مجلة الرسالة/العدد 410/مختارات من مراثي مسعود
مجلة الرسالة/العدد 410/مختارات من مراثي مسعود
من قصيدة الأستاذ محمد مصطفى الماحي:
مسعودُ يا عَلم الفصحى ومنجدها ... ومرسل النور في أيامها الجُون
ويا مجل اليراع العفِّ في صحف ... برئن من غمزات المطمح الدون
وكم عكفت على بحث كشف به ... ما حير الناس من سر الدهاقين
إذا تغشت صحيح الرأي غاشيةٌ ... جليتها برهيف الحد مسنون
وإن تكشَّف عن رعناء جائرة ... خَصم تكشفت عن حق وعن لين
ما العلم مجداً إذا لم يحمه خلق ... ولا الإخاء على حقد بمضمون
فارقت دنيا تبدت في مفاتنها ... لكلِ غر هواءِ القلب مفتون
لا الخل فيها بموفٍ في مواثقه ... ولا الصديق على سر بمأمون
بغى القوي وكم للبغي من صور ... ذاق الضعيف بها شتى الأفانين
وأصبح الناس فوضى لا منارَ لهم ... ولا مدبر من عقل ومن دين
وأطبق الشر حتى عاد أحْزَمهم ... يمضي برأي من الأهواء مأفون
لا يؤمنون وإن لانت قناتهمُ ... وكيف تؤمن غرات الشياطين
فمن مداج رمى عن قوسه عجباً ... من النقيضين: تمكين وتوهين
ومستبد رمى الدنيا بآبدة ... كأنما هي أفواه البراكين
في لمحة الطرف أمسى أهلها سِيراً ... ما بين محترق منهم ومطعون
فبات ظاهر ما فوق التراب صدى ... لكل ناء من الماضين مدفون
وبات باطن ما تحت التراب حمى ... يأوي إلى غوره شم العرانين!
لم ينج في سبح الأفلاك معتصم ... من البلاء ولا في مسبح النون
ويل الحضارة باتت لا تطالعنا ... إلا بفن إلى الآثام مقرون
ومرحباً بالوحوش الضاريات ففي ... جوارهن أمان غير موهون
هل غاية العلم أن تشقى النفوس به ... وأن تسام عذابَ الخسف والهون
وأن يعيش ذووه عيشة نكدا ... طاوين ما بين محروم ومسجون
فأهنأ بتركك داراً لا قرار لها ... ما كان تاركها يوماً بمغب ومن قصيدة الأستاذ محمد الأسمر:
أمسعود خانتنيَ القافيات ... وحبل القوافي لديَّ أضطرب
وماذا تقول بحورُ القصيد ... وطوفان قولك شئ عجب
يعب ففي الصحف من موجه ... على كل أرض وبحرٍ لجب
كتابة مطَّلع قادر ... دءوب وليس يمل الدأب
خبير بأبحاثه صادق ... تراه مع الحق أنى ذهب
وكم كاتب لا يعي ما يقول ... وآخر لا يتحاشى الكذب
وكم كاتب ليس همٌّ له ... سوى أن يقال فلان كتب
وكم كاتب همه كسبه ... ولو كسب العار فيما كسب
يُرَى أبداً مُسْرَجاً مُلْجماً ... رهين الإشارة، تحت الطلب
فيا ضيعة الحق بين العبيد: ... عبيد الهوى، وعبيد الذهب
ومن قصيدة الأستاذ حسين شفيق المصري:
أمسعود هات تحدث إلينا ... فإن لك السَّمَر المشتهى
تحدث إلينا عن العادلين ... من المالكين وعمن بغى
فعندك أخبارهم كيف كانوا ... ومن للضلال ومن للهدى
تحدث إلينا بهم في العصور ... وعد في الحديث بنا القهقرى
إلى عهد مِينَا الذي كان أو ... ل من عرف الناسُ ممن علا
أرى الناس من قبل مينا توالت ... عليهم دهور وطال المدى
وما جهلنا بِقُدَامَى الأناسيّ ... جاعلُهم يذهبون سدى
أما كان في الأرض مُلْكٌ كبير ... يدين لِمَلْكٍ شديد القوى
بلى كانت فيها ممالك بادت ... وباد الذي ملكت وانمحى
فزالت مساكنهم والقبور ... وآثارهم، كزوال الرؤى
وما الدهر إلا سحاب تمر ... فعهد يجئ وعهد مضى
ومن تلد الأرض تأكله إما ... شواَء وغى أو قديد ضنى أما في ظلال السلام الردى ... كما هو تحت قتام الوغى
رويد الجحافل فيما القتال ... وفي اللهو قتل لهذا الورى
وهذا الغرور إذا ران يوماً ... على مبصر فالنهار دجى
وليس بعينيه ما يُشْتَكى ... ولكن عمى القلب شر العمى
ومن يغترر يحسَب الناس عبدا ... نه وقديماً أتيلا طغى
وكان هلاكو ظلوماً جهولاً ... ونيرون كان يبيد القرى
وكانت جيوش تلاقي جيوشاً ... بضرب يذيب غلاظَا الكلى
فمات الكميُّ وملقي السلاح ... وجاء الفناء على ذا وذا
فلم يبق مستضعف مستكين ... يخال الحضيض له مرتقى
ولم يبق ذو مِرة مُسْتَبِدٌ ... يدوس بنعليه هام العلى
ولولا الردى في صروف الحروب ... لكان الردى في صنوف المنى