انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 373/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 373/البَريدُ الأدَبيّ

مجلة الرسالة - العدد 373
البَريدُ الأدَبيّ
ملاحظات: بتاريخ: 26 - 08 - 1940



الحركة الأدبية في العاصمة السورية - تعليق ونقد

منذ أسابيع خمسة، قرأنا في بريد الرسالة الأدبي كلمة العتب والبيان التي أطل بها علينا الأستاذ الأديب الشيخ علي الطنطاوي وبها يعتب على أدباء مصر ونقادها لإهمالهم واجب النقد والتقريظ لعشرات المؤلفات التي صدرت في العاصمة الأموية

وبقدر ما سرنا عتب الأستاذ وتذكيره، كان عجبنا بالغاً أشده، ذلك أن الأستاذ غاب عن باله - فيما أعتقد - أنه أنكر على دمشق العزيزة وجود حركة أدبية فيها لذا فنحن نقف اليوم تجاه رأيين متضادين لكاتب فاضل واحد، لا ندري أيهما نصدق، ولا بأيهما نأخذ، فإذا كان الأستاذ ينكر وجود الحركة الأدبية في دمشق، فقد نقض (بعتبه وبيانه) رأيه الأول، إذ كيف يصح أن تنشر دمشق الحبيبة هذا العدد الضخم من الكتب والمؤلفات، ثم يُنكر عليها الأدب؟. . .

بين يديّ الآن عدد الرسالة الأخير ذو الرقم 369 وبه تناقش الأديبةُ الكبيرةُ السيدة وداد سكاكيني بعضَ أقوال الأستاذ الطنطاوي في (عتابه وبيانه).

والسيدة وداد من أديباتنا النوابغ ذوات العواطف الوطنية المرهفة، يدل على ذلك كتابها (الخطرات)، وهي بحكم هذه العاطفة الوطنية المستمرة تأبى أن يقول الطنطاوي عن دمشق إنها (أنها مُتَّبِعة في أدبها لا مُتَّبَعة، مقلدة لا مبدعة) وتقول السيدة وداد:

(إن دمشق الشام لها كيان أدبي مرموق، وفيها أهل معرفة وثقافة، فينبغي أن تفرض أدبها فرضاً، وأن تسم آثاره بمياسم خاصة تميزها من غيرها وتكون دليلاً عليها)، ودمشق العزيزة سيدتي، كما يشاء الواقع والحقيقة، مقلدة متبعة - وأقولها بكثير من الأسف والألم - تتقفى خطوات المصريين، وأبناؤها يقرءون على الدوام آثارهم وينهجون نهجهم. ونحن وإن كنا نعجب بالثقافة المصرية، وبكثير من الأدباء المصريين، ونقر لمصر بالزعامة والتفوق، ولكننا - إلى ذلك - نرغب في استقلال أدبنا وثقافتنا، ونحب أن يكون أدبنا ذا كيان خاص، ومياسم تميزه من غيره، أما أن نفرض أدبنا فرضاً - ولا ندري على أي قطر تريد السيدة أن نفرضه! - فهذا أمر يحتاج يا سيدتي إلى عشرات من السنين، إذ ليس فرض الأدب والثقافة من الأمور الهينة السهلة كما تخالين، ولا سيما لبلد له شأن كشأن دمشق. وبالرغم من ذلك كله فما أعفانا من هذا (الغرض!). ولقد ذكرت يا سيدتي، وذكر الأستاذ الطنطاوي قبلك عددا من الكتب كبيراً، أهمله كتاب مصر ونقادها. ولكن (التواضع) أبى عليكما أن تشيرا إلى مؤلفاتكما!. وإذا كان الطنطاوي قد أشار إلى كتابين من تأليفه بصورة خاطفة. . . فقد أهمل كتابين آخرين ربما كانا من أحسن ما أنتج وهما: (في بلاد العرب) و (من التاريخ الإسلامي) والأول كتاب ثمين ضمنه صاحبه قطعاً بارعة من أدبه، وبه صور ومشاهد طيبة لكثير من بلاد العرب، والثاني مجموعة من القصص، قبس الكاتب موضوعها من التاريخ الإسلامي المجيد؛ وقد أجاد في كثير منها، وهناك كتاب (الخطرات) للسيدة وداد سكاكيني وقد حوى موضوعات في الأدب والاجتماع قيمة، وكما خجلت السيدة وداد من الإشارة إلى (خطراتها) فقد أبت الإشارة إلى مؤلَّف زوجها الصديق الأستاذ زكي المحاسن وهو (النواسي شاعر من عبقر) درس فيه أدب الشاعر الماجن أبو نؤاس وأخرجه للناس في حلة قشيبة وشكل حسن.

