انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 72/الممهدون للاكتشاف والاختراع

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 72/الممهدون للاكتشاف والاختراع

مجلة الرسالة - العدد 72
الممهدون للاكتشاف والاختراع
ملاحظات: بتاريخ: 19 - 11 - 1934



بقلم الأستاذ قدوري حافظ طوقان

نشوء العلم وارتقاؤه

يأخذ الإنسان ما عمله غيره وسلفه ويزيد عليه، يبدأ من حيث انتهى سلفه ويدخل تحسيناً عليه، ثم يسعى للزيادة على ذلك. بينما يأخذ الحيوان ما عمله سلفه ويبدأ حيث أبتدأ (سلفه) وينتهي به دون زيادة. هذا فرق مهم بين الإنسان والحيوان، وهذه ميزة اختصه الله بها، ولولاها لما كان هناك تقدم أو حضارة. وعلى هذا ليست المدنية وما نراه من مظاهر العمران إلا مجموع مجهودات قام بها الأفراد في سبيل ترقية المجتمع من نواحيه المتعددة. وإذا قيل أن جاوس، وفير، اخترعا التليفون، فليس معنى ذلك أن لهما كل الفضل في إيجاده، وأنهما توصلا إليه بدون الاستعانة بما عمله غيرهما، بل إن لبحوث الذين سبقوهما فضلاً كبيراً عليهما، فلولا ليساج العالم السويسري الذي ظهر في القرن الثامن عشر للميلاد، ولولا سومرنج الألماني الذي قام بعمل التلغراف بواسطة التيارات الكهربائية من بطارية وبواسطة الماء لإعطاء الإشرات، ولولا أمبير الذي نقل في سنة 1820 الأشرات بواسطة التيارات الكهربائية في عدة إبر مغناطيسية، أقول لولا كل هؤلاء وغيرهم لما استطاع جاوس وفير أن يفكرا في التلفون وأن يتوصلا إلى استعمال المغناطيس الكهربائي، حتى أصبح للتلغراف قيمة عملية يمكن الاستفادة منها.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أن للتحسينات الجمة التي أدخلها العلماء ستهيل وكوك ومورس وستون، الفضل الأكبر في تعميم استعماله وجعله سهل التناول، وها نحن أولاً نرى العلماء يدخلون عليه تحسينات أخرى ويتفننون في صنعه.

وليست نظرية النسبية بأكملها من نتاج طريحة العالم الشهير البرت انشتين، وقليلون جداً الذين يعرفون أن لمجهودات وبحوث لورانتز العالم الهولاندي وغيره من علماء الرياضة والطبيعة فضلاً عليها، فلولاهم ولولا كتاباتهم وبحوثهم وتمهيداتهم لما استطاع انشتين أن يخرج النسبية بشكلها الذي نعرفه الآن.

فليست الاختراعات والاكتشافات إذن إلا نتيجة مجهودات جبارة قام بها أفراد مختلفون اشتغلوا في ميادين العلوم والفنون، وهي لم تظهر بشكلها العملي المفيد إلا بعد تمهي عديدة وإدخال تحسينات جمة قام بها العلماء في عصور مختلفة، ولا يزال القراء يذكرون المقال الشيق الذي نشر في العدد 62 من مجلة الرسالة بقلم الأستاذ محمود مختار في موضوع (التلفزة في عهدها الأول) وقد جاء فيه أن العالم الإنكليزي (جون بيرد) طلع في سنة 1926 بجهازه الأول في عالم التلفزة وقد عرضه على المجمع الملكي في لندن ونقل صوراً بأجسام بسيطة موضوعة في غرفة مجاورة، وكانت الصور كثيرة الاهتزاز عديمة الوضوح. وقد شغل هذا الجهاز الأدمغة الكبيرة، فقام غير واحد وأخذ فكرة العالم المذكور وعمل على تحسينها وإنماءها حتى وصل الاختراع إلى ما وصل إليه من الإتقان. ولا يزال العلماء يدخلون عليه في كل يوم تحسيناً، ولا يزالون يفكرون في الوسائل التي تجعله سهل التناول في استطاعة الكثيرين اقتناءه والاستفادة منه.

