مجلة الرسالة/العدد 755/التلمود خدع اليهود
مجلة الرسالة/العدد 755/التلمود خدع اليهود
للأستاذ نقولا حداد
التلمود الذي فسر فيه اليهود التوراة على هواهم خدع اليهود لأنه زرع في عقولهم أن ألههم الذي سموه (يهوه رب الجنود) هو أقوى من سائر الآلهة وانه اختصهم دون سائر الأمم وأقنعهم بأنهم شعبة الخاص، وما لبث أن أفهمهم أن يهوه هو الله رب السماوات والأرض. ولكن الله تعالى لا يقيم وزنا لهذه الوظيفة التي وظفه اليهود فيها. بل هو جل جلاله يعتبر جميع بني آدم على الإطلاق عباده ويرعاهم يعين عنايته على السواء. ولكن ماذا تفعل بعقلية هؤلاء اليهود الذين يريدون أن يحتكروا الله - استغفر الله - كما يحتكرون كثيرا من خيرات الأرض ونتاج الأمم!
وكان في قديم الزمان لعهد موسى عليه السلام آلهة أخرى للأمم الأخرى التي كانت أمة إسرائيل الهاربة من مصر تغزوها وتغتصب أملاكها وبيوتها ومواشيها وسائر أشيائها.
وكان عندهم أن يهوه أقوى من جميع الإلهات التي يعبدها الكنعانيون والحثيون والجرزيون والفلسطينيون والصيدونيون إلى غير هذه القبائل التي كانت تقطن البلاد المسماة حديثا فلسطين معتمدين على قوة يهوه رب الجنود كما كانوا يلقبونه باعتبار انهم شعبة الخاص. فمنذ جاء الإسرائيليون إلى أرض كنعان كانت عقيدتهم أن جميع الأمم الأخرى ليست من عباد الله بل هي والسوائم سواء. ولهذا كان يهوه يتيح لهم أن يغزو تلك الأمم ويسلبوها أشياءها.
ولذلك كانوا طوال وجودهم في ارض كنعان التي كانوا يسمونها ارض الميعاد بدعوى أن الله وعدهم بها كانوا في حروب متوالية مع الأمم إلى أن غزاهم بختنصر ثلاث مرات وفي الثالثة سباهم إلى بابل مملكته. وبعد سبي سبعين سنة أطلق سراحهم كورش ملك فارس الذب فتح بابل، فعادوا إلى بلادهم. وما مكثوا طويلا حتى جعلت تنازعهم دول الشرق والغرب والشمال والجنوب. فما مكثوا في بعض البقعة المسماة الآن فلسطين اكثر من 320 سنة. ومع ذلك بقوا من ذلك العهد إلى اليوم يعتقدون انهم شعب الله الخاص وان ألههم يهوه احل لهم سلب الأمم الأخرى بأية وسائل حتى بالحرب من غير مبرر، وانه ينصره على أعدائهم. ولكن التاريخ اثبت لهم أن يهوههم لم يكن قويا كما كانوا يدعون انه ينصر لأنهم كانوا دائما يغلبون على أمرهم؛ وأخيرا تشتتوا في بلاد الله.
ولكنهم لا يزالون يتمسكون بعقيدة انهم شعب الله الخاص وانه احل لهم (معاذ الله) أن يسلبوا أموال الأمم بأية الوسائل الشريفة وغير الشريفة؛ حتى أن لم يستطيعوا أن يبتزوها بحرب ابتزوها بالحيل والأحابيل الاقتصادية والأحقية. وعلى هذه العقيدة بنوا دستورهم الاجتماعي وعلى حسب هذه العقيدة سلكوا.
واستفحلت العقيدة في قلوبهم حتى قام شيوخ مهم ووضعوا لهم دستورا غريبا عجيبا يسمى بروتوكولا وهو يتيح لهم أن يبذلوا كل جهد في إفساد الأمم الأخرى وقتل الفضيلة فيها تمهيدا لاستغلالها، وعليهم أن يبذلوا حتى الشرف لهذه الغاية. وحصل القول أن عليهم أن يبذلوا كل عزيز وغال من أخلاقهم في سبيل جمع المال، وان يتوسلوا بأية الوسائل للقبض على زمام السلطة تذرعا إلى الكال. والمال هو قوتهم الوحيدة. وفيما سواه هم نساج.
فإذا اقتضت الوسيلة أن يكون الواحد منهم مسلما فليكن إلى حين، كما فعل بعضهم في سلانيك. وإذا اقتضى الواحد منهم أن يكون اشتراكيا فليكن. مع أن الاشتراكية تناقض مبادئهم لأنهم رأسماليون. وإذا اقتضى الأمر أن يكون شيوعيا فلا باس أن يكون. كل الدواب تؤدي هيكل المال.
فكانت النتيجة هذا السلوك أمرين خطيرين:
أولا أنهم امتلكوا القسم العظيم من ثروات العالم لا بالطرق القانونية الشريفة، وإنما بالاحتيال على النظام والقانون واختراع وسائل الابتزاز المختلفة كالنصيب وتقسيط أثمان السندات ذات النصيب والمقامرة والمراهنة والتامين إلى غير ذلك من اختراعاتهم التي يحسبها لهم بعض المغفلين ذكاء.
