انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 579/السراب. . .!

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 579/السراب. . .!

ملاحظات: بتاريخ: 07 - 08 - 1944


3 - السراب. . .!

للدكتور إبراهيم ناجي

مر يومي كأمسه مسرحاً تُعْ ... رَضُ فيه الحياةُ والأحياءُ

آدم كالقديم قلباً وتفكي ... راً ولكنْ تَبَدَّلُ الأزياءُ

لم يَحُلْ طبعه ولا ذات يومٍ ... لَبِستْ غير نَفسِها حوَّاءُ

النَّضارُ المعبودُ ربٌ وَمِحْرا ... بٌ وقدسُ والشهرَةُ الجوفاء

والحُطامُ الفاني عليه اقتتالٌ ... والأماني بَريقُها إغراءُ!

وسفينُ تمرُّ إثرَ سفينٍ ... والرياحُ اللذاتُ والأهواء

والغيوبُ المُحجَّباتُ رِحابٌ ... تعبتْ في رموزها الحُكماء

عندها المرفأ المؤمَّلُ والشَّطّ (م) ... المُرَجَّى والصخرةُ الصماء

مرّ بي اليوم كاسفاً وأتى لَيْ ... لٌ مُضيءٌ تُزَفُّ فيه السماء

قد جلت فيه عُرسْها كل نجم ... قدحٌ يستحمُّ فيه الضياء

لم تزل تسكب السلاف والأق ... داح فيها تجدُّدٌ وامتلاء

لم تزل! حتى هوَّمَ الحان نعسا ... ن وأغفى البِساطُ والتُّذْماء

غير نجم في جانب الأفق يقظا ... نُ له رونقٌ به وجلاء

ذاك نجم السعيدُ مِنِّي له الشو ... ق ومنه الوميض والإيماء

كم أُغِّنيه بالحنين كما غَنَّ (م) ... تْ على فرع غصنها الورقاء

وذراعاي في انتظار وصدري ... فيه للضيق فرحة واحتفاء

موقداً للغريب نار ضلوعي ... رُبَّ بالنار للغريب اهتداَء

قد سرى مُدْلجاً إليّ على خو ... ف وبيني وبينه بَيْداء

كم دعوناه وهْوَ نور بعيدٌ ... فاحتويناه وهْوَ جسم مضاء

كيف خلَّيْتَني وباعَدْتَ مَسْرا ... ك وما لي إلى ذُرَاكَ ارْتِعاء

بالذي فيك من سنا لا تدعني ... فيم هذا التسويفُ والإبطاء

ما تُراني وقد ذَهبتُ بخطى ... أخطأتني من بعدك النَّعماء

وانتهى بعدك الجميل فلا فض ... ل لمسْدِ ولا يَدٌ بيضاء ومضى الحسن بعد بينك والإحس ... ان طرَّا والغُرة السمحاء

حسناتٌ كانت يد الدهر عندي ... فانطوت بانطوائِها للألأء

إبراهيم ناجي