انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 336/من هنا ومن هناك

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 336/من هنا ومن هناك

ملاحظات: بتاريخ: 11 - 12 - 1939



هتلر كما يراه علم النفس

(ملخصة عن (يوروب توفل) باريس)

كثر الكلام عن دكتاتور ألمانيا في هذه الأيام لمناسبة الحرب التي أشعلها في أوربا، والروح التي تسلط بها على البلاد الألمانية، وكثر القول في تحليل تلك العقلية الغريبة التي أورثت العالم كثيراً من النصب، وقد نشرت مجلة (أوروب نوفل) الباريسية حديثاً للعالم النفساني المشهور دكتور (كارل جنج) حلل فيه دكتاتور النازي من ناحية علم النفس فقال: (كان في العصور الأولى البائدة نوعان من الرجال الأقوياء الذين تخضع لهم الجماهير: الرئيس ويمتاز عن سائر رجاله بالقوة الجسدية، والعراف ويكتسب نفوذه عليهم بعقيدتهم فيه).

ولا شك أن بنية هتلر لا توحي بشيء من الصرامة الجسدية. وأكثر ما يلاحظ في أخلاقه هو ذلك المزاج الحالم العجيب، وتلك النظرات السماوية الرهيبة مما يجعلنا ندرجه في صف العرافين.

ولعل تلك النزعة الروحية في هتلر هي التي تحفزه إلى بعض الأعمال التي نراها بعيدة كل البعد عن المنطق والصواب لما فيها من الغرابة والشذوذ. وقد نستطيع أن نقول: إن تسمية الريخ الألماني بالريخ الثالث قد قصد بها إلى معنى روحي خاص. . . إن أحداً من الناس لم يفكر في تسمية إمبراطورية القيصر وليام الثاني: الريخ الثاني.

فاختيار النازي لكلمة (الريخ الثالث) لم يكن يقصد به معنى الكلمة في ذاته، وإنما اختارها النازي لأن كلمة (الثالث) لها معنى روحي يوحي في الباطن إلى القداسة المثلثة.

وقد أخذ الألمان يحيون نوعاً من التقليد تحت اسم (وتان) فما هو وتان؟ هو ألم الريخ، وقد أنشئوا بعض الكتائب تحت اسم كتائب (العاصفة النازية) يعنون العاصفة التي تتسلط فيها الرياح فتقتلع الأخضر واليابس وهي رمز الشر عند البوزيين.

فهذه الرموز والأسرار التي ابتدعها الريخ الثالث قد ساقت الألمان ونبيهم المزعوم تحت لواء الرياح ووراء تلك الشارة التي ترمز إلى معنى الزوبعة بغير وعي لا تعقل نحو ذلك الموقف الدقيق الذي لا يعرف نتيجته أحد.

ويعد هتلر مرآة لما هو مطبوع في نفوس تابعيه، فكأنه الصوت المكبر لما يجول بخواطرهم، وهو يستمد قواه من عقله الباطن الذي يتحول إلى عقل واع يسيطر عليه ويسوقه كيف شاء.

نحن نعرف عقلنا الباطن ولكننا لا نطيعه، ولكن هتلر يصغي إليه ويطيعه طاعة عمياء.

إن الألمان في موقفهم الحالي كاليهود في العهد القديم. فمنذ اليوم الذي هزموا فيه، وهم ينتظرون مسيحاً. فلما وجدوا هتلر تعلقوا به وألقوا إليه القياد. وقد جعل رسالته إليهم أن يوجد بينهم ويقودهم إلى الأرض الموعودة. ومن هنا نستطيع أن نعرف السبب الذي من أجله يحارب النازي كل ديانة لا تتفق ومبدأه.

الألمان قوم وجدانيون، يندفعون في كل شيء نحو غاياته. وقد كان يسرهم أن يظهروا في ثوب (الجنتلمان) الإنجليزي فنادى بهم هتلر: لقد آن الأوان لنكون ألمان. . .

إن هتلر كاهن وعراف، فإذا بحثنا عنه كرجل فقد لا نجده في الواقع. هو شتى أحلام وأحوال تكونت جميعها فأوجدت رجلاً

الغازات السامة منذ الإغريق

(عن (لارفي بلج))

قال أحد مؤرخي الإغريق الأقدمين في سفر من مؤلفاته: (إن الأعداء في أثناء حصارهم لمدينة (ميجارا) عام 470 قبل الميلاد حاولوا أن يغزوا المدينة ويستولوا عليها بتسليط الدخان، فحفروا حولها الأسوار وملئوها بالحطب والكبريت والقار؛ ثم أشعلوها حول المدينة، ولكن الدخان ارتد إليهم لتغير في مجرى الرياح فأضطرهم إلى الهزيمة والفرار.

ولكنهم أعادوا هذه التجربة في حصار (بلاتا)، وفازوا في هذه المرة بالاستيلاء على المدينة إلا أنهم ما كانوا ليدركوا أن أكسيد الكربون هو الذي ساعد على نجاحهم لا مجرد الدخان.

وقد استخدمت هذه الطريقة نفسها في العصور الوسطى؛ ويقال: إن أحد الأعداء كان يسكن في برج عال، فوصل إليه الدخان في قلعته وقضى عليه. إلا أن هؤلاء الذين كانوا يستخدمون هذه الوسيلة لم يدركوا أن الموت كان متسبباً عن أكسيد الكربون وكانوا يفضلون أن يدسوا في نيرانهم الكبريت والنا وهما يلتهبان حتى في الماء ويسمونها (نار الإغريق)، وكانت (نار لإغريق) هذه معروفة في عهد الإمبراطورية الرومانية، والإمبراطورية البيزنطية، والعصور الوسطى، وعصر النهضة.

