انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 406/الصحافة العراقية

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 406/الصحافة العراقية

ملاحظات: بتاريخ: 14 - 04 - 1941


للدكتور زكي مبارك

ما عناصر هذا الموضوع الدقيق؟ -

في صلب المقال جواب عن هذا السؤال

لا يجوز إغفال الصحافة عند التكلم عن الحياة الأدبية في بلد من البلاد العربية، فإلى الصحافة يرجع أكبر الفضل في نشر المذاهب والآراء، واليها يرجع الفضل كله في المرونة التي ظفرت بها الأساليب في هذه الأيام، لأن الكتاب لم يعودا يهتمون بالخواص، كما كانت الحال في العصور الخوالي، وإنما يوجه الكاتب كلامه إلى جماهير كثيرة فيه العالمون والجاهلون والأذكياء والأغبياء، وذلك يوجب أن يكون الوضوح هو الخصيصة الأولى من خصائص البيان.

والمحصول الأدبي في مصر وسائر البلاد العربية هو في أغلب أحواله مقالات وبحوث نشرت في الجرائد والمجلات، والحال كذلك في الأمم الأوربية والأمريكية، فجانب كبير جدا من الأدب الفرنسي لم يكن إلا صحائف مختارة من بين ما نشر في الجرائد والمجلات. وكان من تقاليد جريدة (الطان) أن تنشر كتباً جيدة تختار موادها من بين ما نشرت لأكابر الكتاب والباحثين. وكانت جريدة (المؤيد) في مصر صنعت مثل هذا الصنيع فنشرت ما كانت تسميه (منتخبات المؤيد) ولو فكرت الجرائد المصرية في إحياء هذه البدعة الطريفة لظهرت مجموعات علمية وأدبية وفنية تزيد محصولنا الفكري قوة إلى قوة، وتحفظ ما يعرض للنسيان من آثار الأذواق والقلوب والعقول.

وكانت دار الكتب المصرية شرعت في طبع فهارس لأهم ما ينشر في الجرائد والمجلات، وهي فهارس لا يلتفت إليها جمهور الباحثين، وأخشى أن تكون عطلت بعد غلاء الورق، فتلك الفهارس تؤدي خدمات عظيمة لمن يهمهم الرجوع إلى محصول الفكر والعقل في هذه البلاد، وتشهد بحرصنا على تقييد الأوابد من معالم الأدب والتاريخ.

ويدور الجدل من وقت إلى وقت حول المفاضلة بين المعاهد التي خدمت اللغة العربية كالأزهر ودار العلوم وكلية الآداب، وعند التأمل نرى أن هذه المعاهد لم تخدم إلا علوم اللغة العربية، أما نشر الأفكار والمذاهب والآراء، ورياضة الأقلام على وصف ما جل ودق من شؤون الحياة بأسلوب واضح مقبول يفهمه العوام ولا ينكره الخواص، وخلق الروح الوطني والديني في نفوس الجماهير، وتقريب ما بين الشرق والغرب من المسافات العقلية، فذلك كله من ثمرات الجهاد المحمود، جهاد الصحافة الأدبية والسياسية، فهي التي رفعت اسم مصر بين أقطار الشرق، وهي التي أذكت مواهب الرجال، وهي التي أمدت اللغة العربية بروافد لم تر مثلها في أيامها الزواهر لعهد بني أمية وعصر بني العباس فما حال الصحافة العراقية؟

لم يصح عندي أن في العراق صحافة تساير ما فيه من النهضات العلمية والقومية، وإن كثرت فيه الجرائد والمجلات، فكيف تخلف العراق في هذا الميدان مع أنه تقدم في أكثر الميادين؟

قد يجاب بأن الصحافة هناك ترزح تحت أثقال من القيود بسبب العواصف السياسية، وهو كذلك، ولكن ما سبب تلك القيود؟

يرجع السبب إلى أن الصحافة العراقية ترى أن الحرية لا تكون إلا في الحدود التي تتمتع بها الصحافة المصرية، وذلك خطأ فظيع: فالمصريون والعراقيون يختلفون اشد الاختلاف في الميول والأهواء، ولو شئت لقلت أن في الطبع المصري هدوءاً لا يعرفه الطبع العراقي؛ فالمقالة القاسية في جريدة مصرية لا تغير إحساس الجمهور إلا بمقدار ضئيل، ولا كذلك المقالة القاسية في جريدة عراقية، فهي تزلزل إحساس الجمهور اعنف الزلزال، وقد تقبح سمعة من كتبت فيه ابشع التقبيح.