وعلى الرغم من تكلفهم السلوك المستقيم في المعاملات التجارية وغيرها تنفضح فيهم روح الجشع والطمع والقسوة في المعاملات إلى أن صارت هذه الروح غريزة فيهم ولم يعودوا يشعرون في أنفسهم أن أخلاقهم غير إنسانية بل يستغربون أن ينسب إليهم فقد الإنسانية، وهم يظنون في أنفسهم انهم إنسانيون كسائر الناس، ولسوء حظهم لا يراهم الناس هكذا.
هذه التربية التي صبغهم بها التلمود والبرتوكول أفضت إلى الخطر الثاني، وهو أن حقد عليهم الناس من كل قبيلة وطائفة وجنسية. وهم يستغربون هذا الحقد من الناس أينما كانوا وأينما حلوا يتساءلون: لماذا يحقد عليهم الناس هكذا في كل مصر وعصر؟ لماذا اضطهدهم الروس في القرون الماضية؟ لماذا قسا عليهم هتلر فطردهم من ألمانيا وصادر أملاكهم؟ يستغربون هذا لأنهم يظنون انهم بشر وان أخلاقهم وقلوبهم بشر. ولسوء حظهم انهم ليسوا كذلك لان في عقولهم عقيدة انهم شعب الله الخاص وحيوات الأمم الأخرى حلال لهم. أليس التلمود قد خدعهم وضلهم فأضرهم؟
وأخيراً كانوا يضطهدون في أوروبا وكانوا يستغيثون بأهل الرحمة من نصارى أوروبا وأميركا، لأنهم يعلمون أن هؤلاء الأقوام قد تربوا تربية إنسانية بمقتضى تعاليم مسيحهم فيمكنهم أن يستغلوا فيهم هذه الإنسانية المسيحية فجعلوا يستنزفون أموالهم باسم أسعف المنكوبين اليهود في أوروبا فجمع لهم المسيحيون في أميركا 170 مليون دولار. وسئل مرجنتو العضو في جمعية جمع الإعانات أين تذهب هذه الدولارات؟ فقال 40 بالمائة منها تذهب إلى فلسطين. فغضب رئيس الجمعية وقال أنا مستعف من الرئاسة لأني كنت أظن أن هذه الأموال تذهب إلى المشردين من اليهود في أوروبا لا إلى فلسطين حيث يقيم الصهيونيون دولة على البارود.
ولولا وعد بلفور لعطف عليهم المسلمون أيضاً لان تعاليم دينهم لا تختلف عن تعاليم المسيح الإنسانية من حيث العطف والرفق والرحمة؛ ولطالما عطف المسلمون عليهم في التاريخ الماضي. ألم يعطف المسلمون عليهم بعد كارثة الأندلس فأووهم في كبريات عواصمهم.
ومن أعاجيب فلسفة اليهود انهم يعللون بغض الناس لهم بأنهم أذكياء فيحسدهم الناس على ذكائهم. وكانوا يذيعون هذه الفكرة حتى اليوم إلى أن تلوثت بها عقول بعض الناس من غير جنسهم وصاروا يقولون أن هؤلاء اليهود جمعوا الثروات بذكائهم وانهم يستحقون هذا التفوق وهذا الفوز في عالم المال جزاء للذكاء. وبعضهم يقول لك انهم يستحقون فلسطين لأنهم عمروها إلى غير ذلك من السفسطات السخيفة.
ليس اليهود أذكى من سائر الأمم، بل يمكنك أن تقول انهم دون الوسط في الذكاء. وإنما الفرق بينهم وبين الأمم الأخرى أن ذكاء هذه الأمم مقرون بالأخلاق الإنسانية من محبة وصدق وداد وإخلاص وعطف ورحمة. وأما ذكاء اليهود فمقرون بقلوب صم لا تفهم الإنسانية ولا الرحمة. فأولئك يستحرمون المحرم وهؤلاء يحللون المحرم؛ هؤلاء يثرون كثيرا وأولئك يثرون اقل.
فهم متى راموا التبجح بالذكاء ذكروا لك اينشطين وبرجسون وغيرهما، وأغمضوا الطرف عن جايمس جينز وادينغتون واناطول فرنس وغيرهم. وإذا ذكروا رتشلد ذكرنا لهم ركفلر وكارنجي وفورد. ولكن ماذا فعل آل رتشلد من المبررات التي عملها هؤلاء؟ ما سمعنا بمؤسسة خيرية للإنسانية أسسها اليهود. . .
ولما استفحل الجشع اليهودي في أوروبا وجعلت أوروبا تنبذها نبذة الهواة ولوا وجوههم شطر الشرق وادعوا أن لهم ميراثا في فلسطين فلماذا لا يطالبون به؟ والحقيقة انهم لا يأتون إلى الشرق لكي يرثوا ميراثا بل لكي يسهل عليهم الاستيطان في بلاد أهلها مهملون فيمكنهم أن يرثوا فيها بأسهل من أوروبا.
فقصدوا إلى الشرق العربي لأنهم استضعفوا اهله، ولكنهم منذ هذا الأسبوع انقلبت عقيدتهم في العرب ورأوا انهم قد ذلوا السبيل، وان هذا الصيد دونه أسد الثرى، وسيعودون من حيث اتوا، وسيعود ترومات حاميهم إلى الصومعة لان الشعب الأميركي شرع منذ الآن لا يصدق دعاية الجرائد اليهودية. واليوم قرانا أن الكونجرس الأميركي سيحقق في مسالة ضغط ترومان على أعضاء هيئة الأمم.
نقولا حداد