مجلة الرسالة/العدد 630/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب
مجلة الرسالة/العدد 630/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب
للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي
- 10 -
ج17 ص260: وله (للأبيوردي):
ما للجبان الآن الله ساحته ... ظن الشجاعة مرقاة إلى الأجل
وكم حياة جبتها النفس من تلف ... ورب أمن حواه القلب من وجل
فقتَ الثناء فلم أبلغ مداك به ... حتى توهمت أن العجز من قِبلي
والعي أن يصف الورقاء مادحها ... بالطوق أو يمدح الأدماء بالكْملي
وجاء في الشرح: الآن الله ساحته: أي سهل الله حياته (جبتها): جمعتها، وهي في الأصل (حبتها) تحريف
قلت: (ما للجبان الآن الله جانبه) ذلله. و (كم حياة جنتها النفس من تلف) جنى يجني. و (بالطوق أو يمدح الأدماء بالكحل).
ج14 ص199: ومن مستحسن شعره (يعني أبا الفتح ابن العميد علي بن محمد):
عودي وماء شبيبتي في عودي ... لا تعمِدي لمقاتل المعمود
وصليه ما دامت أصائل عيشه ... تؤويه في فيء لها ممدود
ما دام من ليل الصبا في فاحم ... رجْل الذرا فينان كالعنقود
قتل الزمان فطارقات جنوده ... يبدلنه يققاً بِرُبْد سود
قلت: في اليتيمة، ومنها نقل ياقوت:
قتل المشيب فطارقات جنوده ... يبدلنه يققاً بسحْم سود
والخصومة اليوم بين الشاعر وبين المشيب، وهو إنما يدعو عليه. والمعروف قولهم: شعر أسحم - والأسحم الأسود - لا شعر أربد. والربدة هي نحو الرمدة وهي لون الرماد كما في الأساس. أو نحو الطحلة وهي بين الغبرة والبياض بسواد قليل، وهو طحل والأربد نحوه كما في القصص قال الحماسي (بكر بن النطاح):
بيضاء تسحب من قيام فرعها ... وتغيب فيه وهو وَحْف أسحم
فكأنها فيه نهار ساطع ... وكأنه ليل عليها مظ وقال أبو الطيب:
راعتك رائعة البياض بعارضي ... ولو إنها الأولى لراع الأسحم
ولقد رأيت الحادثات فلا أرى ... يققاً يميت ولا سواداً يعصم
وقال الأبيوردي:
لكِ من غليل صبابتي ما أضمر ... وأسر من ألم الغرام وأظهر
وتذكري زمن العذَيب يشفني ... والوجد ممنوّ به المتذكر
إذ لمتي سحماء مد على النقا ... أظلالها ورق الشباب الأخضر
وقد ذكرني بيت ابن العميد وقوله فيه: (بسحم سود) بنكتة مهمة لغوية في (المخصص) وهي هذه:
فأما قوله تعالى: ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود. . . فلا أعلم لأحد فيه مزيداً على أن سماه تأكيداً؛ والتأكيد ساذجاً غير مزيد عليه لا يقر عين الفهم بالنظر إليه، بل هو فرع داني الجناة، وشرط يدركه طالبه بالتؤدة والأناة، فنحن نلتمس له طبيعة تمده، ومعنى يجلو من صدته فيسجده، إلا أن تدفع داعية الضرورة، إلى أن يكون بخلاف هذه الصورة. فأما ونحن نجد عن ذلك منتدحاً عريضاً، ومنفسحاً أريضاً، فإنا لا نفرغه، من فائدة تمرئه وتسوغه. وهذا التأكيد الذي في هذه الآية مما يقبل التعليل، ويسع التأويل، فلا تقبلنه ساذجاً، ولا تستعملنه خارجاً، فأقول: إن في هذه الآية ثلاثة أنواع من اللون محمولة بالاشتقاق على موضوعاتها، وهو الأبيض والأحمر والأسود، ولهذه الأنواع الثلاثة في هذه اللسان العربية أسماء مستعملة قريبة، وأخر بالإضافة إليها وحشية غريبة، لا تدور في اللغة مدارها، ولا تستمر استمرارها، ألا ترى أن قولنا أبيض وأحمر وأسود من اللفظ المشهور، وقد تداولته ألسنة الجمهور، وقولنا في الأبيض ناصع، وفي الأحمر قمد، وفي الأسود غربيب. من الأفراد التي رفعت عن الابتذال، وأودعت صواناً في قلة الاستعمال، مع إنك لا تجدها في غالب الأمر إلا تابعة للألفاظ المشهورة، يقولون أبيض ناصع وأحمر قمد وأسود غربيب، وإن كان قد يستعمل مفرداً كقوله: (بالحق الذي هو ناصع) و (يعصر منها ملاحي وغربيب) و (يقمد كسائل الجريال) لكنني إنما قلت بالأغلب والأذهب. فلما ذكر تعالى هذين النوعين المشتقين بالاسمين المشهورين الأبيض والأحمر، وشفعهما باللفظ الغريب الذي لا تكاد تراه إلا تابعاً وهو الغربيب قرنه بالاسم المشهور الذي هو الأسود، وصار بمنزلة صفة.
قلت: وابن جرير الطبري في (جامع البيان) وهو تفسيره المشهور يقول: وجعل السواد ههنا صفة للغرابيب.
ج18 ص171: الله المستعان، أساء سمعاً فأساء إجابة.
وفي الحاشية: في الأصل فأساء جابة. قلت: الأصل صحيح. وهذا من أمثالهم. وقد رواه الصحاح والأساس واللسان والتاج، وقال الجوهري: هكذا يتكلم بهذا الحرف، وقال الزمخشري: أي إجابة كالطاعة والطاقة. وفي (مجمع الأمثال) في شرحه: يقال: أجب إجابة وجابة وجواباً وجبيبة، ومثل الجابة في موضع الإجابة - الطاعة والطاقة والغارة والعارة.
