انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 435/رسالة الشعر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 435/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 03 - 11 - 1941



إلى. . .؟!

(للشاعر المجهول)

تحدثتَ بالهتَّاف أنك حاضرٌ ... لإيناسِ روُحي بعد بِضْع دقائقِ

فكيف ترى عيشي يطولُ فأجتنِي ... على شغَفي أرواح تلك الشقائق

ألوفٌ من الأحلام طافتْ فداعبتْ ... فؤادَ أسيرٍ ظامئ الروحِ وامق

فما صحَّ حُلمٌ في هواك ولا انتهتْ ... على اليأس مَوْجاتُ الدموع الدوافق

أأنتَ برغم الصد والدَّل قادمٌ ... لإسعاد مشتاقِ وإنجاد عاشق؟

أمثلك تسديه الحياةُ إلى فتىً ... مَرِيد الهوى والشوقِ وَعْرِ الخلائق؟

وكيف أرى داري على ضِيق ساحها ... تحيط بديَّان الشموس الشوارق؟

سألقاك - هل ألقاك؟ - في ثوب ضَيْغَمٍ ... يرى الرفق بالغزلان إحدى البوائق

تعالَ تجدْني جذوةً من صبابةٍ ... تسَّعرُ في صدرٍ مَشوقٍ وشائِق

لِنجواكَ أستبقي شبابي فعاطِني ... كؤوس الهوى قبل ابيضاضِ المفارق

وأعْزِزْ فؤاداً لو أردتَ جعلتَهُ ... أعزَّ من الشَّغواءِ في رأس شاهق

لقد مالت الدنيا وجافتْ وجانَبَتْ ... فكُنْ مُنِقذي من جَورها المتلاحق

إذا كنت لي يوماً ولو بعض ساعةٍ ... تجودُ بها جُود الحبيب الموافق

فسوف أري الدنيا على سوءِ بغيها ... أطالب من لَهْوِ الشبابِ الغُرَانِق

دقائِقُ كالأعوام طالتْ ولم تَجَئْ ... حَماك إله الحبِّ من كُلِّ عائِق

سيَقتُلني شوقي إليك فهل أرى ... خيالك عند الموت وهو مُعا نِقي

أُحُّبك حُبَّ القلب للوَحْيِ فالْقَنِي ... ولو لحظةً يَنقُذْ الغيب بارقي

شَبَبْتَ بقلبي ثورةً لم تُعانِها ... جوانِحُ مَشغوفٍ ولا صدرُ حانق

وصيَّرتَنِي لا صرتَ مِثليَ عِبرةً ... لِكلِّ أَلوفِ الروح جَمِّ العلائق

فحَتَّى متى أحنو عليك ولم أكنْ ... بحفظك للميثاق يوماً بواثق

أُحِبُّك حُبَّ العَين للنور فاهدني ... إلى الصبر عن لُقياك إن كنت صادقي

وهل أبصر الرابون من عُصبة الهوى ... نظيرَكَ في أوهامهم والحقائق؟ لكَ المجدُ بينَ الحالتين فولِّنى ... قضاَء الأسى بين القلوب الصوادق

أُحِبُّك حُبّاً لو تمثِّلتَ وَقْدَهُ ... لأمسيتَ في كربِ من الْحُزن ساحق

إلى الله أشكو ما أعانيه من جوّى ... هو الدهرُ يَرمي بالصروف الصواعق

إلى خالق الأرواح أشكو بَليَّتي ... برُوحٍ غَدورٍ في الغرام وماذِق

تؤرِّقني أطيافُ ذكراهُ سُحرةً ... بَروْعٍ كأهوال الخطوب الطوارق

فما الذنبُ؟ ما ذنبي وما كنتُ في الهوى ... سِوَى شاعرٍ للصدقِ في الحبِّ خالقِ

ستُطوَى أحابيلُ الملاح وتنطفي ... على الدهر نيرانُ الشُّجون الَمواحِق

ويبَقَى نَشِيدي في هواكَ وثيقةً ... تُسَجِّلُ أحلامَ القلوب الخوافق

(الشاعر المجهول)