انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 515/إلى زهرتي اليتيمة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 515/إلى زهرتي اليتيمة

ملاحظات: بتاريخ: 17 - 05 - 1943



(من دموع لم تذرف)

للأستاذ محمود حسن إسماعيل

لَئِنْ مَاتَ حَوْلَكِ نُورُ الضُّحَى ... وَرَانَتْ عَلَيْكِ سُتُورُ الظَّلامْ

فَلاَ تَحْزْنِي. . فَالْهَوَى فِي دَمِي ... صَبَاحٌ يُزَلْزِلُ هَذَا الْقَتَامْ

وَفَجْرٌ مَدَى الدَّهرِ يَبقَى لَكِ

تُشَعْشِعُ أَنْوَارُهُ حَولَكِ

وَتَسقِي أَبَارِيقُهُ لَيْلَكِ. . .

. . . سَناَ خَمْرَةٍ لَمْ يَذْقْهَا اْلأَنَامْ!

وَإِنْ مَاتَ حَوْلَكِ سَاقِي النَّدَى ... وَفَحَّتْ لَدَيْكِ أَفَاعِي الْهَجِيرْ

فَلاَ تَجْزَعِي. . . إِنَّ رُوحِي بِهَا ... لآِهَاتِ رَوْضِكِ نَبْعٌ غَزِيرْ

يُفَجَّرُهُ عَاتِياً سِحْرُكِ

وَيُسْكِرُ أَمْوَاجَهُ عِطْرُكِ

فَتَجْرِي وَيَجرِي بِهَا نُورُكِ. . .

. . . إِلى أَنْ نُلاَقِي الرِّكَابَ الأخِيرْ!

َوإِنْ مَاتَ حَوْلَكِ سَاجِي الظِّلاَلْ ... وَنَاحَتْ بأَرْضِكِ ثَكْلَى الرِّياَحْ

فَلاَ تَجْزَعِي. . . فأَنَا نَسْمَةٌ ... وَظِلٌّ عَلَيكِ رَطِيبُ الْجِناحْ

وَطَيْرٌ نَمَا عُودُهُ فِي يَدَيْكِ

فِإِنْ أَوْمَأَ الْحُزْنُ يَوْماً إِلَيْكِ

عَصَفْتُ بِلَحْنِي وَعُشّي وَأيْكِي. .

. . . لأِفنَى وَأَشْرَبَ عَنْكِ الْجِرَاحْ

وَإِنْ مَاتَ حَوْلَكِ زَهْرُ الرُّبَى ... وَكُنْتِِ الْيَتِيمَةَ فَوْقَ الْهِضَابْ

فَلاَ تَذْرُفِي دَمْعَةً. . . إِننِي ... خُلِقْتُ لأِحْمِلَ عِنْكِ الْعَذَابْ

كِلاَنَا غَرِيبٌ يَتِيمُ الزَّمَانْ

فَهَياَ نُجَدِّدُ زَهْرَ الْجِنَانْ وَنَقْطِفُ مِنْ قَبْلَ يَمْضِي الأَوَانْ. . .

. . . . وَتَقطِفُنَا قَبْضَةٌ مِنْ تُرَابْ

وَإِنْ مَاتَ حَوْلَكِ مِنْ فِي الثّرى ... وَأَصْبَحْتِ مُفْرَدةً في الْجِبَالْ

فَلاَ تَنْدُبِي فَانِياً. . . إِننِي ... أَرَى فِيكِ خُلْداً يُذِيبُ الزّوَالْ

فِفِيكِ الإِلهُ الَّذِي أَعْبُدُ

وَفِيكِ الْخَيَالُ الَّذي أَنْشُرُ

وَفِيكِ الهَوَى وَالصِّبَا وَالْغَدُ. . .

. . . دَعِينِي أُسَبِّحْ بِهَذَا الْجَمَالْ

محمود حسن إسماعيل