انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 438/جواب على تعزية

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 438/جواب على تعزية

ملاحظات: بتاريخ: 24 - 11 - 1941



// لا تقولي (عزّ) صبراً إنني ... أجد الصبر على خطبي محالا

كيف يُرجى من فؤاد حشوه ... لهبٌ أن ينضج الماَء الزلالا

كلفيني وُسع نفسي واعلمي ... أن للأنفس عجزاً واحتمالا

كل حيٍّ، كان ميتاً، صائرٌ ... إذ يحين الحين للموت مآلا

عمرنا للموت شوط وبه ... خطوات الموت سرَّا تتوالى

أنت إذ تصبح حيَّا يبتدي ... عمل الموت نمواً وانحلالا

وإذا ما عمل الموت انتهى ... قلت جاء الموت جهلاً وضلالا

في الحياة اختبأ السر الذي ... فيه صار الموت للحيّ كمالا

حكم بالغة نعرفها ... وبها ننعم في السرّاء بالا

وإذا الضرّاء مسَّتْ وقَتْ ... عادت الحكمة وهماً وخيالا

أثر الحكمة في النفس ولنْ ... تجدَ الحكمةُ في الحسِّ مجالا

من يكن في صدره متَّسَعٌ ... للرزايا، منه حبل العمر طالا

إنما يأكل أيامَ الفتى ... همُّه، فأحذر من الهم اغتيالا

وارتقب في كل يوم عجباً ... فالليالي بالأعاجيب حبالى

الصفا تحويك منه ساعة ... والشقا يطويك أعواماً طوالا

فاغتنم من روْح ساعات الصفا ... ما يعزّيك إذا الصفو استحالا

وادَّخر من صحة تحظى بها ... قوةً تلقى بها الدَّاء العضالا

واتخذْ من صحو أيام الرضا ... ما يقيم العقلَ إن سكرٌ أمالا

هذه أشجاننا يسمعها ... ساهر الليل إذا الهم استطالا

وعليها تهجع العين التي ... ضلَّ عنها طارق الهمّ ومالا

مقلة تذرف دمعاً وفمٌ ... ليس يبدي، خشية الله، مقالا

لا تقولي كيف يبكي رجلٌ ... يملأ الأعين حزماً وجلالا

حكمة الجبار فينا جعلت ... من صروف الدهر ما يبكي الرجالا. . .

(طرابلس - الشام) (ن. ج)