سمعت أن جريدة عراقية أغلقت لأنها كتبت مقالا عنوانه (الفرات الهائج)، فكيف أغلقت من أجل هذا العنوان؟ أغلقت لأنها تناست الفرق بين الهياج والطغيان، فالهياج يضاف إلى السكان، أما الطغيان فيضاف إلى الماء.

والسبب مضحك لمن ينظر فيه وهو يجهل المدلول السياسي لهياج الفرات، أما الذي ينظر فيه وهو يعرف محرر الجريدة ومذهب الحزب الذي ينتمي إليه فقد يعده باباً من التحريض، وقد يراه بوادر لمصاعب لا تطاق، وما احب أن أزيد!!

ومعنى ذلك أن الصحفيين العراقيين يخربون بيوتهم بايديهم، فهم لا يعرفون سياسية القول، وهم يجنون على أنفسهم حين يفكرون في محاكاة الصحافة المصرية، وهي صحافة باغية لم تدع أديماً صحيحاً إلا مزقته بلا ترفق ولا استبقاء.

قضيت ليلة من ليالي الطوال في بغداد وأنا حزين بسبب ما كان ينشر في جريدة (الرأي العام) طعنا في مصر والمصريين؛ ولكن كيف؟ هل كانت تلك الجريدة تشتم مصر والمصريين؟ لا، وإنما كانت تنشر أقوال المصريين بعضهم في بعض، فتذيع ما كان يقع من التهاجي بين جرائد الدستوريين والسعديين والوفديين. . . فماذا صنعت؟

رأيت أن اذهب لمقابلة مدير الدعاية بوزارة الداخلية هناك لأفهمه أن الجمهور العراقي سيحقد على الحكومة العراقية حين يرى نفسه محروما من الطعن في وزرائه على نحو ما يتمتع به الجمهور المصري، وهو حال أن دام فستكون له عواقب سود. فكانت النتيجة أن تكف جريدة (الرأي العام) عن تقديم ذلك الطعام (المسموم) لقرائها (الأصحاء)

الصحافة الحزبية في مصر صحافة مؤذية، وهي كريهة المذاق، ولن ينجو العراق من شر هذه الصحافة إلا يوم تنجو منها مصر، وهيهات ثم هيهات!

ولكن الصحافة الحزبية عندنا تستر شرها بالتحدث عن أشياء من العلوم والآداب والفنون؛ أما الصحافة الحزبية في العراق فهي سياسة في سياسة في سياسة، ولا يظفر منها القارئ بزاد على أو أدبي إلا في أندر الأحايين.

تذكرت صحافة العراق حين نظرت في كتاب (السلوك، لمعرفة دول الملوك) وهو كتاب ألفه المقريزي ونشره الدكتور (محمد مصطفى زيادة) بعناية تضيفه إلى أقطاب المحققين، فرأيت المؤلف لا يرى الدنيا إلا في أخبار الملوك والوزراء، أما الشعب فليس له من جهد المؤلف خلاف وكذلك تكون صحافة العراق.

لو أن الصحافة العراقية جعلت أحوال المجتمع العراقي همها الأصيل لظفرت بجاذبية روحية وأدبية تغنيها عن الاهتمام بأخبار الوزراء، والجريدة الموفقة هي الجريدة التي تحدث الشعب عن ذات نفسه وتنقله إلى أفاق من الفكر والقلب والوجدان.

