مجلة الرسالة/العدد 640/الفسطاط
مجلة الرسالة/العدد 640/الفسطاط
كيف اختير مكانها؟ ولم سميت بهذا الاسم؟
للأستاذ جمال الدين الشيال
يستطيع القارئ لأخبار الفتح العربي لمصر أن يلمح في يسر ووضوح أن الحرب لم تكن قائمة إلا بين العرب والروم، وأن القبط قد وقفوا من الجيشين موقف المحايد، وإن كانوا في سرائرهم يتمنون النصر للعرب لما سمعوه عنهم من حسن السياسة وطيب المعاملة، ولهذا استمر الروم يدافعون عن مصر وراء حصن بابليون سبعة أشهر طوالا، والعرب يستمدون من الحماسة الدينية والإيمان قوة لا تأبه للعقبات، وصبراً لا يعرف الملل.
ولما سقط هذا الحصن في أيدي العرب زالت من طريقهم أكبر عقبة من عقبات الفتح، وتراجع الروم إلى الإسكندرية فتبعهم المسلمون وحاربوهم حتى استولوا عليها؛ وبسقوط العاصمة الرومانية في أكتوبر سنة 641م. تم فتح العرب لمصر فانتشروا في ربوعها حتى وصلوا إلى الشلال الأول، وبذلك أصبحت مصر ولاية من ولايات الخلافة الإسلامية.
عمرو يريد أن يتخذ لمصر عاصمة
روى أبن الحكم عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو ابن العاص لما فتح الإسكندرية ورأى بيوتها وبناءها مفروغاً منها، هم أن يسكنها وقال: (مساكن قد كفيناها). فكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستأذنه في ذلك، فسأل عمر الرسول: (هل يحول بيني وبين المسلمين ماء؟) قال: (نعم يا أمير المؤمنين إذا جرى النيل)، فكتب عمر إلى عمرو: (إني لا أحب أن ينزل المسلمون منزل لا يحول الماء بيني وبينهم فيه شتاء ولا صيفا)
قد تبعث هذه الرواية على التساؤل: لم كان عمر يخشى الماء؟ يقول بعض المؤرخين: إن العرب لم تكن أمة بحرية، وبذلك أبى بعد النظر على عمر أن يلقي بجنود المسلمين في مكان يفصل بينه وبين المدينة ماء، حتى لا يكون هذا الماء إذا حزبهم الأمر حائلا بينهم وبين الوصول إلى مركز قوتهم، وإذا أراد الخليفة أن يبعث إلى جنده بمصر مدداً لم يكن هناك ماء يعترض سبيل هذا المدد ويمنع وصولهم.
وقد ذكر السيوطي في حسن المحاضرة أن ابن عبد الحكم قد أخرج عن يزيد بن حبيب أيضاً أن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد أبي وقاص وهو نازل بمدائن كسرى والى عامله بالبصرة والى عمرو بن العاص وهو نازل بالإسكندرية: (أن لا تجعلوا بيني وبينكم ماء متى أردت أن أركب إليكم راحلتي حتى أقدم عليكم قدمت). فتحول سعد من مدائن كسرى إلى الكوفة، وتحول صاحب البصرة من المكان الذي كان فيه، فنزل البصرة وتحول عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط)
من هذا نرى أن رغبة عمر في أن لا يحول بين المسلمين وبينه ماء لم تكن قاصرة على مصر، بل كان يريدها أن تتوافر في كل الأمصار التي فتحها العرب؛ ويقول فريق آخر من المؤرخين، ومنهم المستشرق الإنجليزي في كتابه إن عمر لم يكن قد رسم لنفسه بعد خطة ثابتة لتكوين إمبراطورية إسلامية واسعة، ولذلك كان يريد أن يكون على اتصال دائم بجيوشه التي خرجت للفتح، وإذ كان الطريق بين بلاد العرب والإسكندرية قابلا للانقطاع في زمن الفيضان فينقطع بذلك سبيل الاتصال بينها وبين المدينة عاصمة الخلافة فقد كتب عمر إلى عمرو يأمره أن يتخذ له حاضرة أخرى غير الإسكندرية.