قد يظن القارئ أن ميزة الأخذ عن الغير والزيادة عليه تتجلى في الفرد دون الأمم. هذا الظن في غير محله، إذ ظهر وثبت أن الحضارات المختلفة تجري أيضاً على هذه النظرية: نظرية الأخذ عن السلف والغير والزيادة على ذلك. فالحضارة الرومانية استعانت بحضارات الأمم التي سبقتها واستفادت منها فوائد عديدة عادت على الرومان بالتقدم، كذلك استعان العرب والمسلمون بغيرهم من الأمم فأخذوا عن اليونان والرومان والهنود والفرس، وبعد أن ادخلوا على ما أخذوه الإصلاح والتغير، زادوا عليه زيادات جعلت الكثيرين من منصفي الغرب يعترفون بعبقرية العقل العربي وبقوته على الإنتاج، وبخدماته الجليّفي رفع مستوى المدنية والإنسانية. وحينما انتبهت أوربا من غفلتها وبدأ فيها عصر النهضة العلمية استعانت بنتاج العقل العربي وإسلامي في ميادين العلوم المختلفة والفنون المتنوعة. فالحضارة الأوربية في صميمها ترتكز على الحضارة العربية والإسلامية وهي لم تستطع أن تتقدم تقدمها العجيب إلا بفضل العرب. قال سارطون أن العرب كانوا أعظم معلمين في العالم في القرون الوسطى. واعترف غير واحد بأن العرب قدموا خدمات جليلة في كثير من فروع المعرفة. وقال ويدمان: إن علماء العرب أخذوا بعض النظريات عن اليونان وطبقوها، وقد بذلوا الجهد في تحسينها وإنمائها حتى سلموها للعصور الحديثة واعترف سيديو بأن العرب أساتذة أوربا في جميع الأشياء. . .

ولنرجع الآن إلى مقالنا فنقول: لقد ظهر في العرب علماء عديدون ابتكروا واكتشفوا واخترعوا في ميادين العلوم والفنون. وقد وجد فيهم من استطاع أن يمهد ببحوثه وتجاربه لبعض اكتشافات واختراعات هي من خطورة الشأن على جانب عظيم، ولولاها لم استطاع علماء الفرنجة أن يقطعوا شوطاً بعيداً في التقدم والرقي.

التكامل والتفاضل:

علم التكامل والتفاضل من العلوم الرياضية العالية التي لها اتصال وثيق في الاختراع والاكتشاف، والتي سهلت كثيراً من المسائل العويصة. هذا الفرع من الرياضيات حديث الوجود فقد اكتشفه واكتشف قوانينه الأولية نيوتن وليبنتز في أواخر القرن السابع عشر للميلاد، وهو لم يزدهر ازدهاره الحالي إلا بعد زيادات هامة قام بها العلماء فيما بعد. ويظن كثيرون، بل يعتقد بعض الرياضيين، أن العلماء الذين سبقوا نيوتن لم يمهدوا له ولم يضعوا فيه شيئاً جديراً بالاعتبار هذا خطأ إذ ثبت لدى البحث والتنقيب أن ثابت بن قرة من الذين مهدوا لهذا العلم، ومن الذين حلوا مسائل في إيجاد المساحات والحجوم بطرق تنم نوعاً ما على طريقة التكامل المتبعة الآن. ويعترف سمث بذلك وبأن ثابت بن قرة هو الذي أوجد حجم الجسم المتولد من دوران القطع المكافئ حول محوره، وأن العلماء الذين أتوا بعده اهتدوا بنور طرقه في إيجاد المساحات والحجوم.

دوران الأرض:

مما لا ريب فيه أن كوبرنيكس وغاليلو بلغا شأواً بعيداً في العلم وفتحا فيه أبواباً كانت مغلقة، وأماطا اللثام عن حقائق كانت غامضة، ودقائق كانت غير معروفة، ولهما الفضل الأكبر في تثبيت فكرة دوران الأرض، ولكن كل هذا لا يمنعنا من القول بأنهما سبقا إلى فكرة دوران الأرض، وأن السافلين لذلك بعض من علماء اليونان والعرب؛ فقد كان فيثاغورس يعلم تلاميذه على طريقة حركة الأرض، وكان هذا قبل المسيح بخمسمائة سنة، ثم أتى بعده بطليموس ورمى بهذه الفكرة عرض الحائط وقال بسكون الأرض ودوران الشمس حولها؛ واشتهرت هذه النظرية كثيراً وأخذها الكثيرون من علماء اليونان والعرب، وعجب بعض العلماء الفرنجة من قبول البيروني لهذه النظرية ومن أخذ الفارابي وابن سينا بها. ولقد وجد في العرب من لم يأخذ برأي بطليموس ومن قال بدوران الأرض حول الشمس. جاء في (المواقف) للعلامة عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الذي ظهر في القرن الثامن للهجرة ما يلي (. . . الحركة اليومية (ويعني حركة الشمس) لا توجد، إنما تتخيل بسبب حركة الأرض، إذ يتبدل الوضع من الفلك دون أجزاء الأرض، فيظن أن الأرض ساكنة والمتحرك هو الفلك، بل ليس ثمة فلك أطلس، وذلك كراكب السفينة فانه يرى السفينة ساكنة مع حركتها حيث لا يتبدل وضع أجزائها منه، وكذلك يرى القمر سائراً إلى الغيم حيث يسير الغيم إليه. وهذا كله من غلط الحس. .)

