انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 385/الحب. . . .

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 385/الحب. . . .

ملاحظات: بتاريخ: 18 - 11 - 1940



للأستاذ فؤاد بليبل

الْحُب أَسْعَدَني وَالحُبُّ أَشْقَاني ... أَبْكى وَأَضَحْكُ مِنْهُ اليَوْمَ في آنِ

وَيْلِي عَلَيْهِ وَوَيْلِيِ مِنْهُ مِنْ أَلَمٍ ... عَذبٍ وَآسٍٍ شَفَي نَفْسي فأَضناني

طغَى عَلَى القَلبِ عرْبيداً فَقُلْتُ لَهُ ... يَا حُب رِفْقاً بهذا الْخَافِقِ المْعاني

فِيكَ الشِّفَاءُ ومِنْكَ الدَّاءُ أَجْمَعُهُ ... كَفَاكَ أَنْكَ أَنْتَ الهادِمُ الْباني

حَتَّامَ تُخمِدُ من وَجْدي وَتُشْعِلُهُ ... وِتْلْتَقي فيك أَفرَاحي بأحْزَاني

يَا مَنهلاً ظلَّ يَرْويني وَيُعْطِشُني ... رحماكَ رِفقاً بِراوٍ مِنْكَ عَطْشان

قالوا هُوَ البُعْدُ قَدْ يُنْسِيكَ لوْعَتَهُ ... وَكُلَّمَا زَادَ بُعْدي زادَ تَحْنَاني

أَبْغي السُّلُوَّ ولا أَبْغيهِ وا أسفا ... قلبٌ تنازعَهُ في الحبِّ ضِدَّانِ

وللصَّبابةِ أحكامُ رَضيتَ بها ... ما كانَ أسعدني فيها وأشقاني

أُحِبُّ لِلحُبِّ لا أبْغي به غَرضاً ... لو كانَ يَرْحَمُ أَحْشائي وأجْفاني

أنا الوَفِيُّ وَعَهْدِي لا يُغَيِّرُهُ ... بُعْدُ المَزَارِ وَعَذلُ العاذِلِ الشاني

فإِنْ أَرَدْتِ دَليلاً فاسْألي أرَقى ... سُهْدِي دَليلي ودَمعي خيْرُ برهان

يا من أُحِبُّ وأَخشى أن أُسَمِّيها ... لا يُثنِّيني عنكِ اليومَ من ثان

فلا تقولي فتىً لُبْنَانُ مَوْطِنُهُُ ... هَلِ الْكِنَانَةُ كانَتْ غيرَ لُبنان

إنْ يَنْبُ بي وَطَنٌ نفسي الفِداءُ لهُ ... لم يَنْبُ بي في رُباها مَوْطِنٌ ثان

يا جارَةَ النِّيلِ ما أهْلوكِ لوْ عَلِمُوا ... إلا رِفاقي وَإخواني وأعواني

يَمَّمْتُهُمْ فإِذا بي منهم وإذا ... بالرَّبع رَبْعي وبالأوطان أوطاني

أنا الغريبُ بآرائي وَرَوْعَتِها ... وَصِدقِ قَوْلي وأشعاري وألحاني

أنَا الغَريبُ بُروحي بَيْنَ منْ جَعَلوا ... لِلْحبِّ مَعْنىً وَضيعاً غيرَ رُوحاني

أنا الغريبُ غريبُ الدار في وَطني ... ما بَيْنَ أَهْلي وأحْبابي وأخداني

يا مُنْيَةَ الرُّوحِ حَسْبي في هَوَاكَ ضَنيً ... رُدِّي عَلَى الْجَفنِ صَوْبَ المَدْمَعِ القاني

رُدِّي عَلَىَّ شبابي وارْحَمِي كَبداً ... غَادَرْتِها نَهْبَ آلامٍ وَأَشْجَان

صِلِي مُعَنَّاكِ لا تَخشَىْ عَوَاذِلَهُ ... قَوْلُ الْعَوَاذِلِ مَوْسُومُ بِبُهْتَان لا تَحْرِمِينِيهِ عَطْفاً عَزَّ مَطْلَبُهُ ... كَفَى بنَفْسي شَقَاَء طُولُ حِرماني

أَنْ يُنكِرِ الأَهْلُ وَالْخلاَّنُ مَوْقِفناً ... لا الأَهْلُ أهلي ولا الْخلاَّنُ خلاَّني

(دار الأهرام)

فؤاد بليبل