انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 442/اللحن الجديد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 442/اللحن الجديد

ملاحظات: بتاريخ: 22 - 12 - 1941



(للشاعر المجهول)

بَعَد السنينَ الطوالْ ... ورغَمَ كيدِ الأعاِدي

قد جازَ فيكَ المُحَالْ ... ونِلتُ منك مرادي

الليلُ غَفْوَانَ يدري ... ما كان بيني وبَيْنَكْ

وكنت في الليل بَدري ... وكان نورُك حُسْنكَ

في لحظةٍ صار عيشي ... يَفوقُ عُمرَ الوجودْ

فليحرسُ الحبُ طيشي ... في قطف تلك الورود

تهْ بعد هذا وسافِرْ ... إلى أقاصِي نَوَاكْ

لم يَبْقَ لي ما أحاذرْ ... من شقوتي في هواك

لِمَنْ صفاؤك بَعدِي ... كدَّرتُ بألفَتْكِ وِرْدَكْ

أعيش أن رُمتُ وحدي ... فِعش إن استطعتَ وحدك

أنت الأسيرُ الرهينْ ... لصَبْوَتي وخَبَالي

فأحذَرْ حِذارَ الطعين ... من سطوتي وصِيالي

أأنت تُخِلف وعدكْ ... وكنتَ رمز الوفاء؟

أأنت تُنكر عهدكَ ... يا جذوةً من صفاء؟

لِمن تكون؟ أجِبِني ... فأنت فوقَ الظنونْ

بمن أهيم؟ أعِذني ... قد طاب فيك الفُتُون

لو شئتُ، لا شِئتُ، طارت ... غوايتي عن حِماك

ولو أردتُ لجالتْ ... مآثمي في رُبَاك

يا مِحنتي في المساء ... وِفتنتي في النهارْ

قد طال فيك العناء ... فأين مِنْك الفرارْ؟

ماذا يريدُ غِضَا بُكْ ... ماذا يروم جَفَاكْ

إلى الفؤاد إيابُكْ ... إذا أردتُ لَقِاك

ارجعْ إلي تَجِدني ... كما عهدتَ وأسمحْ أو فانْتَظِرْ بَعدُ مني ... فَتى يسًّمى ويذبح

ظبي يروح ويَغْدُو ... في شائكات السُّهوب

ويأمنُ الليثُ يَعدو ... أأنت ذاك اللعوب؟

سأستبيحُ احْتِبَالكْ ... إن ثارَ شوقي إليك

سأستجيزُ اغتيالك ... إن طال خوفي عليك

بيني وبين اقتناصِكْ ... صُبَابةُ من حَيَاءْ

فاسلُكْ سبيل خلاصِكْ ... إن اشتهيتَ البقاء

إن كنتَ تنُكِرُ جهلاً ... فَتْكَ القلوب الجوارحْ

فسوف أسقيك سَجْلاً ... يُدمى عيونَ النوائح

لا، لن تكونَ لغَيِرِي ... والله، لا، لن تكونْ

وكيف يا وَحْيَ شِعري ... أهابُ فيك المَنُون

أضلُّ حُّبك قلبي ... والحبُ كالنُّور يهدي

أكان عندكَ ذنبي ... أني وفيتُ بعهدي؟

لولا التقَى لجعلتُكْ ... تسبيحهً في الصلاة

ألا تراني أصرتُكْ ... تغريدةً في الحياةْ

أدوسُ جَمْرَ الجحيمْ ... عند ارتياد جمالكْ

فأين روضُ النعيمْ ... عند استياف وصالك

لَحنُ كلحِن الرحيقْ ... في الكأس، ذاك بغامك

فهل تراني أفِيقْ ... ومن شرابي كلامُكْ؟

خدًّاكَ خَّداكَ، آهاً ... من الجمال الفصيحْ!

عيناكَ عيناكَ، واهاً ... من الفُتُون الجريح!

لم يُؤذني بُخْلُ لفظِكْ ... في جَهْرِه واُلْخُفوتْ

عرفتُ من وْحي لحِظكْ ... أن الهوَى لا يموتْ

لو قيلَ يومَ احتضاري ... هذا شقيقُ الفؤادْ

لأشرقتْ بك داري ... وكان يوم المَعاد مَن أنتَ؟ ضلَّ العَذُولْ ... في غابة الافتضاحْ؟

مَن أنتَ؟ لا، لن أقولْ ... سِر الهوَى لا يُباح؟

(الشاعر المجهول)