أما الجريدة التي لا تعرف غير الأخبار الرسمية، ولا توجه جهودها لغير الجانب السياسي فهي جريدة قليلة النفع في تربية العواطف وإحياء الآمال.

والصحافة الحزبية في مصر خليقة بأن تسمع هذا القول قبل أن تسمعه الصحافة الحزبية في العراق.

ومن صحافتنا الحزبية استعيذ بالله، فهي معول يهدم ما بيننا من أواصر وصلات

ولكن لابد من النص على أن مصر تتمتع بمزية عظيمة هي (التماسك) فما يهدم الرجل العظيم في مصر ولو صوبت إليه ألوف الأكاذيب والأراجيف، أما الرجل العظيم في العراق فتهدم قوته المعنوية حين تشتغل الصحافة بتجريحه أسبوعا أو أسبوعين، وتلك حال طيبة من جانب وخبيثة من جوانب، فهي طيبة لأنها تجعل الحاكمين في حذر من تغير المحكومين، وهي خبيثة لأنها تجعل سوء الظن أساسا لأكثر الأعمال.

والصدق في حب العراق هو الذي يسوقني إلى النص على هذا الملحظ الدقيق، ولكن هل قلت كل ما يوجبه الصدق؟

يجب النص على أن الصحافة العراقية مشلولة بسبب انعدام التعاون بين السلطة التنفيذية والسلطة الأدبية، فمن واجب الحكومة أن تعين الصحافة على نشر ما لا خطر في نشره من أخبار السياسة الداخلية والخارجية، ومن واجب الصحافة أن تراعي جميع الظروف، فلا تعمل على تهوين أقدار الحاكمين في انفس المحكومين في بلد يتأثر بالقيل والقال.

وانعدام التعاون بين هاتين السلطتين في العراق له نتائج تلمحها من حين إلى حين!!

أليس من العجب أن نقرأ في جميع الصحف العراقية أن الحال على ما يرام وفوق ما يرام، ثم يكون الواقع أن العراق يعاني أزمة وزارية أو دستورية؟

وأقارن بين الحالة في مصر والعراق فأقول:

الحرية الصحفية في مصر تصرف المصريين عن خلق الإشاعات والأراجيف، لأن الصحافة المصرية تقوم بهذه المهمة (خير قيام) فهي تزود أهل الفضول بما يكفي لإزجاء أوقات البطالة والفراغ، وتغنيهم عن الافتنان في اختراع الأقاصيص حول مسالك الكبراء والوزراء.

ومن هنا يكون في مقدور الحكومة المصرية أن تعرف ما يتحدث به الناس فتطب له قبل استفحال الداء.

أما صمت الصحافة العراقية عما يدور في أروقة الدوائر والدواوين فيروض العراقيين على الظن بأن الصحافة تطوى عنهم اشياء، فيتولون بأنفسهم خلق صحافة جديدة اسميها (الصحافة الشفوية) وهي صحافة لا يشرف عليها حسيب أو رقيب، فتجول في الأندية والمجالس بلسان مسموم لا يكبحه عنان ولا يصده وثاق.

ومن هنا تعجز الحكومة العراقية عن الطب لوساوس الجمهور قبل استفحال الداء.

وهل احتاج إلى النص على أن الصحافة التحريرية أخف وقعا من الصحافة الشفوية؟

إن الصحافة التحريرية يديرها رجال ينهاهم العقل والمنطق والذوق عم الإمعان في الإرجاف، أما الصحافة الشفوية فيخب فيها كل مخلوق على حسب هواه، وقد يحترفها أقوام لا يعرفون أخطار (الغيبة الاجتماعية) وهي افظع من الغيبة الفردية، فأنت حين تغتاب شخصا لا تؤذي غير رجل واحد، ولكنك حين تغتاب حكومة قد تعرض أمة برمتها إلى التصدع والانحلال.

