت إليهم سيْفها الغلاَّبا

فساقهم في نارها أَحطابا

فليجعلوا التيه لهم ركابا

ويتركون الله والأعرابا