مجلة الرسالة/العدد 467/التفاحة. . .
مجلة الرسالة/العدد 467/التفاحة. . .
للأستاذ راشد رستم
عادل - أحبك يا (سهام)
سهام - تحبني!!
- نعم أحبك. . . وهل في الأمر غرابة؟!
- لا. . .
- ثم إني أحبك لأنك تحبينني
- ألهذا السبب أنت تحبني؟
- طبعاً لا. . . ومع ذلك لماذا لا؟. . .
سهام - ولكن كيف عرفت أنني أحبك؟
عادل - هذا سر. . .
- سر. . . وهل بين المحبين سر؟!
- وأيُّ سر. . . إن بين المحبين سر الأسرار، بل ليس بين غير المحبين سر مثل سر المحبين
- سر الأسرار أم لا أسرار!!
- إذا لم يكن بين المحبين سر، فإنه يجب عليهما أن يخلقا لهما (سرا) سرا. . .
- دعني من فلسفة الأسرار. . . أريد أن أعرف السر!!
- أي سر؟
- السر الذي تدعي الآن أنه سرك
- كيف. . . ألا تعرفينه؟
- إذا كنت أعرفه ما كنت سألتك عنه
- وما دمت لا تعرفينه فلا داعي لذكره
- بالعكس. . . يكون الحال أدعى لمعرفته
- لا أظن ذلك، فإنه شيء يدرك ولا يشرح
- ولكن أنت قلته الآن منذ قلي - إذن أنت تعرفينه
- وهل في هذا شك. . . بل ومنك عرفته
- إذن لماذا تحاورينني هكذا؟!
- لكي أمتحنك
- تمتحنينني! ولماذا تمتحنيني؟ وفي أي شيء؟ دعينا من هذا الكلام. . . ليس هذا هو سبب المحاورة. . . أفصحي. . . أفصحي
- ماذا تعني؟
- أعني أنه يهمك جداً أن تعرفي كيف. . .
سهام - اسمع يا (عادل)، أنت تحبني ما في هذا شك، ولكن، ألا تدري أنه يسر المرء أن يعرف كيف ولماذا أحبَّه غيره. . . ثم هل في هذا عيب؟!
عادل - كلا. . . ولكن عليه أن يبحث فيتعب فيعرف فيرتاح. . . وليس عليه أن يجلس فيسأل فيجاب فيرتاح. . .
- ألا تحب لي الراحة؟
- ليس في هذا شك. . . ولكن، أليس التعب في سبيل الحب راحة؟
- بالله لا تتعبني واختصر الطريق
- اسمعي يا (سهام)، أنا لا أريد تعبك ولا الإطالة عليك، ولكن الذي أحب هو الذي يعرف كيف أحب
- لا، أنت غلطان، إن الذي أحبَّ لا يعرف كيف أحب، ولكنه يعرف فقط أنه أحب
- إذن، لماذا تتعبينني؟!
- اتق الله، من الذي يتعب الآخر. . . ومع ذلك، فإن التعب في سبيل الحب راحة. أليس كذلك؟ ثم إن الذي أريدك أن تفهمه هو أن المحبوب يفرح ويفرح جداً إذا عرف كيف ولماذا أحبه حبيبه
- ليس من السهل الإجابة على هذا السؤال
- ولكنك أحببتَ فجربتَ فعرفتَ
- وأنت يا سهام، ألم تحبي قبل هذه المرة؟ سهام - أولاً، ما معنى هذه المرة؟
عادل - أريد أن أقول. . .
- لا تقل شيئاً. . . سأُريحك. . . نعم، كنتُ ظننت أنني أحببتُ قبل هذه المرة!!
- ولكن. . .؟
- ولكن لم أحب. . .
- والآن؟
- والآن. . . والآن. . . وقد أوقعتني. . . فماذا عساي أن أقول!!
- أولاً، لست أنا الذي أوقعك، ثم لا تنسى أن من حفر بئراً لأخيه وقع فيه!!
- وهل الحب يا عادل بئر؟
- بئر. . . وأيّ بئر!! إنه بحرُ. . . بل هو محيط. . .!!
- أعوذ بالله. . . إنه إذن مخيف!!
- إذا كان مخيفاً، فلماذا أوقعت نفسك فيه؟!
- يا ظالماً! حقَّا إنك مغالط كبير. . . هل أنا وقعت فيه، أم أنك أنت الذي أوقعتني فيه؟!
- أنا أوقعتك. . . أم أنت التي وقعت؟!
- أتريد أن تقول إنني أنا التي أوقعت نفسي وانك، لم تقع معي؟
- لا. . . أنا لا أريد أن أقول هذا. . . ثم كوني وقعت معك أو لم أقع - هذا شيء، وإنك وقعتِ أو لم تقعي - هذا شيء آخر. . . ومع ذلك، هل وقعت أنا معك؟
- هذا سؤال لا يوجه إليَّ. . . أنتَ الذي تجيب عليه!