ج13 ص289: قال (علي بن عبد الله بن وصيف الناشئ) لما وفدت على سيف الدولة وقع في أبو العباس النامي، وقال: هذا يكتب التعاويذ. فقلت لسيف الدولة: يتأمل الأمير فإن كان يصلح أن يكتب مثله على المساجد بالربج فالقول كما قال. وأنشدته قصيدة أولها (الدهر أيامه ماض ومرتقب) وقلت فيها:
فارحل إلى حلب فالخير منجلب ... من ليل كفك إن لاحت لنا حلب
فقال: يا أبا الحسين، بيت جيد لكنه كثير اللبن. . .
وجاء في الشرح: الربج في الأصل الديخ، والربج والروبج: الدرهم الصغير الخفيف.
قلت: (يكتب مثله على المساجد بالزاج) في التاج: والزاج ملح معروف، وقال الليث: يقال له: الشب اليماني، وهو من الأدوية وهو من أخلاط الحبر. وفي (الألفاظ الفارسية المعربة): الزاج تعريب زاك أي ملح يصبغ به.
ج3 ص251: والمنجم أبو الفتح أحد من سلك سبيل آبائه في طرق الآداب (واهتدى بهديهم في تلك إلى الفضائل من كل) روى عنه أبو علي التنوخي في نشواره فأكثر، ووصفه بالفضل وما قصّر.
قلت: ربما كانت الجملة التي وضعتها بين قوسين بهذه الصورة: واهتدى بهديهم من تلك الفضائل إلى كل باب.
- ج17 ص161: أحسنت والله يا أبا الندى، وأحسنت. قلت: وقد وردت هاتان الجملتان أنفسهما في ص162 من هذا الجزء، ومعهما هذه الواو العاطفة، واليقين أنها من زيادة الناسخين، إذ بين الجملتين كمال الاتصال، وهو مانع من مثل هذا العطف.
ج17 ص161:
يا قبر نجدة لم أهجرك مُقلِيةً ... ولا جفوتك من صبري ولا جلدي
قلت: مقلية - بفتح الميم لا ضمها كما ضبطت في الكتاب - وليس في العربية اقلاه حتى تجيء مقلية. في اللسان: قليته قلي وقلاّ ومقلية: أبغضته. وفي الأساس: وهو بقليه وبقلاه، وفعل ذلك عن قلي ومقلية.
ج2 ص93: وله (للصابي):
وجع المفاصل وهو أيسر ... ما لقيت من الأذى
جعل الذي استحسنته ... والناسُ من حظي كذا
والعمر مثل الكأس يرسب ... في أواخرها القذى
وجاء في الشرح: من حظي متعلق بأستحسن، وكذا إشارة إلى وجع المفاصل، والناس ترفع عطفاً على فاعل استحسن وينصب مفعولا معه وهو أرجح:
قلت: واليأس بالنصب عطفاً على الذي، و (كذا) كتابة عن حالته هنا.
ج16 ص165: لا تتصدر إلى فائق أو مائق.
قلت: (لا تتصد لفائق أو مائق) لأن الأول يغلبك والثاني يتعبك.
ج15 ص69: ومن كتابه (كتاب سرعة الجواب ومداعبة الأحباب) أنشدنا الإمام أبو الحسن علي بن أبي تمام في المذاكرة وقد رقي إليه كلام قبيح عن بعض أصدقائه فقال مستشهداً:
إني إذا ما الخليل أحدث لي ... صَرماً ومل الصفاء أو قطعا
لا أحتسي ماءه على رنق ... ولا يراني لبينه جزعا
اهجره ثم ينقضي زمن الهجران ... عنا ولم أقل قاعا
أحذر وصال اللئيم، إن له ... عَضْها إذا حبل ذكره انقطعا
وجاء في الشرح: عضها أي تمزيقاً وتفريقاً.
قلت: الأبيات للمتوكل الليثي في (الحماسة) وفيها (غبر الهجران) مكان (زمن الهجران) و (حبل وصله انقطعا).
ج7 ص158: ومن شعر (جعفر بن أحمد السرج البغدادي):
دع الدمع بالوكف يُنكي الخدودا ... فإن الأحبة أضحوا خمودا
وجاء في الشرح: من نكأ الرجل القرحة: قشرها قبل أن تبرأ.
قلت: (تنكى) بفتح التاء، نكاه ينكيه لا أنكاه، ولم يكن قبل البكاء في الخدود قرحة حتى يدعو الدمع إلى نكئها. وإنما يدعوه اليوم إلى نكايتها: إلى جرحها وتعذيبها. . .
ج18 ص143: وقال إبن دريد في النرجس:
عيون ما يلم بها الرقاد ... ولا يمحو محاسنها السهاد
إذا ما الليل صافحها استهلت ... وتضحك حين ينحسر السواد
لها حدق من الذهب المصفى ... صياغةَ من يدين له العباد
وأجفان من الدر استفادت ... ضياء، مثله لا يستفاد
على قضب الزبرجد في ذراها ... لأعين من يلاحظها مُراد
قلت: (مراد) بفتح الميم هنا لا ضمها. أي مجال. في الأساس: وراد روداناً: جاء وذهب، وراد النعم في المرعى: تردد، وهي في مرادها. وفي التاج: مراد الريح: حيث تجيء وتذهب.
في الرسالة 625 في القسم - 6 - يروي البيت الآتي بهذه الصورة:
بل ثياب القين بزكم ... وثياب القين مشتهرة