انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 72/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 72/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 72
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 19 - 11 - 1934



الأدب المجري الحديث:

خواصه ومميزاته

نشرت (مجلة المجر الجديدة) مقالاً عن دور الشباب في تطور الأدب المجري المعاصر، فوصفت الخواص التي يتميز بها أدب الشباب سواء في الشعر أوالنثر؛ وقالت إن الأدب المجري الحديث يرجع إلى أواخر القرن الماضي، ويمتاز قبل كل شيء بالخروج عن النزعة (الغربية) التي بلغت ذروتها بالشاعر الكبير (آدي) أعظم شعراء المجر في القرن الماضي؛ كما أنه يمتاز بالإغراق في المظاهر الشعبية، والتعلق بالأصول الشقية للروح المجرية، والتأثر بالحياة الريفية.

ومع ذلك فإن أساس التطور الحديث في الأدب المجري، هو شعر (آدي)؛ ومن محقق الأدب المجري المعاصر، إذا راعينا أكابر الشعراء مثل يوسف أرديلي، ويوليا الياس، وآتيلا يوزيف، ولوران زابو وأكابر القصصيين مثل آرون تمازي ويوسف نييرو، يجوز مرحلة عود على البدء. وإنها لظاهرة جديدة فقط أن تتجه الأفكار إلى استكمال الأساطير القوية الجديدة، وإلى اعتبارات الجنس والأرض والتاريخ في نوع من المظاهر الشعبية الجديدة؛ والجيل الحاضر ينظر إلى التطور القديم بهذه الروح بينما يعمل على إحياء النزعة التي أشرنا إليها، ومن ثم كانت أعظم مصادر وحيه، السياسة والمجتمع؛ وكثير من شعراء العصر يرددون قول الشاعر يوتوتوس: (إن الشاعر الذي لا تهزه عواطف عصره، يمزق أعصاب غنائه)

وفي مقدمة شعراء هذه الطبقة يوسف أرديلي ويوليا إلياس. ومن يقرأ أرديلي في قصيدته الشهيرة (بلا صلاح) أو قصيدته (النجم الفريد) يشعر بأثر الرسالة التي يقول الجيل الشاب إنه يقوم بها. وليوليا إلياس قصة شعرية ظهرت أخيراً عنوانها (شباب)، وهي تفيض بالجمال الابتداعي والنزعة الغنائية، ومن نظمه أيضاً (ثلاثة شيوخ). وهو أشد من يمثل نزعة الجيل الجديد من حيث النزعة الغنائية والفردية، والطموح إلى استكمال التقاليد والتعلق بالتراث الشعبي.

ومعظم هؤلاء الشبان لا يعني بالشكل، وينكرون في نوع من التحدي أناقة اللفظ أو ضخامته؛ وكثير منهم يجنح إلى القديم الساذج، وإلى الروى الشعبي، وشعرهم ينضح على العموم عن لون قومي قوي، وهم في الواقع (أبناء الشعب) ينشئون في مهاد (الفقر العذب)، وينزعون إلى بساطة اللفظ، وإلى التقاليد وإلى الأساطير وإلى كنوز الخيال الشعبي.

وأما النثر، فمن أقطابه يوسف نييرو القصصي الكبير؛ وهو كاتب ذو نزعة دينية إنسانية ترجع إلى تربيته الكنسية، فقد نشأ قساً، ثم حمله تيار الأدب. وهو ريفي النزعة من حيث المادة والوصف يصور لك الوطن المجري، ولا سيما وطنه (ترانسلفانيا) في صور قوية مؤثرة، ومن أشهر قصصه (تحت نير الله) وهي في الواقع قصة حياته الكهنوتية عرضت في قالب قصصي مؤثر؛ وله مجموعة أقاصيص شهيرة من أبدع ما أخرج الأدب المجري المعاصر.

ومن أقطابه آرون تمازي، وهو قصصي بارع ينزع إلى المأساة، ويلزم الطابع القومي العميق، وله مجموعة قصص تفيض سحراً وإنسانية عنوانها (كواكب ترسلفلنيا)، ومجموعة أخرى عنوانها (عصفور الصباح) يدعو فيها إلى المثل الأعلى. ومنهم جان كودولاني، وهو مصور بارع لمناظر القرية ومجتمعها. وكذلك زولتان ستنيا، فهو يصف في قصصه نجتمع الأعيان المنحل؛ وبول زابو، وهو كاتب ريفي محض وافر الطرافة والقوة.

والفرق قوي واضح بين ذلك الجيل وبين الجيل المنصرم الذي كانت تغلبه النزعة (الغربية). وليس الفرق متعلقاُ بالشكل فقط، بل هنالك ثمة صورتان مختلفتان، تمثل كل منهما ناحية من الروح المجرية؛ وإلى الأولى ينتمي أبناء الأعيان والموظفين الذين متى اضطروا إلى نبذ ترف هذه الحياة، لجئوا إلى عالم الكتب ليتخذوا منه سداً بينهم وبين حياتهم المسكينة، وينتمي إلى الثانية أبناء الفلاحين وطبقة الأعيان الريفية التي تقرب منهم والساخطون على هذا المجتمع، وهم الذين يزعمون أنهم رسل الإصلاح الاجتماعي، وعلى العموم فان البون شاسع بين الكتاب الجدد وبين الجيل القديم سواء من حيث النظر إلى العالم وإلى الحياة.