ويبدو عند مقارنة هذين الرأيين - أحدهما بالآخر - أنه ليس للرأي الثاني من القوة والصحة قدر ما للرأي الأول، وذلك لأن النشاط الذي أبداه عمر منذ ولي الخلافة وإرسال الجيوش تلو الجيوش إلى الشام وفارس ومصر، كل هذا يثبت بالبرهان القاطع أن المستشرق الإنجليزي لين بول إنما قال ما قال من باب التعليل والاستنتاج العقلي فحسب.
لهذا أعرض عمرو عن الإسكندرية وولي وجهه شطر الفسطاط؛ ولنا أن نتساءل مرة أخرى: لم اختار عمرو هذا المكان دون غيره لبناء مدينة الفسطاط؟ وهنا تتشعب الآراء وتتعدد، ولكنها برغم تشعبها وتعددها لا تصل بنا إلى رأي حاسم معقول، فغالبية المصريين كابن عبد الحكم وابن دقماق والمقريزي وأبي المحاسن والسيوطي وغيرهم يروون حادث اليمامة على أنه السبب الأساسي لاختيار عمرو لهذا المكان ونزوله وجيشه بين ربوعه؛ وغالبية المؤرخين الفرنجة: كبتلر، ولين بول، وكازانوفا وغيرهم؛ لا يهتمون بمناقشة الأسباب التي دعت عمراً لاختيار هذا المكان دون غيره قدر ما يهتمون بمناقشة الآراء المختلفة في سبب تسمية هذه الحاضرة بالفسطاط.
وبرغم أتهم يستطرفون قصة اليمامة فأنهم يرجعون هذا الاسم إلى الكلمة الإغريقية (أي المدينة) ويقولون بأن العرب نقلوها عن الروم الشرقيين عند اتصالهم بهم في حروب الشام.
غير أننا نحب أن نعني بالأمرين جميعا لما لكل من الأهمية، ولذلك سنحاول:
أولا - مناقشة الأسباب التي دعت لاختيار هذا المكان ليكون حاضرة المصريين بعد إتمام الفتح العربي.
ثانيا - مناقشة الأسباب التي دعت لتسمية هذا المكان بالفسطاط.
1 - أسباب اختيار المكان:
أما عن الأمر الأول فيقول المقريزي في خططه: (اعلم أن موضع الفسطاط الذي يقال له اليوم مدينة مصر كان فضاء ومزارع فيما بين النيل والجبل الشرقي الذي يعرف بجبل المقطم ليس فيه من البناء والعمارة سوى حصن يعرف اليوم بعضه بقصر الشمع وبالمعلقة ينزل به شحنة المتولي على مصر من قبل القياصرة ملوك الروم عند مسيره من مدينة الإسكندرية يقيم فيه ما يشاء ثم يعود إلى دار الإمارة)
من هذا يبدو أن العرب قد أنشأو مدينتهم (الفسطاط) في الفضاء المجاور لحصن بابليون - مقر الدفاع الروماني -؛ وهنا نجد اختلافا آخر بين المؤرخين بشأن كلمة (بابليون) فالبعض يطلقها على الحصن فحسب والبعض الآخر يقول بوجود مدينة حول الحصن كانت تسمى بهذا الاسم، وزعيم الفريق الثاني هو الدكتور بتلر، وقد لخص رأيه في هذه الفقرات.
1 - كانت تقوم في زمن الفراعنة مكان مصر القديمة (الفسطاط) مدينة ذات شأن يدل عليها وجود بعض التماثيل المصرية مثل (سرية أبي الهول) وأن بعضاً من هذه التماثيل بقي حتى زمن الخليفة الحاكم الفاطمي.
2 - وفي القرن السادس قبل الميلاد اتخذ البابليون لهم في هذا المكان معسكراً حربياً وأنشئوا هناك حصنا على المرتفعات الصخرية التي سماها العرب فيما بعد (الرصد).
