انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 538/نداء الخريف

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 538/نداء الخريف

ملاحظات: بتاريخ: 25 - 10 - 1943



تعاليْ. أوشكت أيامنا تنفدْ

تعاليْ. أوشكت أنفاسنا تبردْ

بلا أمل، ولا لقيا، ولا موعدْ

تعاليْ. هذه الأيام لا ترجعْ

ولا تصغي لنا الدنيا ولا تسمعْ

ولا تجدي شكاة الدهر أو تنفعْ

كلانا ضائع في الكون مفقودُ

فلا هدفٌ له في الأرض مشهودُ

ولا أمل له في الغيب موعودُ

ألا ما أحمق اثنين غريبين!

إذا عاشا - مع الحب - فريدين!

وهذا الكون لا يدري الشريدين!

نعم قد أدمت الأشواك قلبينا

وسدت هذه الدنيا طريقينا

ولكن أين ماضي حبنا أينا؟

تعاليْ نحي بالأشواق ماضِينا

ونبعث في حمى الحب ليالينا

فهذا الحب إذ تحييه يحيينا

تعاليْ لم يعد في العمر متسعُ

تعاليْ لم يعد في الكون منتجعُ

وغولُ الدهرِ لا يبقى ولا يدعُ

تعالي. نحن بعثرنا السويعاتِ

وضحينا بأيام عزيزاتِ

فيا أختاه يكفينا حماقاتِ

أجل يا أختُ ما قد ضاع يك فعودي. هاهو العش ينادينا

فلا نخربه يا أختُ بأيدينا

ربيع العمر يا أختاه قد مرّا

فلم نطعمه أو نغنم به ذخرا

وما عاد لنا منه سوى الذكرى

فلا نخسرْ هزيعين من العمر

فدفء العش قد يجدي لدي القر

وروح الحب قد يحيي لدي القبر

ويا أختاه زاد العش يغذونا

فإن الزاد قد قل بأيدينا

وجذب العمر يا أختاه يؤذينا

تعالي مقطع الباقي من العمر

رفيقين على الخير على الشر

حليفين على اليسر على العسر

تعالي أوشكت أيامنا تنفد

تعالي أوشكت أيامنا تبرد

بلا أمل ولا لقيا ولا موعد

(حلوان)

سيد قطب