بسمات العدالة

عني كثير من المؤرخين والكتاب بالكتابة عن المآسي القضائية، والمحاكمات الجنائية الكبرى. ولكن أحداً منهم لم يعن بالكتابة عن (الكوميديات القضائية) والوقائع والمواقف المضحكة التي تعرض أمام القضاء. وهذا ما فعله الكاتب الفرنسي (جيو لندن) الكاتب القضائي لجريدة الجورنال. وقد تخصص جيو لندن في كتابة الصور والأخبار القضائية منذ أعوام بعيدة، واشتهر بسحر أسلوبه ودقة ملاحظاته. وهو الذي يلخص أخبارالمحاكمات والقضايا الكبرى في جريدة (الجورنال). وفي كل عام يجمع أشهر المحاكمات والمآسي القضائية في مجلد خاص، ولكنه اختار هذا العام أن يترك المآسي والجنايات المثيرة، وأن بجمع المواقف القضائية الفكاهية في مجلد عنوانه (العدالة وبسماتها) وقد استقبل هذا السفر الظريف في دوائر النقد والأدب أحسن استقبال، ونوهت بما يضمه من الصور الساحرة والمواقف الشائقة، وبما يسود من قوة الملاحظة وخفة روح في العرض؛ فهناك أغرب القضايا المضحكة حقاً، وأغرب الشخصيات الساذجة التي تنسيك بسذاجاتها أحياناً خبث المجرم الخطر، وهنالك حيل النساء الماكرات تبدو واضحة أمام بساطة الرجل المتيم. وقد علق أحد النقدة على ظهور هذا الكتاب بقوله: (إنه يحمل على التفكير بأن التردد على جلسات القضاء يخلق منافسة قوية للمسرح الفكه؛ بل ربما كان ثمة عاملاً من عوامل الأزمة المسرحية؛ إن كانت ثمة أزمة).

جائزة نوبل الأدبية

ذكرنا في العدد الماضي أن جائزة نوبل للطب قد منحت لثلاثة من العلماء الأمريكيين. هم الأساتذة جورج نيوث، ووليم مورفي، وهوبل. ونذكر الآن أن جائزة نوبل الأدبية لسنة 1934 قد منحت إلى الكاتب والفنان الإيطالي السنيور لويجي بيراندللو وهو كاتب مسرحي تخصص في وضع القطع التمثيلية، وتنظيم المسرح؛ وأشهر رواياته قطعة عنوانها: (ستة أشخاص يبحثون عن مؤلف)، اشتهرت في جميع المسارح الأوربية. والسنيور بيرادنللو في نحو السابعة والستين من عمره؛ وهذه هي المرة الثانية التي تمنح فيها جائزة نوبل للكتاب الإيطاليين.

أستاذ شرقي يعثر على مخطوطات عربية نادرة

نقل إلى الجامعة العربية من أمريكا أن الدكتور فيليب حتى من خريجي الجامعة الأمريكية في بيروت وأستاذ الآداب السامية في جامعة برنستن بأمريكا الآن عثر في أثناء بحثه وتنقيبه في المخطوطات الموجودة في مكتبات أمريكا المشهورة على ترجمة عربية ضافية لبحوث كلوديوس جالينوس في التشريح والطب بين خمسة آلاف مجلد من المخطوطات العربية في مكتبة جامعة برنستن. ومما قاله الدكتور حتى في وصف هذه الترجمة (إنها من أندر وأنفس المخطوطات التي سجلت في الفهارس حتى الآن) والترجمة العربية مؤرخة في سنة 1174م وقد وضعها حنين بن أسحق المسيحي النسطوري وكان يعد إمام المترجمين من اللغة اليونانية في عصره.

وعثر الدكتور حتى كذلك على مخطوطة في علم التنجيم يستدل من الشارة المذهبة المرسومة على الصفحة الأولى منها أنها وضعت في الأصل للسلطان صلاح الدين الأيوبي وكانت في مكتبته، ويقول الدكتور حتى أن صلاح الدين نفسه كان يسترشد بهذه المخطوطة قبل إقدامه على منازلة الصليبيين في المعارك.

وعثر أيضاً على مخطوطة في الموسيقى قد تميط اللثام عن النغمات الموسيقية التي كان يستعملها العرب قديماً. وهذه المخطوطة مزينة برسوم، وقد وضعها الفارابي الموسيقي والفيلسوف المشهور في القرن العاشر.

وهناك مخطوطة عربية رابعة وجدها الدكتور حتى في جامعة برنستن وهي شرح ابن رشد فيلسوف الأندلس وأرجوزةابن سينا الطبية المشهورة لمؤلف طبي وصفه ابن جزله البغدادي في القرن الثاني عشر.