3 - ومن هذا المعسكر انتشر اسم (بابليون) حتى شمل الإقليم المجاور وأصبح الاسم المميز لمدينة عظيمة تمتد بعيداً شمال الرصد حتى تتصل بأطراف المدينة القديمة العظيمة المنحلة وقتذاك (هليوبوليس أو عين شمس).
4 - وعندما أراد تراجان أن يعزز قوته عند رأس الدلتا واعتزم أن يبني حصناً قوياً كقلعة لبابليون، ترك حصن الفرس القائم على الرصد وأنشأ قلعته علا الشاطئ النيل وذلك ليضمن وجود الماء بالقرب من حاميته وليستطيع تلك الحامية الاتصال - بواسطة النيل - بسائر وجهات القطر المصري وسمي هذا الحصن بحصن بابليون (أي حصن مدينة بابليون) أو قلعة مصر ? وقد حرف العرب هذا الاسم فيما بعد فسموه قصر الشمع.
5 - وبذلك هجر حصن الرصد الفارسي واستولت عليه عوامل الانحلال والنسيان، حتى إذا كان الفتح العربي بعد ذلك بخمسة قرون ونصف قرن كانت الأخبار عن وجوده عامة لا تكاد تذكر.
6 - أن اسم بابليون الذي وجده العرب عند قدومهم يطلق على مدينة مصر قد تلاشى بمرور الزمن وحل مكانه الاسم العربي الجديد (الفسطاط) حتى إذا ابتدأ مؤرخو العرب يدونون كتبهم كان اسم (بابليون) قد أصبح يطلق على قصر الشمع فحسب بعد أن انتزع من المدينة التي أصبحت بعد اتساعها ونموها تسمى بالفسطاط.
7 - ولكن هذا الاستعمال المحدود للاسم ابتدأ كذلك يتلاشى في مصر في الأزمنة الحديثة وغادر الاسم لأنقاض الباقية من قصر الشمع؛ وتضاءل حتى غدا يطلق على دير قبطي صغير يقع عند البوابة الجنوبية من الحصن ويسمى (دير بابليون) وعند ذلك الدير الصغير استقر ذلك الاسم التاريخي القديم بعد أن خلفه في تسمية المدينة (لفظ الفسطاط) وبعد أن خلفه في تسمية الحصن لفظ (قصر الشمع).
ونحن لا يهمنا من هذا التحليل كله لتطور استعمال كلمة بابليون إلا أن نعرف أن المكان الذي أنشئت عليه الفسطاط كانت تشغله منذ أيام الفراعنة مدينة كبيرة ذات شأن؛ اتخذها البابليون مكاناً لاستقرارهم ثم اتخذها الرومان مقراً لدفاعهم يصلون به الوجهين البحري والقبلي ويدفعون منه كل مغير على مصر.
