مجلة الرسالة/العدد 717/نقل الأديب
مجلة الرسالة/العدد 717/نقل الأديب
للأستاذ محمد إسعاف النشاشينبي
902 - مناظرة بين عالمين
سأل الإمام أبو الحسن الأشعري شيخ السنة الإمام أبا علي الجبائي رئيس المعتزلة عن ثلاث أخوة، أحدهم كان مؤمناً براً تقياً، والثاني كان كافراً فاسقاً شقياً، والثالث كان صغيراً، فماتوا فكيف حالهم؟
فقال الجبائي: أما الزاهد ففي الدرجات، وأما الكافر ففي الدركات، وأما الصغير فمن أهل السلامة.
فقال الأشعري: إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟
فقال الجبائي: لا، لأنه يقال له: إن أخاك إنما قد وصل إلى هذه الدرجات بسبب طاعاته الكثيرة وليس لك تلك الطاعات.
قال الأشعري: فإن قال ذلك الصغير: التقصير ليس مني فإنك ما أبقيتني ولا أقدرتني على الطاعة.
فقال الجبائي: يقول الباري (جل وعلا) كنت أعلم أنك لو بقيت لعصيت، وصرت مستحقاً للعذاب الأليم فراعيت مصلحتك.
فقال الأشعري: فلو قال الأخر الكافر: يا إله العالمين، كما علمت حاله فقد علمت حالي فلم راعيت مصلحته دوني؟
فقال الجبائي للأشعري: إنك مجنون.
فقال: لا، بل وقف حمار الشيخ في العقبة! وانقطع الجبائي.
903 - أمريكة. . .
مسالك الأبصار في ممالك الأمصار لأبن فضل الله العمري:
قال شيخنا فريد الدهر أبو الثناء محمود أبي القاسم الأصفهاني أمتع الله به: لا أمنع أن يكون ما انكشف عنه الماء من الأرض من جهتنا منكشفاً من الجهة الأخرى. وإذا لم أمنع أن يكون منكشفاً من تلك الجهة لا أمنع أن يكون به من الحيوان والنبات والمعادن مثل م عندنا أو من أنواع وأجناس أخرى.
مفاتيح الغيب للرازي في تفسير (الرحمن على العرش استوى) من رده على أصحاب الجهة:
إن العالم كرة، فالجهة التي هي فوق بالنسبة إلينا هي تحت بالنسبة إلى ساكني ذلك الجانب الآخر من الأرض، وبالعكس، فلو كان المعبود مختصاً بجهة فتلك الجهة، وإن كانت فوقاً لبعض الناس لكنها تحت لبعض آخرين، وباتفاق العقلاء لا يجوز أن يقال المعبود تحت جميع الأشياء.
شرح النهج لأبن أبي الحديد:
وهي (الأرض) كروية الشكل فمن على حدبة الكرة لا يرى من تحته، ومن تحته لا يراه، ومن على أحد جانبيها لا يرى من على الجانب الآخر، والله تعالى يدرك ذلك كله، ولا يحجب عنه شيء منها بشيء.
904 - فدرى ومثبت في الجاهلية
الأغاني: سماك بن حرب قال لي يحيى بن متي راوية الأعشى وكان نصرانياً عبادياً وكان معمراً: كان الأعشى قدرياً، وكان لبيد مثبتاً، قال لبيد:
من هداه سبل الخير اهتدى ... ناعم البال، ومن شاء أضل
وقال الأعشى:
أستأثر الله بالوفاء وبالعدل (م) ... وولى الملامة الرجلا
قلت: فمن أين أخذ الأعشى مذهبه؟ قال: من قبل العباديين نصارى الحيرة، كان يأتيهم يشترى منهم الخمر فلقنوه ذلك.
905 - شعبانية
الشريشي في شرح المقامات: حكى الفقيه أبو الحسن أن أباه حدثه إن الأديب أبا الطاهر بن أبي ركب حضر عنده بسبتة بقرية شنان في نزهة شعبان لاستقبال رمضان، فأكل من حضر ضروباً من الأطعمة والألوان، فقال أبو الطاهر (رحمه الله تعالى) لأبي عبد الله بن زرقون: أجز: حمدت لشعبان المبارك شعبة ... تسهل عني الجوع في رمضان
فقال أبو عبد الله (رحمه الله تعالى):
كما حمد الصب المتيم زورة ... أطاق لها الهجران طول زمان
فقال أبو طاهر:
دعوها بشعبانية فلو إنهم ... دعوها بشبعانية لكفاني
906 - أردت أن أكنسه من القصيدة. . .
ثمرات الأوراق فيما طاب من نوادر الأدب وراق لأبن حجة الحموي: قال أبن سناء الملك من أبيات:
صليني وهذا الحسن باق فربما ... يعزل بيت الحسن منه ويكنس
فوقف القاضي الفاضل (رحمه الله) على هذه القصيدة وكتب إلى أبن سناء الملك من جملة فصل:
. . . والقصيدة فائقة في حسنها بديعة في فنها ولكن (بيت يعزل ويكنس) أردت أن أكنسه من القصيدة، فإن لفظة الكنس غير لائقة بمكانها.
فأجاب أبن سناء الملك قائلاً: قد علم المملوك ما نبه عليه مولانا من أمر البيت الذي أراد أن يكنسه من القصيدة. وقد كان المملوك مشغوفاً بهذا البيت مستحلياً له معجباً به معتقداً أن قافيته أميرة ذلك الشعر وسيدة قوافيه، وما أوقعه في الكنس إلا أبن المعتز. والمولى يعلم أن المملوك لم يزل يجري خلف هذا الرجال ويطلب مطالبه فتتعسر عليه وتتعذر. . . وحبك الشيء يعمي ويصم فقد أعماه حبه وأصمه إلى أن نظم تلك اللفظة في تلك الأبيات تقليداً لأبن المعتز. . .
فأجابه (القاضي الفاضل) بقوله. . . ولا حجة في احتجاجه بابن المعتز عن الكنس في بيته فإنه غير معصوم من الغلط، ولا يقلد إلا في الصواب فقط. . . وقد تعصب القاضي السعيد (يعني أبن سناء الملك) على أبي تمام فنقصه حظه، وأما البحتري فأعطاه أكثر من حقه.
ولو كان هذا موضع العتب لاشتفى ... فؤادي ولكن للعتاب مواضع