ولكن ما نتيجة انعدام التعاون بين السلطة التنفيذية والسلطة الأدبية في العراق؟

النتيجة هي ضعف الأدب السياسي هناك، وكيف يقوى الأدب السياسي وما تستطيع جريدة أن تقول إنها أسندت هذه الوزارة أو قوضت تلك؟؟

وكيف ينبغ الكتاب السياسيون وقد حرموا القدرة على تشريح المذاهب والآراء؟

وارجع مرة ثانية إلى الخطر المخوف على الصحافة العراقية وهو محاكاة الصحف المصرية، فتلك المحاكاة هي سبب البلاء، ويجب أن يكون للصحافة العراقية مسالك جديدة تراعي فيها ظرف المكان، وتطب لأدواء المجتمع العراقي بلا استطالة ولا بغي ولا عدوان.

والى أن يجيء اليوم الذي يتم فيه التفاهم بين السلطة التنفيذية والسلطة الأدبية. . . ما الذي يجب أن تصنع صحافة العراق إلى أن يجيء ذلك اليوم؟

أرى أن يفكر الصحفيون العراقيون في تزويد جرائدهم بأطيب الزاد من العلوم والآداب والفنون لتصبح الجريدة وهي جارحة من الجوارح الروحية لا يستغني عنها رجل يتنسم هواء العراق.

إن كان للصحافة العراقية عذر في العجز عن خلق الكاتب السياسي، فما عذرها في العجز عن خلق الكاتب الأدبي والكاتب الاجتماعي؟

ما عذرها وليس للحكومة سلطان على كتاب الأدب والاجتماع؟ وما عذر أدباء العراق في التخلف عن السبق في ميدان التأليف؟

لن أنسى واجبي في دعوة أدباء العراق إلى التفكير في الانتفاع بذخائر الثروة الروحية والعقلية في تلك الأرجاء.

كان الكبح السياسي في القرن الرابع أعنف من الكبح السياسي في القرن الرابع عشر، فأين العراقيون اليوم من جهود أسلافهم بالأمس؟ لقد تمخض الكبح السياسي والديني في القرن الرابع عن ذخائر فلسفية هي (رسائل إخوان الصفاء) فأين ثمرات الكبح السياسي في هذا العهد؟ وأين محصول العقول في تدبير الرسائل لشر أحلام القلوب وأهواء النفوس؟

كنت كتبت كلمة في الرسالة اصد بها الأديب (الدسوقي) عن الاغترار بما يصدر عن وحي القلب في سن العشرين، فثار جماعة من أدباء الشباب وعدوا كلمتي تعطيلاً لمواهبهم الأدبية. ولكنهم لم يستطيعوا أن يفحموني، وأفحمني شاب عراقي حين سألني وهو في بغداد عما كنت اصنع بأحلامي وأفكاري يوم كنت في سن العشرين!

ومن هذا الكلام فهمت أن الخميرة الفلسفية لها بقايا في العراق. وقد عرفت في بغداد شاباً كان ينفق على أهله وهو تلميذ بالمدارس الثانوية من دراهم معدودات كان يجنيها بعرق الجبين في خدمات أدبية شريفة لا تصرفه عن استذكار الدروس؛ ولا أدري ما صار إليه أمر ذلك الشاب، وإن كنت أعرف أن مجلة الرسالة قومت أدبه فنشرت له قصة من أدب طاغور بعناية والتفات. وإن صحت فراستي في هذا الشاب فسيكون له بين أكابر الأدباء في العراق مكان.

العراق روحياً بخير وعافية، ولكن كيف نخلق الفاعلية الأدبية في العراق؟ وكيف تخلق المنافسة الجدية بين القاهرة وبغداد؟

أما بعد فأين أنا مما أريد

حديث اليوم عن الصحافة العراقية، وقد تكلمت عنها بالتفصيل في كتاب (وحي بغداد) فما هو الجديد في هذا الحديث؟

الجديد هو أن الصحافة العراقية لا تزدهر إلا حين تبتعد عن المشكلات السياسية، ولكن كيف وكل امرئ في العراق يشغل نفسه بالسياسة ولو عاش في الدربونة الواقعة خلف شارع صريع الغواني؟ في العراق صحافة أدبية لا تعرف تصريف الفعل من ساس يسوس، وهي صحافة مبثوثة في أرجاء العراق، فنرى لها ملامح في البصرة والحلة والنجف والموصل وبغداد، وقد نراها في الكوفة المسكينة التي عاشت مساجدها الجوامع طول العهد بالخراب، وقد نراها في (العمارة) ممثلة في صحيفة تسمى (الفرزدق)، قد نرى ملامح الصحافة الأدبية في كل مكان بالعراق، وإن لم تكن في قوة الصحافة الأدبية في وطن الأزهر والجامعة المصرية.