من هنا يتبين أن عضد الدين سبق كوبرنيكس في القول بفكرة دوران الأرض ومهد السبل لكوبرنيكس وغاليلو للتوسع في هذه الفكرة ولاستعمال المعادلات والأرقام في ذلك.

الرقاص:

لقد ثبت لدى بعض علماء الفرنجة أن العرب سبقوا غاليلو في اختراع الرقاص وفي استعماله في الساعات الدقاقة. جاء في تاريخ العرب لسيديو ما يلي (وكذا ابن يونس المقتفي في سيره أبا الوفاء البوزجاني ألف في رصد خانته بجبل المقطم الزيج الحاكمي واختراع الربع ذا الثقب وبندول الساعة الدقاقة. . .)

واعترف سارطون وسدويك بأن العرب استعملوا الرقاص لقياس الزمن، وفوق ذلك عرف العرب شيئاً عن القوانين التي تسيطر عليه. قال سمث العالم الأمريكي الشهير (ومع أن قانون الرقاص هو من وضع غاليلو إلا أن كمال الدين بن يونس لاحظه وسبقه في معرفة شيء عنه. وكان الفلكيون يستعملون البندول لحساب الفترات الزمنية أثناء الرصد. .) فهم بذلك مهدوا السبيل لغاليلو لاستنباط كل القوانين التي تسود الرقاص، إذ استطاع أن يجد أن مدة الذبذبة تتوقف على طول البندول وقيمة عجلة التثاقل وأن يضع في ذلك في قالب رياضي بديع، ومن هذا الوضع توسعت دائرة استعماله وجنى الفوائد الجليلة منه.

اللوغارتمات:

ثابت لدينا أن نابيير هو الذي أخترع أساس اللوغارتمات وأنه أول من عمل الجداول لذلك، ولا يمكن أن تجد اثنين يختلفان فيه. وقد كنت اعتقد أن هذا البحث من الرياضيات لم يمهد له أحد، وأن الرياضيين الذين سبقوا نابيير لم يصلوا في بحوثهم إلى معرفة شيء عنه، وأن هذا الفرع بقى مجهولاً إلى أن جاء نابيير وفكر في إيجاد طرق لتسهيل أعمال الضرب والقسمة فوفق إلى اختراع اللوغارتمات. هذا ما كنت أعتقده، وهذا ما لا يزال يعتقده الكثير من علماء الرياضة والتاريخ؛ ولكن لدى قراءتي لبعض الكتب القديمة التي تتعلق بالرياضيات، ولدى تصفحي لكتاب يبحث في تراجم بعض علماء الفلك والرياضيات وجدت أن ابن حمزة المغربي الذي ظهر في القرن الحادي عشر للميلاد استعمل في بعض بحوثه عن المتواليات الهندسية طرقاً تقرب من اللوغارتمات، إذ لو استعمل مع المتوالية الهندسية سلسلة عديدة تبدأ بالصفر واتخذ الحدود في هذه أساساً لنظائرها في جدول المتواليات الهندسية لكان اكتشف اللوغارتمات التي أوجدها نابيير بعده بأربع وعشرين سنة.

والحقيقة التي أود الإدلاء بها أنه ما دار بخلدي أني سأقرأ بحوثاًكهذه لعالم عربي كابن حمزة تمهد السبل لاختراع اللوغارتمات وتكون الخطوة الأولى في وضع أساسه.

الجاذبية:

تقرن كلمة الجاذبية باسم اسحق نيوتن العالم الإنكليزي الشهير، فهو الذي وضع قوانين الحركة والجاذبية في قالب لم يسبق إليه، إذ استعمل فيها الأرقام والمعادلات. ولكن هذا لا يعني أن نيوتن لم يسبق إلى فكرة الجذب والجاذبية فقد قال في ذلك بعض علماء اليونان والعرب، فاعترف سارطون بأن للعرب بحوثاً في الجاذبية وأن الخازن وثابت بن قرة وموسى بن شاكر وغيرهم قالوا بالجاذبية ووضعوا بعض قوانينها. قال ثابت بن قرة (إن المدرة تعود إلى السفل لأن بينها وبين كلية الأرض مشابهة في كل الأعراض، أعني البرودة والكثافة، والشيء ينجذب إلى أعظم منه) وقد شرح محمد بن عمر الرازي هذه العبارة في أواخر القرن السادس للهجرة، فقال (إنا إذا رمينا المدرة إلى فوق فإنها ترجع إلى أسفل، فعلمنا أن فيها قوة تقتضي الحصول في السفل، حتى إنا لما رميناها إلى فوق أعادتها تلك القوة إلى أسفل. .)