وأما كتاب (آرائي ومشاعري) للأديبة النابهة الآنسة فلك طرزي الذي ذكرته السيدة وداد في معرِض التذكير، فقد سبق لكاتب مصري معروف أن نقده وقرَّظه في حينه على صفحات الرسالة الزهراء، فلم تكن ثمة حاجة لذكره، إلا أن تكون الذاكرة قد خانت السيدة وداد في هذه المرة.

هذا ما أردت أن أقوله في معرض التصحيح والتذكير، وللأستاذ الطنطاوي والسيدة وداد أذكى التحية وأطيب السلام.

(دمشق)

عبد الغني العطري

مواعيد البناء المخضوب

قرأت في جريدة الدستور كلمة كريمة لأديب كريم أسمه (إبراهيم) وهو كاتبٌ لم أعرفه من قبلُ، ولكن شمائله تنمّ عليه كما ينمّ الدُّخَان على الجمر المشبوب.

وهذا الكاتب يتوجع للنعيم الذي ضاع بين سَدَّة الهندية والقناطر الخيرية، ثم يُغلَبُ على وقاره فيذكر أن له نعيماً ضاع في ظلال (الجيزة الفيحاء) وأنه تأسَّى بقول أحد المتيمين: (تلك يا قلبي مواعيد البنان المخضوب)

ذلك عزاؤك، أيها الزميل، فأين عزائي؟

هل تظن أن (خواطر مهاجر) التي قرأتها في الطريق مرتين حتى كدتُ أصطدم بالجدران ُتلهيني عن (خواطر مهجور) التي أدرتها في خاطري مئات المرات ولم أجرؤ على صبها فوق صفحات القرطاس؟

وهل ترى أن أداوي همومي بالتفكير في بلايا المجتمع كما يصنع جليس (الكافورة الغيناء)؟

وكيف وما حملتُ القلم إلا وثبَ القلم وثبة المسعور وقد تألق أمامه السراب وهو يظن ويتوهم ويخال أني سأكتب إلى الذين لا يصل إليهم خطابي إلا بعد أن يمرّ بثلاثة رقباء، أولهم في القاهرة وثانيهم في فلسطين وثالثهم في. . . (؟)

إن سمح الدهر بيوم العتاب فسأقول وأقول وأقول

وإن ضنّ الدهر بيوم العتاب فسأرسل إلى الغادرين جذوة من جَذَوات قلبي ليعرفوا أن دمي لا يذهب هدَراً في دنيا النفوس الغوادر والقلوب الشِّحاح

بتذكِرة بريد تكاليفُها أربعة فلوس تداوَي جراح

قلبي فهل رأى الناس أبخل من الذين يستكثرون أربعة فلوس على من جاد في هواهم بالعافية والأمان؟

ويزيد بلائي كلما تذكرت أن الخلاص من أسرهم هو رابع المستحيلات، وكانوا أوهموني أن دنيا الوجد لا تعرف المستحيل، يوم كنا نتناجى بنبرات أرقّ وألطف من وسوسة الأزهار في أسحار آذار

ولا تحسبوني نسيت العهد، يا أصفياء روحي، فما الدنيا بدون هواكم إلا هجيرٌ تموت في وقدته رياحين القلوب، كما تموت أعشاب (الموصل) عند قدوم حُزَيران

وآه ثم آه من القلب الذي تعجز الخطوب والصُّروف عن وَأْد ضلاله القديم!