وهذا ما يؤيد الرأي الذي نريد أن نذهب إليه من أنه كان في مصر وقت الفتح مدينتان هامتان: إحداهما الإسكندرية وتعتبر العاصمة الأولى وذلك لقربها من الدولة الرومانية الشرقية صاحبة السيادة وقتذاك، ولإشرافها على البحر الأبيض المتوسط، وبابليون أو (مصر) وتعتبر العاصمة الثانية وذلك لموضعها من رأس الدلتا بحيث تشرف على الوجهين القبلي والبحري، ولوقوعها على الشاطئ النيل بحيث تكون سهلة الاتصال - بواسطة هذا النهر - بكل أطراف القطر المصري، ولتوسطها بين النيل غربا (وهو مورد من الماء لا ينفذ) وبين جبل المقطم شرقا - وهو حد طبيعي لحمايتها -؛ ولهذا نلاحظ أن المصريين منذ القدم كانوا يختارون هذا المكان مقراً لحكمهم للأسباب المتقدم ذكرها فاتخذوا منف عاصمة لهم مدة ليست بالقليلة، وكانت هليوبوليس (عين الشمس) كذلك حاضرة لمصر مدة طويلة، وبابليون كما ترى تقع بين المدينتين
ويؤيد هذا الرأي القائل بوجود هذه المدينة أيضاً قول المقريزي:
(وكان بجوار هذا الحصن (بابليون) من بحرية وهي الجهة الشمالية أشجار وكروم وصار موضعها الجامع العتيق، وفيما بين الحصن والجبل عدة كنائس وديارات للنصارى في الموضع الذي يعرف اليوم براشدة، وبجانب الحصن فيما بين الكروم التي بجانبه وبين الجرف الذي يعرف اليوم بجبل يشكر حيث جامع أبن طولون والكبش عدة كنائس وديارات للنصارى في الموضع الذي كان يعرف في أوائل الإسلام بالحمراء)؛ وقول ابن سعيد في كتبه المغرب: (وأما فسطاط مصر فإن مبانيها كانت في القديم متصلة بمباني عين شمس، وجاء الإسلام وبها بناء يعرف بالقصر حوله مساكن) لأننا نعرف أن المعابد عامة - من هياكل وبيع وكنائس وأديرة ومساجد - منذ أقدم العصور إلى اليوم لا تبنى إلا في المدن أو الأماكن الآهلة بالسكان؛ فوجود هذه الكنائس والديارات في الأماكن التي يذكرها المقريزي يثبت إثباتا قاطعا وجود مساكن آهلة ومبان عامرة في هذه المدينة القديمة وقت الفتح؛ وقول ابن سعيد لا يحتاج إلى هذا الاستنتاج إذ يقول في عبارة واضحة لا لبس فيها ولا إبهام (وجاء الإسلام وبها بناء يعرف بالقصر حوله مساكن).
من هذا كله نرى أن اختيار عمرو لهذا المكان لم يقع اعتباطاً، بل كان اختياراً طبيعياً؛ كان عمرو يريد أن يتخذ له حاضرة يستقر فيها غير أنه ما كان يريد أن يبذل جهداً جديداً في إنشاء هذه الحاضرة بدليل رغبته في اتخاذ الإسكندرية حاضرة، وبدليل تعبيره عن هذه الرغبة بقوله: (مساكن قد كفيناها)؛ ولكن عمر قد أمره أن يتحول عن الإسكندرية، فكان لزاماً على عمرو أن يحول وجهه شطر العاصمة الثانية وقتذاك وهي (بابليون) أو (مصر) فذهب إليها واتخذ الفضاء المجاور لها مقراً له ولجنوده.
هذه هي الأسباب الطبيعية التي دعت عمراً لاختيار هذا المكان غفل عن ذكراها مؤرخو العرب، ولم يعرها اهتماماً مؤرخو الفرنج.
1 - لم سميت المدينة بهذا الاسم
أما عن الأمر الثاني وهو الأسباب التي دعت لتسمية هذا المكان بالفسطاط فان الآراء فيها وإن اختلفت وتشعبت فإنها كذلك لا تصل بنا إلى حد حاسم معقول.
آما مؤرخو العرب فيعتمدون جميعاً على قصة اليمامة، وأما مؤرخو الفرنجة فتقول غالبيتهم بأن كلمة الفسطاط قد أخذت عن الكلمة الإغريقية أي المدينة وإن العرب نقولها عن اليونان عند اتصالهم بهم في حروب الشام. غير أنا نرى أن قصة اليمامة مع طرافتها قد تبتعد عن الصحة وذلك لأنهم يقولون أن عمراً قد أوصى أحد المصريين في رواية، أو صاحب القصر في رواية أخرى بالمحافظة على الخيمة (الفسطاط) حتى تفرخ اليمامة وتطير صغارها، وأنه عند رجوعه وجد الفسطاط في مكانه فنزل هو وجنده بجواره؛ ونحن نشك في صحة هذا الخبر لان عمرا ولو أنه كان قد استولى على حصن بابليون فإن مصر لم تكن قد خضعت كلها لأمره، ولذلك لا يعقل أن ذلك الرجل المكلف بالمحافظة على الفسطاط يبقى على عهده ويحافظ على وعده مع رجل فاتح لم يثق بعد انه أصبح الحاكم على مصر حتى يخشاه على حراسة فسطاطه من أجل يمامة طول ذلك الوقت التي أستنفذه عمرو في فتح الإسكندرية وما بين بابليون والإسكندرية من مدن
ويدفعنا أيضاً إلى الشك في صحة هذه القصة ما هو معروف مشهود عن الطيور المختلفة وخاصة الحمام واليمام من أنها تتخير لأعشاشها وبيضها وفراخها الأماكن المنعزلة المهجورة البعيدة على أن يطرقها أو تنالها الأيدي صوناً للأعشاش وحفظاً للبيض وإبقاء على الصغار.