أليس في هذا تمهيد لفكرة الجاذبية؟ أليست مباحث محمد بن موسى في حركة الأجرام السماوية وخواص الجذب سابقة لبحوث نيوتن، وهي الخطى الممهدة للتوسع في قانون الجاذبية؟ ألا ترى معي أن اكتشاف أبي الوفاء البوزجاني، الذي ظهر في القرن العاشر للميلاد، في بعض أنواع الخلل في حركة القمر دليل على أنه كان يعرف شيئاً عن الجاذبية وخواص الجذب؟ من هنا يظهر أن علماء العرب (وقد يكون من قبلهم اليونان) سبقوا نيوتن في البحث عن الجاذبية. قد يعترض على هذا القول كثير ولكن لدى إنعام النظر يتبين أن الاعتراض في غير محله فنحن لا ندعي بأن العرب أو (غيرهم) وضعوا الجاذبية وقوانينها وما إليها في الشكل الرياضي الطبيعي الذي أتى به نيوتن، إنما جل ما في الأمر أن العرب أخذوا فكرة الجذب عن اليونان وزادوا عليها ووضعوا بعض القوانين لسقوط الأجسام. ثم أتى بعد ذلك نيوتن وأخذ ما عمله غيره في هذا المضمار وزاد عليه، وبفضل ما وهبه الله من العبقرية وما اتصف به من المثابرة والثبات واستطاع أن يضع الجاذبية بالشكل الذي نعرفه مما لم يسبق إليه، ولا شك أن له في ذلك فضلاً كبيراً جداً، ولكن هذا لا يعني تجريد العرب ومن قبلهم اليونان من الفضل، فلواضع الأساس في علم من الفضل ما للمكتشف أو للمخترع فيه.

مرض الانكلستوما:

إذا قلنا الدكتور محمد خليل عبد الخالق ومعنى ذلك أنه من الأطباء النادرين الذين يعنون بما جاء في الكتب الطبية القديمة ومن القليلين الذين يهمهم تطور الاكتشاف في الأمراض والعوارض التي تصيب الإنسان. وزيادة على ذلك فهو من المجددين في علم الطب، ومن الذين يعرفون كيف يقومون بواجبهم الإنساني على وجه كامل، ولسنا فيما نقوله مبالغين، بل قائلين الحقيقة ومقررين الواقع. لقد علق الدكتور حرسه الله على مقال لي نشرته في مجلة الرسالة عنابن سينا بما يلي: (. . . وأود أن ألفت النظر إلى أنابن سينا أول من اكتشف الطفيلية الموجودة في الإنسان المسماة الآن بالرهقان أو مرض الانكلستوما. وقد كان هذا الاكتشاف (القانون في الطب) في الفصل الخاص بالديدان المعوية، وهذه العدوى تصيب الآن نصف سكان العالم تقريباً.

وقد بلغ ما كتب عن هذا المرض من المقالات والكتب إلى سنة 1922، (50000) مرجع عنيت بجمعها مؤسسة ركفلر بأمريكا. وقد سمىابن سينا هذه الطفيلية باسم (الدودة المستديرة) وقد كان لي الشرف في سنة 1922 أن قمت بفحص ما جاء في كتاب القانون في الطب عن الديدان المعوية، وأمكنني أن أقوم بتشخيصها بدقة، وتبين من هذا أن الدودة المستديرة التي ذكرهاابن سينا هي ما نسميه الآن بالانكلستوما، وقد أعاد اكتشافها ذوبيني في إيطاليا سنة 1838 أي بعد اكتشاف ابن يسنا عنها بتسع مائة سنة تقريباً. وقد أخذ جميع المؤلفين في علم الطفيليات بهذا الرأي في المؤلفات الحديثة، وكذلك مؤسسة ركفلر كما يرى من المراجع المذكورة بعد. وكذلك كتبت هذا ليطلع عليه الأدباء ويضيفون إلى اكتشافاتابن سينا العديدة هذا الاكتشاف العظيم لمرض هو من الأمراض الكثيرة الانتشار في العالم الآن).

فإذا كان الدكتور محمد خليل بك كتب هذه القطعة ليطلع عليها الأدباء فقط فأنا أعيد كتابة ما كتبه ليطلع عليه العلماء والأدباء والباحثون وتلاميذ المدارس العليا وغيرهم. ومن مقال الدكتور يتبين أن العرب لم يمهدوا فقط لمرض منتشر، بل قد سبقوا غيرهم في اكتشافه وفي معرفة الشيء الكثير عنه.

ولا يسعني قبل الختام إلا أن أشكر الدكتور على اهتمامه بالتراث العربي والإسلامي في كشفه ناحية كانت غامضة ومحاطة بسحب من الإبهام، وفي فتحه باباً ظل مغلقاً قروناً عديدة، جزاه الله خيراً وأبقاه ذخراً.

نابلس

قدوري حافظ طوقان