وقد أشار أحد مؤرخي العرب في القرن الرابع عشر إلى إحراق الأفيون وإضعاف العدو بما ينبعث منه من الأبخرة السامة وقد وجد في مكتبة المواد السامة في برلين كتاب مؤرخ في سنة 1437 يعطي فكرة عن صنع القنابل السامة المحتوية على الزرنيخ. وقد أدرك المتقدمون أن بعض الغازات تحوي ثقلاً أخف من الهواء، ورأى العالم اللتواني (سيمونكسيس) في أواسط القرن السابع عشر أن يجعلها في ثقل الدخان الذي ينبعث من الحشائش المحترقة، ويزعم أنه بذلك يستطيع أن يخلق جواً ساماً لا ينجو منه إنسان.

وإلى هنا تنتهي المرحلة الأولى من تاريخ الغازات السامة، وإذا كنا لم نر أحداً أقدم على استعمالها حتى عام 1914 فليس ذلك لأن العاطفة الإنسانية هي التي وقفت دون ذلك، ولكن المحاربين كانوا يخشون عند إلقاء القذيفة السامة، أن يصيبهم دخانها كما يصيب أعداءهم وقد قدم كيميائي إنجليزي إلى نابليون اختراع قنبلة سامة فلم يوافق عليه. ثم كثرت المخترعات التي من هذا النوع وتعددت في القرن التاسع عشر، وفي سنة 1912 أجمعت جميع الدول في مؤتمر لاهاي على عدم استعمال الغازات السامة، ولم تسمح باستعمال شيء منها على الإطلاق، وقد أباحت استعمال الغازات التي تسيل الدموع لأنها لا تسبب للإنسان علة يعسر شفاؤها

ولكن ألمانيا استعملت الغازات في أواخر أكتوبر سنة 1914 مناقضة بذلك تعهدها في مؤتمر لاهاي. إلا أن القذائف التي استعملتها لم تف بالمرام، فقد كانت ضعيفة القوى سريعة الزوال فعدلت عنها بعد عدة محاولات، ولكنها عادت إلى استخدامها في فبراير 1916.

وقد أحرقت ألمانيا في ثلاث سنوات ونصف 75. 500 طن من الغازات السامة، وقد بلغ عدد الذين أصيبوا من الجنود الفرنسية بهذه الغازات 507. 000 جندي، وقد ثبت أن 27 % من الجنود الذين فقدتهم الحملة الأميركية في الحرب ماتوا بالغازات السامة

دراسة التوأمين

(ملخصة عن مجلة (بارييد)) بدأت في أمريكا في السنين الأخيرة دراسات وأبحاث جديدة في علم النفس، وقد بذل الباحثون مجهوداً عظيماً في تحليل نفسية التوأم، واكتناه ما فيها من الأسرار والعجائب. وهي نفسية معقدة حار فيها الكثير من العلماء الذي قضوا حياتهم في دراسة الطفل. إذ أن حياة التوأم تختلف من الناحية العقلية والنفسية عن سائر الأطفال.

وتنقسم التوائم إلى نوعين، التوائم المتشابهة وهي التي يتشابه فيها التوأمان حتى يصعب على الإنسان التفريق بينهما، وهذان التوأمان يتكونان في الرحم من بويضة واحدة. تنشطر بعد أن يدركها النمو، إلى شطرين كل منهما يكون إنساناً منفصلاً عن أخيه

أما النوع الثاني فلا تكون المماثلة فيه بين التوأمين، إلا كما تكون بين سائر الأخوة الذين يولدون لأم واحدة. وهما على هذه الحال يتكونان من بويضتين منفصلتين تنموان - كيفما كانا - في وزن واحد.

وقد وضع الأسس العلمية لدراسة التوائم سير فرنسيس جالتون (1822 - 1911) واضع علم الوراثة، وقد أمد بمباحثه القيمة في الانتقال الوراثي، من جاءوا بعده بالحقائق الهامة، التي استطاعوا بواسطتها أن يجنوا أحسن الثمرات.

ومن الحوادث التي تسترعي الأنظار في هذا الباب: أن أختين توأمين إحداهما تعيش في باريس والأخرى في مرسيليا، أصيبت الأولى بتدرن في موضع في الرئة فأرسل الطبيب إلى زميل له ليكشف على الأخت الأخرى، ولشد ما كانت دهشة الطبيبين حينما تبين لهما أنها أصيبت بالتدرن في نفس الموضع الذي أصيبت به الأولى. فكان الأختان توأمين متشابهين، وقد أثبتت التجارب أن التوائم المتشابهة تصاب بالتدرن الرئوي والتهاب الأذن والحمى القرمزية في وقت واحد. . إلا أن هذه الحالة كانت أولى ما عرف في اتفاق التوأمين في موضع الإصابة وفي الوقت الذي حدثت فيه.

وقد يتفق التوأمان (المتشابهان) في الاتجاه الإجرامي إذا كانا من المجرمين، فيأتي أحدهما بنفس الجريمة التي يأتيها الآخر وقد يكون في معزل عنه منذ أمد بعيد، وقد أثبتت التجارب وقائع كثيرة من هذا النوع.

ومن التجارب النفسية المعروفة اختبار الورقة والحبر، فيلقى بقليل من الحبر على الصفحة من الورق وتطوى ثم تفتح. ويسأل الشخص الذي يراد اختباره عما قد تذكره به فيفسرها كل إنسان تفسيراً يختلف عن الآخر، فبعضهم يقول مثلاً إنها تشبه الثعبان، والبعض يقول إنها تذكر بالطائر أو المنزل أو الإنسان أو ما إلى ذلك. ولكن التوأمين المتشابهين، يجيبان في الغالب إجابة واحدة. فبقعة الحبر المرتسمة تثير في رأسيهما صورة واحدة في غالب الأحيان.