زكي مبارك

حول ارتجال المصادر قرأت الكلمة التي وجهها إليَّ الأستاذ صلاح الدين المنجد في العدد 369 من الرسالة الغراء، تلك الكلمة التي يزعم فيها أنني ارتجلت مصدراً أوردت ذكره في مقالي المعنون (العروب في العراق) المنشور في العدد 360 من الرسالة

إن المصدر المنوّه به هو: (السفن والمراكب في بغداد في عهد العباسيين) للأستاذ حبيب زيّات. وقد رجعت إلى المجلة، فوجدت ما ذكرته في مقالي صحيحاً لا شبهة فيه. وعليه أعود الآن ثانية فأؤكد ما ذكرته هناك من أن المقال منشور في مجلة (لغة العرب)، التي كانت تصدر في بغداد: (5 (1927) 461 - 465)

وإذا كان الأديب المنجد لم يجد تلك الأرقام فإننا نفيده أن الرقم (5) يعني المجلد الخامس من مجلة (لغة العرب) والرقم (1927) يشير إلى سنة صدور ذلك المجلد، والرقمين (461 - 465) يشيران إلى الصحائف التي نشر فيها مقال (السفن والمراكب) المشار إليه في نفس المجلد والسلام.

(بغداد)

ميخائيل عواد

كتاب الشعور بالعور

إلى الأستاذ محمود حسن الزناتي

قرأت الكلمة التي تفضل الأستاذ الزناتي أمين الخزانة الزكية ومحقق كتاب (الفصول والغايات) لأبي العلاء المعري فكتبها عن كتاب (الشعور بالعور) لصلاح الدين خليل أبن أبيك الصفدي الذي جمع فيه أخبار العور من صحابة وتابعين وعلماء وأدباء، وقد طلبناه في مكاتب دمشق الخاصة والعامة فلم نعثر عليه؛ فنحن نشكر للأستاذ إشارته هذه، ونود لو تكرم بتلخيص طرف من ملح الكتاب ونوادره لنقف على بعض ما تضمنه الكتاب

صلاح الدين المنجد

مولد الدكتور إسماعيل أدهم ونسبه

اقتصر الأديب إبراهيم أدهم أخو الدكتور إسماعيل أدهم على أن يخطئ ما قيل عن نسب أخيه من جهة أمه دون أن يذكر الحقيقة. فرأينا أن ننقل في ذلك ما كتبه الدكتور زكي أبو شادي صديق الفقيد عنه في مجلة (أدبي):

(ولد إسماعيل أحمد أدهم في 17 فبراير سنة 1911 بمدينة الإسكندرية من أب تركي وأم ألمانية. أما والده فهو أحمد بك أدهم الأميرالاي في الجيش التركي سابقاً، وجده إسماعيل بك أدهم أستاذ الأدب التركي بجامعة برلين، وجدُّ أبيه إبراهيم أدهم باشا ناظر المعارف المصرية على عهد ساكن الجنان محمد علي باشا، وقد شغل أيضاً من المناصب منصب محافظ القاهرة وناظر الأوقاف وناظر الحربية في مصر. وأما والدته فهي السيدة أيلين فانتهوف كريمة البروفيسور فانتهوف الشهير عضو أكاديمية العلوم البروسية).

نؤت بالحمل وناء بي

بهذا العنوان نشرت الرسالة للأستاذ عوض عوض الدحة كلمة يناقش فيها الأستاذ الطنطاوي حول تعبيرين هما (نؤت بالحمل، ناء بي الحمل) فالأستاذ الطنطاوي يرجح الأخير ويومئ إلى أنه هو الأصح رغم شيوع عكسه، بينما الأستاذ عوض يستملح التعبير الأول ويستدل على هذا بما عثر عليه في بطون المعاجم وأسفار الأدب

وليسمح حضرة الناقد بالانتقال معي إلى خير حَكم، وهو الكتاب المبين فقد ورد فيه حكاية عن قارون في سورة القصص (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة) أي لتُنيء العصبة بثقلها، ومن الواضح أن هذا التعبير أنسب وأوجه ليتحقق المعنى المقصود.

أبو الفضل السباعي ناصف