مجلة الرسالة/العدد 467/العودة إلى مسقط الرأس
مجلة الرسالة/العدد 467/العودة إلى مسقط الرأس
(للامرتين)
للأستاذ علي شرف الدين
نعم عدتُ يا دَاريَ الغاليهْ ... ومهد طفولتيَ الخاليهْ
أعيشُ بظلِّك ما قد حييتُ ... لأقضِيَ أياميَ الباقيهْ
بعيداً عن المدن الصاخبات ... فثروتُهَا خُدعةٌ فانيهْ
نشأتُ من المهْدِ بين الرُّعاةِ ... أحِنُّ إلى الغنمِ الثَّاغَيِهْ
وأتبع في السهل ضِلَّ الخراف ... على هَدْى آثارها الباديه
أُتابِعُهَا خُطْوَةً خُطْوَةً ... إلى النجم في القبة الحاليهْ
ولي مِثلهُمْ في رَوَاح القطِيع ... أَغانِيُّ هاتفةُ شاديه
وأَغْسِلُ من بيضِ أصوافِهَا ... على ضفَّةِ البركة الجاريه
وأَصْبُو إلى هَزَجاتِ المساءِ ... تُبدِّدُهَا ريحُهُ السَّارِيَةْ
وأصغي إلى عرباتِ الحقول ... فأسمعُ ضجتَهَا النَّائيه
قسا حِمْلها فوق أعطافِها ... فناحَتْ بأجمالها القاسيه
أَحبُّ الرَّنينَ الأصمَّ الجميلَ ... لأِجْراسِ حُمْلانها الراعيه
تصلُّ هُناكَ بأعْناقها ... من الغاب، أو ذِرْوَةِ الرابيه
فيا وطني، لا عَدَتْني بكم ... ظِلالٌ مقدَّسةٌ واقيه
وصفصافة كلِّلَتْ بالنَّدى ... فتشهد أغْصانَهَا باكيه
بكَتْ تِرْبَهَا حينَ طال الغيابُ ... فجادَتْ بأدْمُعِهَا شاكيه
فيا سَرْحَتِي هَوِّني من شجاكِ ... وَأَحْنِى مِنً الْغُصُنِ العاليه
على غائبٍ كنتِ تبكينَهُ ... فعادَ لأوطانه ثانيه!!
علي شرف الدين