ولكن. . . ولكن هل ننسى قيمة الاستقرار في بلد الرشيد؟

لم يسم العراقيون عاصمتهم (مدينة السلام) أو (دار السلام) إلا استجابة لرغبة مقهورة هي الشوق إلى أن تكون عاصمتهم دار الأمان، وهي في جميع عهودها دار الخوف، أو دار الحرب، فما فيها موضع قدم إلا وهو معهد صيال لعزائم الأبطال.

والعراق حين يسألك عن حالك يقول: هل أنت مستريح؟ ومعنى ذلك أن التعب هو الحال الغالب في تلك البلاد!

وأقول إن الاستقرار الصحفي تظهر قيمته في (مجلة المعلم الجديد) فما هي تلك المجلة؟ هي مجلة تصدرها وزارة المعارف العراقية لشرح شؤون التربية والتعليم، وقد ظهرت في سنة 1935، ولا تزال تصدر بقوة وحيوية تشهدان بقيمة النظام في العمل الذي يستريح مزاولوه من أعباء التكاليف الثقال: تكاليف المال.

مجلة المعلم الجديد هي السجل الصادق لآثار العقول العراقية في مختلف الشؤون، وقد عجب الشاعر على محمود طه صاحب (الجندول) من أن ينال من رعاية تلك مكانا لم يظفر بمثله بين مجلات وادي النيل، فكان ذلك شاهدا على أن مجلة المعلم الجديد تتسامى إلى الرعاية الأدبية لجميع آثار العقول في سائر الأقطار العربية.

ما شاء الله كان، فما نظرت في محصول مجلة المعلم الجديد إلا أيقنت بأن زملائي في بغداد قد وصلوا إلى أشياء، ولكن كيف وصلوا وهم بأعمالهم التعليمية مشاغيل!

السر كل السر في أن مجلة (المعلم الجديد) لا ينشر فيها حرف بالمجان، فهي تتخير من محصول العقول ما تشاء، ومن أخصب تخير - كما كان يعبر الأسلاف - وكيف تضيع مجلة تنفق عليها الدولة بسخاء؟!

لو أردنا اختبار المواهب العراقية في الصحافة والتأليف، لدعونا مجلة (المعلم الجديد) إلى التحرر من (كرم) وزارة المعارف هنا، ولكننا نطلب المستحيل، فالشرق هو الشرق، ولا يدوم عمل في هذا الشرق إلا بسناد متين من أسندة الحكومات! واه ثم آه من بلاء الاتكال على الحكومات في جميع الشؤون!

ثم أما بعد، فهذا مقال تحررت فيه من مراعاة الظروف والملابسات في مصر والعراق، فهل جنيت على نفسي بالهجوم على الصحافة هنا وهناك؟

أنا الغريق، فما خوفي من البلل - كما يقول المتنبي - أنا الرجل الذي عاتى مكاره الاغتراب في كل أرض، فكانت غربته في القاهرة أقسى وأعنف من غربته في باريس وبغداد!

وهل كانت الصراحة من اظهر صفاتي؟ وكيف وقد قضيت العمر في جمع المال لاشتري مثقالاً من الرياء، وسأموت قبل أن اجمع الثمن لغالي لذلك المثقال!!

إليك، يا فاطر الأرض والسموات، أوجه الرجاء، فما تقدمت ولا تأخرت إلا بحكمة عالية من كرمك البالغ وحصنك الحصين.

زكي مبارك