انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 687/شاعر عربي في لندرة:

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 687/شاعر عربي في لندرة:

مجلة الرسالة - العدد 687
شاعر عربي في لندرة:
ملاحظات: بتاريخ: 02 - 09 - 1946



جنة الأوهام. . .!

للأستاذ عبد القادر القط

أسلمت للوهم أفكاري ووجداني ... وذقت في خَدَر الأوهام سلواني

أمضى مع الناس لا عيني بشاهدة ... ما يشهدون ولا صوت بآذاني

دنياي عالمُ أحلامٍ مهمومة ... تهفو فتمسح آلامي وأشجاني

وأغتدى ورؤاى البيض تبسم لي ... وفي خيالي تهويمات وسنان

هجرت ما كان من يأسي موجدتي ... وصغت بعد مرير الصمت ألحاني

كم ظلت أضرب في دنياي محتقباً ... في الفقر شوقي وآمالي وتحناني

يلوكهن فؤاد جائع بشِمٌ ... من الأسى وضمير مُثقل عاني

نوازع من رغاب طال ما لقيت من سوط سجّاني

يعتاقها عن الرحب محبسهُا ... وتلتظي لهباً من نار حرماني

خرساء منطقها وخز وشارتها ... وقع المعاول في موهون بنياني

تململت فأصاب القلب حرقتها ... وملَّ جذوتها صبري وإذعاني

نادبت من ألمي وهمي فأسعدني ... بجنة من خيالي ذات أفناني

أطلقتهنَّ بما يمرحن في شغف ... ونمت بعد سهادي ملء أجفاني

وعفت صحوة دنيا كنت أعشقها ... وبتُّ أشرب من دَني ومن حاني

ساقي ألبقُ من دارت على يده ... كأسٌ وأعرف آس عند أحزاني

إذا طلبت عزيز الراح بادني=وإن طابت رخيم اللحن غنّاني

في كلُّ دفقة كأس ينتشي أملٌ ... وبُغيةٌ سئمت أعماقي نسياني

أرى بافقَي ما أخمدتُ شِرَّته ... من الرَّغاب وسحباً ذات ألوان

بكل دانية منها يطالعني ... مجدي وحبي وأوان وخلاّني

أروح للحبَّ حتى يكتفي نهمي ... وأنهمل المجد حتى يرتوي شاني

نجوى في الليل أبكار معطرة ... أبيت ليليَ أرعاها وترعاني

أصوغ من ألقِ فتنتها ... وقلبها من وفاء عاطف ح غنيت بالوهم عن دنيا مخبَّلة ... تلقي القياد لذي جاه وسلطان

يذوب لذة ما أولَتْهُ نعمته ... بحسَّ أبله غافي القلب سأمان

تلقي القياد وتُلقي من مرارتها ... إلى فم رحيق الشهد هيمان

يحسُّ كلُّ شهيٍ في قرارته ... بمترف من سرِيِ الذوق فنان

مدلَّه بالنعيم الحلو يدركه ... بالروح والجسم والباقي وبالفاني

دماؤه شهوة حمراء دافقة ... والروح بالشهوة البيضاء في حان

أمضيت ريق شبابي في الحياة لقيٍ ... أطفو على ثَ بَج بالهمَّ ملآن

أرعى بقية إيمان أعللها ... ويطفر الشك من آن إلى آن

حتى تراءت لي الأوهام في شفق ... ضافى الجمال على الآفاق فتان

خفقت ملء جناحي نحو ساحته ... وضاع بين الرؤى شكى وإيماني