انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 346/رسالة النقد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 346/رسالة النقد

ملاحظات: بتاريخ: 19 - 02 - 1940



طب العقل والنفس

تأليف الدكتور محمد حسني ولاية

للدكتور إسماعيل أحمد أدهم

الطبيب محمد حسني ولاية من أطباء صحة بلدية الإسكندرية أديب شاب يشارف الثلاثين، متخصص في طب المناطق الحارة والصحة العامة. قضى مدة في مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية دارساً، فاسترعى انتباهه أحوال المصابين بأمراض عقلية واضطرابات نفسية، فكان له من ذلك حافز نفسي على دراسة الجنون دراسة علمية من جانبيها النظري والعملي. وكان ثمرة هذه الدراسة كتابه (بين العقل والجنون) الذي أصدره لعامين مضيا. وهو اليوم قد أخرج للناس كتاباً جديداً عنوانه (طب العقل والنفس) وهو ثمرة دراسة نظرية للأمراض العقلية والاضطرابات النفسية، اعتمد فيها على آراء علماء مدرسة التحليل النفسي، وبالأخص فرويد وأرلد ويونج. ويكاد يكون الكتاب في المجموع تلخيصاً لآراء هؤلاء، أو ترجمة لبعض الفصول التي عقدوها عن الجنون والاضطرابات النفسية ومسائل العقل والوجدان والنفس. فمن هنا للكاتب أساس وثيق بآراء زعماء مدرسة التحليل النفسي وهو يقف عند حدود آرائهم فلا يتجاوزها في شيء إلى آراء المدرسة المسلكية، أو النموذجية الألمانية، أو الميكانيكية الروسية في هذه الشؤون.

واعتماد المؤلف في دراسته للموضوع على بضعة مراجع محدودة لزعماء مدرسة التحليل النفسي أبعدت بينه وبين تكوين فكرة واضحة بينة الخطوط ظاهرة المعالم عن الموضوع، فكان من ذلك الاضطراب في تناول بعض الموضوعات (لا كلها). كما هو ملحوظ في فصل (الحب المتجانس عند المرأة) وفصل (اللاوعي). وهذا الاضطراب قد يبدو أكثر وضوحاً إذا لاحظنا أن المؤلف مثلاً لم يعتمد بالنسبة لفرويد وهو رأس مدرسة التحليل النفسي، إلا على مصدرين: أحدهما منتخبات من آثاره، والأخر مذكرات ورسائل له. وهذا أبعد الكتاب عن الوحدة المطلوبة في الكتب، ومن هنا جاءت فصول الكتاب غير متجانسة، فهذا فصل عن فرويد وأخر عن ارلد وبين هذا وذاك فصل ليونج، وهي بعد ذلك تتناو موضوعاً واحداً، وهذا لا يجعل إمكاناً لأن يخرج الإنسان بفكرة واضحة عن مواطن الاختلاف ومواضع الاتفاق بين هؤلاء الزعماء الثلاثة لمدرسة التحليل النفسي في المسألة الواحدة. ثم هنالك بعض الاصطلاحات جانب المؤلف فيها المأثور من ذلك استعماله وكأنها تنظر إلى جنس والصحيح أن اللفظ العربي الذي ينظر إليه المصطلح الإفرنجي هو (شق) كما رأى الدكتور محمد بك شرف وجاراه في ذلك المشتغلون بالمباحث العلمية في العالم العربي. ثم عندك استعمال البدوات ناظرة إلى والصحيح - الأوهام - كما قلنا في دراساتنا عن مطران وكذلك استعمال الغرض حيناً والموضوع أحياناً ناظرة إلى والصحيح الوجه الثاني. ثم ترجمة بالعرفي الصحيح والأدبي بالمنتشر والصحيح أن يقال المحتد كما رأى ذلك مظهر سعيد.

كذلك عما يؤخذ على اللغة الاصطلاحية للكتاب فإن المؤلف يقول نفساني ومعلوم أن النسبة تقاس من فعل على وزن فعلي فيقال عقلي من عقل وآدمي من آدم ونفسي من نفس. على انك بعد ذلك تصيب بعض مصطلحات إفرنجية أصاب المؤلف في العثور على المقابل العربي لها، من ذلك استعماله المنضوي مقابلاً لـ وهو أدق من لفظة المنكمش التي استعملها مظهر سعيد

وفي الكتاب مطالعات جديرة بالنظر للمؤلف، تجدها على وجه خاص في بحثه عن أسباب الأمراض العقلية، وهي مطالعات لم يسبقه إلى بعضها أحد. كما تجد في الكتاب آراء ومطالعات تحتمل المناقشة، خصوصاً فيما يذكره يونج عن الزواج التجريبي الذي دعا إليه القاضي وفيما يقدره هو عن العلاقات (الجنسية) التي توجد بين الطلبة.

على أنه بعد ذلك على الرغم من هذه المآخذ، فالكتاب جدير بالنظر والمطالعة فهو يحوي في تضاعيفه مطالعات قيمة عن الحياة النفسية والشعورية وعن الاضطرابات التي تستولي على النفس البشرية، يستفيد منها الإنسان في حياته اليومية، كما يستفيد منها الأديب والعالم في حياتهما الأدبية والعلمية، ومن هنا فالكتاب يشكر عليه صاحبه للمجهود المبذول فيه، وهو خليق بعد بالتشجيع.

(الإسكندرية)

إسماعيل أحمد أدهم