- أنا لم أر أحداً أوقع غيره
- كيف. . . مع أنك وقعت مع الواقع!!
- هذا اعتراف آخر
- وهل أنت في حاجة إلى اعترافات؟
- لا. . . ولكنك أنتِ تحبين الاعتراف
- أنا. . .!!
- نعم. . . بدليل أنك تصرحين بها. . .
- إنك أنتَ الذي تجعلني أُصرِّح
- الأمر على العكس، أنا لم أطلب منك تصريحاً، فإنني مقتنع بأنك تحبينني. . . كما أنني أحبك. . .!!
- هكذا. . . هكذا. . .!!
عادل - وهل عندك شك في هذا. . . ألم أذكره في أول حديثي في صراحة يعجب لها الكثيرون. . .
سهام - يعجب لها الكثيرون! ولماذا؟
- لأن أغلب الرجال لا يميلون إلى الابتداء بالاعتراف. . .
- وهل تظن أنك بدأت واعترفت!؟
- من غير شك. وقد قلت ذلك في أول كلمة لي معك. . .
- أتحسب هذا اعترافاً؟
- كيف لا؟ وإلا فما هي هذه الصراحة النادرة في مثل هذا الموقف بين رجل وسيدة؟
- عجباً. . . ما هذا التجني على المرأة؟ وهل محرَّم على الرجل أن يبادر ويبوح بحبه؟
- لا. ولكن بالله لا تخرجي عن الموضوع. . .
- إنني أتكلم في صميم الموضوع. . . أليس الحب هو شريعة البشر جميعاً. . . الرجل والمرأة على السواء؟
- نعم
- إذن لماذا هذه التفرقة. . . ألا تعلم أن المرأة والرجل يكمل بعضهما بعضاً؟
- هذا صحيح، ولم ينكره أحد، ولكن ما هي نسبة تكملة الواحد منهما للآخر؟
- سؤال غريب. . . إن الاثنين يتممان وحدة؛ وأما نسبة الواحد إلى الآخر في تكميل الوحدة فهي مسألة ثانوية. . .
- هذا القول يذكرني بأسطورة التفاحة. . .
- أسطورة التفاحة؟!
عادل - نعم. يولد أبن آدم فتقطع له تفاحة، يعطى نصيبه منها، والنصيب الآخر يعطى لمن ستكون شريكته في الحياة، وعندما يتلاقيان ينطبق النصيبان ويلتصق الجنبان سهام - ولكن هيهات أن يجد المرء الجزء الآخر من التفاحة نفسها بسهولة. . .
- إذ كتب له أن يجدها فإنه واجدها ولو كانت هي القشرة. . . ولو كانت كذلك في الطرف الآخر من العالم. . .
- ألهذا الحد تهزأ بالجزء الآخر من التفاحة؟
- يعلم الله ما أنا بهازيء، ولكني أقرر الحقائق وأنا آسف
- إذن على هذا الأساس يجب أن يفسح للحب المجال، فإنه هو عنصر التعارف والتقارب وهو عامل الانطباق والتوفيق
- هذا صحيح، ولذلك لست أرى حرجاً على الرجل في أن يبدأ فيبوح بحبه، فقط يبوح لمن؟
- لمن؟ وهل في هذا خلاف؟ طبعاً يبوح به إلى من احب
- إذن لماذا تنكرين على ما صرّحتُ به لك في أول الحديث؟
- وهل تظن أن هذا اعتراف منك؟
-!!. . . وإلا فما هو؟
- في الواقع لا أرى فيه إلا أنه خطة منك لتأخذ مني أنا الاعتراف. . .
- وهل تظنين يا سهام أنك اعترفت لي بشيء؟
- أتريد مني بهذه الطريقة اعترافاً آخر؟ ألم يكفك سرورك باعترافي السابق، أو بتعبير أصح بوقعتي التي وقعت فيها!. . .
- الواقع أنني مسرور جداً. . .
- أمر عجب!!
- حقاً، إنني مسرور جداً، لأنها حالة أنت ذاتك مسرورة منها. . .
- عجباً. . . ومن أدراك بأنني مسرورة و. . . جداً؟
- أنت. . .
- أنا. . .!
- نعم أنت. . .
- سبحان الله. . . وكيف. . .؟ - بنظراتك. . .
- نظراتي!!
- أظنك ستقولين إنها خطة أخرى. . .
- ولكن هل تثق أنت بنظراتي؟
- ثقتك أنت بنظراتي
-!!. . .
- انظري في عينيَّ. ألا ترين عينيك فيهما؟!
-!!. . .
- إنها وحدة الوجود. . .
- وهي لذة الوجود
راشد رستم