فهل من المعقول إذن أن تترك هذه اليمامة العمرية تلك الأماكن الآمنة لتضع بيضها في معسكر دائم النشاط دائب الحركة وفي خيمة القائد وهي أنشط أماكن المعسكر بالحركة وأعمرها بالوافدين؟
وإذا كانت هذه القصة صحيحة ففي أي مكان من الخيمة تبني اليمامة عشها؟ والخيمة كما نعرفها جميعاً مصنوعة من قماش أملس وهي منحدرة الجوانب إذا نصبت.
كل هذا يؤيد شكنا في صحة هذه القصة وكونها أصلا للتسمية أما الرأي الثاني فيبدو كذلك بعيداً عن الصحة وذلك لأن ابن قتيبة يروى في كتابه غريب الحديث حديثاً للرسول نصه: (عليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة)؛ ونحن إزاء هذا نجد أنفسنا أمام احتمالين: إما أن يكون الحديث صحيحاً فيبطل الرأي القائل بأن العرب أخذوا كلمة الفسطاط عن الروم عند اتصالهم بهم في حروب الشام لان حروب الشام واتصال العرب بالروم كان بعد وفاة النبي ﷺ وبالتالي بعد ذكره لهذا الحديث؛ وأما أن يكون الحديث غير صحيح وبذلك يحتمل أن يكون رأي مؤرخي الفرنجة صحيح.
غير أنا نحب أن ندلي برأي يخالف هذين الرأيين وقد يكون أقرب منهما إلى الحقيقة: وذلك إن كلمة الفسطاط كلمة عربية معناها المدينة، فأننا إذا رجعنا إلى قاموس المحيط وجدنا أن (الفسطاط) بالضم (مجتمع أهل الكورة) ووجدنا أن الكورة هي (الصقع أو المدينة) وبذلك تكون الفسطاط هي مجتمع أهل المدينة.
ويقول ابن قتيبة تعقيبا على الحديث السالف الذكر (والفسطاط المدينة). وينقل عنه المقريزي أيضاً في الخطط ما يلي: (قال ابن قتيبة كل مدينة فسطاط)، ويقول المقريزي بعد هذا: (وأخبرني أبو حاتم الأصمعي أنه قال حدثني رجل من بني تميم، قال قرأت في كتاب رجل من قريش: هذا ما أشترى فلان بن فلان من عجلان مولى زياد اشترى من خمسمائة جريب حيال الفسطاط يريد البصرة) ويشبه هذا الرواية الأخيرة ويؤيدها قول ابن الفقيه: (وإنما سميت البصرة فسطاطا على التشبيه بفسطاط مصر)، وقريب من هذا المعنى قول المقدسي: الفسطاط هو مصر في كل قول)
فالراجح عقلا بعد ذكر هذه الآراء جميعاً أن كلمة (فسطاط) كلمة عربية خالصة معناها (المدينة).
وخلاصة القول الذي نريد أن نذهب إليه أن العرب اختاروا هذا المكان اختياراً للأسباب السابق ذكرها وأنهم سموه (الفسطاط) أي (المدينة) أو (مجتمع أهل المدينة) يقصدون بذلك المكان الذي يجتمعون حول جامعهم وحول منزل قائدهم.
جمال الدين الشيال
-